مناظرة شيخ الإسلام ابن تيمية للأحمدية ج4

مناظرة شيخ الإسلام ابن تيمية للأحمدية ج4 | مرابط

الكاتب: شيخ الإسلام ابن تيمية

478 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

وذكرت ذم المبتدعة فقلت: روى مسلم في صحيحه عن جعفر بن محمد الصادق عن أبيه أبي جعفر الباقر عن جابر بن عبدالله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في خطبته: ((إن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة)) وفي السنن عن العرباض بن سارية، قال: ((خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال قائل يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا؟ فقال: أوصيكم بالسمع والطاعة فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة)) وفي رواية ((وكل ضلالة في النار))

 

فقال لي: البدعة مثل الزنا، وروى حديثًا في ذم الزنا، فقلت هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والزنا معصية، والبدعة شر من المعصية، كما قال سفيان الثوري: البدعة أحب إلى إبليس من المعصية؛ فإن المعصية يتاب منها والبدعة لا يتاب منها. وكان قد قال بعضهم: نحن نتوب الناس، فقلت: مماذا تتوبونهم؟ قال: من قطع الطريق، والسرقة، ونحو ذلك. فقلت: حالهم قبل تتويبكم خير من حالهم بعد تتويبكم؛ فإنهم كانوا فساقًا يعتقدون تحريم ما هم عليه، ويرجون رحمة الله، ويتوبون إليه، أو ينوون التوبة. فجعلتموهم بتتويبكم ضالين مشركين خارجين عن شريعة الإسلام، يحبون ما يبغضه الله ويبغضون ما يحبه الله، وبينت أن هذه البدع التي هم وغيرهم عليها شر من المعاصي.

 

قلت مخاطبًا للأمير والحاضرين: أما المعاصي فمثل ما روى البخاري في (صحيحه) عن عمر بن الخطاب ((أن رجلًا يدعى حمارًا، وكان يشرب الخمر، وكان يُضحك النبي صلى الله عليه وسلم، وكان كلما أتي به النبي صلى الله عليه وسلم جلده الحد فلعنه رجل مرة. وقال: لعنه الله ما أكثر ما يؤتى به إلى النبي صلى الله عليه وسلم؟! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله)) قلت: فهذا الرجل كثير الشرب للخمر ومع هذا فلما كان صحيح الاعتقاد يحب الله ورسوله شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فنهى عن لعنه.

 

وأما المبتدع فمثل ما أخرجا في (الصحيحين) عن علي بن أبي طالب وعن أبي سعيد الخدري وغيرهما -دخل حديث بعضهم في بعض- ((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقسم، فجاءه رجل ناتئ الجبين كث اللحية، محلوق الرأس، بين عينيه أثر السجود، وقال ما قال. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يخرج من ضئضئ هذا قوم يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، وقراءته مع قراءتهم، يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية؛ لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد - وفي رواية - لو يعلم الذين يقاتلونهم ماذا لهم على لسان محمد لنكلوا عن العمل - وفي رواية - شر قتلى تحت أديم السماء خير قتلى من قتلوا))

 

(قلت): فهؤلاء مع كثرة صلاتهم وقيامهم وقراءتهم وما هم عليه من العبادة والزهادة أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتلهم، وقتلهم علي بن أبي طالب ومن معه من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وذلك لخروجهم عن سنة النبي وشريعته، وأظن أني ذكرت قول الشافعي: لئن يبتلى العبد بكل ذنب ما خلى الشرك بالله خير من أن يبتلى بشيء من هذه الأهواء. فلما ظهر قبح البدع في الإسلام، وأنها أظلم من الزنا والسرقة وشرب الخمر وأنهم مبتدعون بدعًا منكرة فيكون حالهم أسوء من حال الزاني والسارق وشارب الخمر أخذ شيخهم عبدالله يقول: يا مولانا لا تتعرض لهذا الجانب العزيز -يعني أتباع أحمد بن الرفاعي- فقلت منكرًا بكلام غليظ: ويحك؛ أي شيء هو الجانب العزيز، وجناب من خالفه أولى بالعز يا ذو الزرجنة (كذا بالأصل) تريدون أن تبطلوا دين الله ورسوله، فقال: يا مولانا يحرقك الفقراء بقلوبهم، وقلت: مثل ما أحرقني الرافضة لما قصدت الصعود إليهم وصار جميع الناس يخوفوني منهم ومن شرهم، ويقول أصحابهم إن لهم سرًا مع الله فنصر الله وأعان عليهم. وكان الأمراء قد عرفوه بركة ما يسره الله في أمر غزو الرافضة في الجبل.

