هل يحق للنسويات انتقاد وضع المرأة في الإسلام؟

هل يحق للنسويات انتقاد وضع المرأة في الإسلام؟ | مرابط

الكاتب: حمود بن ثامر

372 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم يبعثون؛ أما بعد:

فبرزت في السنوات الأخيرة كتابات في وسائل التواصل الاجتماعي تحت شعار النسوية والانتصار للمرأة من المظلومية الأبدية (!) –بحسب زعمهن- وهي خضوعها لتسلط الرجل وعدم مساواتها به.

لن يكون المقال في بيان (حقوق المرأة ومكانتها في الإسلام) فتستطيع أن تنسخ الجملة السابقة التي بين قوسين وتضعها في محركات البحث فتقذف لك النتائج بكتابات رصينة تكفي طالب الحق.

ولن يكون المقال في بيان أن النسويات على اختلاف أنواعهن يعتبرن الرجل هو النموذج الأكمل الذي يجب تقليده وفعل كل ما يعد فعلًا خاصًا به، حتى تصل المرأة إلى الكمال!

إنما سيكون المقال إجابة على السؤال التالي:
هل يحق للنسويات على اختلاف مرجعياتهن الفكرية أو الفلسفية أن ينتقدن مكانة المرأة في الإسلام؟

والذي دفعني لطرح هذا السؤال أني أرى سجالات مختلفة بين النسويات والنسويين (1) من جهة وبين المدافعين عن الإسلام من جهة ... لكني لم أر بحسب اطلاعي من توقف لحظات وقال: هل يحق لكن ولأذنابكن من النسويين توجيه النقد أصلًا لمكانة المرأة في الإسلام أو على الأحكام التي اختصت بالمرأة في القرآن والسنة؟

النسويات لسن سواء في المشرب والمنزع ويمكن الكلام عن أقسامهن الرئيسية:
فمنهن الملحدة –وهن الأغلب- ومنهن الليبرالية (وهذا القسم فرع عن الملحدات) ومنهن النصرانية واليهودية...وهذا التقسيم لا يشمل المتأثرات بالطرح النسوي -التأثر اليسير- لأن وجود بعض التأثر عند بعض المنتسبات للإسلام لا يجعلهن قسمًا مستقلًا.

فهل يحق لأي واحدة من هذه الأقسام توجيه أصابع السب للإسلام وأحكامه؟ 
المشتغلون بهذه الفلسفات والأفكار والملل توصلوا للجواب مباشرة بحسب ما أظن.

فالملاحدة يقررون أن "الجنس البشري ليس إلا حثالة كيميائية على سطح متوسط الحجم"(2) وكذلك يقررون أنه لا وجود إلا للمادة فلا وجود لمعاني الظلم والعدل والأخلاق؛ قال ريتشارد داوكينز:" الكون في حقيقته بلا تصميم، بلا غاية، بلا شر ولا خير، لا شيء سوى قسوة عمياء لا مبالية(3) ... والداعي لمثل هذه الإشارات لهذه الاعتقادات الإيمانية للملاحدة أن النسوية ذات المرجعية الإلحادية ليس لها نقد مكانة المرأة في الإسلام أو الأحكام التي ميزتها كأنثى ووصفها بالظلم لأنه لا وجود لشيء مادي أصلًا اسمه ظلم يمكن قياسه وإثباته موضوعية في العلم التجريبي ومختبراته !

ناهيك عن نظرة أساطين الإلحاد وآلهة الملحدين للمرأة وجنسها؛ فهذا داروين طاغوت الملاحدة الأكبر يقول "المرأة أدنى في المرتبة من الرجل وسلالتها تأتي في درجة أدنى بكثير من الرجل"(4)

وأما النسوية الليبرالية، فليس لها أيضا انتقاد مكانة المرأة ولا أحكامها في الإسلام، لأن الليبرالية تقرر نسبية الحقيقة، أي الحق عندي ليس بالضرورة هو كذلك عندك، وهذه سفسطة يقررها عامة الليبراليين؛ يقول راسل: "إن الفيلسوف الليبرالي لا يقول: هذا حق، بل يقول في مثل هذه الظروف: يبدو لي أن هذا الرأي أصح من غيره"، وهذا أحد أئمتهم وهو تركي الحمد يصرح قائلا: "لن تكون متقدمًا أو صاحب أمل في التقدم؛ إذا قبلت الرأي على أنه حقيقة، والحقيقة على أنها مطلقة وليست نسبية" (5)

حينئذ جزم الكائن النسوي ذو المرجعية الليبرالية بأن المرأة في الإسلام مظلومة أو مهضومة الحقوق، وعمل المعارك والحملات المتعاقبة والاستعانة بالغرب لتأجيجهم على المسلمين هو مخالف ومناهض لنسبية الحقيقة وهو سعي من الليبرالية النسوية لفرض رؤيتها على أنها حقيقة مطلقة! وأين الحرية المزعومة -تنزلا أسأل-؟

وأما النسوية النصرانية واليهودية فهي آخر من يتكلم أو يهاجم الإسلام؛ فنصوص كتابهم المقدس فيها ما لا يوجد في الإسلام؛ ففي اليهودية مثلًا إذا مات الزوج يفرض على أخوته الزواج من زوجته ويكون ترتيب الحق بالأكبر ويعرض على البقية في حال رفضه...فهي كالمتاع الموروث!، وما يتعلق بحيضها ونفاسها وكيف تعامل بأنها نجسة تنجس كل ما لمست كفاية.

