ماذا يعلمك القرآن؟

ماذا يعلمك القرآن؟ | مرابط

الكاتب: د. نايف بن نهار

416 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

لا يُعلّمك القرآن كيف تعبد الله فقط، بل يعلّمك كيف تعيش حياتك، كيف تجعل نفسك مطمئنة لا تهتز كلما اهتزت الحياة، كيف تكسب الناس، كيف تحيّد أعداءك، متى تواجه ومتى تُعرِض، القرآن باختصار يشرح لك طبائع النفس الإنسانية وقوانين الاجتماع الإنساني بأعجب ما يكون.

يعلمك القرآن كيف تحب الخير للآخرين، وألا تتمنى ما فضلّ الله به الآخرين، وهكذا تعيش مطمئنًا بعيدًا عن قلق المقارنات. يعلمك القرآن أن تحسن الظن بالآخرين؛ ومن جرّب حسن الظن أدرك عظيم تأثيره على اطمئنان النفس وحماية العلاقات الاجتماعية، أما سوء الظن فهو مدخلٌ لكل الآفات.

يعلمك القرآن عند الخلاف {ولا تنسوا الفضل بينكم}، اختلفت مع صديقك، مع زوجتك، مع شريكك في التجارة، تذكر دائمًا هذه القاعدة التي تطالبك في لحظة الغضب أن تفعّل الذاكرة الإيجابية التي جمعت بينكما، وتفعيل هذه الذاكرة ينهي مشاعر الانتقام التي تسيطر على الإنسان عند الاختلاف.

يعلمك القرآن أن تتجاوز ذاتك لتفكّر بالنفع الجماعي، يعلمك أن تبني طموحاتك بناء على احتياجاتك لا رغباتك، يعلمك عزة النفس والكبرياء والأنفة عن الذل والخضوع، يعلمك كيف تكون فاعلاً في مجتمعك، تشاركهم أفراحهم وأحزانهم تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتتعاون على البر والتقوى.

يعلمك القرآن أن تواجه الآخرين بأخطائهم، لا أن تكون جبانًا تذكر عيوبهم من وراء ظهورهم، فإن لم تكن شجاعًا في مواجهة الآخرين بأخطائهم فيكفيك الصمت، وإذا وجدت إنسانًا يستمتع بأعراض الناس فيجب أن توقفه، فإن لم تستطع فلا تتفاعل معه على الأقل، صمتك سيخبره مباشرةً بدناءة ما يفعل.

يعلمك القرآن أن التميّز يصنع الأعداء، حتى من أقرب الناس إليك كما في قصة يوسف، فإياك أن تدخل معارك مع حاسديك مهما كنت قادرًا على الانتصار، فالحاسد مشروعه إيقافك، ونجاحه في أن تلتفت إليه، ولذلك حدد هدفك بوضوح، وكل معركة ليست على جبهة هذا الهدف لا تلتفت إليها.

يعلمك القرآن أن تقول للناس حُسنًا، فالكلمة الطيبة فرعها في السماء لا تدري أين يصل تأثيرها، فكم من إنسان تغيرت حياته بسبب كلمة، ولا يوجد مثل سحر الكلمة في تأثيرها على النفس الإنسانية. ويعلمك القرآن أنَّك واجدٌ في الناس من تُحسن إليه فيسيء إليك، لا تحمل همه؛ لأنك ترجو ما عند الله لا ما عنده. 

ويعلّمك القرآن أن كل صفاتك السيئة قابلة للإصلاح، والأمر بيدك أنت {قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها}، فلا تعتذر بأن هذا هو طبعك. ويعلمك القرآن أن تراكم خذلان صوت الضمير يؤدي إلى صلابة فساد النفس {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون}.

يعلمك القرآن ألا تحاور إلا بالتي هي أحسن؛ لأن الأفكار تمر إلى العقول من بوابة المشاعر، فما لم يكن حديثك مراعيًا للمشاعر فستغلق الباب في وجه فكرتك فلا تصل إلى عقل المتلقي. ويعلمنا القرآن أن الحوار إنما يكون مع الصادقين، أما المكابرون فيأمرنا ألا نضيع أوقاتنا معهم {وأعرض عن الجاهلين}.

يعلمك القرآن أن تعالج جذور المشكلات لا نتائجها، ولذلك تجده يصحح التصورات قبل المعتقدات والممارسات، {وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه} فنحن مستخلفون لا مستقلون، وإذا اقتنع الإنسان أنه مستخلف فمن الطبيعي أن ينفق في سبيل الله، هكذا صحة التصور تقود لصحة الممارسة.

يعلمنا القرآن أن البشر خلقوا متساوين، لا مزية لعرق على آخر، ولا لقبيلة على أخرى، ولا لجنس على آخر، ويعلّمنا أن هذه المساواة ضرورية للانطلاق لفكرة "التعارف"، فمن يعتقد أنه أفضل من الآخرين فلن يرى أهمية للتعارف، وهذا سر بدء الآية بفكرة المساواة ثم ربطها بمقصد التعارف.

