مسائل في الحجاب

مسائل في الحجاب | مرابط

الكاتب: عبد العزيز الطريفي

113 مشاهدة

تم النشر منذ 7 أشهر

 

وقبل الشروع في ذلك نتكلم على جملة من المسائل مما اتفق عليه العلماء مما تقدمت الإشارة إليه على وجه الإجمال.

 

الاستتار والنهي عن دواعي الفتنة

أولاً: قد دل الدليل من جهة الإجمال على أهمية الاستتار والعفاف والستر، وأن الإنسان ينبغي قدر إمكانه أن يحترز من النساء، فقد قد جاءت الأدلة كثيرة في كلام الله عز وجل، وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم في التحذير من مخالطة النساء والدنو منهن، فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام في بيان عاقبة التكشف والتعري، كما جاء في صحيح الإمام مسلم من حديث إسرائيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة : ( صنفان من أهل النار لم أرهم قط، أناس معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات، رؤوسهن كأسنمة البخت لا يرحن ريح الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا ).

 

فقوله عليه الصلاة والسلام: ( كاسيات عاريات مائلات مميلات ) مائلات أي: بأنفسهن، مميلات لغيرهن بما يبدينه من زينتهن، فإنهن قد أملن الدين وأملن الأخلاق فانحرف هؤلاء بانحرافهن، وهذا يظهر من قوله عليه الصلاة والسلام: ( واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء )، ولهذا حرم النبي عليه الصلاة والسلام جملة من دواعي الفاحشة من النظر المحرم، بل بين النبي عليه الصلاة والسلام أن النظرة الأولى للإنسان، وأنه لا يجوز أن يستغفل، وبيّن عليه الصلاة والسلام نظر الفجاءة.

 

كما جاء في حديث جرير في الصحيح: ( أن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن النظرة )، بل قال غير واحد من العلماء: إن هذا محل إجماع، بل قال ابن مفلح في الفروع: إن النظر لشهوة محرم، ومن أنكره فقد كفر، ومراده بذلك أنه ظاهر في كلام الله سبحانه وتعالى، ومن أنكره فقد أنكر شيئاً بيناً من كلام الله عز وجل، فهو متواتر ومن أنكر المتواتر البين من جهة اللفظ أو المعنى فإنه كافر بالله سبحانه وتعالى خارج عن الملة.

 

ومن هذا المعنى نهى الله سبحانه وتعالى على لسان نبيه عليه الصلاة والسلام في جملة من الأخبار أن تلبس المرأة ما يشف جسدها أو يصف عضوها، وهذا محل اتفاق عند العلماء، حكى اتفاق العلماء على ذلك غير واحد، وقد جاء في ذلك جملة من الأخبار عنه عليه الصلاة والسلام، كما جاء في المسند والبيهقي من حديث أسامة بن زيد ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى له ثياباً قبطية، فلما لم يرها عليه سأله رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: أهديتها لزوجتي، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: مرها فلتضع تحتها شيئاً فإني أخشى أن تصب إضامها )، وقد حسن هذا الخبر غير واحد من الأئمة.

 

وقد جاء عند ابن سعد من حديث هشام بن عروة عن المنذر بن الزبير أنه لما قدم من العراق أهدى إلى أسماء بنت أبي بكر عليها رضوان الله تعالى ثياباً قبطية وكانت قد عميت فمستها بيدها فقالت: أف أعيدوا إليه كسوته، وراجعها في ذلك فقالت عليها رضوان الله تعالى: إنها تشف، وإذا لم تشف فإنها تصف. أي: تصف الجسد.

 

وقد جاء في ذلك عن عمر بن الخطاب عليه رضوان الله تعالى كما جاء في سنن البيهقي وغيره: أنه نهى النساء عن لبس الثياب القبطية؛ لأنها تصف الأجساد، أو تشفها، أي: أنها تبدي الجسد من ورائها، ولهذا أمر النبي عليه الصلاة والسلام بلبس الغلاظ من الثياب، حتى لا يظهر جسد المرأة، وهذا محل إجماع عند العلماء، ولا خلاف عندهم في ذلك.

