ماذا يعلمك القرآن؟

ماذا يعلمك القرآن؟ | مرابط

الكاتب: د. نايف بن نهار

339 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

لا يُعلّمك القرآن كيف تعبد الله فقط، بل يعلّمك كيف تعيش حياتك، كيف تجعل نفسك مطمئنة لا تهتز كلما اهتزت الحياة، كيف تكسب الناس، كيف تحيّد أعداءك، متى تواجه ومتى تُعرِض، القرآن باختصار يشرح لك طبائع النفس الإنسانية وقوانين الاجتماع الإنساني بأعجب ما يكون.

يعلمك القرآن كيف تحب الخير للآخرين، وألا تتمنى ما فضلّ الله به الآخرين، وهكذا تعيش مطمئنًا بعيدًا عن قلق المقارنات. يعلمك القرآن أن تحسن الظن بالآخرين؛ ومن جرّب حسن الظن أدرك عظيم تأثيره على اطمئنان النفس وحماية العلاقات الاجتماعية، أما سوء الظن فهو مدخلٌ لكل الآفات.

يعلمك القرآن عند الخلاف {ولا تنسوا الفضل بينكم}، اختلفت مع صديقك، مع زوجتك، مع شريكك في التجارة، تذكر دائمًا هذه القاعدة التي تطالبك في لحظة الغضب أن تفعّل الذاكرة الإيجابية التي جمعت بينكما، وتفعيل هذه الذاكرة ينهي مشاعر الانتقام التي تسيطر على الإنسان عند الاختلاف.

يعلمك القرآن أن تتجاوز ذاتك لتفكّر بالنفع الجماعي، يعلمك أن تبني طموحاتك بناء على احتياجاتك لا رغباتك، يعلمك عزة النفس والكبرياء والأنفة عن الذل والخضوع، يعلمك كيف تكون فاعلاً في مجتمعك، تشاركهم أفراحهم وأحزانهم تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتتعاون على البر والتقوى.

يعلمك القرآن أن تواجه الآخرين بأخطائهم، لا أن تكون جبانًا تذكر عيوبهم من وراء ظهورهم، فإن لم تكن شجاعًا في مواجهة الآخرين بأخطائهم فيكفيك الصمت، وإذا وجدت إنسانًا يستمتع بأعراض الناس فيجب أن توقفه، فإن لم تستطع فلا تتفاعل معه على الأقل، صمتك سيخبره مباشرةً بدناءة ما يفعل.

يعلمك القرآن أن التميّز يصنع الأعداء، حتى من أقرب الناس إليك كما في قصة يوسف، فإياك أن تدخل معارك مع حاسديك مهما كنت قادرًا على الانتصار، فالحاسد مشروعه إيقافك، ونجاحه في أن تلتفت إليه، ولذلك حدد هدفك بوضوح، وكل معركة ليست على جبهة هذا الهدف لا تلتفت إليها.

يعلمك القرآن أن تقول للناس حُسنًا، فالكلمة الطيبة فرعها في السماء لا تدري أين يصل تأثيرها، فكم من إنسان تغيرت حياته بسبب كلمة، ولا يوجد مثل سحر الكلمة في تأثيرها على النفس الإنسانية. ويعلمك القرآن أنَّك واجدٌ في الناس من تُحسن إليه فيسيء إليك، لا تحمل همه؛ لأنك ترجو ما عند الله لا ما عنده. 

ويعلّمك القرآن أن كل صفاتك السيئة قابلة للإصلاح، والأمر بيدك أنت {قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها}، فلا تعتذر بأن هذا هو طبعك. ويعلمك القرآن أن تراكم خذلان صوت الضمير يؤدي إلى صلابة فساد النفس {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون}.

يعلمك القرآن ألا تحاور إلا بالتي هي أحسن؛ لأن الأفكار تمر إلى العقول من بوابة المشاعر، فما لم يكن حديثك مراعيًا للمشاعر فستغلق الباب في وجه فكرتك فلا تصل إلى عقل المتلقي. ويعلمنا القرآن أن الحوار إنما يكون مع الصادقين، أما المكابرون فيأمرنا ألا نضيع أوقاتنا معهم {وأعرض عن الجاهلين}.

يعلمك القرآن أن تعالج جذور المشكلات لا نتائجها، ولذلك تجده يصحح التصورات قبل المعتقدات والممارسات، {وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه} فنحن مستخلفون لا مستقلون، وإذا اقتنع الإنسان أنه مستخلف فمن الطبيعي أن ينفق في سبيل الله، هكذا صحة التصور تقود لصحة الممارسة.

يعلمنا القرآن أن البشر خلقوا متساوين، لا مزية لعرق على آخر، ولا لقبيلة على أخرى، ولا لجنس على آخر، ويعلّمنا أن هذه المساواة ضرورية للانطلاق لفكرة "التعارف"، فمن يعتقد أنه أفضل من الآخرين فلن يرى أهمية للتعارف، وهذا سر بدء الآية بفكرة المساواة ثم ربطها بمقصد التعارف.

