الديمقراطية في ميزان الإسلام

الديمقراطية في ميزان الإسلام | مرابط

الكاتب: مجموعة كتاب

903 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

الديمقراطية هي في الأصل كلمة لاتينية مكونة من شقين وهما Demos وتعني الحكم أو السلطة، و Kratos وتعني الشعب، وبذلك فإن الديمقراطية هي حكم أو سلطة الشعب، ويقصد بها حكم الشعب بواسطة الشعب أو من خلال اختيار الشعب لمن ينوب عنه في الحكم، ويمكن القول بأن تداول كلمة الديمقراطية في أوروبا ازداد منذ القرن السابع عشر وخاصة في القرن الثامن عشر وذلك من خلال ازدهار الليبرالية السياسية، أما بالنسبة للعرب فلم تدخل كلمة الديمقراطية اللغة العربية إلا من خلال الغرب في أواخر القرن التاسع عشر.

 

عناصر الديمقراطية:

فقد أجمع العديد من المفكرين الغربيين على ضرورة وجود عناصر أساسية لاعتبار النظام القائم ديمقراطيًا، ومن بين هؤلاء المفكرين (روبرت دال)، ويمكن دمج هذه العناصر مع بعضها البعض في عناصر خمسة أساسية وهي:

١ - توافر الحريات الأساسية مثل حرية التعبير عن الرأي، حرية الصحافة، حرية إنشاء جمعيات سياسية، وكذلك الحرية الدينية.

٢ - وجود انتخابات حرة ونزيهة تعقد بشكل دوري كل سنتين أو مرة كل أربع سنوات.

٣ - التعددية السياسية بمعنى وجود حزبين سياسيين أو أكثر تتنافس للوصول إلى السلطة.

٤ - فصل السلطات، وهو فصل السلطة التشريعية عن السلطة التنفيذية، وكذلك فصلهما عن السلطة القضائية مع تحديد وظيفة كل من هذه السلطات.

٥ - مبدأ سيادة القانون، وهو أن الجميع متساوون أمام القانون حتى ولو كان رئيسًا للدولة أو أعلى منصب سياسي في الدولة، فمن يخالف القانون يجب أن يحاكم ويعاقب.

 

الوجه القبيح للديمقراطية

هذا عن الوجه الحسن للديمقراطية، أما الوجه الآخر القبيح الذي لا يفصح عنه الكثير فهو ما يلي:

إن أهم عناصر الديمقراطية عنصران:

الأول: سيادة الشعب.

الثاني: الحقوق والحريات مكفولة.

فمعنى السيادة للشعب: أي هو سيد السلطات الثلاثة التشريعية والقضائية والتنفيذية، فالسلطة التشريعية فيها يشرع الشعب ما يريد ولو خالف حكم الله، والسلطة القضائية فيها يقضي الشعب بما شرعه، والسلطة التنفيذية فيها ينفذ الشعب ما قضى به.

إذن أين الله ورسوله من هذه الأحكام؟!! غير موجودين، مع أن الله تعالى قال: (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ)، فالسلطة التشريعية من الله تعالى من كتابه وسنة نبيه – صلى الله عليه وسلم -، والسلطة القضائية والتنفيذية من الشعب على مراد الله تعالى.

أما معنى الحقوق والحريات مكفولة: فكل واحد حر، ففي النظام الديمقراطي حرية الردة مكفولة، يتنقل بين الأديان كيف شاء ويسب ويلعن القرآن والسنة كيف شاء تحت مظلة القانون الديمقراطي، وفي النظام الديمقراطي تحمل المرأة من سفاح فحريتها مكفولة، وفي النظام الديمقراطي لا دين ولا رجولة ولا أنوثة لا مسلم لا كافر لا بوذي لا شيء يمس الدين، كلهم سواسية.

إن الديمقراطية هي حكم الشعب للشعب، إن الديمقراطية تعني أن نحتكم إلى الشعب ولا نحتكم إلى شريعة ربنا، إن الديمقراطية تعني أن نحكم المجالس التشريعية حتى ولو خالفت شريعة ربنا، إن الديمقراطية تعني أن نطبق ما وافق عليه غالبية أعضاء المجلس ولو كان مخالفًا لشريعة ربنا.

وهذه أيها الأفاضل مخالفة صريحة لما أمرنا به الله عز وجل من الاحتكام إلى شريعته ونبذ قوانين البشر؛ حيث يقول: (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) (يوسف: ٤٠)، وقال تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) (الأحزاب: ٣٦)، إن الديمقراطية من وضع وتأصيل أعداء الإسلام، واجهوا بها علماء ضلال ووثنية، وكهنة شر وفساد، أما نحن المسلمين فلسنا بحاجة إلى الديمقراطية، وإنما أبدلنا الله بها شريعته الإسلامية، فإذا كانوا يتحاكمون إلى قوانين البشر، فنحن نتحاكم إلى قوانين رب البشر: (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (المائدة: ٥٠).

