البناء الأسري: بين الإسلام والعلمانية

البناء الأسري: بين الإسلام والعلمانية | مرابط

الكاتب: محمد وفيق زين العابدين

394 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

من أهم التحولات التي أتى بها الإسلام في بنية الأسرة أنه جعلها قائمة على أساس تراحمي.. لأن الشريعة نظرت للأسرة بوصفها أهم نظام اجتماعي يضمن فاعلية الأُمة وعزتها، ولازم هذا الأمر؛ جعلت المعاني المعنوية (تقوى ومودة وعشرة ورحمة..) أساس تماسك الزواج بدلًا من / أولى من النسب والمال ونحوهما. 

 

ما حصل بعد ذلك هو أن التأثر بالعلمنة لم يكن في نطاق التعليم والسياسة والقانون وغيره فقط.. بل أيضًا في بنية الأسرة، فأصبحت علاقة الزواج قائمة على أساس تعاقدي وتنافسي؛ ماذا سيحضر الزوج / الزوجة؟ من عليه الستائر أو الأجهزة؟ الأثاث غرفتين ولا ثلاثة؟!
والخطبة بدلًا من أن تكون للتعارف أصبحت للتفاوض، على المهر أو الشبكة أو المؤخر؛ الخاطب يعرض عشرين، لكن العُرف خمسين، وأهل الزوجة طلبهم أربعين، نوازن فيدفع ثلاثين.. وهكذا! 

 

مشاكل قائمة الزوجية والشبكة والمؤخر.. إنما هي نتاج هذا التحول في النظرة للزواج!

ولأن من يصنعون "القانون" من نفس المجتمع المغروس في وحل المادية والعلمنة؛ ففكروا بنفس الطريقة، ونظروا للموضوع نفس النظرة؛ فأخرجوه من دائرة التراحم: العشرة والمودة (ميدان الأسرة) إلى دائرة التعاقد: من يملك؟ ومن بدد؟ (ميدان التعويضات والجرائم والعقوبات)!

حتى عالم الفتوى صار أعقد من القانون..

 

والنتيجة.. كانت الماديات هي الصخرة التي تكسرت عليها أحلام الخاطبين والراغبين في الزواج، ومئات الألوف من القضايا في المحاكم بسبب الماديات، كل خصم (زوج أو زوجة) بلا مبالغة؛ له أو عليه وحده فوق العشر قضايا.. ونفسيات مدمرة، وعائلات ممزقة، وشباب غارقة في الديون عند الزواج وعند الطلاق، وعزوف بالجملة عن الزواج بسبب الحسابات والتحسبات!

 

المشكلة حقيقةً ليست في قائمة الزوجية، إنما في التكلف بما لا حاجة فيه، وتكليف من لا يستطيع بما هو فوق استطاعته.. 

لذلك كانت أحد المعاني المركزية التي أكدت عليها الشريعة؛ الاستطاعة .. "لا تُكلَّفُ نفسٌ إلا وُسعها"، "لا یُكلِّفُ الله نفسًا إلا وُسعها"، "لا يُكلِّفُ الله نفسًا إلا ما آتاها"، "ولا نُكلِّفُ نفسًا إلا وُسعها".. 

فإذا كانت الاستطاعة شرط في العبادة، فكيف بما هو دونها؟!

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الأسرة #التربية
اقرأ أيضا
تراجع الخيرية | مرابط
مقالات

تراجع الخيرية


من تأمل في تراجع الخيرية في قرون الإسلام الأولى علم أنه كلما ابتعد الناس عن نور النبوة الأولى والتربية النبوية الأخروية فإنه يحصل لبعض المنحرفين في المجتمع الإسلامي من الانبهار بالثقافات المجاورة مالا يحصل لسابقيهم وهذا كله بسبب ما نقص في قلوبهم من تعظيم الآخرة عمن سبقهم وما دخل القلوب من التثاقل الى الأرض.

بقلم: إبراهيم السكران
249
الأمة الوسط الجزء الثاني | مرابط
تفريغات

الأمة الوسط الجزء الثاني


من المتفق عليه أن الخصيصة الأولى والمقوم الأساسي للأمة الوسط هو كونها أمة ربانية وهذه الخصيصة خاصة بهذه الأمة لا تشاركها فيها الأمم الأخرى فالأمة الإسلامية أمة ربانية في عقيدتها وتصورها وتشريعها وأخلاقها وقيمها لأن هذا كله منزل من عند الله تبارك وتعالى

بقلم: عمر الأشقر
841
عبرة لأولي الألباب | مرابط
اقتباسات وقطوف

عبرة لأولي الألباب


تعليق ابن تيمية على ذكر الله تعالى عاقبة الذين كفروا من أهل الكتاب وعاقبة المؤمنين الذين اتبعوا النبي ثم في هذا دلالة شرعية تقوم على القياس والنظر إلى الشيء ونظيره والتسوية بينهم وهذه سنة الله كما قال لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
2287
محاكم التفتيش | مرابط
تاريخ فكر

محاكم التفتيش


محاكم التفتيش من أبشع الأحداث التي حفظها لنا التاريخ والتي تكشف لنا كم الحقد والضغينة التي يحملها الصليبيون في دواخلهم للمسلمين فقد وصلت الأخبار بطرق التعذيب البشعة والتي لا يتصورها عقل ولا يرقى إليها خيال أما عن الأدوات التي كانوا يستخدمونها فحدث ولا حرج كانوا ينتقون أكثر الطرق إيلاما قبل الموت وفي المقال خلاصات حول هذا الحدث التاريخي المشهور

بقلم: راغب السرجاني
3580
دين المؤتفكات: النسوية الجزء الأول | مرابط
فكر النسوية الجندرية

دين المؤتفكات: النسوية الجزء الأول


إن الموجة الجندرية المتصاعدة في هذه الأيام والتي تدعو إلى عدم اعتبار الهوية الجنسية البيولوجية الذكر والأنثى وإنما تدعو إلى هوية جندرية جديدة مصنوعة قد يرى فيها الرجل أنه امرأة والعكس قد تشعر فيها المرأة أنها تريد أن تصبح رجلا وتؤدي دوره الاجتماعي كاملا أي أن الجنس لا دلالة له ومن حق الرجل والمرأة اختيار الدور الاجتماعي المفضل وفقا للهوية الجندرية وهذه الموجة التي تدعو إلى تقنين الشذوذ واللوطية وإطلاق الحريات الجنسية لم تصعد إلا على أكتاف الحركة النسوية ومبادئها وأفكارها التي آلت إلى الفلسف...

بقلم: عمرو عبد العزيز
2654
الأهواء المتدينة | مرابط
فكر مقالات

الأهواء المتدينة


نتعامل في واقعنا المعاصر مع إشكال جديد يمكن تسميته بالأهواء المتدينة هذا الإشكال يظهر في أن ترك الالتزام بالأحكام الذي هو من جنس التقصير والهوى أصبح محسنا مزينا في نفس المسلم متوافقا مع الدين مقربا إلى الحق فلم تعد تلك المخالفات متضمنة مفسدة المخالفة فقط بل أضيف لها مفسدة التحسين والتزيين للهوى والباطل

بقلم: فهد بن صالح العجلان
1026