كثيرةٌ هي التوجيهات القرآنية التي تجعل حياتنا سعيدة ومطمئنة، ومن يتدبّر معاني القرآن ويوظّفها في إصلاح نفسه ومجتمعه سوف يكون أكثر الناس فرحًا بوجود القرآن؛ لأنه حسم له الطريق الموصلة إلى السعادة، ويدرك حينها معنى قوله تعالى {فبذلك فليفرحوا هو خيرٌ مما يجمعون}.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#القرآن-الكريم
اقرأ أيضا
كسوف الشمس وإثبات النبوة | مرابط
تعزيز اليقين

كسوف الشمس وإثبات النبوة


أريدك أن تتخيل معي دجالا كذابا يدعي أنه مرسل من عند الله ويموت ولده ويوم موت ولده تنكسف الشمس وحين تنكسف الشمس يقول الناس: إن الشمس انكسفت من أجل ولده.. أريد منك أن تقلب هذا الأمر ظهرا لبطن وبطنا لظهر وترى كيف سيتصرف هذا الدجال؟ أعمل عقلك كثيرا في هذه المسألة ور كيف سيتصرف دجال وضع في هذه الفرصة الذهبية للترويج لنفسه!

بقلم: د. حسام الدين حامد
249
تغريدات حول الحجة والبرهان | مرابط
اقتباسات وقطوف

تغريدات حول الحجة والبرهان


بقدر وضوح طريق الحق لدى الإنسان تكون الحجة قائمة عليه أقوى وكلما كانت البينة ظاهرة للإنسان المفرط كان نزول العقاب عليه أشد وإذا كانت الحجة ضعيفة في عقله وإدراكه كان نزول العقاب أقل وإذا انعدمت الحجة والبيان لم يكن ثمة عقاب ولهذا قال تعالى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا

بقلم: عبد العزيز الطريفي
664
ثقلاء على شفير البرزخ | مرابط
فكر مقالات

ثقلاء على شفير البرزخ


من المظاهر الأليمة التي بدت ملحوظة بعض الشيء هذه الأيام أن ترى الشخص يتبع الجنازة من أقاربه أو معارفه ويقف في زحام الناس في المقبرة أو متجافيا على مرمى خطوات يطل عليهم ثم يتجاذب مع صاحب له تعليقات الدعابة والهزل بل ربما استدعى من ذاكرته نوادر يتفكه بها طبع كلما رأيت هذا المشهد السمج انهمر على ذاكرتي حديث علي بن أبي طالب أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم- في جنازة فقعد وقعدوا حوله ونكس النبي صلى الله عليه وسلم- وقال: ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من النار أو من الجنة

بقلم: إبراهيم السكران
756
آداب النوم | مرابط
تفريغات

آداب النوم


عبد الله إذا كنت لا تدري إذا صعدت روحك إلى بارئها حال النوم أتكون ممن تمسك روحه فلا يقوم أم ممن ترسل لتكمل بقية أجلها فليس يليق بك أن تودع الدنيا بالفجور والعصيان أو يكون آخر ما يقرع سمعك ألحان وغناء وأصوات الموسيقى والتخيلات الباطلة بل ودع الدنيا بخير ما ينبغي أن تودع به ثم نم على ذكر الله تبارك وتعالى واحتسب نومتك عبادة عند الله وتذكر دائما أنها ربما تكون آخر نومة تنامها فاشكر الله على عافيته وكفايته وإيوائه لك

بقلم: خالد الراشد
727
قاعدة الجزاء والحساب ج2 | مرابط
تفريغات

قاعدة الجزاء والحساب ج2


إن الله تبارك وتعالى حرم الظلم على نفسه وجعله بين العباد محرما لما له من نتائج وخيمة وعواقب أليمة وكان ينبغي لأولئك الذين يظلمون العباد ويسعون في الأرض الفساد أن يتعظوا ويعتبروا بمن سبقهم من الظلمة وهنيئا لذلك الرجل الذي امتلأ قلبه بحب الله فهو يعلم أن هدايته بيد الله وأن رزقه سيأتي إليه رضي الطواغيت أم سخطوا لأن الله هو الذي كتبه

بقلم: عمر الأشقر
742
سلسلة كيف تصبح عالما الدرس الأول ج2 | مرابط
تفريغات

سلسلة كيف تصبح عالما الدرس الأول ج2


الأساس الأول الذي بنيت عليه أمة الإسلام والذي بنيت عليه الأمم الأخرى في زماننا وفي الأزمان السابقة هو أساس العلم وبغيره لا تقوم أمة ونتميز نحن المسلمين بأن عندنا العلم الحياتي نعظمه ونجله وكذلك العلم الشرعي الذي أوحى به ربنا سبحانه وتعالى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم ونزل في كتاب الله عز وجل وفي سنة حبيبنا صلى الله عليه وسلم فهذا تفتقده الأمم الأخرى فتجد معايير الأخلاق والعقيدة والآداب عندهم مختلة بينما عندنا صحيحة فنحن نتساوى معهم في العلوم الحياتية إن أردنا لكننا نسبقهم وبمراحل لا مقارنة ب...

بقلم: د راغب السرجاني
679