 

الشورى ليست الديمقراطية:

وأما ما يتعلق بالشورى – كما يُلَبِّسُ البعض أي أنهم يلبسون على الناس ويقولون إن الديمقراطية مثل الشورى في الإسلام – فالشورى في الإسلام في الأمور التي لا نص فيها قطعيًّا، وفي تنفيذ الشرع، فإذا نزلت بنا نازلة، كيف نقيم حكم الله في هذه النازلة؟ أي نص ينطبق على هذه النازلة؟ هنا تكون الشورى، إما بالنص إذا كان النص آية أو حديثًا، وإما بالاستنباط، (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) (النساء: ٨٣)، فنستنبط ونجتمع ونأخذ الرأي من أهله، هذا كانت مشكلة أو نازلة حربية مثلًا، يجمع العسكريون مع العلماء مع من يكون فيهم الثقة، ويقال لهم: ما رأيكم في هذا؟ كيف نواجههم؟ كيف نقاومهم؟

أما الآيات والأحاديث نحن ما اجتمعنا إلا لنعمل بها ولنقيمها، ولا نقاش في ذلك، لكن أهل الديمقراطية يجتمعون يقولون: نحرم الخمر أو لا نحرم؟، بل وصل الأمر والعياذ بالله إلى أن بعض مجالسهم الديمقراطية أباحت اللواط زواجًا أي يعقد الرجل على الرجل والعياذ بالله، هذه هي الديمقراطية نسأل الله العفو والعافية.

إذن فالشورى في الإسلام نقاش: في كيف نطبق شرع الله على مراد الله؟، وما هي الأدلة التي توافق المسائل؟، أما الديمقراطية: النقاش في كيف نشرع الشرائع؟ ولو خالفت حكم الله.

 


 

المصدر:

مجموعة مؤلفين، العلمانية والليبرالية والديمقراطية والدولة المدنية في ميزان الإسلام، ص21

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الديمقراطية
اقرأ أيضا
لماذا نصوم الجزء الثاني | مرابط
تفريغات

لماذا نصوم الجزء الثاني


لقد عرفنا الكثير من موجبات صيامنا ومقتضياتها وأول موجب للصيام: أن صيام رمضان قاعدة من قواعد الإسلام الخمس فمن قال: لا أصوم جاحدا منكرا لما شرع الله فقد أسقط بناء الإسلام ولم يبق له حظ فيه كمانع الزكاة الجاحد لفرضيتها وكتارك الصلاة الجاحد لفرضيتها فالكل يكفر والعياذ بالله إذا نصوم لتلك الفضائل التي اشتمل عليها الصيام والميزات العظيمة التي ينالها المؤمنون في الدنيا والآخرة

بقلم: أبو بكر الجزائري
695
الرسول والرسالة | مرابط
تعزيز اليقين فكر مقالات

الرسول والرسالة


حوار ماتع يدور بين متشكك ومتيقن الأول هو أبو الحكم والثاني هو الكاتب حسام الدين حامد وفي هذا المقال المقتطف من كتابه المفيد لا أعلم هويتي يدور الحديث حول إثبات نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم بطريق ميسورة وبسيطة حيث يخاطب الكاتب العقل مباشرة مع عرض الأدلة بشكل مباشر

بقلم: د حسام الدين حامد
2066
إشكال الاختلاط في الطواف | مرابط
أباطيل وشبهات

إشكال الاختلاط في الطواف


نسمع بين الفينة والأخرى سؤالا يتكرر حول إشكالية الاختلاط أثناء الطواف فيقول صاحب الشبهة: نعلم أن الاختلاط محرم في الإسلام ولكن كيف يباح ذلك أثناء الطواف؟ كيف يختلط الرجال بالنساء دون فاصل؟ وبين يديكم رد مفصل على هذه الشبهة للشيخ قاسم اكحيلات.

بقلم: قاسم اكحيلات
531
فاحكم بينهم أو أعرض عنهم | مرابط
فكر مقالات أباطيل وشبهات

فاحكم بينهم أو أعرض عنهم


يناقش هذا المقال قول من استدل بالآية فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم على أن من رفض أن يحكم بالشريعة فلا يلزم بها فلا بد أن يختارها ويؤمن بها وحين لا يكون مؤمنا بها لا يكون ملزما كما خير الله في هذا الآية نبيه صلى الله عليه وسلم في أن يحكم بينهم أو يعرض عليهم ولو كان الحكم ملزما لما حصل اختيار

بقلم: فهد بن صالح العجلان
2392
قل ولا تقل: قاعدة الاستبدال | مرابط
لسانيات

قل ولا تقل: قاعدة الاستبدال


على الرغم من شيوع هذه القاعدة ومعرفة معظم المشتغلين والناطقين بالعربية بها فإن الخطأ فيها شائع جدا على مستوى الممارسة. والقاعدة هنا تقول إن باء الجر تدخل على المتروك لا على المأخوذ عند استخدام فعل التبديل بدل أو أي فعل من نفس مادته استبدل تبدل أبدل.. أو أي من مشتقات هذه الأفعال.

بقلم: محمود عبد الرازق جمعة
653
آية تقوض مسلك التأويل والتفويض في الصفات | مرابط
مناقشات

آية تقوض مسلك التأويل والتفويض في الصفات


إذا تأمل السني كتاب الله عز وجل وسنة نبيه ﷺ لوجد فيهما الرد على جميع شبه أهل الباطل والسلف على إثبات الصفات لله سبحانه وتعالى بما وصف به نفسه أو وصفه رسوله ﷺ أو وصفه به الصحابة ومن تبعهم بإحسان.. والآيات التي تنسف طريقة الأشعرية كثيرة ومنها آية في سورة ص يناقشها هذا المقال.

بقلم: حمود بن ثامر
471