خرافة قانون الجذب

خرافة قانون الجذب | مرابط

الكاتب: عبد الله العجيري

447 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

يقول الكاتب مبينًا أن كل شر يقع بالإنسان فهو المسؤول عنه وفق قانون الجذب: كل الأشياء التي تحيط بك الآن في حياتك، بما في ذلك الأمور التي تشتكي منها، أنت المسؤول عن اجتذابها. وأنا أعلم أنه للوهلة الأولى سيبدو لك هذا شيئًا تكره سماعه، وسوف تقول على الفور: إنني لم أجتذب حادث السيارة، لم أجتذب هذا العميل الذي قضيت معه وقتا عصيبًا، وبالطبع لم أجتذب الديون! وأنا هنا لأقول لك بكل وضوح وثقة: بلى، لقد جذبت كل هذه الأشياء إليك، وهذا واحد من أصعب المفاهيم التي يمكن استيعابها، ولكن بمجرد أن تتقبله سوف تكون قادرا على تغيير حياتك.

حين يسمع الناس هذا الجزء من السر لأول مرة فإنهم غالبا سيدعون من التاريخ أحداثا راح ضحيتها الكثير من الأرواح، ويجدون ذلك غير قابل للاستيعاب؛ فكيف يقوم عدد كبير للغاية من الأشخاص بجذب أي حدث مهما كان. وفقا لقانون الجذب لا بد أنهم كانوا على التردد نفسه الخاص بالحدث، ولا يعني هذا بالضرورة أنهم فكروا في ذلك الحدث بالتحديد، لكن تردد أفكارهم توافق مع تردد الحدث، إذا اعتقد الناس أنهم يمكن أن يكونوا في المكان غير المناسب في الوقت غير المناسب، وأ،ه ليس لهم أي سلطة على الظروف الخارجية، فإن تلك الأفكار الخاصة بالخوف والإحباط والعجز إذا ما استدامت وطغت على  تفكيرهم، فإنها من الممكن أن تجذبهم بالفعل إلى المكان غير المناسب في الوقت غير المناسب(1) السر، ص28

ولا شك أن مثل هذا الكلام مخالف للشرع والواقع، أما الواقع فبيّن، ﻹكم من خائف أمن من بعد خوف، كما قال تعالى "حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ" وكم من آمن خاف من بعد أمنه، كما قال تعالى "وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ"

فأولئك الرسل المذكورون في الآية الأولى، أصابهم اليأس، فجاءهم النصر، وتلك القرية الآمنة المطمئنة جاءها الخوف والجوع مع أمنها من ذلك كله، فأين موقع قانون الجذب من ذلك كله؟ ولماذا لم يكن يأس الرسل سببا لهزيمتهم، ولم تكن طمأنينة تلك القرية سببا في سلامتها؟..،

ثم إن الشريعة جاءت ببيان أن مجرد ما يتردد في النفس من الخواطر والأفكار فليس محلا للمؤاخذة أو المحاسبة، ما لم ينتج عنه عمل. وهؤلاء يريدون أن يجلعوا الخواطر السيئة بمجردها سببًا لنزول المصائب والبلايا مطلقا مناقضين بذلك قوله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لي عن أمتي ما وسوسوت به صدورها ما لم تعمل أو تكلم. فأصحاب قانون الجذب الفاسد يقلبون الموازين بحصر سبب المصيبة في تفكير من وقعت عليه. مغفلين بذلك الأسباب الحقيقية التي أثبتتها نصوص الشرع وقواعد العقل الصحيح.

 


 

المصدر:

عبد الله العجيري، خراف السر ص55

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#السر
اقرأ أيضا
الليبرالية السعودية والتأسيس المأزوم ج2 | مرابط
أبحاث الليبرالية

الليبرالية السعودية والتأسيس المأزوم ج2


المراقب الواعي إذا تجول في مخرجات التيار الليبرالي ووقف على أبرز محطاته وسلط الأضواء على مرتكزاته المعرفية تصيبه الدهشة بسبب ما يراه من الفقر الشديد في مؤهلات النمو الصحي وبسبب ما يلحظه من الهشاشة الكبيرة في مرتكزات شرعية وجوده في الساحة الفكرية وسيكتشف أن الليبرالية السعودية تعاني من أزمة فكرية ومنهجية عميقة أزمة في المصطلح وأزمة في الخلفيات الفلسفية وأزمة في السلوكيات اليومية وأزمة في الالتزام بالقيم وأزمة في الاتساق مع المبادئ وأزمة في الاطراد وأزمة في التوافق بين أسس الليبرالية وبين قطع...

