1- استخدم هتلر صورة الأب الذهنية:
في الموروث الثقافي الألماني يكون الأب هو سيد البيت، والبقية لا يملكون سوى الطاعة من غير سؤال، وهكذا كان هتلر بالنسبة للمجتمع الألماني، هو الوحيد المسؤول، وهو الوحيد الذي له السمع والطاعة، فقد نقل مفهوم الأب من البيت إلى إدارة الدولة، وكان دائمًا يستخدم في خطابه مع الأطفال مفاهيم الأبوة، فكان يقول: إنه يهتم بأمرهم وبمستقبلهم وإنه يحبهم ويرعاهم.
2- التحذير من المعارضة:
لم يكن مسموحًا للأطفال السماع إلى المعارضة، بل لم يكن مسموحًا للأطفال خاصة في المدارس أن يسمعوا عن أي شيء سوى رؤية هتلر الأب، وكان أي طفل يبدي اعتراضا كان يشتبه في أمره ويؤدب في مدرسته، بل ويُطلب من أهله تأديبه في المنزل.
3- حرص هتلر على وجود برنامج منظم لاحتلال عقل الأطفال:
أنشأ ما يعرف باسم شباب هتلر، وكأن أشبه بمعسكر لتدريب الأطفال على الطاعة التي تُشبه الطاعة العسكرية، من خلال هذا المعسكر يضمن هتلر إعداد جنود صغار لا يعرفون سوى اتباع قائدهم، هتلر كان يعلم أن الوحدة في سن الطفولة من الممكن أن تُعطي فرصة للأطفال أن يتعلموا، ومن ثم يبدؤون في طرح الأسئلة، لذلك حرص هتلر على ملئ فراغهم ليبقيهم في صورة منظمة متحكم فيها بطريقة ممنهجة، حتى لا تكون هناك فرصة لهم للوحدة.
4- عمل هتلر على إبقاء الأطفال جهلة قدر المستطاع:
أيقن هتلر أنه كلما كان الإنسان جاهلا كلما كان غير قادر على مسائلة السلطة، فقام هتلر بحجب معلومات الحكم والسياسة عن الأطفال تماما، وكأنه لم يكن ممكنا أن يوجد حاكم أو نظام حكم غير الموجود بالفعل.
وكذلك لم يكن من المسموح للأطفال أن يفكروا بأنفسهم، بل كان يعتبر التفكير خطر، وكان يتم منع الطفل الذي يقوم بذلك النوع من التفكير، وأذكر أن ديزني قامت بإنتاج فيلم كدعاية مضادة للنظام النازي يتحدث عن المجتمع النازي وكيفية تشكيل طريقة تفكير الأطفال وفي أحد المشاهد:
"أن أحد الأطفال أصحاب التفكير المستقل كان يشاهد قصة يقصها المدرس بالمدرسة، وفيها أن ذئبًا أكل أرنبا، فسأل المدرس التلاميذ: من المخطئ في القصة؟ فأجاب التلاميذ بالإجابة النموذجية التي تلقوها: بأن الأرنب هو المخطئ لأنه ضعيف، في حين أن الطفل صاحب التفكير المستقل أجاب بأن الذئب هو المخطئ، لأنه تعدّى على من لا يملك قدرة الدفاع عن نفسه، هنا تلوّن وجه المدرس وأهان الطرف لطريقة تفكيره التي لا تتماشى مع قوة ألمانيا العظمى، وعوقب هذا الطفل حتى بدأ في ترديد أن البقاء للأقوى وأن الأرنب هو المخطئ.
كذلك لم يسمح للأطفال أن يقرؤوا أي كتب، أو يستمعوا لبرامج من شأنها أن تثير التساؤلات في أذهانهم فلم يسمح النظام النازي للأطفال إلا بالاستماع إلى الدعاية النازية فقط.
5- جمع الأطفال في مسيرات هائلة:
تجميع الأطفال في أعداد منظمة هائلة بالإضافة إلى المكبرات العملاقة، يجعل الأطفال يعيشون في بيئة مشحونة بالشعور بالقوة المتناهية، مما يعزز شعورهم بعظمة دورهم وهذا يشبه تماما تلك اللحظات التي يمر بها طلاب القوات المسلحة، حين يمشون في هذه الأعداد الهائلة في حفلات التخرج والعروض، مما ينسيهم أي ضغط قد تعرضوا له من فرط القوة التي يشعرون بها.
فالأطفال يشعرون أنهم قوة لا يُستهان بها في المجتمع النازي، وأنهم جزء أساسي في هذا المجتمع ذي القوة المطلقة.
6- توحيد الزي
كان الأطفال يلبسون زيًّا موحدًا برابطة عنق واحدة، وعليهم ما يُشبه الأوسمة وشعارات النازية والصليب المعكوف على أكتافهم حتى تتحول حياتهم إلى هتلر.
7- استخدام اليهود كمبرر لأخطاء الحكومة
كان هتلر يُلقي باللوم على اليهود أنهم سبب كل المشاكل التي يتعرض لها البلد، ومن ثم كان الأطفال يلومون اليهود على كل المشاكل التي تواجه ألمانيا، فالحكومة كانت تلقي اللوم على بعض الأشخاص في خطابها مع الأطفال حتى لا يسأل هؤلاء الأطفال حكوماتهم على أخطائها.
8- نشر الجواسيس بين الأطفال ومن الأطفال
تعلم الأطفال في عهد هتلر ومن نظام هتلر ألا يثق بعضهم ببعض، فقط يثقون بأبيهم القائد هتلر ورجاله، فكان كل من يشك به من الأطفال أو حتى من الأهل كان الأطفال يقومون بالتبليغ عنه فورًا إلى رجال هتلر أو حتى من خلال خطاب مباشر إلى هتلر نفسه.
ما قام به هتلر مع الأطفال خاصة، هو ليس التحكم بالجماهير كما تعلم من كتابات لوبون، بل كان إنشاء لمجتمع من نوع خاص لا يحتاج إلى تحكم أصلًا!
المصدر:
محمد علي فرح، صناعة الواقع: الإعلام وضبط المجتمع، ص73