مخالفة المرجئة لمنهج السلف: إخراج العمل عن الإيمان

مخالفة المرجئة لمنهج السلف: إخراج العمل عن الإيمان | مرابط

الكاتب: محمد صالح المنجد

940 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

المخالفة أن منهج أهل السنة والجماعة في قضايا الإيمان والتوحيد، أن الإيمان قول وعمل واعتقاد، وهذا خلافًا للمرجئة، فالإيمان بإجماع أهل السنة والجماعة: تصديق بالجنان، وقول باللسان، وعمل بالجوارح والأركان.

والإيمان قول وعمل القول باللسان، فإذن قول القلب وعمل القلب، وعمل اللسان وعمل الجوارح، الإيمان حقيقة مركبة من هذه الأشياء الأربعة، فما هو قول القلب؟ يا الله يا إخوان، قول القلب؟ تصديقه وإقراره ويقينه. ما هو قول اللسان؟ النطق بالشهادتين. ما هو عمل القلب؟ نيته وإخلاصه وإذعانه وتسليمه وحبه  ورجاءه لله تعالى، والتوكل عليه، والصدق معه، والحياء منه، هذا عمل القلب، طيب، ما هو عمل الجوارح؟ العبادات، فعل المأمورات، ترك المنهيات.

فأهل السنة والجماعة إذن عندما يقولون: الإيمان قول وعمل ونية، قول وعمل ونية واتباع للسنة، قول باللسان، اعتقاد بالقلب، عمل بالجوارح، كله صحيح، فإن قالوا: قول وعمل، فيقصدون قول القلب وعمل القلب، ويقصدون قول اللسان وعمل الجوارح.

وعندما قال أهل السنة: الإيمان قول وعمل قصدوا الرد على المرجئة؛ لأن المرجئة هم الذين ابتدعوا قضية أن الإيمان ما له علاقة بالعمل، الإيمان يصح بدون عمل، ففي عبارات نشأت عند أهل السنة في العقيدة، مثلًا يمكن ما قالها الصحابة، لكن أهل السنة قالوها لاحقًا للرد على أهل البدعة الذين خرجوا، ولو ما خرجوا كان ما قالوها، فهذا..
يعني مثلًا: نؤمن بالقرآن المنزل من الله غير مخلوق.

في عبارة كذا مثلًا عن الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة أن القرآن غير مخلوق؟ غير مخلوق هذه متى نشأت؟ ليش؟ ليش خرجت يعني؟ لأنه طلع المعتزلة الذين قالوا: إن القرآن مخلوق، فأهل السنة ردوا عليهم بأن القرآن منزل غير مخلوق، وصارت العبارة هذه في عقائد أهل السنة.

هي لو ابتداءً ما طلع معتزلة كان ما طلعت، كان استمرينا القرآن منزل من ربك بالحق، وأنزله نزله، وخلصنا.

لكن ما طلعت هذه إلا نتيجة للرد على أهل البدع، وقل مثل ذلك في القدر، مثلًا في أمور تتعلق بالقدر، في أمور تتعلق .. الآن الإيمان قول وعمل، الإيمان في الكتاب والسنة يعني واضح، خلاص يعني إذا قال مؤمن إيمان يعني مفروغ منها، أنها تعني القول والعمل، حتى لو ما قيل قول وعمل، لكن متى نشأ التفصيل؟ لما خرج أهل البدع.

فإيمان القلب شرط لصحة الإيمان، ولا يصح الإيمان بدونه:"أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمْ الإِيمَانَ" [المجادلة: 22]، "وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمْ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ" [الحجرات: 7].
وجمع الله تعالى بين الإيمان والعمل في آيات كثيرة، مثلًا قول الله : "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا" [الكهف: 107]،  "إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ" [العصر: 3].

الإمام الآجري رحمه الله ممن ألف في العقيدة يقول: "اعلموا أنكم إن تدبرتم القرآن كما أمركم الله علمتم أن الله -تعالى- أوجب على المؤمنين بعد إيمانهم به وبرسوله العمل، وانه تعالى لم يثن على المؤمنين بأنه قد رضي عنهم، وأنهم قد رضوا عنه، وأثابهم على ذلك الدخول إلى الجنة والنجاة من النار إلا بالإيمان والعمل الصالح، وقرن مع الإيمان العمل الصالح، لم يدخلهم الجنة بالإيمان وحده، حتى ضم إليه العمل الصالح الذي قد وفقهم إليه، فصار الإيمان لا يتم لأحد حتى يكون مصدقًا بقلبه، ناطقًا بلسانه، عاملًا بجوارحه. ولا يخفى على من تدبر القرآن وتصفحه، لا يخفى على من تدبر القرآن وتصفحه وجده كما ذكرت.

يقول الآجري رحمه الله: واعملوا رحمنا الله وإياكم أني قد تصفحت القرآن فوجدت فيه ما ذكرت في ستة وخمسين موضعًا من كتاب الله ، أن الله تبارك وتعالى لم يدخل المؤمنين الجنة بالإيمان وحده، بل أدخلهم الجنة برحمته إياهم، وبما وفقهم إليه من الإيمان والعمل الصالح، وهذا رد –يقول الآجري- على من قال الإيمان المعرفة، ورد على من قال المعرفة والقول -لأنه غلاة المرجئة قالوا: المعرفة فقط، بعض المرجئة زادوا قالوا: المعرفة والقول، وكلها الآيات ترد عليهم- وهذا رد على من قال: الإيمان المعرفة، ورد على من قال: المعرفة والقول وإن لم يعمل، نعوذ بالله من قائل هذا".[ كتاب الشريعة للآجري: 1/117].

