حاجة الأمة إلى الرجال

حاجة الأمة إلى الرجال | مرابط

الكاتب: محمد المنجد

477 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

وعند الأزمات تشتد الحاجة لوجود الرجال الحقيقيين، الذين يثبتون الناس على شرع الله.

أيها الإخوة: قد تمر بالإسلام أزمات، قد تمر بالمسلمين شدائد وضائقات، قد يمر بالمسلمين عسر شديد، تنقطع بهم السبل، فيتحير الناس ويضطربون، ويميدون ويحيدون عن شرع الله، فترى الناس متفرقين شذر مذر، لا يرى أحدهم الحق ولا يتبعه، حيَّرتهم فتن الحياة الدنيا، فاضطربوا اضطرابًا شديدًا، وتبعثروا وتفرقوا، فمَن الذي يثبِّت في هذه الحالة؟ ومَن الذي يقوم بواجب التثبيت؟

في هذه الحالة التي تقع فيها الفتن بالمسلمين نحتاج إلى عناصر مثبته تثبت المسلمين على المنهج الرباني، مَن الذي يثبت؟ في حالة الأزمات تكتشف أنت معادن الرجال، يفضي كل رجل إلى معدنه الخالص؛ ليستبين أمام الناس هل هو من أهل العقيدة أم لا؟ هل هو رجل عقيدة أم لا؟ في حالة الأزمات يتبين الرجال الذين يقفون على منهج الله بأقدام راسخة.

أيها الإخوة: يقول الله تعالى: "قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" [المائدة:313] .

موسى عليه السلام يأتي ببني إسرائيل لدخول الأرض المقدسة، ويعدهم بنصر الله تعالى، ويبشرهم ويقول: إن الله معكم، فقاتلوا هؤلاء الكفرة الذين احتلوا تلك الأرض المقدسة .. بنو إسرائيل الذين ما عُرِف عن طبعهم إلا الغدر والخيانة، وإلا النكوص عن شرع الله وطريقه، ماذا قالوا؟ قالوا كلمة قبيحة جدًا، قالوا: "فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ" [المائدة:24] أنت وربك يا موسى قاتلا، نحن ننتظر النتيجة، فإن انتصرتم جئنا ودخلنا المدينة "إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ" [المائدة:24] بكل وقاحة، موسى نبي الله ليس معه أحد، كل القوم نكصوا.

"قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي" [المائدة:25] موقف صعب، موقف شديد، تخلَّى القوم عن نبيهم، تركوه وحيدًا أمام الأعداء، إن هذه أزمة! أليس كذلك؟

فمن الذي يقوم الآن في هذا الأزمة، ويثبت الناس ويقول لهم: يا أيها الناس اثبتوا على شرع الله، اثبتوا على الطريق، لا تنهزموا أمام الأعداء، النصر قادم بإذن الله، تمسكوا بشرع الله، والله ينصركم: "إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ" [محمد:7] .

قام هذان الرجلان: "قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيهِمَا" [المائدة:23] بنعمة الإيمان والإسلام والثبات.

"قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ" [المائدة:23] اقتحموا.. إنهم جبناء، "فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" [المائدة:23] .

أيها الإخوة: هذه النوعية التي نحتاجها حقيقة اليوم في وسط الأزمات التي تعصف بالمسلمين، الأزمات والفتن التي تجعل الحليم حيرانًا، نحتاج إلى رجال يبصرون الناس بالدين، إلى رجال يكونون قدوة للناس، إلى رجال يثبتون الناس على شرع الله.

وفقنا الله وإياكم لأن نكون رجالًا نقاتل في سبيل الله، ونجاهد في سبيل الله بأموالنا وأنفسنا، وأن نكون من الذين اجتباهم الله تعالى فأقامهم على الصراط المستقيم.

وأستغفر الله لي ولكم.


