آية تقوض مسلك التأويل والتفويض في الصفات

آية تقوض مسلك التأويل والتفويض في الصفات | مرابط

الكاتب: حمود بن ثامر

471 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام وعلى خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين..
أما بعد:

فإذا تأمل السني كتاب الله عز وجل وسنة نبيه ﷺ لوجد فيهما الرد على جميع شبه أهل الباطل فسبحان من قال ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾

ومن ذلك آية في كتاب الله تنسف مسلكي الأشعرية في الصفات؛ فمن المعلوم أن الأشاعرة في الصفات على مسلكين:

قال ابن حجر في فتحه عند شرح قول النبي ﷺ: "أعوذ بوجهك":
"وقال الكرماني قيل المراد بالوجه في الآية والحديث الذات أو الوجود أو لفظه زائد أو الوجه الذي لا كالوجوه لاستحالة حمله على العضو المعروف فتعين التأويل أو التفويض" [13/389]

وقال النووي في شرحه لأحد الأحاديث: "هذا الحديث من أحاديث الصفات، وفيها مذهبان:
أحدهما: الإيمان به من غير خوض في معناه مع اعتقاد أن الله تعالى ليس كمثله شيء،وتنزيهه عن سمات المخلوقات
والثاني: تأويله بما يليق" [5/24]

قال اللقاني في جوهرة الشرك المسماة زورا وبهتانا بجوهرة التوحيد وهي منظومة في عقيدة الأشعرية المتأخرين:
وكل نص أوهم التشبيها ** أوله أو فوض ورم تنزيها

فهذه طريقة الأشعرية في كل ما تظنه عقولهم الخربة أنه يوهم التشبيه ! إما تأويل وهو في الحقيقة تحريف وتلاعب أو تفويض وهو في حقيقته تجهيل للأنبياء والصحابة بحيث لم يكونوا يعلموا معاني هذه الألفاظ، ويزعمون أن التفويض طريقة السلف ! وكذبوا في هذا..

قال الإمام الترمذي: " وقد قال غير واحد من أهل العلم في هذا الحديث وما يشبه هذا من الروايات من الصفات، ونزول الرب تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا. قالوا: قد ثبتت الروايات في هذا، ويؤمن بها، ولا يتوهم، ولا يقال كيف؟ هكذا روي عن مالك بن أنس, وسفيان بن عيينة, وعبد الله بن المبارك أنهم قالوا في هذه الأحاديث: أمروها بلا كيف، وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة"[حديث رقم662].

بل السلف على إثبات الصفات لله سبحانه وتعالى بما وصف به نفسه أو وصفه رسوله ﷺ أو وصفه به الصحابة ومن تبعهم بإحسان.. والآيات التي تنسف طريقة الأشعرية كثيرة ومنها قوله تعالى في سورة ص: ﴿قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ ﴾

فهذه الآية العظيمة تنسف مسلكي الأشاعرة من أساسها:

فأما التفويض:

فإن المفوضة يزعمون أن قوله"بيدي" لا معنى لها معلوم، وأن معناها لا يعلمه أحدٌ غير الله سبحانه وتعالى؛قال ابن تيمية في بيان طريقة المفوضة:

"يَقُولُونَ: إنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَعْرِفْ مَعَانِيَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إلَيْهِ مِنْ آيَاتِ الصِّفَاتِ وَلَا جِبْرِيلُ يَعْرِفُ مَعَانِيَ الْآيَاتِ وَلَا السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ عَرَفُوا ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ فِي أَحَادِيثِ الصِّفَاتِ: إنَّ مَعْنَاهَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ" [مجموع الفتاوى5/34]

فإن كان الصواب في هذه الآية طريقة أهل التفويض وأن قوله "بيدي" لا يعلم معناها إلا الله، فإن لإبليس الحجة على الله لأن الله قد خاطبه بميزة لآدم لا يعلم معناها ولا يعرفها.

وأما التأويل:

فأهل التأويل يقولون عن هذه الآية"بيدي" أي بنعمتي أو بقدرتيّ ؛ قال ابن تيمية رحمه الله: "إن معنى اليد لو كان النعمة والقوة لوجد إبليس متعلقًا من هذه الجهة لما امتنع من السجود لآدم عليه السلام فيقول وما في خلقك إياه بنعمتيك أو قوتيك مما يوجب علي أن أسجد له لقد خلقتني بنعمتيك وقوتيك وأنا مساوٍ له في خلقك إيانا جميعًا بيديك اللتين هما النعمة والقوة لأنه لا يخفى على أحد من ذوي العقول أن الله سبحانه خلق الأشياء بقوته وقدرته" [بيان تلبيس الجهمية6/ 232]

