منهج السلف في إثبات أسماء الله وصفاته ج1

منهج السلف في إثبات أسماء الله وصفاته ج1 | مرابط

الكاتب: أبو إسحق الحويني

709 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

 

الصحابة آمنوا بكل ما جاء في القرآن والسنة

لقد كان الصحابة يثبتون لله الأسماء والصفات كما أثبتها القرآن والسنة، ولذلك نحن نقول: كلمة التوحيد قبل توحيد الكلمة. فهل تريد أن تجمع أجسادًا متراصة دون عقيدة واحدة؟ ماذا يفعلون؟! أنا أرى الذي بجانبي مبتدعًا ضالًا مضلًا، وهو يراني كذلك، ما هو النفع أن تجمعني به؟!

يا جماعة! لنكن صرحاء، إن ما حدث في أفغانستان واضح جدًا للعيان، لقد كانوا أصحاب رايات متفرقة، كل واحد له عقيدة وشكل: هذا أشعري، وهذا جهمي، وهذا قدري، وهذا سني، وهذا شيعي، عندما جاء الروس قالوا: نجتمع كلنا عليهم، فلما خرج الروس تصارعوا فيما بينهم، وهذا شيء طبيعي جدًا؛ لأن كل واحد يقول: أنا أريد أن أمكن لديني وعقيدتي في الأرض.

فأنت عندما تقول: الله مستوٍ على العرش، يقول هو: قاعد على العرش معناه: أنه جسم، فأنت تجسم ربك، أنا لا أمكن لك أن تنشر هذا المذهب الرديء، وبدأ كل منهم يقاتل الآخر، فلو أن هؤلاء قبل أن يجتمعوا كانوا موحدين حقًا لانتصروا على الروس انتصارًا ساحقًا، بل إن الصحابة كانوا قلة، ونأخذ العبرة بيوم بدر، كان عددهم ثلاثمائة وأربعة عشر رجلًا، لم يخرجوا لقتال، ولم يتأهبوا له، ليس معهم غير فرسين اثنين، يعني: تشبه الآن الطائرات المقاتلة، والرسول عليه الصلاة والسلام ما خرج لقتال، فقاتلوا ألف رجل خرجوا هم للقتال، وماذا فعلوا فيهم..؟ قتلوا صناديدهم، قتلوا سبعين رجلًا كافرًا عنيدًا، قتلهم ثلاثمائة وأربعة عشر رجلًا، كان أبو جهل ومن معه كل يوم يذبحون عشرة جمال ويأكلونها، والصحابة الفقراء يقتسمون التمرات، يقسم التمرة بينه وبين أخيه، في غزوة جيش البحر جابر بن عبد الله الأنصاري كان يقول: (كنا نضع التمرة تحت ألسنتنا نمصها كما يمص الصبي، ونشرب عليها الماء) سعد بن أبي وقاص يقول : (كنا نأكل من ورق الشجر) هم هؤلاء الذين أعز اللهم بهم الإسلام، لأنهم كانوا على قلب رجل واحد.

وأنتم تعرفون قصة الرجل الذي طلب الماء وهو في الرمق الأخير، فلما أراد أن يشرب سمع أخاه يقول: الماء، فقال: أعط أخي وهو في الرمق الأخير سوف يموت، وذلك سمع رجلًا يطلب الماء، فقال: أعط أخي، وكل واحد يقول: أعط أخي، فلما رجع إلى الأول وجده قد مات، ثم مر على الذي بعده فإذا به قد مات، حتى مات العشرة ولم يشربوا الماء.

الرسول عليه الصلاة والسلام أول ما بدأ بدأ بتأسيس البنيان ببناء القاعدة، كان بإمكانه أن يأمر بتشكيل عصابات ويأمر من معه بتقتيل الجميع؛ لكن هذا تقويض لدعوته؛ لأنه جاء يدعو إلى مكارم الأخلاق، وهذه الأشياء تنافي مكارم الأخلاق.

لذلك هو قضى عليه الصلاة والسلام ثلاثة عشر عامًا، حتى أو جد هذه القاعدة العريضة التي قاتل بها، إذًا قبل ما ندعو المسلمين جميعًا ونقول: وحدوا الصفوف، نقول أولًا: وحدوا الله، أولًا: كلمة التوحيد نجتمع عليها، فإذا اجتمعنا عليها هان كل شيء، لكن العقيدة الرسمية الموجودة الآن التي تدرس هي عقيدة الأشاعرة، ما هي العقيدة التي كان عليها السلف الصالح. أين الله؟ يقول: في كل مكان، هذا أقبح من قول النصارى؛ لأن النصارى خصوا الحلول بالمسيح وأمه، وهؤلاء يجعلون الله يحل في كل مكان، وهذا من لوازم قولهم، وهو أقبح من كلام النصارى نفسه.

