
من لوازم الإبداع طول الانقطاع
ما ألّف الإمام البيهقي كتبه العظيمة إلا حين انقطع عن الناس في بساتين قرية في بيهق، وما ألّف الذهبي كتبه الكبار كتاريخ الإسلام والسير إلا حين انقطع في إحدى البساتين في ضواحي دمشق، وما ألّف الإمام ابن الوزير كتابه النادر العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم إلا في انقطاع من الناس.
وما كان للإمام السيوطي أن ينتج هذا الإنتاج الغزير إلا حين اعتكف وانقطع عن الناس.. فلا يفتح لطارق إلا إن كان من آل البيت. وما كان لمحمود شاكر أن يستوعب المكتبة العربية قراءة وفحصًا واطلاعا إلا حين اعتزل الناس عشر سنوات كاملات كما أخبر عن نفسه!
وما كان لك أنت (أنت.. يا من تقرأ) أن تحظى ببعض الثقافة إلا حين انقطعت سويعات أورثتك طرفًا من علم.. هل تذكرون نظائر؟
في ترجمة ابن حزم لما ضايقه بعضهم فقال له: هذا العلم ليس من مُنتَحَلاتك! فقام وقعد، ودخل منزله فعكف، ووكف منه وابل فما كفّ.