مفهوم التكريم في الأصل يجب أن يعاد النقاش فيه من غير أن نضع مفاهيم "الفيمنزم" أمامنا.. بمعنى أن الكثير من الخطابات الإسلامية تأخذ مفهوم التكريم بصورة تدل على أيقونية وجوهرية المرأة مقابل الرجل، وكأنها خُلقت كقيمة عليا في الوجود، لا بد من تكريمها بهذه التكريمات المادية، وإن وقع منعٌ كمنع مصافحتها للرجال، أخذ أصحاب ذي الخطابات همة في بيان أن الإسلام أحق بالتكريم ذي البعد النسوي من النسويات، فيقال هي لا تصافَح الرجال لأنها أيقونة ولأنها جوهرة، طبعا ذا يقال في المسلمة، لكن الكافرة؟ هل يجوز مصافحتها بما أنها ليست أيقونة؟ أم أنها أيضا لا تصافَح لأيقونيتها؟
ترَون! هنا الخطابات لا تتسق إلا مع الطرح النسوي فقط، مع جعل المرأة المجردة "قيمة عليا" في الوجود. في حين أن عدم المصافحة، وغيره مما يقال فيه أنه تكريم لها، هو شرع تعبَّدنا الله به. لم يكن تعبيرا عن أيقونية جنس دون جنس، بل كل من الجنسين مطالب بعدم المصافحة، وليس لأحدهما زيادة فضل عن الآخر في الامتثال، والرجل بهذا التصور أيضا هو أيقونة لأنه يحفظ قلبه وكذا من اتباع الشهوة، ويتعفف..
الخطابات التي من ذاك الجنس كثيرا ما ترفع الأنثى لدرجة أن يصيب المخاطِب الذهول إذا قالت له: وما قولك في التعدد! أخذ يبرر بما يوافق تلك الأيقونية، هو التعدد مش إجباري، ويشترط في العدل وكذا…
قل هو شرع الله، والله لم ينزل شرعه على ذوقكِ! بل لا تؤمنين إلا إذا كان هواكِ تبعا لما جاء به محمد! لا تقل لها أن القيمة التي تود النسوية رفعك لها هي موجودة في الإسلام، لا، بل الإسلام هو أعلى قيمة عليك أن تحرصي عليها كي تُرفَعي، لا أنك "قيمة باهضة" والإسلام والنسوية يتنافسان على الظفر باتباعك عبر الإغراء بمفهوم التكريم. فهذا الخطاب سيضع المعنى النسوي الواسع داخل القالب الإسلامي فيصير تصور المرأة في الخطاب الإسلامي على أن الشرع يجب أن يكون تابعا لرغبتها في التكريم المادي. لكن الشرع يقول أن المرأة والرجل لن يؤمن كل منهما حتى يكون هواه تبعا لما جاء به محمد، لا العكس. فلا تفتح المجال للمرأة كي تتصور أن الشرع يجب أن يكون تبعا لهواها كما هو الطرح النسوي. لذلك تجد من بعد ظهور أسلمة للنسوية، بفعل نسويات متأسلمات.
يوجد هنالك تأثر كبير في كثير من الخطابات، بالقيم النسوية، في أبسط شيء تجد رفعا للمرأة إلى قيمة عليا، المهم أرضِ عن الشرع يا بنت ولا تصيري فيمنزم، واحنا نجيبلك الشرع على مقاسك.