خطر حب الشهرة

خطر حب الشهرة | مرابط

الكاتب: محمد صالح المنجد

2342 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

عالم الشهرة

حب الشهرة والصيت.. هذا المرض موجودٌ في نفوس الكثيرين، وهذا المرض موجود عند الفسقة، وقد يكون موجودًا أيضًا عند بعض أهل الدين، فعند الفسقة الآن هناك شيء اسمه عالم الأضواء وعالم الشهرة، ويقال: فلان أو فلانة من الممثلين والممثلات دخل عالم الشهرة بفلم كذا، وفلانة من المغنيات دخلت عالم الشهرة بأغنية كذا، وفلان من اللاعبين دخل عالم الشهرة وعالم الأضواء بهدف من الأهداف الرياضية، بمباراة كذا، وهكذا من أنواع الشهرة الدنيوية المذمومة القبيحة المضيعة للوقت الصارفة للجهد بغير طاعة الله، والمورثة للإثم والعدوان، والمثيرة للشهوات والأهواء التي تؤدي إلى إضلال الناس.
 
عالم الشهرة الآن يدخل فيه كثيرٌ من أهل السوء والباطل كما هو معروف وواضح جدًا.
 

الأضواء والكاميرات

وهؤلاء الذين يحبون الأضواء والكاميرات ويحبون أن تسلط إليهم الأنظار، كثيرٌ منهم تافهون جدًا، إنما يعملون على الإضرار بالمجتمع ويعملون في حقل المعصية وخطوات الشيطان وسبيل إبليس، كثير من المشهورين الآن لاشك ولا يخفى عليكم هذا الحال فيه، وهؤلاء أمرهم واضح، ولا يحتاجون إلى تبيين لكن نحن نلتفت الآن إلى مسألة حب الشهرة وحب الصيت عند الأوساط التي يكون فيها شيءٌ من التدين أو الدين والعلم، فلا شك أنه يخترق هذه الأوساط شيءٌ من هذه النوازع، حب الشهرة وحب الصيت.

 

حب الشهرة مرض قادح في الإخلاص

 

قال الذهبي رحمه الله تعالى في صاحب العلم الذي تعجبه مسألة من علمه قال: فليتكتم بها ولا يتراءى بفعله، فربما أعجبته نفسه وأحب الظهور فيعاقب ويدخل عليه الداخل من نفسه، فكم من رجلٍ نطق بالحق وأمر بالمعروف فيسلط الله عليه من يؤذيه.
 
لاحظ الآن كم من رجل نطق بالحق وأمر بالمعروف فيسلط الله عليه من يؤذيه، لماذا؟ كيف هذا؟! كيف ينطق بالحق ويأمر بالمعروف والله يسلط عليه من يؤذيه؟!

قال الذهبي رحمه الله: لسوء قصده وحبه للرئاسة الدينية، فهذا داءٌ خفيٌ سارٍ في نفوس الفقهاء، كما أنه داءٌ سارٍ في نفوس المنفقين من الأغنياء، وأرباب الوقوف -الأوقاف الذين يعملون الوقف والترب المزخرفة وربما بنوا المساجد، وهو داءٌ خفي يسري في نفوس الجند والمجاهدين- أي: حتى المجاهدون الذين يقاتلون، فتراهم يلتقون العدو. فـالذهبي يصور حالة في عهده، نحن الآن عرفنا الشهرة هذه في أوساط أهل السوء لا تحتاج إلى بيان، لكن حب الشهرة في أوساط أهل الطاعة عند بعض طلبة العلم، أو بعض المنفقين يطبع اسمه على الكتب التي يطبعها، أو يكتب اسمه على مسجدٍ يبنيه، أو وقفٍ يعمره، أو نهرٍ يجريه، هذا يحب الصيت والشهرة، ليقال: فلانٌ بناه، وفلانٌ طبعه، ونحو ذلك.