أبو الحسن الأشعري رحمه الله عندما رجع عن هذا المذهب الرديء في جملة، -وإن كان عليه بعض الأشياء التي أنكرها السلف بعدما رجع- كان يقول: إن الله تبارك وتعالى عندما يقول:  الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5] هنا يمدح نفسه عز وجل أنه استوى على العرش، فلو كان في كل مكان لكان استواؤه على العرش كاستوائه على أي مكان، وحاشا لله! تعرضت نصوص الكتاب والسنة لا أقول: للتأويل، بل للتحريف، لتثرية هذه البدع.

عندما يأتي شخص -مثلًا- وينظر للقرآن فقط دون السنة النبوية التي رواها أثبتُ أهل الحديث -وهو يطعن في عقيدة الصحابة والتابعين- وهي كلام الرسول عليه الصلاة والسلام. حديث أبي سعيد في الصحيحين: (فيكشف الله عن ساقه) يقوم فيتهم القائل بهذه المقالة أنه مجسم، وهذا اتهام للرسول عليه الصلاة والسلام؛ لأنه هو الذي نطق بهذا، فيقوم يحتج بأن القرآن لم يضف الساق إلى الله عز وجل، نعم في القرآن لم تضف الساق إلى الله تبارك وتعالى: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ [القلم:42] لكن الرسول عليه الصلاة والسلام وهو المبين لكلام الله تعالى نسب الساق إلى الله فقال: (يوم يكشف الله عن ساقه).

إذًا لله ساق، لكن هل كساق المخلوقين؟ لا. لله ساق، لله قدم، لله أصبع، كما جاءت بذلك الأحاديث كما يليق بجلاله.

نعم موجود.

أنت موجود؟

نعم موجود.

وجوده كوجودك؟ لا.

إذًا لماذا لا تقل في الصفات كما قلت في الذات؟

أنت قلت: ذاته ليست كذوات المخلوقين، لماذا جعلت صفاته كصفات المخلوقين؟ فعندما تقول: ذاته ليست كذواتنا، فمن الطبيعي جدًا أن تقول: وصفاته ليست كصفاتنا.

وإذا قلت: الله له يد، قال: لا تقل ذلك إنه ليس له يد؛ لأنك لو قلت: له يد فمعنى ذلك أنك شبهته، لماذا شبهته؟ فتقول: كما أن ذاته تبارك وتعالى ليست كذاتنا، كذلك صفاته تبارك وتعالى ليست كصفاتنا، وبهذا نرتاح.

 

عدم اختلاف الصحابة في الأسماء والصفات

الصحابة رضوان الله عليهم ما اختلفوا قط في خبر فيه صفة أو اسم لله تعالى، وإنما اختلفوا في الأحكام الشرعية، في الحلال والحرام، اختلفوا كثيرًا كثيرًا، أبو هريرة رضي الله عنه اختلف مع ابن عباس في الوضوء مما مست النار؛ لأن أبا هريرة كان يروي الحديث الصحيح الذي نسخ فيما بعد: (توضئوا مما مست النار).
لما تشرب الشاي تتوضأ، لما تأكل أي شيء مما مسته النار تتوضأ، هذا كان أولًا ثم نسخ بعد ذلك. فـابن عباس رضي الله عنه جمعه مجلس مع أبي هريرة -وهذا الحديث في سنن الترمذي - فسمع أبا هريرة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (توضئوا مما مست النار)، فقال: يا أبا هريرة ! أتوضأ من طعام أجده في كتاب الله حلالًا؟! يعني: آكل اللحمة غير مطبوخة؟ هذا حلال، يا أبا هريرة ! أفلا نتوضأ من الحميم؟ يعني: حتى ولو نغتسل بماء حار، فيحتاج إلى أن نغتسل مرة أخرى بماء بارد؛ لأن الماء الحار مسته النار. فما كان من أبي هريرة إلا أن قبض حصى ملء كفه وقال: أشهد عدد هذا الحصى أنني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (توضئوا مما مست النار) يا بن أخي! إذا حدثتك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثًا فلا تضرب له الأمثال.

هو هذا الأدب، اختلفوا في مسألة فقهية كهذه.