بقلم: سلطان العميري
1451
خلط الإسلام بالديمقراطية إساءة كبيرة للإسلام ج3 | مرابط
فكر الديمقراطية

خلط الإسلام بالديمقراطية إساءة كبيرة للإسلام ج3


أما دين الإسلام فإن تطبيقه السليم قد أخضع المنصفين حتى من خصومه إلى الإقرار بأنه يمثل الرحمة الحقيقية التي جعلها الله لهذه البشرية ولذا لم تزدد هذه الأمة بتطبيقه إلا عزة ومنعة إلى أن دخلت الدواخل والرواسب على الأمة ورضي فئام من أبنائها باستبدال الذي هو أدنى - من تيارات الانحراف - بالذي هو خير فتراكمت في الأمة مشاكل يجزم من كان له عقل يعي به الأمور أن من المحال أن ترتفع هذه المشاكل بغير الإسلام

بقلم: د عبدالله بن عبدالعزيز العنقري
7392
لماذا نحج | مرابط
تعزيز اليقين مقالات

لماذا نحج


الحج تجريد للنفس من ماضيها المشوب بالإثم ومن ثم فهو تجديد للحياة وبقدر ما تصدق نية المسلم في ابتغاء هذا التجديد من الحج يكون حجه مبرورا والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة لقد يسر الله سبل الحج في هذا العصر وتوطدت فيه دعائم الأمن بما لا عهد لحجاج المسلمين بمثله إلا في صدر الإسلام وزمان التابعين لهم بإحسان والمسلمون الآن في إقبال عظيم على إقامة هذه الشعيرة من شعائر الإسلام حتى بلغ عدد الذين يقفون في عرفة ويطوفون بالكعبة بيت الله الحرام في هذه السنين رقما قياسيا لا نظير له في التاريخ

بقلم: محب الدين الخطيب
1199
مطالعة في كتاب إسلام السوق لباتريك هايني | مرابط
فكر مناقشات

مطالعة في كتاب إسلام السوق لباتريك هايني


في عام 2005م نشر الباحث السويسري باتريك هايني رصدا لنمط جديد من التدين -بحسب رؤية الباحث- وذكر أن البحوث الغربية الحديثة لم تسلط الضوء عليه هذا النمط الجديد من التدين ذكر الباحث أن له منظومة عناصر وهي: مركزية الفردانية وبحث المتدين الجديد عن مشروعات شخصية وتمجيد التجارة والاستثمار والبزنس والاستغراق في أدبيات الفكر الإداري الأمريكي كالتنمية البشرية وتحقيق الذات وعلم النجاح والاستمتاع بالحياة ونحوها وغلبة النزعة الاستهلاكية والرفاه والاهتمام بالماركات في الزي ونحوه ومن ذلك تفريغ الحجاب من مض

بقلم: إبراهيم السكران
2101
وظيفة الإنسان | مرابط
تعزيز اليقين مقالات

وظيفة الإنسان


ما هي وظيفة الإنسان في الحياة ربما تجد أن إجابة هذا السؤال ليست واحدة عن جميع الناس فكل يرى الحياة على حسب أولوياته وعلى حسب عقيدته ومذهبه الفكري أو العقدي وفي هذا المقال يستعرض المؤلف الوظيفة الحقيقية للإنسان التي خلقه الله من أجلها وفي المقابل الوظيفة الإنسانية الأولى من وجهة نظر التيار المدني الليبرالي أو العلماني

بقلم: إبراهيم السكران
2091
التوسل إلى الله بالأعمال الصالحة | مرابط
اقتباسات وقطوف

التوسل إلى الله بالأعمال الصالحة


ثم الدعاء والتضرع يفتح له من أبواب الإيمان بالله عز وجل ومعرفته ومحبته والتنعم بذكره ودعائه ما يكون هو أحب إليه وأعظم قدرا عنده من تلك الحاجة التي همته. وهذا من رحمة الله بعباده يسوقهم بالحاجات الدنيوية إلى المقاصد العلية الدينية

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
470