المصدر:
محاضرة صفة الرجولة في القرآن

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الأمة-الإسلامية #الرجال
اقرأ أيضا
المروجون لسؤال غير الله ودعائه | مرابط
أباطيل وشبهات فكر

المروجون لسؤال غير الله ودعائه


إن المروجين لسؤال غير الله ودعائه والنذر له.. بأقوالهم وأفعالهم هم كذلك يحاربون الفطرة والدين والعقل. أولئك مضلون صادون عن سبيل الله وهؤلاء كذلك.. ويجب بيان باطلهم وكشفهم وفضحهم بكل وضوح صراحة. هم والله قطاع طرق يصدون عن سبيل الله. ولا أعلم شيئا أولى بالرد والبيان والتفصيل من مقام إخلاص الدين لله الذي هو الأصل الذي خلق الله له السموات والأرض وما بينهما.. أن يكون الدين كله لله وليس بعضه له وبعضه لشركائهم!

بقلم: حسين عبد الرازق
340
صحبة البطالين | مرابط
اقتباسات وقطوف

صحبة البطالين


مقتطف ماتع لابن الجوزي رحمه الله يتحدث فيه عن قيمة الوقت وعن حياة البطالين وصحبتهم وكيف أنه يحاول الهروب منهم ومن لقائهم بشتى الطرق حتى إذا وجد أنه لا مفر جهز بعض الأعمال البسيطة التي لا تحتاج إلى جهد ولا فكر ولا حضور قلب ليقوم بها في أوقات حضورهم فلا يضيع وقته معهم ولا يستمع إلى أحاديثهم التي لا تخلو من غيبة

بقلم: ابن الجوزي
2635
الميزان الحق | مرابط
فكر

الميزان الحق


في واقعنا المعاصر اختلت موازين المسلمين في الحكم على الأحداث وعلى الأشخاص فأنزلوا أهل الباطل منزلة أهل الحق وأطلقوا ألقاب أهل العلم والتقى والبطولة على من لا يستحقها وفي هذا المقال استعراض واضح لاختلال الميزان في عصرنا الحالي واستعراض للميزان الحق في المقابل

بقلم: د منقذ بن محمود السقار
2432
العلم.. بين الإيجاز وكثرة البيان | مرابط
اقتباسات وقطوف

العلم.. بين الإيجاز وكثرة البيان


وانظر إلى أكابر الصحابة وعلمائهم كأبي بكر وعمر وعلي ومعاذ وابن مسعود وزيد بن ثابت كيف كانوا كلامهم أقل من كلام ابن عباس وهم أعلم منه وكذلك كلام التابعين أكثر من كلام الصحابة والصحابة أعلم منهم وكذلك تابعوا التابعين كلامهم أكثر من كلام التابعين والتابعون أعلم منهم. فليس العلم بكثرة الرواية ولا بكثرة المقال ولكنه نور يقذف في القلب يفهم به العبد الحق ويميز به بينه وبين الباطل ويعبر عن ذلك بعبارات وجيزة محصلة للمقاصد.

بقلم: ابن رجب الحنبلي
287
الحق ثقيل | مرابط
فكر

الحق ثقيل


من الحقائق التي يجب التأكيد عليها ومراعاتها: أن أكثر انحرافات الناس عن قطعيات الشريعة ليس سببها ضعف الحجج والبراهين التي يسمعون وإنما هو من ثقل التكليف على نفوسهم. فالحق ثقيل: إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا

بقلم: د. فهد بن صالح العجلان
361
من مكايد الشيطان: الفتنة بالقبور وأهلها ج2 | مرابط
أباطيل وشبهات مقالات

من مكايد الشيطان: الفتنة بالقبور وأهلها ج2


مقال تأصيلي محكم حول مسألة القبور والأضرحة وما وقع فيه عوام المسلمين من المفاسد العظيمة في تعظيم هذه القبور والتمسح بها والدعاء عندها والصلاة إليها بل وحتى الحج إليها واعتقاد أن أصحابها يملكون نفعا وضرا وسعادة وشقاء وعزة وذلا وغير ذلك من الأمور التي لا يملكها إلا الله وحده.. وهذا التأصيل مقتطف من كتاب إغاثة اللهفان لابن القيم وفيه رد على كل الشبهات المحيطة بهذا الموضوع وتبيين للعقيدة الصحيحة في هذا الباب.

بقلم: ابن القيم
450