 

وقلت لهم: يا شبه الرافضة يا بيت الكذب، فإن فيهم من الغلو والشرك والمروق عن الشريعة ما شاركوا به الرافضة في بعض صفاتهم. وفيهم من الكذب ما قد يقاربون به الرافضة في ذلك، أو يساوونهم. أو يزيدون عليهم، فإنهم من أكذب الطوائف حتى قيل فيهم: لا تقولوا أكذب من اليهود على الله، ولكن قولوا أكذب من الأحمدية على شيخهم، وقلت لهم: أنا كافر بكم وبأحوالكم "فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ" [هود: 55]

 

ولما رددت عليهم الأحاديث المكذوبة أخذوا يطلبون مني كتبًا صحيحة ليهتدوا بها فبذلت لهم ذلك، وأعيد الكلام: من خرج عن الكتاب والسنة ضربت عنقه، وأعاد الأمير هذا الكلام واستقر الكلام على ذلك. والحمد لله الذي صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده.

 


المصدر:

مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية - 11/445

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#ابن-تيمية #الأحمدية
اقرأ أيضا
في الفرق بين تأويل التحريف وتأويل التفسير | مرابط
اقتباسات وقطوف

في الفرق بين تأويل التحريف وتأويل التفسير


والمقصود أن التأويل يتجاذبه أصلان التفسير والتحريف فتأويل التفسير هو الحق وتأويل التحريف هو الباطل فتأويل التحريف من جنس الإلحاد فإنه هو الميل بالنصوص عن ما هي عليه إما بالطعن فيها أو بإخراجها عن حقائقها مع الإقرار بلفظها وكذلك الإلحاد في أسماء الله تارة يكون بجحد معانيها حقائقها وتارة يكون بإنكار المسمى بها وتارة يكون بالتشريك بينه وبين غيره فيها فالتأويل الباطل هو إلحاد وتحريف وإن سماه أصحابه تحقيقا وعرفانا وتأويلا

بقلم: ابن القيم
692
من محاسن الفتوى | مرابط
اقتباسات وقطوف

من محاسن الفتوى


عندما جاء رجل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يسأله: إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء فإن توضأنا به عطشنا أفنتوضأ به فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: هو الطهور ماؤه الحل ميتته فأجابه صلى الله عليه وسلم على سؤاله بقوله الطهور ماؤه ولكنه وزاد بأن قال الحل ميتته فما دلالة ذلك

بقلم: محمد بن إسماعيل الصنعاني
1749
العضلة الأهم | مرابط
اقتباسات وقطوف

العضلة الأهم


كلنا يريد الانطلاق نحو الله في رمضان.. والقوة المحركة لهذا الانطلاق هي القلب.. وكلما كان حمله من المعاصي أقل.. كانت انطلاقته أكبر وأعظم.. ومن أكبر أثقال القلب التي تبطئ حركته:الغل والأحقاد نحو الآخرين في قلبك..

بقلم: د. أيمن خليل البلوي
424
أفضل الصدقة | مرابط
اقتباسات وقطوف

أفضل الصدقة


مقتطف سريع من كتاب فتح الباري شرح صحيح البخاري للعلامة ابن حجر العسقلاني يفسر فيه معنى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما الصدقة ما كان عن ظهر غنى فيذكر لنا الأقوال التي وردتنا عن سلفنا وعن الصحابة والتابعين في هذا الحديث

بقلم: ابن حجر العسقلاني
1954
خلط الإسلام بالديمقراطية إساءة كبيرة للإسلام ج2 | مرابط
فكر الديمقراطية

خلط الإسلام بالديمقراطية إساءة كبيرة للإسلام ج2


إن الديمقراطية رسخت حكم الأقلية - تحت اسم خيار الشعب - فخالف التطبيق على الأرض التنظير المقرر في الكتب وذلك أن قلة من محترفي السياسة هي التي تضطلع بالمهمة في واقع الأمر والشعب - الذي ادعوا أنه يحكم - بعيدا عن سدة الحكم وإنما مهمته التوجه لصناديق الاقتراع مرة كل عدد من السنين ليضفي ما يسمونه الشرعية على حكم هذه الأقلية

بقلم: د عبدالله بن عبدالعزيز العنقري
7043
العقل والغيبيات | مرابط
فكر

العقل والغيبيات


أرسل إلي أحد الأصدقاء هذا السؤال: جملة العقل لا يدخل في الغيبيات هل هي هكذا صحيحة على إطلاقها؟ وما التفصيل؟ إليكم الرد

بقلم: د. سلطان العميري
247