فطرية السببية

فطرية السببية | مرابط

الكاتب: هادي صبري

369 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

في عقولنا وفطرنا مبدأ يسمى بمبدأ السببية، ويعني أن كل شيء وجد بعد أن لم يكن موجودا -وهو ما يسمى بالحادث- فإنه لا بد من سبب قد أدى إلى وجوده، لقد غرس هذا المبدأ في فطرتنا كبشر، لا مناص منه لأحد، ولا يستطيع الإنسان الاقتناع بخلافه، ولا يحتاج إلى إقامة الحجج والبينات على صحته.. 

كما تعلم أنك موجود، كما تحس بذاتك، كما تأكل وتتنفس.. فأنت تعلم أن لكل شيء سببا، ولم يعلمك أحد هذا بل هو فطري وتجده ضرورة من نفسك، وفي هذا يقول ابن تيمية رحمه الله: لو ضُرِبَ الصبي ضربة، فقال: من ضربني ؟  فقيل: ما ضربك أحد = لم يصدق عقله أن الضربة حدثت من غير فاعل.

ولكونه فطريا.. 
أنت لا تحاول إقناع شخص يسير في صحراء فيرى في وسطها ساعة ملقاة على الأرض، جميلة متقنة الصنع، لا تحاول إقناعه بأنه لا سبب لوجودها هنا! وإذا رأيت تمثالا لطفل صغير فلن يخطر ببالك إلا أن لهذا التمثال صانعا ماهرا، مع أن هذا التمثال مجرد صورة خارجية، ليس فيه حياة ولا عقل ولا أعصاب ولا أعضاء، ولا أي تعقيد، فما بالك بالطفل الآدمي الصغير الذي يروح ويجيء أمامك بكل حيوية وسرور.. لا بد له من خالق مبدع!

وإذا رأيت قصرا منيفا، مشيد البنيان، مزخرف الأبواب والجدران، في تلك الصحراء الموحشة القاحلة، فلن يخالجك شك في أن هذا القصر قد بناه بنّاء متقن.. ولن تفكر -ولو للحظة- أن عاصفة قوية هبت على مجموعة من الأحجار والأخشاب والإسمنت وأدوات البناء، فنتج عنها ذلك القصر! فكيف إذا قيل أنه حدث بدون سبب أصلا!

نعم لا يستطيع عاقل المكابرة في مبدأ السببية، ولا يختلف على ضرورة وجود الصانع أحد من البشر البتّة، حتى الأطفال!


المصدر:
الميسر في تعزيز اليقين، تأليف مجموعة من المؤلفين

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.
اقرأ أيضا
المرأة بين الماضي والحاضر | مرابط
اقتباسات وقطوف المرأة

المرأة بين الماضي والحاضر


عاشت المرأة حقبة من دهرها هادئة مطمئنة في بيتها راضية عن نفسها وعن عيشها ترى السعادة كل السعادة في واجب تؤديه لنفسها أو وقفة تقفها بين يدي ربها أو عطفة تعطفها على ولدها أو جلسة تجلسها إلى جارتها وترى الشرف كل الشرف في خضوعها لأبيها وائتمارها بأمر زوجها ونزولها عند رضاهما وكانت تفهم معنى الحب وتجهل معنى الغرام فتحب زوجها كما تحب ولدها لأنه ولدها فإن رأى النساء أن الحب أساس الزواج رأت أن الزواج أساس الحب

بقلم: مصطفى لطفى المنفلوطي
602
بين حضارة الجسد وحركات تحرير المرأة | مرابط
فكر مقالات

بين حضارة الجسد وحركات تحرير المرأة


في الغرب يتحدثون عن حقوق المرأة في الوقت الذي تتصاعد فيه معدلات الإباحية والعري ومحاصرة المرأة بمعايير تؤكد أهمية جسدها وتختزلها تماما فيه. في مقال متميز للأستاذ مصطفى المرابط بعنوان صناعة الأنوثة جاء فيه أن الصورة النمطية التي يتم تثبيتها تختزل المرأة في جسدها لم يعد يكتفى بتشيؤ هذا الجسد أي تحويلها إلى شيء إنما جعله في خدمة الشيء حيث يقدم طعما للترويج لسلعة أو منتوج. فالجسد يقدم تارة على أنه مادة للاستهلاك وتارة أخرى وسيلة للاستهلاك.

بقلم: عبد الوهاب المسيري
265
البحث عن مصدر القرآن الكريم ج2 | مرابط
أباطيل وشبهات تعزيز اليقين مقالات

البحث عن مصدر القرآن الكريم ج2


كان القرآن في مكة يقص على المسلمين من أنباء الرسل ما يثبت فؤادهم ويعدهم الأمن والنصر الذي كان لمن قبلهم ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد فلما هاجروا إلى المدينة فرارا بدينهم من الفتن ظنوا أنهم قد وجدوا مأمنهم في مهاجرهم ولكنهم ما لبثوا أن هاجمتهم الحروب المسلحة من كل جانب فانتقلوا من خوف إلى خوف أشد.

بقلم: محمد عبد الله دراز
272
هل هناك فلسفة إسلامية أم لا؟ | مرابط
فكر مقالات مناقشات

هل هناك فلسفة إسلامية أم لا؟


اختلفت مواقف الباحثين كثيرا في إثبات وجود فلسفة إسلامية فمنهم من تبنى القول بأنه ليس هناك فلسفة إسلامية وأن غاية ما وجد في المجال الإسلامي إنما هو نقل وترجمة حرفية عن الفلسفة اليونانية وغيرها ومنهم من ذهب إلى إثبات وجود خاص للفلسفة الإسلامية وإثبات أنها فلسفة نمت وترعرعت في أحضان الثقافة الإسلامية

بقلم: سلطان العميري
505
حقيقة التوكل على الله | مرابط
تعزيز اليقين

حقيقة التوكل على الله


فأما دعوى التوكل مع ترك الأسباب فإنما هي في الحقيقة عجز وكسل وأما الاعتماد على الأسباب دون تفويض الأمور إلى الله وحسن تدبيره أو مع ضعف تفويض الأمور إليه فإنما هو شرك ينافي توحيد الله تعالى إما في أصله وإما في كماله بحسب ما يقوم بقلب العبد من ذلك.

بقلم: عبد الله القرني
261
الطفل والأفكار | مرابط
مقالات ثقافة

الطفل والأفكار


وفي المجتمع الذي يدور فيه عالم الأفكار حول محور الأشياء تأخذ الميول الفردية الوجهة ذاتها. ولقد حدث أن سألت طفلا في إحدى البلاد العربية عما كانوا يعطونه في المدرسة ولم ركن استعمالي فعل أعطى متعمدا لكن جوابه العفوي كان ذا دلالة ظاهرة فقد أجابني: إنهم يعطوننا بسكويت. ومن الواضح أن معنى أعطى عنده يتمفصل بادئ الأمر بعالم الأشياء حتى حينما يستعمل الفعل في الإطار المدرسي في صيغة سؤال. وهكذا فالفرد يدفع ضريبة عن اندماجه الاجتماعي إلى الطبيعة وإلى المجتمع.

بقلم: مالك بن نبي
366