لماذا أنتم تعانون من فوبيا الجنس؟!

لماذا أنتم تعانون من فوبيا الجنس؟! | مرابط

الكاتب: إبراهيم السكران

342 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

من احتجاجات الاختلاطيين كثرة قولهم: لماذا تعانون من هذا التشكك والارتياب وبث القلق من نشوء العلاقات المحرمة؟ لماذا تتوهمون أن الناس مهجوسين بالجنس بهذا الشكل؟ لماذا ننظر للمرأة على أنها كائن جنسي؟ لماذا لاتنظرون للأمور نظرة طمأنينة وثقة؟!

والحقيقة أن الجواب عن ذلك أن نقول: ومن قال لكم أن القلق والحذر واليقظة من نشوء العلاقات المحرمة هو مذمة وعيب يتبرأ منها العلماء والدعاة؟! بل الحذر واليقظة من نشوء العلاقات المحرمة هذا مطلب شرعي أصلًا!

أليس الله تعالى حين فرض وضع السواتر بين الجنسين حين قال (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) [ الأحزاب:53] إنما يضخ في نفوس المؤمنين المخاوف من نشوء العلاقات المحرمة؟ وينبههم على ما في النفوس من الرغبات الغريزية؟!

أليس الله تعالى حين قال (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) [الأحزاب، 32] يؤسس للقلق من نشوء العلاقات المحرمة؟ ويربي في نفوس الناس الحذر والحيطة من تأثير لطف العبارات الأنثوية على الرجال؟!

أليس الله تعالى حين قال (وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ) [النور:31] يدقق في تفاصيل طريقة المشي، وإيقاعات الأقدام، ونمط استجابات النفوس لحركات الجنسين، فأي تنبيه أكثر من ذلك في إيقاظ القلق والحذر تجاه أثر حركات أحد الجنسين على الآخر؟!

أليس النبي -صلى الله عليه وسلم- حين جاء يبايع النساء فتحفظ ولم يصافحهن برغم أنه نبي وهن مهاجرات وفي لحظة إيمان عظمى، كما تصور عائشة ذلك فتقول (فمن أقر بالشرط منهن قال لها رسول الله: قد بايعتك، كلامًا يكلمها به، والله ما مست يده يد امرأة قط في المبايعة، وما بايعهن إلا بقوله) [البخاري: 2713] فهل سيقول التغريبيون أن الرسول يعاني من مبالغة في الخوف من الجنس حاشاه صلى الله عليه وسلم؟!

وتأمل معي نموذجًا آخر في القصة الشهيرة في زيارة صفية للنبي كما في الصحيح:
(أن صفية زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- جاءت رسول الله تزوره في اعتكافه في المسجد في العشر الأواخر من رمضان، فتحدثت عنده ساعة ثم قامت تنقلب، فقام النبي معها يقلبها، حتى إذا بلغت باب المسجد، مر رجلان من الأنصار فسلما على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال لهما النبي: "على رسلكما إنما هي صفية بنت حيي" فقالا: سبحان الله يا رسول الله، وكبُر عليهما، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن الشيطان يبلغ من الإنسان مبلغ الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئًا" ) [البخاري: 5808]

فهل النبي حين قلق من فهمهما الخاطئ كان يعاني من مخاوف مبالغ فيها يا معاشر التغريبيين؟! حاشاه صلى الله عليه وسلم، ولكنه القلق والحذر والحيطة الشرعية في حفظ الأعراض والتي أسسها القرآن.

بل انظر إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- حين أعلنها مدوية صريحة فقال في الصحيحين (ما تركت بعدى فى الناس فتنة أضر على الرجال من النساء) [البخاري 5096، مسلم 7122] كيف يغرس في نفوس المسلمين شدة التوقي والتحفظ في العلاقة بين الجنسين؟!

بل أي أمر نبوي أكثر تهييجًا للقلق من نشوء العلاقات المحرمة أكثر من أمر النبي باتقاء النساء كما في الصحيح (اتقوا النساء) [مسلم 7124] هكذا بكل وضوح يأمرنا النبي أن "نتقي النساء" !