كثيرةٌ هي التوجيهات القرآنية التي تجعل حياتنا سعيدة ومطمئنة، ومن يتدبّر معاني القرآن ويوظّفها في إصلاح نفسه ومجتمعه سوف يكون أكثر الناس فرحًا بوجود القرآن؛ لأنه حسم له الطريق الموصلة إلى السعادة، ويدرك حينها معنى قوله تعالى {فبذلك فليفرحوا هو خيرٌ مما يجمعون}.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#القرآن-الكريم
اقرأ أيضا
موافقة الغرب باسم الإسلام | مرابط
مناقشات المرأة

موافقة الغرب باسم الإسلام


إن المؤلف يلح في كتابه على خروج المرأة من بيتها وانخراطها في العمل العام المختلط من أجل تقدم المجتمع وازدهاره ومن أجل المصلحة العامة وهذا كله وهم فقد خرجت المرأة في غالب دولنا إلى الشارع العام واختلطت بالرجال وأظهرت زينتها كما يدعو إليه المؤلف فما هي النتيجة زاد تأخرنا وانحطاطنا وإذلالنا ن قبل الشراذم

بقلم: د عادل بن حسن الحمد
480
التحدي الأعظم ج1 | مرابط
تعزيز اليقين

التحدي الأعظم ج1


جوانب الإعجاز في القرآن الكريم لا تكاد تنقضي وكلما تأملته وتدبرته ظهرت لك تفاصيل إعجازية لم تعلم عنها من قبل سواء في لغته أو بنائه أو محتواه العلمي أو تنبؤاته إلخ وهذا الأمر ليس محصورا على العرب والمسلمين وإنما متاح لكل من يتدبر بل إن من أشهر الآيات المعبرة عن هذا الجانب قوله تعالى في سورة فصلت: سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق ۗ أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد 53 ومن السياق يتضح أن الآية تتحدث عن الكفار والحاصل فعلا هو أن الإعجاز العلمي في العصور المتأخرة يقوم غا...

بقلم: موقع هداية الملحدين
1434
العجيبة الثامنة ج1 | مرابط
فكر مقالات

العجيبة الثامنة ج1


المكتبة الإسلامية هي عجيبة العجائب ذهب جلها ولم يبق منها إلا قلها وهذا الذي بقى هو الأقل الأقل وهو على ذلك شيء عظيم ففي مكتبات إسطنبول كما نقلوا أكثر من مئتي ألف مخطوطة جلبها العثمانيون من العواصم العربية والإسلامية وفي شمالي إفريقيا مئتا ألف مخطوط في مكتبات القيروان وفاس وحواضر الشمال الإفريقي المسلم وفي مصر ثمانون ألف مخطوط وفي موريتانيا واليمن وغيرهما

بقلم: علي الطنطاوي
802
المرأة القارة في البيت: تصحيح المفاهيم | مرابط
مقالات المرأة

المرأة القارة في البيت: تصحيح المفاهيم


أكثر امرأة ظلمت في العالم هي المرأة التي اختارت القرار في البيت والانشغال بتربية أبنائها وإصلاح بيتها فهي أكثر النساء تعرضا للشيطنة والتحقير والبخس والتهميش! هي أكثر من يزدرى مع أنها أهم امرأة وأكثرهن خدمة لأمتها قبل نفسها! وظلم هذه المرأة ظلم لها ولزوجها وأبنائها. وهو ظلم مركب!

بقلم: د. ليلى حمدان
395
ليلة في بيت النبي الجزء الرابع | مرابط
تفريغات

ليلة في بيت النبي الجزء الرابع


والرسول عليه الصلاة والسلام كما رواه الإمام مسلم عن شريح بن هانئ قال: قلت لعائشة: بأي شيء كان النبي صلى الله عليه وسلم يبدأ إذا دخل بيته قالت: بالسواك فأول ما يدخل البيت يستاك وهذا نوع من إزالة الرائحة الكريهة التي يمكن أن تكون في الفم فالإنسان ينبغي عليه أن يحرص على هذا فهذه المرأة تمدح زوجها بأنه طيب العشرة ولم يفتها أن تصفه بطيب الرائحة

بقلم: أبو إسحق الحويني
708
السمة المركزية الغائبة | مرابط
تفريغات تعزيز اليقين

السمة المركزية الغائبة


كان الإنسان يفتش دائما ويقرأ ويطالع في سيرة صحابة النبي صلى الله عليه وسلم: ما هو المعامل الإيماني ما هو المكون العقدي ما هو الشيء الذي وجد عند صحابة النبي صلى الله عليه وسلم غائب عند أبناء المسلمين بحيث لو استطعنا أن نعزز من هذه القيمة في نفوسنا استطعنا أن نخلق حالة من حالات الحصانة من الذوبان في المعطى الحضاري الغربي كيف يستطيع الإنسان أن يحصن نفسه من ضغط هيمنة النموذج الثقافي الغربي؟

بقلم: عبد الله العجيري
456