وربما كتب المحسن على نفقة المحسن الكبير، ما هذا؟! حب شهرة وحب الصيت ينافي الإخلاص، أين إخفاء العمل، الذي يوفر الأجر؟ غير موجود؛ موجود بدلًا منه حب الشهرة، وحب صيت، يدمر العمل تدميرًا ويفني الأجر إفناءً، فيأتي الله وليس له حسنة، قد استهلكت في الدنيا قالوا عنه: محسن وكريم، ويحب الخير، أخذها في الدنيا، قال الذهبي : ويصطدم الجمعان وفي نفوس المجاهدين مخبئاتٌ وكمائن من الاختيال وإظهار الشجاعة ليقال: فلان شجاع وفلان جريء والعجب، ولبس القراقل المذهبة، وهي نوعٌ من الثياب يستخدمها العسكر، والخوذ المزخرفة، والعدد المحلاة، على نفوسٍ متكبرة، وفرسانٍ متجبرة، ويضاف إلى ذلك إخلالٌ بالصلاة، وظلمٌ للرعية، وشربٌ للمسكر فأنى ينصرون وكيف لا يخذلون؟!!
 
الذهبي رحمه الله يقول هذا عن صورة في عهده، وأشياء موجودة، فإذًا حب الشهرة والصيت يمكن أن يتطرق إلى طلاب العلم وإلى الدعاة والمنفقين والمقاتلين في سبيل الله، يخرجون لقتال الأعداء والكفار، ولذلك هذا حب الظهور وحب الصيت والشهرة، مرض يقدح في الإخلاص ويجرح الإخلاص، بل هذا مرض ينافي الإخلاص من أساسه؛ ولذلك يقول الله عز وجل يوم القيامة: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملًا أشرك معي فيه أحدًا غيري تركته وشركه) ولذلك لاحظ وانتبه لهذه النقطة، الأعمال التي فيها شرك لا يثيب الله الشخص على المقدار الذي لم يشرك فيه.

فأي واحد عمل عملًا فيه شيء لله وشيء لغير الله؛ في عمل واحد، لا يثيبه الله عن الجزء الذي له ويحبط الجزء من العمل الذي ليس له، وإنما يحبطه كله، بنص الحديث: (من عمل عملًا أشرك معي فيه أحدًا غيري تركته وشركه) ويقال له يوم القيامة: خذ أجرك من الذين أشركت معي في هذا العمل، خذ أجرك منهم، الله لا يقبل إلا العمل الخالص لوجهه، يقول الله في الحديث القدسي: (أنا خير الشركاء) فيتركه يقول: أشركت معي فلانًا وفلانًا، هذا الشخص ما عملها لفلان عملها لله ولفلان، لاحظ، ليس له أجرٌ عليها مطلقًا، فإذا صلى إنسان لله لكن طول الركعات من أجل من يراه من الحاضرين، فليس له شيء أبدًا، هو لا يقول: فلان أكبر، يقول: الله أكبر، لا يقول: سبحان فلان، يقول: سبحان الله، لكن لما طرأ الرياء عليه في الصلاة وما قاومه بل استمرأه واستمر معه، فذلك يحبط العمل، إذا كان العمل متصلًا أوله بآخره يحبط العمل كله.

أما لو عمل عملًا لله وعملًا منفصلًا لغير الله، قبل الله العمل الذي له، وأحبط العمل الذي ليس له، كمن تصدق بخمسين ريالًا لفقير لله، ثم رأى الناس يخرجون من المسجد، فأحب أن يقال عنه كريم، فأخرج خمسين أخرى تصدق بها، يعني: لأي شيء للناس؟ فماذا يقبل الله منه؟ الخمسين الأولى هذه صدقة مستقلة، والخمسين الثانية حابطة وآثم عليها وليس فقط لا أجر له، يأثم إثم الشرك الذي حصل فيها، والشرك خطير؛ إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ [النساء:48] لا يغفر إلا بالتوبة، وخصوصًا هذا الشرك، سواء كان شركًا أكبر أو شركًا أصغر، ولذلك يجب على العبد أن يتوب من جميع أنواع الشرك: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ [النساء:48] ما قال: أكبر أو أصغر: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ [النساء:48] لابد أن يتوب منها، وإلا سيبقى عليه إثم شركه، لا يغفره الله، لا تكفره الحسنات، بل لابد من توبة.

