مسارات دراسة الدين من منظور جندري

مسارات دراسة الدين من منظور جندري | مرابط

الكاتب: الحارث عبد الله بابكر

648 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

مسارات دراسة الدين من منظور جندري اتبعتها النسويات ورأوها كحل ممكن:

1- ترك الأديان ومحاربتها وإعلان الإلحاد والبقاء على حال اللادينية: وهو الموقف الأكثر شيوعًا في الأوساط النسوية.

2- العمل على إعادة بناء الأديان وصورة الإله فيها: وهذا الاتجاه قد بدأ في الغرب منذ الستينات من القرن العشرين، وتتوّج بنشأة ما يعرف باللاهوت النسوي، وهو تيار يعمل على إعادة بناء المسيحية من منطلق جندري، وتمضي روزماري رادفورد روثر (إحدى أهم رائدات ومؤسسات هذا الاتجاه) في شرح تفصيلي لأهداف هذا التيار ومقوماته؛ تهدف باحثات العلوم الدينية النسويات إلى ترشيد وإعادة بناء الرموز الدينية الأساسية عن الله/الخالق، وقصة الخلق، والبشرية بنوعيها الذكر والأنثى، والخطيئة، والخلاص والكنيسة.. إلخ. من أجل إعادة تعريفها من جديد تعريفًا يأخذ في الاعتبار الجنسين وضمهما معا في منظومة مساوية.

وتؤكد كريستين أوفرول أن: العديد من الفلاسفة واللاهوتيين التقدميين -والذين بالنسبة إليهم قضية الإنسانية المتساوية للمرأة مع الرجل هي قضية غير قابلة للنزاع- قد تفاعلوا مع النقد النسوي القوي للأدوار القهرية للدين مع فكرة الإله البطريركي، عبر محاولة إعادة بناء صورة الإله.

3- تأسيس أديان نسوية خاصة: وفيه النسويات اللاتي انطوين ضمن حالة الوثنية الجديدة وحالة الروحانية خارج الأديان التقليدية والتي تعمل على خلق أديان وآلهة نسوية -إله أنثى في الغالب- فكما تذكر باميلا يونغ: بعض أشكال الوثنية الجديدة في الغرب قد حاولت موازنة الآلهة والإلهات في الهياكل الأسطورية والشعائرية الخاصة بها. والبعض يتّكلون فقط على تراث وصور الإلهات. وهذا الموقف الأخير في الغالب يقوم على فرضية أن الناس -خاصة النساء- يحتاجون الإلهة لمقاومة تأثير الرؤى الدينية التقليدية البطريركية..،

وفي الغالب ما تعنيه النسويات بالأديان لا يتضمن بالضرورة فكرة النبوة والاعتقاد الحقيقي بوجود إله خالق للكون، ولكنه بشكل أكبر يحيل إلى الجانب الروحاني من الوجود البشري المتضمن داخل تجارب الأفراد، وبذلك يكون الحديث عن إعادة بناء الأديان أو تأسيس أديان خاصة متعارضًا بشكل كامل مع المعنى المعروف للأديان والنبوة.

وهي إحدى المآزق التي تقع فيها حالة النسوية الإسلامية حين تحاول تطبيق مفهوم الجندر في فهم الدين، ليصبح كل حديث أو آية يتعارض مع المساواة المطلقة أو ينسب صفة معينة للنساء في مقابل الرجال أو العكس متشكلا تاريخيا أو وافد من الأديان السابقة للإسلام وهو ما يعني في أسوأ الأحوال أن الدين تشكل تاريخيًا وفي أفضل الأحوال أنه تشوّه وتم تحريفه مذ لحظته الأولى، فإما التعامل مع الدين بوصفه وحيًا إلهيًا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وعليه تجاوز فكرة المساواة المطلقة المتجذرة في مفهوم الجندر، أو الاتساق في استعمال مفهوم الجندر والإقرار بأن التأكيد تشكل تاريخيّ لا يصدق عليه مفهوم الوحي الإلهي النازل من الخالق الحكيم عز وجل، إضافة للتركيز الشديد على قضية التجربة الدينية الشخصية للمرأة كأساس لبناء المساواة في تأويل الآيات والأحاديث، أي تجاوز النقاش والمناهج الموضوعية للعلوم الشرعية واستبدالها بحالة سائلة نسبية من التجارب البشرية كأساس لفهم القرآن والسنة، وهو ما سيوقعهم في إشكالات كثيرة في التعامل مع النبوة والوحي كحقائق موضوعية نزلت من الله عز وجل للبشر

