الأعمال المشروعة في عشر ذي الحجة

الأعمال المشروعة في عشر ذي الحجة | مرابط

الكاتب: عبد العزيز الطريفي

328 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

 

إقامة الحج في عشر ذي الحجة

وقد جاءت عشر ذي الحجة في شهر حرام من أشهر الحج, فشرع فيها جملة من العبادات, لا تكون في غيرها من الأيام, فشرع الله عز وجل فيها النسك وهو الحج، وهو ركن من أركان الإسلام؛ فإن الله عز وجل أمر عباده بالحج, والحج -كما لا يخفى- له أيام, وله مواقيت زمنية, وهذه المواقيت الزمنية هي أشهر الحج آخرها عشر ذي الحجة وأيام التشريق, فجعل الله سبحانه وتعالى خاتمة أعمال الحج الكبرى هو يوم النحر, وهو آخر أيام عشر ذي الحجة, وهذه من أمارات فضلها.

 

خاتمة العشر الأول موسم للنحر والذبح

ومن فضائلها: أنها أيام ذبح ونحر ابتغاء مرضاة الله, والذبح والنحر شرعه الله عز وجل للحاج وللمقيم في يوم النحر.

ولهذا نقول: إن آكد مواضع النحر هو يوم النحر؛ وذلك لدخوله في عشر ذي الحجة, ومن أخره بعد ذلك صح منه هذا الذبح؛ لأن الذبح يكون في أيام التشريق على الصحيح من أقوال العلماء, ومن العلماء من تجوز في ذلك وقال: يرخص بعدها, وهذا قول له وجه أيضًا, وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( أيام التشريق أيام أكل وشرب ).

والمراد بذلك أنها موضع لتناول طعام الأضاحي والهدايا, فينحر الحاج هديه, وينحر المقيم أضحيته في هذه الأيام؛ ولهذا نقول إن آكد الأيام هو يوم النحر؛ لدخوله في عشر ذي الحجة, وأما إذا خرج عن ذلك فهو في الزمن المفضول, وليس في الزمن الفاضل, وإذا أراد الإنسان أن يؤخر طعام أضحيته, فإن الأفضل له أن ينحرها في اليوم الأول, ثم يؤخر تناوله لذلك الطعام بعد ذلك؛ حتى يتحقق له الفضل في هذا الأمر.

 

الصيام في عشر ذي الحجة

وكذلك أيضًا من فضل الله عز وجل على عباده: أن جعل هذه الأيام موضعًا للصيام، وآكد هذا الموضع في الصيام هو صيام يوم عرفة, كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويأتي الكلام عليه بإذن الله.

ويشرع للإنسان أيضًا أن يصوم عشر ذي الحجة إلا يوم النحر؛ فإنه يحرم صيامه؛ لكونه عيدًا, وأما الأيام الباقية اليوم التاسع وما قبله, فإنه يشرع للإنسان أن يصومها, وكان السلف يصومون ذلك.

بل إنه آكد من صيام ستة أيام من شوال, والظاهر في هذا أن العلماء لا يختلفون من الصدر الأول, وكذلك ظاهر كلام الأئمة الأربعة أنهم لا يختلفون في استحباب صيام عشر ذي الحجة إلا المحرم, وأما بالنسبة لستة أيام من شوال, فلديهم خلاف في ذلك, كما هو معلوم عن الإمام مالك رحمه الله.

كذلك أيضًا فإني لا أحفظ عن أحد من الصحابة عليهم رضوان الله تعالى, أنه كان يصوم ستة أيام من شوال, وأما ما جاء في عشر ذي الحجة, فقد ثبت عن غير واحد, ثبت هذا عن عمر بن الخطاب، وجاء أيضًا عن عبد الله بن موهب، وجاء عن جماعة من الفقهاء.

 

التعبد في عشر ذي الحجة

وجاء في ذلك أيضًا مما يعضد هذا ويؤكده أن النبي عليه الصلاة والسلام, جعل التعبد لله في هذه العشر على الإطلاق آكد من التعبد في غيرها من الأيام, وهذا دليل عام؛ فإن مقتضى التفضيل لهذه الأيام تفضيل العمل فيها, فهي مفضلة بلحظاتها وساعاتها, وهذا معنى مقصود للشرع بتفضيل العمل فيها, كما هو ظاهر في قول النبي عليه الصلاة والسلام: ( ما من أيام العمل فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر ).

بل إنهم حينما ذكروا الجهاد في سبيل الله فهم الصحابة عليهم رضوان الله تعالى أن النبي أراد العموم في جميع الأعمال, فذكروا له الجهاد في سبيل الله؛ ليستبينوا هل العموم مراد أو لا؟ لأنهم يحفظون جملة من الفضائل من الأعمال، فهل هي أفضل منها أم لا؟ فبين النبي عليه الصلاة والسلام أنه أراد العموم عينه.

وبعض العلماء أو بعض الشراح يقولون: إن التفضيل المراد بذلك هو تفضيل عام, لا تفضيل على الأعيان، نقول: هذا لو كان التفضيل مطلقًا من النبي عليه الصلاة والسلام من غير سؤاله عن الجهاد لأمكن القول به, فلما سأل الصحابة عن الجهاد؛ دل على أنهم ذكروا أفضل الأعمال العملية التي يعمل بها الإنسان بعد أركان الإسلام, فيتقرب إلى الله عز وجل بها, فبين أن الأعمال في الأيام العشر أفضل منها في غيرها.