اختلفوا في عدة المتوفى عنها زوجها، اختلفوا في الطاعون، اختلفوا في قضاء الوتر بعد صلاة الفجر، عشرات الأحكام الفقهية اختلفوا فيها، لكن هل اختلفوا في خبر فيه صفة لله تبارك وتعالى؟

أبدًا، لا يمكن أن تجد هذا، معنى هذا الكلام أنهم سلموا بذلك.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الحويني #الأسماء-والصفات
اقرأ أيضا
في الفرق بين تأويل التحريف وتأويل التفسير | مرابط
اقتباسات وقطوف

في الفرق بين تأويل التحريف وتأويل التفسير


والمقصود أن التأويل يتجاذبه أصلان التفسير والتحريف فتأويل التفسير هو الحق وتأويل التحريف هو الباطل فتأويل التحريف من جنس الإلحاد فإنه هو الميل بالنصوص عن ما هي عليه إما بالطعن فيها أو بإخراجها عن حقائقها مع الإقرار بلفظها وكذلك الإلحاد في أسماء الله تارة يكون بجحد معانيها حقائقها وتارة يكون بإنكار المسمى بها وتارة يكون بالتشريك بينه وبين غيره فيها فالتأويل الباطل هو إلحاد وتحريف وإن سماه أصحابه تحقيقا وعرفانا وتأويلا

بقلم: ابن القيم
728
أثر الفتح الإسلامي في نشر الحضارة والعمران | مرابط
اقتباسات وقطوف

أثر الفتح الإسلامي في نشر الحضارة والعمران


إن الفتح الإسلامي ليس كما يصوره الأعداء بأنه سلب ونهب وتخريب بل هو على النقيض من ذلك عمران ونشر للحرية والعقيدة الصحيحة وكان للفتوحات الإسلامية أثر بالغ في مد العمران ونشر الحضارة في بلدان كثيرة وبنور الإسلام بدأت الحركة العلمية تتسع في البلاد وهذا مقتطف للشيخ علي الطنطاوي يعلق على هذه النقطة بشكل دقيق

بقلم: علي الطنطاوي
1338
أفنيت عمري في علم الكلام | مرابط
اقتباسات وقطوف

أفنيت عمري في علم الكلام


يشتمل القرآن على مختلف أنواع الأدلة التي قد يصبو إليها الإنسان وكذب من قال أنه خلو من الأدلة العقلية فراح يسعى ويلهث وراءها في ظلمات الفلسفة ومتاهات الكلام ففي كتاب الله الدواء الشافي والدليل الكافي وهذا مقتطف عن أحد المتكلمين ينقله ابن القيم رحمه الله

بقلم: ابن القيم
1926
شبهة هل الإسكندر الأكبر هو ذو القرنين الذي مدحه القرآن | مرابط
أباطيل وشبهات

شبهة هل الإسكندر الأكبر هو ذو القرنين الذي مدحه القرآن


تقول الشبهة: يمدح القرآن الإسكندر الأكبر ذو القرنين كعبد صالح يؤمن بالله بينما على الجانب الآخر نجد أن جميع مؤرخى الإغريق يجمعون على أنه كان من عبدة الأوثان فكيف يصح ذلك وهذه الشبهة تعتبر مدخلا للتشكيك في القرآن وإثارة الأباطيل حوله من بوابة التاريخ وبين يديكم الرد على هذه الفرية

بقلم: محمد عمارة
991
لماذا نحب الرسول الجزء الأول | مرابط
تفريغات

لماذا نحب الرسول الجزء الأول


في هذه المحاضرة يدور الحديث حول محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم: الطريق إليها معناها وأهميتها واجباتها ومستلزماتها وما ينبغي أن يكون موقف المسلم تجاه نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم وهذا الموضوع على درجة عظيمة من الحساسية لما وقع الناس فيه من أهل الإسلام أهل القبلة بين الإفراط والتفريط هذا الموضوع ينبغي أن يفتح كل مسلم قلبه وسمعه لتفاصيله ويتذكر حتى ولو لم يتعلم شيئا جديدا ويستعيد إلى نفسه وقلبه ذكريات هذا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ويتذكر حقوق رسول الله وواجباته

بقلم: محمد المنجد
758
واجب الأخوة في الله | مرابط
تفريغات

واجب الأخوة في الله


فالإنسان يجب أن يكون بالنسبة لأخيه مرآة له يريه ويبصره بما يرى على سبيل التناصح فالنصيحة واجبه بيننا أما إن كانت علاقاتنا عاطفية أو أخوية تتجرد عن التناصح وعن تسديد الأخطاء وعن بيان الواجب في الدعوة إلى الله فإننا مع الزمن تتضخم لدينا الأخطاء ولا نستفيد من هذه العلاقة إلا راحة نفسية يجدها الإنسان عندما يرى إخوانه ولا شك أن هذه الراحة مطلوبة

بقلم: سفر الحوالي
424