وأما في النصرانية فالأمثلة كثيرة وأقلها ليس للمرأة أن تتكلم في الكنيسة وهذا قبيح منها وإن أرادت أن تتعلم شيئًا فترجع للبيت وتسأل زوجها (6) مع أن هذه الأحكام التي لليهودية أو النصرانية لو ثبتت لن تشكل للمؤمن بها حرجا ولكن المراد من ذكرها أن من تنطلق من صحة تلك المرجعيات لا يحق لها انتقاد وضع المرأة في الإسلام!


الإشارات المرجعية:

  1. وهم رجال تبنوا طرح النسويات
  2. Stephen Hawking
  3. River out of Eden, p.131-132
  4. Darwin, the descent of man ,p. 326
  5. من هنا يبدأ التغيير ص347
  6. 1كورنثوس 14 : 34
تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#النسوية #المرأة-المسلمة
اقرأ أيضا
كيف تصبح قارئا عظيما للكتب | مرابط
فكر مقالات

كيف تصبح قارئا عظيما للكتب


هذه عشر خطوات لتطوير مهاراتك في القراءة حتى تكون من المتمكنين فيها ولتصبح من القراء الكبار اخترتها لك - عزيزي القارئ - من بين عشرات المقالات باللغة الإنجليزية المنشورة في هذا الموضوع وقمت بترجمتها بتصرف وهي للمدرب المتخصص في التنمية وتطوير المهارات السيد جيم إلين

بقلم: الشيخ الدكتور سلطان الدويفن
573
الفصل فيما يتناجى الناس به | مرابط
اقتباسات وقطوف

الفصل فيما يتناجى الناس به


مقتطفات من كتاب جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثا من جوامع الكلم للإمام زين الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن شهاب الدين الشهير بابن رجب رحمه الله وهو من أشهر وأبرز المؤلفات الجامعة لأصول وكليات الدين

بقلم: ابن رجب الحنبلي
2531
مخالفة المرجئة لأهل السنة والجماعة: الإيمان لا يزيد ولا ينقص | مرابط
أباطيل وشبهات تعزيز اليقين فكر تفريغات

مخالفة المرجئة لأهل السنة والجماعة: الإيمان لا يزيد ولا ينقص


أجمع أهل السنة والجماعة على أن الإيمان درجات وشعب يزيد وينقص يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية وأن المؤمنين يتفاوتون بحسب علمهم وعملهم وان بعضهم أكمل إيمانا من بعض وليس إيمان جبريل وأبي بكر وعمر كإيمان آحاد الناس وهذا خلاف عقيدة المرجئة وهو ما يوضحه الكاتب في المقال

بقلم: محمد صالح المنجد
1156
اكتساب الهمة | مرابط
ثقافة

اكتساب الهمة


لا شك أن قابلية اكتساب الهمة والعزم كبيرة فالله جل وعلا كلف العباد جميعا - إلا من استثنى الله منهم - بتكاليف متساوية في الجملة وكل هذه التكاليف تفتقر إلى الهمة وصدق العزم كالصلاة والصيام والإنفاق والحج وترك الشهوات المحرمة والمنكرات الفاحشة وإذا كانت الهمة غير مكتسبة ومستطاعة التحصيل لكانت التكليفات ظلما لطائفة من العباد تعالى الله عن ذلك. والحياة تدفع لنا كل يوم صورا عظيمة لأناس هزموا اليأس وتغلبوا على أنفسهم وصاروا من أصحاب الهمم العالية كان ذلك في الدنيا أو في الآخرة.

بقلم: كريم حلمي
361
ما هو البديل ج2 | مرابط
أباطيل وشبهات فكر مقالات

ما هو البديل ج2


سؤال ما هو البديل هو أحد أشهر الأسئلة التي ترد عند الاحتساب على منكر معين فيأتي حينها المطالبة بإيجاد بديل مناسب يحل محل المنكر الذي ينهى عنه وهو سؤال مشروع وإيجابي في الجملة ولكن في أغلب الأحيان ينطوي على إشكاليات كثيرة وأباطيل لا بد من الوقوف عليها وهذا ما يقدمه المقال الذي بين يديكم

بقلم: فهد بن صالح العجلان وعبد الله بن صالح العجيري
1012
دواء العشق | مرابط
اقتباسات وقطوف

دواء العشق


إن القلب إذا أخلص وأخلص عمله لله لم يتمكن منه عشق الصور فإنه إنما يتمكن من قلب فارغ وقد تصل قلوب العباد إلى حالة من التعلق والعشق المضاد للتوحيد وقد أجاد الإمام ابن القيم رحمه الله في شرح هذه المسألة وتفصيلها وبين يديكم مقتطف من الجواب الكافي عن دواء التعلق والعشق

بقلم: ابن القيم
987