 


 

المصدر:

  1. https://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=FullContent&audioid=101689#232300
تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#حب-الشهرة
اقرأ أيضا
الأعياد من جملة الشرع | مرابط
اقتباسات وقطوف

الأعياد من جملة الشرع


إن الأعياد من جملة الشرع والمناهج والمناسك التي قال الله سبحانه : لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه الحج67 كالقبلة والصلاة والصيام فلا فرق بين مشاركتهم في العيد وبين مشاركتهم في سائر المناهج فإن الموافقة في جميع العيد موافقة في الكفر والموافقة في بعض فروعه موافقة في بعض شعب الكفر

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
485
كيف نتعامل مع الإنترنت ومشكلة التشتت والتركيز | مرابط
ثقافة

كيف نتعامل مع الإنترنت ومشكلة التشتت والتركيز


نحن أقررنا بأن الإنترنت لمعظمنا لا يمكن الاستغناء عنه وبالتالي الفكرة التي سنقدمها ستكون أن نقلل من الضرر بقدر الإمكان وذلك باستخدام خمس نصائح: ما قل وكفى خير مما كثر وألهى تخلص من فوبيا فوات الأشياء اتبع نظام جلسات العمل لا تضح بنصيبك من العزلة كن واعيا بحجم المشكلة

بقلم: علي محمد علي
449
زهد أبي ذر الغفاري | مرابط
مقالات

زهد أبي ذر الغفاري


حدثنا عبد الله حدثنا محمد بن عبد بن حسان حدثنا جعفر يعني ابن سليمان عن رجل قد سماه عن شهر بن حوشب عن عائذ الله عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا وما استقللتم على الفرش ولا تمتعتم من الأزواج ولا شبعتم من الطعام ولخرجتم إلىالصعدات تجأرون إلى الله عز وجل فكان أبو ذر إذا حدث هذا الحديث يقول: يا ليتني شجرة تعضد

بقلم: أحمد بن حنبل
1595
إن الحلال بين وإن الحرام بين | مرابط
اقتباسات وقطوف

إن الحلال بين وإن الحرام بين


قد يقع الاشتباه في الحلال والحرام بالنسبة إلى العلماء وغيرهم من وجه آخر وهو أن من الأشياء ما يعلم سبب حله وهو الملك المتيقن. ومنه ما يعلم سبب تحريمه وهو ثبوت ملك الغير عليه. فالأول لا تزول إباحته إلا بيقين زوال الملك عنه اللهم إلا في الأبضاع عند من يوقع الطلاق بالشك فيه كمالك أو إذا غلب على الظن وقوعه كإسحاق بن راهويه. والثاني: لا يزول تحريمه إلا بيقين العلم بانتقال الملك فيه.

بقلم: ابن رجب
368
صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ج1 | مرابط
تفريغات

صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ج1


إن الله سبحانه وتعالى قد فرض فرائض وشرع شرائع وأمر بلزومها ومن أعظم هذه الشرائع هي أركان الإسلام الخمسة التي أمر الله عز وجل بها وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بركنيتها للإسلام كما جاء في حديث عبد الله بن عمر في الصحيحين وغيرهما في قوله عليه الصلاة والسلام: بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت من استطاع إليه سبيلا

بقلم: عبد العزيز الطريفي
746
المرأة المسلمة ج2 | مرابط
تفريغات المرأة

المرأة المسلمة ج2


كانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها على رغم صغر سنها يوم دخل بها النبي صلى الله عليه وسلم وهى بنت تسع سنين كما في الصحيح وتوفى عنها وعمرها 18 سنة ومع ذلك فقد كانت أنموذجا للحفظ والضبط والعلم حتى إنها حفظت للأمة خيرا كثيرا وقال أبو موسى -رضي الله عنه وأرضاه-: ما سألنا عائشة رضي الله عنها عن شيء إلا وجدنا عندها منه علما فهي معلمة الرجال

بقلم: سلمان العودة
531