وبذا يتم المراد
﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ﴾

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#التأويل #الأشاعرة #التفويض #الصفات
اقرأ أيضا
الغضب لله والغيرة على حرماته | مرابط
اقتباسات وقطوف

الغضب لله والغيرة على حرماته


وإن الغضب لله والغيرة على حرماته من أهم نتائج الإيمان وعلاماته وكما أن محبة الله مقترنة بمعرفته ملازمة لها فإن الغيرة لا تنفك عن المحبة وإن المحب يغار وغيرته تلك علامة حبه وبذلك نفهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن مشاعر المؤمن تجاه حرمات الله: إن المؤمن يغار والله أشد غيرة

بقلم: محمد علي يوسف
404
محاضن الفطرة.. غرائز الآباء | مرابط
اقتباسات وقطوف

محاضن الفطرة.. غرائز الآباء


أهم ما يقوي الفطرة السوية عند الأبناء غرائز وميول الآباء.. انتقاء الألفاظ والحياء والرحمة والصفاء النفسي وغيره مما ركب في نفس الأم السوية.. الشجاعة والكرم والمروءة والعدل ونحوه مما ركب في نفس الأب السوي.. محاضن الفطرة غرائز الآباء!

بقلم: محمد وفيق زين العابدين
358
هل عبد سيدنا إبراهيم عليه السلام النجوم والشمس والقمر | مرابط
أباطيل وشبهات تعزيز اليقين مقالات

هل عبد سيدنا إبراهيم عليه السلام النجوم والشمس والقمر


تقول الشبهة بأن الله لا يغفر أن يشرك به كما جاء في القرآن الكريم ولكن في نفس الوقت غفر الله لسيدنا إبراهيم عليه السلام عبادته للنجوم فهل فعلا عبد سيدنا إبراهيم النجوم والشمس والقمر كما يزعم صاحب الشبهة وهل وقع هنا أي حالة من حالات الشرك هذا ما يناقشه المقال ويوضح مكامن الخلل في هذه الشبهة السخيفة

بقلم: محمد عمارة
2108
دلالة الانفراد بالكمال على توحيد العبادة | مرابط
تعزيز اليقين مقالات

دلالة الانفراد بالكمال على توحيد العبادة


الاتصاف بالكمال المطلق إنما يدل في هذا الباب على استحقاق صاحبه للعبادة أما دلالته على توحيد العبادة واستحقاق الله عز وجل أن يفرد بها فمن حيث إن من لم يبلغ هذا الكمال ولم يتصف به لزمه الاتصاف بضده مما ينافي التعبد فطرة وعقلا وعلى هذا فكل ما جاء في الكتاب والسنة من صفات الجلال والكمال الثابتة للرب -تبارك وتعالى- فإنها أدلة على استحقاقه لأن يفرد بالعبادة إذ لم يشاركه أحد في شيء من ذلك الكمال الإلهي

بقلم: سعود بن عبد العزيز العريفي
2069
الإسلام الصحيح لا يخالف العقل أم العقل الصحيح لا يخالف الإسلام | مرابط
أباطيل وشبهات تعزيز اليقين فكر

الإسلام الصحيح لا يخالف العقل أم العقل الصحيح لا يخالف الإسلام


إن إشكالية العقل والنقل قديمة جدا وتكلم فيها العلماء وقتلوها بحثا وعلى رأسهم شيخ الإسلام ابن تيمية ولكن في وقتنا المعاصر بدأ البعض بالتلاعب في هذه المنطقة فيقول لك: إن الإسلام الصحيح لا يخالف العقل والعبارة تشعر للوهلة الأولى أنها صحيحة ولا مشكلة فيها ولكن الحقيقة أنها تحوي سما داخلها ستعرفه في هذا المقال

بقلم: د فهد بن صالح العجلان
2402
التعرف على الله من خلال آية الكرسي | مرابط
تعزيز اليقين

التعرف على الله من خلال آية الكرسي


تعد آية الكرسي أفضل آية في كتاب الله إذ كل ما فيها متعلق بالذات الإلهية العلية وناطق بربوبيته تعالى وألوهيته وأسمائه وصفاته الدالة على كمال ذاته وعلمه وقدرته وعظيم سلطانه وهذه الآية تملأ القلب مهابة من الله وعظمته وجلاله وكماله فهي تدل على أن الله تعالى منفرد بالألوهية والسلطان والقدرة قائم على تدبير الكائنات في كل لحظة لا يغفل عن شيء في السماوات والأرض

بقلم: علي محمد الصلابي
2131