
اعلم أن أول من قاس قياسًا فاسد الاعتبار: إبليس؛ حيث عارض النص الصريح الذي هو السجود لآدم بأن قاس نفسه على عنصره، وقاس آدم على عنصره، فأنتج من ذلك أنه خير من آدم وأن كونه خيرًا من آدم يمنع سجوده له المنصوص عليه من الله.
وقياس إبليس هذا مردود من ثلاثة أوجه:
الأول: هو ما ذكر من كونه فاسد الاعتبار لمخالفة النص.
والثاني: منع كون النار خيرًا من الطين، بأن النار طبيعتها الخفة، والطيش والإفساد والتفريق، وأن الطين طبيعته الرزانة والإصلاح، تودعه الحبة فيعطيكها سنبلة والنواة فيعطيكها نخلة، وإذا نظرت إلى ما في البساتين الجميلة من أنواع الفواكه والحبوب والزهور عرفت أن الطين خير من النار.
الثالث: أنا لو سلمنا جدليًا أن النار خير من الطين، فشرف الأصل لا يستلزم شرف الفرع فكم من أصل رفيع وفرعه وضيع.
إذا افتخرت بآباء لهم شرف ... قلنا صدقت ولكن بئس ما ولدوا
المصدر:
محمد الأمين الشنقيطي، مذكرة أصول الفقه على روضة الناظر ص342