 


 

المصدر:

مجلة أوج العدد العاشر، مقال النسوية والإسلام: الجندر بوصفه مدخلًا عقديًا للإلحاد واللادينية، للكاتب الحارث عبد الله بابكر

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الجندرية #الجندر-والدين
اقرأ أيضا
مقام العبودية | مرابط
اقتباسات وقطوف

مقام العبودية


والعبودية هي أشرف شيء أشرف وصف للإنسان هو العبودية لله فالإنسان إنما يشرف بانتسابه للرب العظيم سبحانه وتعالى فكلما كان الإنسان عبدا لله كان أقرب إليه ولذلك ربنا سبحانه وتعالى يقول للنبي عليه الصلاة والسلام: واسجد واقترب

بقلم: عمرو الشرقاوي
334
مراجعة كتاب الردة بين الحد والحرية | مرابط
مناقشات

مراجعة كتاب الردة بين الحد والحرية


بعد خمسة عشر قرنا من استقرار أحكام الإسلام في نصوص الوحي وآثار الصحابة والتابعين وتقريرات المذاهب الأربعة تفاجأ المسلمون بالتفوق المادي للمجتمعات الغربية وتعلق الناس بثقافتها التي تمركز الحرية الليبرالية وتفاجأ المعنيون بأمر الإسلام أمام هذا السؤال أعني سؤال الموقف من الثقافة الليبرالية الغالبة فجماهير الفقهاء والدعاة مالوا إلى ضرورة التمسك بنص الإسلام كما أنزل وكما فهمته القرون المفضلة مع الأخذ بالأسباب والوسائل المادية المعاصرة وذهبت طوائف من العلمانيين إلى رفض أحكام الإسلام ببجاحة وضرورة...

بقلم: إبراهيم السكران
733
موضوعات رسالة العبودية لابن تيمية | مرابط
تفريغات

موضوعات رسالة العبودية لابن تيمية


يلاحظ أن ابن تيمية في جوابه على السؤال المتعلق بالعبودية بدأ في بيان حقيقة العبودية الشرعية ثم انتقل إلى موقف الصوفية من العبودية وبالذات في موضوع الإرادة الكونية والإرادة الشرعية والعبودية الاضطرارية والعبودية الاختيارية ثم رجع مرة أخرى إلى موضوع العبودية الشرعية ثم انتهى إلى قوله: فصل ولما بدأ بفصل بدأ في العبودية لغير الله وأخذ يتحدث عن العبودية لغير الله وذكر دقائق في التعبد لغير الله حتى في أمور مكروهة

بقلم: عبد الرحيم السلمي
431
الدعوة إلى الحق | مرابط
فكر مقالات

الدعوة إلى الحق


الله تعالى هو الحق الذي قامت الأدلة العقلية والنقلية على وحدانيته وعظمته وسعة أوصافه وكماله المطلق الذي لا غاية فوقه الذي لا يستحق العبادة والحمد والثناء والمجد إلا هو ودينه هو الحق الذي دارت أخباره على الحقائق الصادقة والعقائد النافعة المصلحة للقلوب والأرواح وأحكامه على العدل المتنوع في العبادات والمعاملات في أداء حقوقه وحقوق الخلق باختلاف أحوالهم وحقوقهم ومراتبهم وتمت كلمت ربك صدقا وعدلا الأنعام: 115 صدقا في إخبارها عدلا في أحكامها وأوامرها ونواهيها

بقلم: عبد الرحمن بن ناصر السعدي
7815
كيف نعلم الطقس غدا وهو من الغيب؟ | مرابط
أباطيل وشبهات

كيف نعلم الطقس غدا وهو من الغيب؟


قد يقول قائل: إن من أمور الغيب التي استأثر الله بها إنزال الغيث والعلم بما في الأرحام فكيف تخبر النشرة الجوية عن جو الغد أصحو أم ماطر؟ ويكشف العلم عما في بطن الحامل: هل هو ذكر أم أنثى؟

بقلم: علي الطنطاوي
256
أصلان ثابتان في الإسلام | مرابط
اقتباسات وقطوف

أصلان ثابتان في الإسلام


ودين الإسلام مبنى على أصلين: أن نعبد الله وحده لا شريك له وأن نعبده بما شرعه من الدين وهو ما أمرت به الرسل أمر إيجاب أو أمر استحباب فيعبد فى كل زمان بما أمر به فى ذلك الزمان. فلما كانت شريعة التوراة محكمة كان العاملون بها مسلمين وكذلك شريعة الإنجيل.

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
367