كيف استطاع هتلر أن يتحكم بالأطفال

كيف استطاع هتلر أن يتحكم بالأطفال | مرابط

الكاتب: محمد علي فرح

223 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

1- استخدم هتلر صورة الأب الذهنية:

في الموروث الثقافي الألماني يكون الأب هو سيد البيت، والبقية لا يملكون سوى الطاعة من غير سؤال، وهكذا كان هتلر بالنسبة للمجتمع الألماني، هو الوحيد المسؤول، وهو الوحيد الذي له السمع والطاعة، فقد نقل مفهوم الأب من البيت إلى إدارة الدولة، وكان دائمًا يستخدم في خطابه مع الأطفال مفاهيم الأبوة، فكان يقول: إنه يهتم بأمرهم وبمستقبلهم وإنه يحبهم ويرعاهم.

 

2- التحذير من المعارضة:

لم يكن مسموحًا للأطفال السماع إلى المعارضة، بل لم يكن مسموحًا للأطفال خاصة في المدارس أن يسمعوا عن أي شيء سوى رؤية هتلر الأب، وكان أي طفل يبدي اعتراضا كان يشتبه في أمره ويؤدب في مدرسته، بل ويُطلب من أهله تأديبه في المنزل.

 

3- حرص هتلر على وجود برنامج منظم لاحتلال عقل الأطفال:

أنشأ ما يعرف باسم شباب هتلر، وكأن أشبه بمعسكر لتدريب الأطفال على الطاعة التي تُشبه الطاعة العسكرية، من خلال هذا المعسكر يضمن هتلر إعداد جنود صغار لا يعرفون سوى اتباع قائدهم، هتلر كان يعلم أن الوحدة في سن الطفولة من الممكن أن تُعطي فرصة للأطفال أن يتعلموا، ومن ثم يبدؤون في طرح الأسئلة، لذلك حرص هتلر على ملئ فراغهم ليبقيهم في صورة منظمة متحكم فيها بطريقة ممنهجة، حتى لا تكون هناك فرصة لهم للوحدة.

 

4- عمل هتلر على إبقاء الأطفال جهلة قدر المستطاع:

أيقن هتلر أنه كلما كان الإنسان جاهلا كلما كان غير قادر على مسائلة السلطة، فقام هتلر بحجب معلومات الحكم والسياسة عن الأطفال تماما، وكأنه لم يكن ممكنا أن يوجد حاكم أو نظام حكم غير الموجود بالفعل.

وكذلك لم يكن من المسموح للأطفال أن يفكروا بأنفسهم، بل كان يعتبر التفكير خطر، وكان يتم منع الطفل الذي يقوم بذلك النوع من التفكير، وأذكر أن ديزني قامت بإنتاج فيلم كدعاية مضادة للنظام النازي يتحدث عن المجتمع النازي وكيفية تشكيل طريقة تفكير الأطفال وفي أحد المشاهد:

"أن أحد الأطفال أصحاب التفكير المستقل كان يشاهد قصة يقصها المدرس بالمدرسة، وفيها أن ذئبًا أكل أرنبا، فسأل المدرس التلاميذ: من المخطئ في القصة؟ فأجاب التلاميذ بالإجابة النموذجية التي تلقوها: بأن الأرنب هو المخطئ لأنه ضعيف، في حين أن الطفل صاحب التفكير المستقل أجاب بأن الذئب هو المخطئ، لأنه تعدّى على من لا يملك قدرة الدفاع عن نفسه، هنا تلوّن وجه المدرس وأهان الطرف لطريقة تفكيره التي لا تتماشى مع قوة ألمانيا العظمى، وعوقب هذا الطفل حتى بدأ في ترديد أن البقاء للأقوى وأن الأرنب هو المخطئ.

كذلك لم يسمح للأطفال أن يقرؤوا أي كتب، أو يستمعوا لبرامج من شأنها أن تثير التساؤلات في أذهانهم فلم يسمح النظام النازي للأطفال إلا بالاستماع إلى الدعاية النازية فقط.

 

5- جمع الأطفال في مسيرات هائلة:

تجميع الأطفال في أعداد منظمة هائلة بالإضافة إلى المكبرات العملاقة، يجعل الأطفال يعيشون في بيئة مشحونة بالشعور بالقوة المتناهية، مما يعزز شعورهم بعظمة دورهم وهذا يشبه تماما تلك اللحظات التي يمر بها طلاب القوات المسلحة، حين يمشون في هذه الأعداد الهائلة في حفلات التخرج والعروض، مما ينسيهم أي ضغط قد تعرضوا له من فرط القوة التي يشعرون بها.

فالأطفال يشعرون أنهم قوة لا يُستهان بها في المجتمع النازي، وأنهم جزء أساسي في هذا المجتمع ذي القوة المطلقة.


6- توحيد الزي

كان الأطفال يلبسون زيًّا موحدًا برابطة عنق واحدة، وعليهم ما يُشبه الأوسمة وشعارات النازية والصليب المعكوف على أكتافهم حتى تتحول حياتهم إلى هتلر.