 

لون الملابس

ومن المسائل المتعلقة بهذا الباب ما تلبسه المرأة وتستتر به، وهل له لون معين أم لا؟ الوارد في ذلك عن الصحابيات عليهن رضوان الله تعالى أنهن كن يلبسن السواد، وقد جاء هذا عن عائشة عليها رضوان الله تعالى، كما روى مسدد في مسنده من حديث إسماعيل بن أبي جعفر عن أمه وأخته أنهما دخلتا على عائشة عليها رضوان الله تعالى، وعليها خمار أسود، فسألنها عن تخمر المرأة وهي محرمة، فأخذت بخمارها من على صدرها ووضعته على وجهها.

 

وقد جاء هذا في حديث أم سلمة لما أنزل الله عز وجل قوله سبحانه وتعالى:  وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ [النور:31]، قالت: خرجن النساء وكأنهن الغربان عليهن أكسية سود، وجاء هذا عند عبد الرزاق في مصنفه وغيره، وجاء وهذا ما يفهم من خبر أنس بن مالك عليه رضوان الله تعالى كما في الصحيح، وإن لبست المرأة غير ذلك فلا حرج فيه، إذا كان عليه الوصف تاماً والابتداء بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو لا.

 

حكم كشف شعر المرأة

وأما ما تستره المرأة، وقد اتفق العلماء على أنها يجب عليها أن تستر جميع جسدها على خلاف في بعض الأجزاء مما يأتي الكلام عليه، فاتفق العلماء على أن المرأة يحرم عليها أن تظهر شعرها، حكى إجماع العلماء على ذلك غير واحد منهم ابن المنذر ، وابن حزم الأندلسي في كتابه الإجماع، وغيره من الأئمة أنه لا يجوز للمرأة أن تظهر شعرها على الإطلاق، وهذا المقرر في سائر المذاهب الفقهية: المالكية والحنفية والشافعية والحنابلة، وكذلك مذهب الظاهرية، بل قد نص الفقهاء من أرباب المذاهب البدعية من جهة الاعتقاد كالرافضة والإباضية وغيرها على أنه يحرم على المرأة أن تظهر شيئاً من شعرها، فيكون حينئذٍ هذا من النصوص القطعية المتواترة.

 

حكم النقاب

وأما النقاب وستر المرأة لوجهها من جهة الأصل وتقرير هذه المسألة، فينبغي أن يعلم أن النقاب كما أنه موجود في الجاهلية، فهو كذلك موجود في صدر الإسلام على هيئته بإظهار المرأة لعينيها، ومن نفى ذلك فإنه دليل على الجهل الظاهر البين، كما تقدمت الإشارة إليه ببيان أشعار الجاهليين، وكما جاء عن عائشة عليها رضوان الله تعالى، كما ذكر ابن سعد في الطبقات من حديث أم سلمة أنها دخلت على أمهات المؤمنين، وهن منتقبات، وسمت منهن عائشة عليها رضوان الله تعالى، و زينب و جويرية ، وغيرهن عليهن رضوان الله تعالى، وكذلك ما يذكره الفقهاء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحكام النقاب في جملة من المواضع في عورة المرأة عند الرجال، وسترها، وكذلك في مسائل المناسك.

 

وتنقب المرأة في الإحرام، وقد عقد غير واحد من العلماء فصولاً في لبس المرأة نقابها في حال طوافها، كما ترجم لذلك الفاكهي في كتابه أخبار مكة فقال: باب ذكر طواف المرأة متنقبة، وأورد في ذلك عشرة من الأخبار، عن عبد الله بن عباس و عائشة و عطاء بن أبي رباح و مجاهد بن جبر و جابر بن زيد وغيرهم من السلف أنهم يرون طواف المرأة وهي متنقبة، وإن كانت محرمة إذا كانت لا تجد ما تغطي بها وجهها، وقد جاء ذلك عن غير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مما ستأتي الإشارة إليه.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#قضية-الحجاب #الحجاب
اقرأ أيضا
الطفل الإسلامي والطفل الغربي الجزء الثاني | مرابط
تفريغات

الطفل الإسلامي والطفل الغربي الجزء الثاني


إن تربية الأولاد أمانة ومسئولية لا بد من القيام بها فانظروا كم ضيع الأمانة اليوم من المسلمين كم من أولياء أمور ضيعوا الأمانات ضيعوا الأولاد ضيعوا فلذات أكبادهم أهملوا تركوهم في الشوارع يتعلمون الألفاظ القبيحة والعادات السيئة كالتدخين وغيره ويتدرجون شيئا فشيئا إلى أن يتعاطوا المخدرات ويقعوا في الفاحشة واللواط وهكذا تكون النتائج متوقعة ولا شك أنها نتيجة لهذا التضييع

