مغالطة الإحراج الزائف

مغالطة الإحراج الزائف | مرابط

الكاتب: د. فهد بن صالح العجلان

384 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

سألتُ  مرةً عددًا من الطلاب الرائعين الذين أسعد بتدريسهم في الجامعة سؤالًا، وأردتُ أن يحددوا الجواب الصحيح: (لأننا لا نرى بأعيننا نعيم القبر ولا عذابه، فعندنا شخصٌ يقول: أنا لا أؤمن بهذا لأنه يخالف العقل، ونجد في مقابله شخصًا آخر يقول: أنا أؤمن به ولو خالف العقل، فأنت مع أي الرأيين في هذا؟)

طبعًا، أنا مارست في هذا الاختيار مغالطة "الإحراج الزائف" بحصر الخيارات الممكنة في الجواب عن هذا السؤال بجوابين، مع أن الجواب الصحيح ليس محصورًا فيها.

الذي حصل، أن تلاحقت إجاباتهم: نؤمن به، ولو خالف العقل!
وكنت أكرر على من يجيب مشنّعًا: ولو خالف العقل؟
فيقول مضطرًا: نعم!

لا شك أن هذا الجواب كان خطأ ظاهرًا، فالذي خلق فينا الإدراك هو الذي أنزل لنا الوحي، فلا يمكن للوحي أن يخالف العقل.

وإنما الذي دفعهم إليه هو عمق الإيمان بالوحي، وشدة تعظيمهم لكلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، فلم يجدوا في أنفسهم حرجًا من الجزم والقطع بما أخبر الوحي به، لكنهم لم يحسنوا التعامل مع هذا الاعتراض المتعلق بدعوى مخالفة العقل.

هذا في الواقع ليس خاصًا بهم، بل هو معبر عن حال أكثر هذه الأمة المسلمة، فهم على اختلاف تمسكهم بأحكام دينهم مسلّمون للأصول القطعية، ولا ينازعون في خبر الله وحكمه، وإن خفي عليهم التعامل مع الأصول المعارضة، والشبهات المشككة.

وهذا مكتسب شرعي عظيم، يفرض العناية بأمرين:
الأول: تعزيز الاعتماد على نصوص الوحي في نفوس الناس، والدعوة إلى التسليم لما فيه من خير وهداية ومصلحة.
الثاني: تقديم الإجابات الكلية عن مثل هذه المعارضات الشائعة، حتى لا يقتنع المسلم بمسلك خاطئ من باب تعظيم الشرع، فيكون هذا سببًا للتأثير على المحكمات الشرعية.

وأكبر ما يؤثر في إضعاف قوة هذا المكتسب في عصرنا أمران:
١-ظاهرة التحريف المستترة بتعظيم الشرع وتقدير أحكامه، لأنها تغير للناس أحكام دينهم، وتحوّل اعتقاداتهم الصحيحة الفطرية عن موضعها الصحيح.
٢-ظاهرة الاختلاف والتنازع في النصوص والأحكام، بما يورث الشك والارتياب والتردد في النفوس، فتكون سببًا لإضعاف قوة اليقين بالوحي وأحكامه في قلوب بعض المسلمين.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الإحراج-الزائف
اقرأ أيضا
عقيدة شاملة الجزء الأول | مرابط
فكر مقالات

عقيدة شاملة الجزء الأول


تمتاز العقيدة الإسلامية بالشمول لكافة مناحي الحياة وكافة جوانب الإنسان وقد يقال أن إثبات هذه الشمولية يحتاج إلى بحث وتدقيق وتمحيص ولكننا نقول أن مجرد النظر إلى جنبات هذه العقيدة والشريعة يكفي للعيان وفي هذا المقال بجزئيه يكشف لنا الكاتب عباس محمود العقاد عن شمولية هذه العقيدة الساطعة

بقلم: عباس محمود العقاد
1972
من علامات السعادة والفلاح | مرابط
اقتباسات وقطوف

من علامات السعادة والفلاح


من علامات السعادة والفلاح أن العبد كلما زيد في علمه زيد في تواضعه ورحمته وكلما زيد في خوفه وحذره وكلما زيد في عمره نقص من حرصه وكلما زيد في ماله زيد في سخائه وبذله وكلما زيد في قدره وجاهه زيد في قربه من الناس وقضاء حوائجهم والتواضع لهم

بقلم: ابن القيم
821
ضرر الذنوب في القلب | مرابط
اقتباسات وقطوف

ضرر الذنوب في القلب


ينبغي أن يعلم أن الذنوب والمعاصي تضر ولا بد أن ضررها في القلب كضرر السموم في الأبدان على اختلاف درجاتها في الضرر وهل في الدنيا والآخرة شر وداء إلا سببه الذنوب والمعاصي فما الذي أخرج الأبوين من الجنة دار اللذة والنعيم والبهجة والسرور إلى دار الآلام والأحزان والمصائب

بقلم: ابن القيم
284
عن الدعاء والتوسل والاستغاثة ج2 | مرابط
تفريغات

عن الدعاء والتوسل والاستغاثة ج2


محاضرة هامة حول مسائل الدعاء والتوسل والاستغاثة.. وهي التي أثار بها علماء السوء جدلا واسعا في الفترة الأخيرة حيث أباحوا ما يفعله العوام عند الأضرحة والقبور وحاولوا الاستدلال ببعض الآثار والأخبار وحاولوا لي أعناق النصوص وهنا توضيح لهذه المسائل ورد على تلك المزاعم وإزالة للإشكال الحادث وتبيين لعقيدة أهل السنة والجماعة في هذه المسائل.

بقلم: محمد الحسن الددو الشنقيطي
374
بين مقام الشك ومقام اليقين | مرابط
اقتباسات وقطوف

بين مقام الشك ومقام اليقين


ما أكثر ما نجد في الكتب الفكرية من يفخم شأن الشك وعدم الحسم ويقزم اليقين واليقينيات بل ويطالبون أن يتخلص الخطاب الديني من اليقين ولذلك تجدهم يكثرون من ترداد مقولة إلى المزيد من طرح الأسئلة فيفرحون بالأسئلة ولا يكترثون كثيرا بحسم الإجابات

بقلم: إبراهيم السكران
480
الدعاء والتقرب إلى الله | مرابط
اقتباسات وقطوف

الدعاء والتقرب إلى الله


مقتطف من الفتاوى السعدية للعلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي يعلق فيه على الدعاء وكيف أن العبد يجب أن يقصد به التقرب إلى الله بجانب رغبته في حصول مطلوب أو دفع مرهوب فالدعاء من أعظم العبادات التي يتقرب بها من الله بل هو مخ العبادة وخلاصتها كما يقول

بقلم: عبد الرحمن بن ناصر السعدي
632