 

7- استخدام اليهود كمبرر لأخطاء الحكومة

كان هتلر يُلقي باللوم على اليهود أنهم سبب كل المشاكل التي يتعرض لها البلد، ومن ثم كان الأطفال يلومون اليهود على كل المشاكل التي تواجه ألمانيا، فالحكومة كانت تلقي اللوم على بعض الأشخاص في خطابها مع الأطفال حتى لا يسأل هؤلاء الأطفال حكوماتهم على أخطائها.

 

8- نشر الجواسيس بين الأطفال ومن الأطفال

تعلم الأطفال في عهد هتلر ومن نظام هتلر ألا يثق بعضهم ببعض، فقط يثقون بأبيهم القائد هتلر ورجاله، فكان كل من يشك به من الأطفال أو حتى من الأهل كان الأطفال يقومون بالتبليغ عنه فورًا إلى رجال هتلر أو حتى من خلال خطاب مباشر إلى هتلر نفسه.


ما قام به هتلر مع الأطفال خاصة، هو ليس التحكم بالجماهير كما تعلم من كتابات لوبون، بل كان إنشاء لمجتمع من نوع خاص لا يحتاج إلى تحكم أصلًا!

 


 

المصدر:

محمد علي فرح، صناعة الواقع: الإعلام وضبط المجتمع، ص73

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#هتلر
اقرأ أيضا
الاعتبار | مرابط
اقتباسات وقطوف

الاعتبار


ومن اعتمد في هدايته وسداده على نفسه ومواهبه ومهاراته واستغنى عن ربه فلن تزيده إلا حيرة وضلالا وطغيانا ومن استعان الله واهتدى به هداه الله بأقل ما يبلغه من العلم ووفقه للعمل به ومن حاز الدنيا بكل ما فيها من زينة ومتاع ولم يطلب الباقيات الصالحات فهو أعظم الناس خسارة وهو الظالم والمظلوم ولا يظلم ربك أحدا

بقلم: حسين عبد الرازق
204
عمارة النفوس بالله | مرابط
مقالات

عمارة النفوس بالله


لقد جبلت النفوس البشرية على التعلق بالدنيا والغفلة عن الآخرة لذلك جاءت آيات القرآن فجعلت الأصل في الخطاب الدعوي ربط الناس بالآخرة والتبع هو التأكيد على أهمية إعداد القوة هذه نزعة ظاهرة في القرآن والسنة ووصايا السلف.. ولكن للأسف جاءتنا خطابات دعوية مادية أرهقتها مواجهة التغريب فانكسرت وتشربت ثقافة الخصم ذاته وصارت منهمكة في تذكير الناس بالدنيا وجعلت التبع هو الآخرة.. خطابات لم تعد تستحي أن تقول مشكلة المسلمين في نقص دنياهم لا نقص دينهم! ولكن لا يزال ولله الحمد- من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهد...

بقلم: إبراهيم السكران
100
الإلحاح في الدعاء | مرابط
اقتباسات وقطوف

الإلحاح في الدعاء


والله يحب الملحين في الدعاء ولهذا تجد كثيرا من أدعية النبي صلى الله عليه وسلم فيها من بسط الألفاظ وذكر كل معنى بصريح لفظه دون الاكتفاء بدلالة اللفظ الآخر عليه ما يشهد لذلك كقوله صلى الله عليه وسلم في حديث علي رضي الله عنه الذي رواه مسلم في صحيحه اللهم أغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت

بقلم: ابن القيم
56
الاعتراف بالذنب | مرابط
اقتباسات وقطوف

الاعتراف بالذنب


اعتراف المذنب بذنبه مع الندم عليه توبة مقبولة قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب الله عليه وفي دعاء الإستفتاح الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يستفتح به: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت

بقلم: ابن رجب
316
اجتياحات أزمة الرجولة | مرابط
فكر الجندرية

اجتياحات أزمة الرجولة


وتتداخل مسألة الجماليات المعممة في التطورات الحديثة لمفاهيم الرجولة من خلال إعادة إنتاج أساليب الجسد الرجولي عبر تأثير الموضة الحديثة فبحسب جوان انتويسل لعب كل من المصورين وخبراء التجميل ومصممي الأزياء من الشواذ دورا في تغيير التمثيلات الخاصة بالرجولة من خلال جماليات الموضة التي أنتجت جماليات شاذة للجسد الرجولي.

بقلم: أ. سامي الحربي
224
شخصية مريم المؤمنة | مرابط
تفريغات

شخصية مريم المؤمنة


مريم المسلمة المؤمنة العابدة القانتة الطائعة لربها التي جعلت لها محرابا تصلي فيه وتعبد ربها ومحراب المرأة أيتها النساء في قعر بيوتهن كلما كان أعمق في البيت كلما كان أفضل تصلي فيه الفرائض والنوافل.. تجلس لتقرأ القرآن وتحاول أن تقوم بهذه العبادات لله عز وجل كما أمرها الله سبحانه وتعالى

بقلم: محمد المنجد
77