بقلم: محمد المنجد
367
رحمة الله ليست في يد أحد من خلقه | مرابط
أباطيل وشبهات تعزيز اليقين فكر مقالات

رحمة الله ليست في يد أحد من خلقه


هذه المقولة من المقولات الرائجة على ألسنة الناس وهي في الأصل لا إشكال فيها فرحمة الله تعالى ليست في يد أحد من خلقه وليس لأحد أن يتألى على الله تعالى فيها بل هو مقام خطر جدا صح فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: أن رجلا قال: والله لا يغفر الله لفلان وإن الله تعالى قال: من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان فإني قد غفرت لفلان وأحبطت عملك فهي إذن مقولة صحيحة لا غبار عليها إنما الإشكال في بعض السياقات المعينة التي يستعان فيها بهذه المقولة وتتكرر بتكرارها وكم من سياق جعل كلمة حق توهم باطلا ورضي ا...

بقلم: عبد الله بن صالح العجيري وفهد بن صالح العجلان
1159
الأمركة والكوكلة والعلمنة | مرابط
فكر

الأمركة والكوكلة والعلمنة


الأمركة فى تصوري هى محاولة صبغ أي مجتمع أو فرد بالصبغة الأمريكية وإشاعة نمط الحياة الأمريكية ويوجد مصطلح طريف قريب منه للغاية هو مصطلح الكوكلة أو الكوكاكوليزيشن cocacolization والكوكاكولا هى رمز نمط الحياة الأمريكية وانتشارها وتدويلها وقال أحدهم أن الأمر ليس كوكلة وحسب وإنما هى كوكاكولونيالية بدلا من كولونيالية أي أن الكوكلة هى الاستعمار فى عصر الاستهلاكية العالمية وهى استعمار لا يلجأ للقسر وإنما للإغواء كما كتب أحد علماء الاجتماع كتابا بعنوان the macdonaldization of the world أي مكدلة العا

بقلم: عبد الوهاب المسيري
1506
بين أهل الحديث وأهل الكلام | مرابط
مقالات

بين أهل الحديث وأهل الكلام


وإذا قابلنا بين الطائفتين -أهل الحديث وأهل الكلام- فالذي يعيب بعض أهل الحديث وأهل الجماعة بحشو القول إنما يعيبهم بقلة المعرفة أو بقلة الفهم.. وفي هذا المقال الموجز توضيح لما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية من نقد ما وقع فيه بعض أهل الحديث من الشذوذات المخالفة لمنهجهم

بقلم: عبد الله القرني
173
من أسباب ضياع الوقت | مرابط
تفريغات اقتباسات وقطوف

من أسباب ضياع الوقت


الوقت المستغل هو الوقت الذي نقضيه في الوفاء بالتزاماتنا الوظيفية والإنتاجية وكذلك الوقت الذي نقضيه فيما يعد مهما للبقاء على قيد الحياة مثل: النوم والأكل والرياضة والعناية بالصحة أما وقت الفراغ فهو الوقت الذي يمضي دون أن نقوم بأي عمل مفيد أو مهم إنه وقت يمضي دون أن نعرف ماذا نصنع به هناك نوع من أوقات الفراغ يضيع أثناء تأديتنا لأعمالنا وذلك حين لا نؤدي أعمالنا بطريقة صحيحة وجادة كما هو شأن كثير من الموظفين

بقلم: د عبد الكريم بكار
384
خطورة اللسان | مرابط
تفريغات اقتباسات وقطوف

خطورة اللسان


وبعض الناس وهم يضحكون في مجالسهم يريدون النكات لكي يضحكون وقد تمس رسول الله أو الصلاة وقد تمس الإمام الذي يقرأ القرآن وتضحك الناس من أمر من أمور الدين هذا خطر كبير يقع فيه كثير من المسلمين الذين يرجون خيرا ويرجون الله سبحانه وتعالى ولا يلقون للكلمة بالا

بقلم: عمر الأشقر
243