ولهذا نقول: إن العمل في هذه الأيام العشر آكد من سائر أيام السنة, والمراد بذلك هو التطوع والتنفل, وأما الواجبات فلها أعمال بأزمنة مقدرة، فليس للإنسان أن يقول: إن الصيام في هذه العشر تنفلًا آكد وأعظم من صيام رمضان في رمضان, فهذا ليس بمراد؛ لأن المراد بذلك هو في النوافل.

لهذا نأخذ من ذلك: أن قيام الليل في العشر أفضل من غيره، وأن الصيام في هذه الأيام العشر أفضل من الصيام في غيرها, فيكون أفضل من صيام الاثنين والخميس, وثلاثة أيام من كل شهر, وأفضل من الصيام الذي يصومه الإنسان, ويكثر من ذلك, سواء صيام شهر الله المحرم, أو صيام شعبان ونحو ذلك.

لهذا نقول: إن الصيام في هذه العشر أفضل من غيرها؛ لظاهر النص عن النبي صلى عليه الصلاة والسلام؛ لأنه أرد العموم لما سأله أصحابه عليهم رضوان الله تعالى.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#العشر-من-ذي-الحجة
اقرأ أيضا
إنما يخشى الله من عباده العلماء | مرابط
تعزيز اليقين

إنما يخشى الله من عباده العلماء


كل عاص لله فهو جاهل وكل خائف منه فهو عالم مطيع لله وإنما يكون جاهلا لنقص خوفه من الله إذ لو تم خوفه من الله لم يعص. ومنه قول ابن مسعود رضي الله عنه: كفى بخشية الله علما وكفى بالاغترار بالله جهلا وذلك لأن تصور المخوف يوجب الهرب منه وتصور المحبوب يوجب طلبه فإذا لم يهرب من هذا ولم يطلب هذا دل على أنه لم يتصوره تصورا تاما

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
436
إشكالية المصطلح النسوي | مرابط
اقتباسات وقطوف النسوية

إشكالية المصطلح النسوي


تظهر إشكالية المصطلح النسوي فيما يتعلق برخاوة الدلالة كحال مصطلح الأدوار النمطية والمقصود به طريقة توزيع الأدوار بين الرجل والمرأة داخل الأسرة فهناك ضبابية شديدة في استعمالاته ويستعمل بدون ضبط لدلالاته والسبب في ذلك أنه لا يمكن ضبط دلالته بشكل دقيق

بقلم: د خالد عبد العزيز
724
معرفة جلال الله وعظمته | مرابط
اقتباسات وقطوف

معرفة جلال الله وعظمته


مقتطف لأبي حامد الغزالي من كتابه إلجام العوام عن علم الكلام يشير فيه إلى السبيل الحق وهو معرفة جلال الله وعظمته وصفاته من كتابه بعبارة الوحي الصادقة الصافية بعيدا عن عبارات أهل الكلام حتى لو أنهم يصلون إلى نفس النتيجة ولكن بطرق ملتوية تشوش قلوب المؤمنين

بقلم: أبو حامد الغزالي
2154
مقارنة بين قطز وجنكيز خان | مرابط
اقتباسات وقطوف

مقارنة بين قطز وجنكيز خان


في قصة التتار تحول مسار التاريخ تماما بظهور رجل معين هو قطز رحمه الله كما تحول مساره تماما قبل ذلك أيضا في نفس القصة بظهور رجل آخر هو جنكيز خان لعنه الله وشتان بين الشخصيتين مع أن كليهما مغير فلقد كان لكل منهما تأثير مهول أثر في الملايين وفي جغرافية الأرض وحركة التاريخ ولكن شتان بين الأثرين

بقلم: د راغب السرجاني
706
الكذب يفسد تصور المعلومات | مرابط
اقتباسات وقطوف

الكذب يفسد تصور المعلومات


كان الكذب أساس الفجور كما قال النبي إن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وأول ما يسري الكذب من النفس إلى اللسان فيفسده ثم يسري إلى الجوارح فيفسد عليها أعمالها كما أفسد على اللسان أقواله فيعم الكذب أقواله وأعماله وأحواله فيستحكم عليه الفساد

بقلم: ابن القيم
622
شبهات حول المرأة الجزء الثاني | مرابط
أباطيل وشبهات تعزيز اليقين المرأة

شبهات حول المرأة الجزء الثاني


يمكن القول بأن الجاهلية جمعت شبهاتها حول الشريعة في المرأة وقد انعكست الطبيعة العاطفية لهذه القضية على هذه الشبهات مما ساهم في طرحها على سرعة التفاعل معها وخصوصا عندما تكون الأحكام الشرعية في الأساس غير مرهونة بمعرفة العلة العقلية منها ومن هنا كانت مواجهة شبهات الكافرين والمنافقين حول المرأة في حقيقتها مواجهة لأبعاد أساسية في قضية الشبهات الجاهلية حول الشريعة الإسلامية وليست مجرد شبهة واحدة كغيرها من الشبهات

بقلم: رفاعي جمعة
1826