الله سمى الصلاة إيمانًا، أين في كتابه؟

في قضية تحويل القبلة، والناس اللي ماتوا قبل التحويل، وتساءل الصحابة إيش مصيرهم، ما صلوا إلا إلى بيت المقدس، إيش مصيرهم؟
قال الله تعالى: "وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ" [البقرة: 143]، والمقصود بحسب أسباب النزول صلاتكم التي صليتموها إلى القبلة الأولى قبل أمركم بالتحول.

وقال سبحانه: "إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا" [فصلت: 30].
وعن سفيان بن عبد الله الثقفي، قال: قلت يا رسول الله، قل لي في الإسلام قولًا لا أسأل عنه أحدًا غيرك. قال: "قل آمنت بالله، ثم استقم" [رواه مسلم: 38].
فجمع له بين القول باللسان مع اعتقاد القلب والعمل الذي هو الاستقامة على أمر الله، فالاعتقاد لا ينفك عن القول والعمل، ولا يستقيم الإيمان إلا بالقول، ولا يستقيم الإيمان والقول إلا بالعمل، ولا يستقيم الإيمان والقول والعمل إلا بنية موافقة للسنة، هذا كما قال الأوزاعي رحمه الله. [الإبانة الكبرى لابن بطة: 1098].

 


 

المصدر:

https://almunajjid.com/courses/lessons/251

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#المرجئة
اقرأ أيضا
كيف تقضي على حياة أولادك المستقبلية؟ | مرابط
المرأة

كيف تقضي على حياة أولادك المستقبلية؟


هذه الفتاة التي قضت قرابة عشرين عاما بعيدا عن أعمال البيت وتدبيره ومسئوليته بمجرد أن ترتبط وتتزوج هل ستتحول مرة واحدة إلى حب الاستقرار والقرار في البيت وخدمة الزوج والأولاد وتأسيس بيت صالح ورعاية زوجها وأولادها والاهتمام بنظافتها الشخصية في طورها وكل هذه الأمور؟

بقلم: محمد حشمت
107
فساد الدين | مرابط
اقتباسات وقطوف

فساد الدين


يقع فساد الدين من طريقين اثنين الأول يأتي من جهة الاعتقاد الخاطئ فهذا هو الأساس وبما أن الخلل قد أصابه فالطبع سيلزم عنه فساد في الدين والثاني هو العمل بما يخالف الحق مع العلم به وهنا مقتطف من كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في هذا الأمر

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
1900
أبو بكر الصديق والدعوة إلى الإسلام | مرابط
تاريخ

أبو بكر الصديق والدعوة إلى الإسلام


ولعل منشأ هذا الحب العميق للإسلام عند الصديق رضي الله عنه هو الإخلاص الشديد في قلبه فالعمل المخلص لا يرتبط بوجود أشخاص أو هيئات أو ظروف إنما هو مرتبط بالله جل وعلا وبالتالي فالإخلاص يدفع صاحبه إلى العمل الدءوب في كل الأوقات وبالحماسة نفسها وهذا ما دفع الصديق رضي الله عنه إلى أن يبقى على هذه الروح في حمل الرسالة حتى بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم بل وإلى موته هو شخصيا رضي الله عنه فقد ظل يحمل هم الدعوة ويتحمل مسئولية الإسلام وكأنه ليس على الأرض مسلم غيره

بقلم: د راغب السرجاني
1133
تغريدات حول الحجة والبرهان | مرابط
اقتباسات وقطوف

تغريدات حول الحجة والبرهان


بقدر وضوح طريق الحق لدى الإنسان تكون الحجة قائمة عليه أقوى وكلما كانت البينة ظاهرة للإنسان المفرط كان نزول العقاب عليه أشد وإذا كانت الحجة ضعيفة في عقله وإدراكه كان نزول العقاب أقل وإذا انعدمت الحجة والبيان لم يكن ثمة عقاب ولهذا قال تعالى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا

بقلم: عبد العزيز الطريفي
419
شبهات الحداثيين العرب حول تدوين السنة النبوية والرد عليها ج3 | مرابط
أباطيل وشبهات تعزيز اليقين

شبهات الحداثيين العرب حول تدوين السنة النبوية والرد عليها ج3


هذه دراسة نقدية تبرز أهم الشبهات التي أثارها الحداثيون العرب حول تدوين السنة النبوية وما يتعلق به ولقد حاولت ذكر أبرز الشبهات المتداولة حديثا بين أوساط الحداثيين والعقلانيين وبينت بطلان هذه الشبهات معتمدا في ذلك على جملة من الأدلة العقلية والنقلية ومستعينا بأقوال جملة من أهل العلم ممن درسوا هذه الشبهات وبينوا زيفها متتبعين في ذلك سقطاتهم ومسلطين الضوء على عثراتهم وهناتهم وموضحين الآليات القويمة في التعامل معها والله الموفق والمستعان وعلى نبيه الصلاة السلام

بقلم: شنوف عبدالهادي
1190
الإنصاف عزيز | مرابط
مقالات

الإنصاف عزيز


وكل أهل نحلة ومقالة يكسون نحلتهم ومقالتهم أحسن ما يقدرون عليه من الألفاظ ومقالة مخالفيهم أقبح ما يقدرون عليه من الألفاظ ومن رزقه الله بصيرة فهو يكشف به حقيقة ما تحت تلك الألفاظ من الحق والباطل ولا تغتر باللفظ كما قيل في هذا المعنى

بقلم: ابن القيم
51