وأنت إذا تأملت كلام الاختلاطيين، وكيف يسخرون ممن يرى المرأة فتنة، وكيف يتهكمون ممن يقلق من نشوء العلاقات المحرمة، ستلاحظ أن مؤدى كلامهم انتقاص النبي –صلى الله عليه وسلم- نفسه الذي قال أن أضر فتنة على الرجال هي النساء، والذي أمرنا بأن نتقي النساء، والذي كان يخشى من فهم الصحابة الخاطئ حين رأوا زوجته معه، والذي كان لا يصافح النساء بيده، والذي كان ينهى المرأة أن تسافر بلا محرم، وينهاها عن التعطر في الطريق، والذي كان يحذر من الدخول على النساء، ويسمي الحمو الموت تحذيرًا من التساهل معه، وجعل شر صفوف النساء في الصلاة أولها، وقال طوفي من وراء الرجال، الخ الخ في سلسلة أوامر نبوية كلها تؤسس للحذر والحيطة والتحفظ في العلاقة بين الجنسين.

فالنبي –صلى الله عليه وسلم- ينبهنا أن المرأة فتنة، وهؤلاء يقولون لماذا أنتم مرضى تعتبرون المرأة فتنة، بالله عليكم أليس هذا مقتضاه سخريتهم بالنبي نفسه لكنهم يتحاشون التصريح بذلك؟! أي شعبة نفاق في القلب أظهر من ذلك؟!

فهؤلاء الذين يتهكمون بالتحفظ والاحتياط في العلاقة بين الجنسين ألم يجلسوا مع أنفسهم مرةً جلسة مصارحة ويتأملوا كيف صاروا يطعنون في رسول الله وهم لا يشعرون؟! كيف سيكون موقفهم عند الله يوم القيامة وصحائفهم قد اسودت بالتهكم بأوامر رسول الله؟! والله إني ناصح لكم وصادق في هذه النصيحة، أدركوا أنفسكم قبل أن تروا أنفسكم يوم القيامة أعداءً لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

على أية حال.. هذا أمر يتكرر عند كتبة التغريب، فتراهم يذمون أهل العلم بما هو من ممادحهم! كقولهم لماذا تقصون أهل البدع، برغم أن إقصاء أهل البدع مطلب شرعي! وقولهم لماذا تمارسون الوصاية على المنكرات، برغم أن الوصاية على المنكرات فرض كفاية إن قام به من يكفي وإلا أثموا جميعًا، وقولهم لماذا تدعون إلى الانغلاق ضد الكتب المنحرفة، برغم أن الانغلاق ضدها مطلب شرعي كما قال النبي لعمر حين رأى معه صحيفة من التوراة (أفي شك أنت يابن الخطاب) وقال تعالى (فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ) [النساء: 140].

وهكذا تراهم دومًا يجعلون مطالب القرآن التي يجتهد أهل العلم في القيام بها مساوئ يسألون العلماء والدعاة لم يقومون بها؟ ألا ما أفظع الجهل!

والمراد أنه لو لم تأت هذه النصوص التي تبث في نفس المؤمن الحيطة والحذر والتحفظ في العلاقة بين الجنسين لكان سلوك الليبراليين والتغريبيين كافيًا أصلًا في إشعال المخاوف في نفوس العقلاء، فهؤلاء الليبراليون إذا جلست في مجالسهم رأيتهم يتفننون في التغزل بأجساد حسناوات المذيعات والفنانات، ويتباهون في توصيفهن، بل ويتبارون أحيانًا في المراهنة على أيهن الأجمل! وأما إذا دخلت إلى مواقعهم الالكترونية الشهيرة فستجد صورهم الرمزية التي تعبر عن ميول الكاتب كلها صور فتيات مستلقيات في مشاهد نصف متعرية يتقزز منها أهل الإيمان.

وبعد ذلك كله يأتون إلينا ويقولون: لماذا لديكم قلق جنسي من نشوء علاقات محرمة مع الفتيات؟! والله مازادتنا سلوكياتكم إلا قلقًا فوق قلق!


المصدر:
مقال أقيسة الاختلاطيين

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الاختلاط #فوبيا-الجنس
اقرأ أيضا
الأمة الوسط الجزء الأول | مرابط
تفريغات

الأمة الوسط الجزء الأول


من المتفق عليه أن الخصيصة الأولى والمقوم الأساسي للأمة الوسط هو كونها أمة ربانية وهذه الخصيصة خاصة بهذه الأمة لا تشاركها فيها الأمم الأخرى فالأمة الإسلامية أمة ربانية في عقيدتها وتصورها وتشريعها وأخلاقها وقيمها لأن هذا كله منزل من عند الله تبارك وتعالى

بقلم: عمر الأشقر
874
نموذج من وصايا العلماء النافعة لطلبة العلم | مرابط
تعزيز اليقين

نموذج من وصايا العلماء النافعة لطلبة العلم


وصية من الشيخ محمد بن صالح العثيمين إلى أحد السائلين بعد أن طلب منه أن يضع منهجا ليسير عليه في حياته ومن هنا أخذ يفصل في جوانب عديدة مثل حالنا مع الله ومع الرسول والعمل اليومي وطلب العلم وغير ذلك من المحاور

بقلم: ابن عثيمين
430
التسلح سباق نحو الهاوية | مرابط
فكر مقالات

التسلح سباق نحو الهاوية


إن ما نراه في تاريخنا الحديث من سباق محموم نحو التسلح -كما وكيفا- فمن حيث الكم نرى المليارات التي تنفق سنويا لشراء الأسلحة وتكديسها بما يشير لما نحن مقبلون عليه من مستقبل دام أما من ناحية الكيف فنرى التطور المذهل في تقنية الأسلحة بما يجعلها أشد فتكا وتدميرا بصورة مرعبة وتفوق التصور على غرار انتشار ما عرف بأسلحة الدمار الشامل وعلى الرغم من أنها محرمة دوليا ويعتبر مستخدمها ضد مدنيين مجرم حرب فإنها أصبحت واسعة الانتشار بأنواعها الثلاثة: الأسلحة النووية والأسلحة الجرثومية والأسلحة الكيميائية

بقلم: راغب السرجاني
1497
عداء اليهود للمسلمين الجزء الثاني | مرابط
تفريغات

عداء اليهود للمسلمين الجزء الثاني


تمكن المسلمون من فتح الأندلس ثم خرجوا منها وليس ذلك بسبب قوة أعدائهم وإنما بتفرق كلمتهم وتجزئهم وانقسامهم فأزال الله سبحانه وتعالى دولتهم وخرجوا من تلك الديار بعد أن عمروها مئات السنين واليوم في وسط بلاد المسلمين تقوم دولة لليهود اغتصبت جزءا من ديار المسلمين في أول الأمر ثم زادت عليه فأخذت فلسطين كلها وأخذت أجزاء أخرى من بلاد المسلمين وهي تطمع غدا في احتلال الأردن وسوريا ومصر والعراق وتصل إلى منابع النفط وإلى المدينة المنورة وإلى خيبر حيث كان يقيم آباؤهم وأجدادهم في الماضي

بقلم: عمر الأشقر
693
فقه الفتيا | مرابط
اقتباسات وقطوف

فقه الفتيا


قال ابن عباس رضي الله عنهما: لذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد.. بين يدينا قصة هذا الحديث وهو من لطائف الأخبار الواردة عن ابن عباس رضي الله عنه هنا نتعلم منه التروي في الفتيا والتأني قبل التكلم.

بقلم: محمد بن إسحاق الفاكهي
222
ظلم المنقبات في البيئة المختلطة | مرابط
فكر مقالات المرأة

ظلم المنقبات في البيئة المختلطة


جلست مع بعض قريباتي وطلبت منهن المقارنة بين الدراسة والعمل في بيئة مختلطة وفي بيئة غير مختلطة كنت أستمع لهن وأغذي النقاش فقط بالأسئلة المفتوحة وكنت أدون بعض ما أسمع أعترف لكم أنني ومع كل قراءاتي حول هذا الموضوع فإنني وقفت أمام براهينهن وحججهن والتفاصيل الواقعية التي يذكرنها موقف الجاهل كنت كأنني صحفي يقرأ في المستصفى للغزالي كانت جلسة مبهرة سأعرض هاهنا بعض ماتعلمته منهن

بقلم: إبراهيم السكران
778