توجيه النشء بين الأمس واليوم

توجيه النشء بين الأمس واليوم | مرابط

الكاتب: سعد البريك

269 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

أود أن أوجز ما تبقى من هذه الكلمات بمسمعٍ منكم أيها الأفاضل لأؤكد وأكرر أن الإسلام وهذه الشريعة المحمدية والهدي النبوي جاء مؤكدًا على ضرورة التوجيه منذ نعومة الأظفار، ومنذ بداية السن، وليس بعد زمنٍ متأخرٍ كما يفعله كثيرٌ من الناس.

إن النبي صلى الله عليه وسلم رأى عمرو بن سلمة، كان غلامًا صغيرًا تطيش يده في الصحفة، فأرشده النبي صلى الله عليه وسلم ووجهه، قال: (يا غلام! سمِّ الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك) ثلاثة توجيهات، (يا غلام! سمِّ الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك) .

توجيه الناشئة

من المؤسف أن تجد كثيرًا من الآباء والأمهات اليوم لا يعتنون بتوجيه الناشئة بآداب الإسلام، لا في الطعام، ولا في الشراب، ولا في الدخول، ولا في الخروج، ولا في دخول الخلاء، ولا عند المبيت، ولا عند الاستيقاظ، لقد تعلمنا كما قلت من عجائز جدات وأمهاتٍ ما عرفوا الدراسة ولا يعرفون الألف من الباء.

إذا أصبحنا بمجرد أن تشير الأم إشارة، يقول: لا إله إلا الله، محمدٌ رسول الله، أول ما يصبِّح بذكر الله عز وجل.
وإذا أراد أن يأكل: مَسَكََت يده، ماذا نسيتَ؟ فيقول: نسيتُ باسم الله، ثم تطلق يده.
وإذا أراد أن يقوم: مَسَكَت ثوبه، ماذا نسيتَ؟ قال: نسيتُ الحمد لله، يحمد الله بعد ذلك.
إذا أراد أن يدخل: ماذا تقول؟ اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث.

هؤلاء الذين رضعوا الدين رضاعة، وعاشوا على الفطرة، ما دنَّستهم قنوات، ولا أفسدتهم ماديات، ولا غيرتهم عجائب وغرائب الزمان، علَّموا وخرَّجوا رجالًا وأجيالًا، وقادة وسادة، وأمراء وصالحين، ووزراء ومهندسين، وطيارين ومعلمين وكل التخصصات التي تحتاجها الأمة، تخرجوا من أمهات وآباءٍ أميين وأميَّات، وللأسف أن كثيرًا من المتعلمين والمتعلمات اليوم لا يخرجون جيلًا مؤدبًا يلتزم بآداب الإسلام وأخلاقه وتعاليمه.

إن القضية ليست شهادة، وليست القضية مرحلة، وليست القضية مرتبة ولا جاهًا ولا نسبًا؛ المسألة هي: العناية.

هل يسرك أن يستمر عملك بعد موتك؟ هل تتمنى أن تُدفن في المقبرة ويكون هذا آخر عهدك ونهاية رصيدك وإقفال حساباتك في الأعمال الصالحة؟! أم تتمنى أن تكون ممن يجري لهم العمل الصالح حتى ولو بعد دفنهم وموتهم وفراقهم الدنيا، إن كنت كذلك فعليك بالولد الصالح بتربيته ونشأته، قال صلى الله عليه وسلم: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: علمٍ ينتفع به، أو صدقة جارية، أو ولدٍ صالح يدعو له) .

لسنا جميعًا أثرياء حتى نقول: سنترك صدقات جارية، لسنا جميعًا علماء حتى نترك علمًا يُنتفع به، لكن الكثير والغالب إلا النادر هو الذي يستطيع أن ينجب ولدًا، فإذا استطعت الإنجاب فاجعله ولدًا صالحًا يدعو لك بإذن الله، ويبقى لك.

العمل الذي يبقى بعد الموت

هل يسرك أن يستمر عملك بعد موتك؟ هل تتمنى أن تُدفن في المقبرة ويكون هذا آخر عهدك ونهاية رصيدك وإقفال حساباتك في الأعمال الصالحة؟! أم تتمنى أن تكون ممن يجري لهم العمل الصالح حتى ولو بعد دفنهم وموتهم وفراقهم الدنيا، إن كنت كذلك فعليك بالولد الصالح بتربيته ونشأته، قال صلى الله عليه وسلم: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: علمٍ ينتفع به، أو صدقة جارية، أو ولدٍ صالح يدعو له) .

لسنا جميعًا أثرياء، حتى نقول: سنترك صدقات جارية، لسنا جميعًا علماء حتى نترك علمًا يُنتفع به، لكن الكثير والغالب إلا النادر هو الذي يستطيع أن ينجب ولدًا، فإذا استطعت الإنجاب فاجعله ولدًا صالحًا يدعو لك بإذن الله، ويبقى لك.

بعض صور التربية

النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى الحسن، أراد أن يمد يده إلى الأكل من تمر الصدقة، ومعلوم أن آل البيت لا تصح لهم الصدقة، ولا الزكاة فهل تركه؟! لا. بل قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كِخْ كِخْ! أما علمت أنَّا لا نأكل الصدقة) يعلمه ويربيه، فلا بد أن نعلم أولادنا وأبناءنا هذه التوجيهات وهذه التعليمات.
المرأة إذا رأت تصرفات سيئة من ولدٍ أو طفلٍ أو صغيرٍ لا بد أن توجهه وتعلمه الاحترام والأدب والرحمة.

روى الحافظ ابن عبد البر عن أم الحصين أنها كانت عند أم سلمة رضي الله عنها فجاء مساكين فقراء، فجعلوا يستعطون ويلحون وفيهم نساء فقالت هذه الصغيرة: [اخرجوا اخرجوا -طفلة تخرجهم من البيت، أبعدوا أبعدوا، وتحس أنها في معتصم وفي كرامة وهؤلاء فقراء ومساكين، فأخذت تتلفظ عليهم بهذه الكلمات، اخرجوا اخرجوا من بيتنا- فقالت أم سلمة رضي الله عنها: ما بهذا أمرنا يا جارية! ردي كل واحدٍ أو واحدة ولو بتمرة تضعينها في يدها] لا تطردي الفقراء، أعطي كل فقير ولو تمرة واحدة.

كأن يأتي طفل صغير أو طفلة صغيرة فيقول: أبي.. أمي! عند الباب مسكين فتقول أمه: أغلق الباب في وجهه واتركه، فهذه تربية على القسوة، وتربية على وأد الرحمة في القلوب، لكن إذا قال الطفل: أبي.. أمي! عند الباب فقير.. عند الباب مسكين، تقول أمه: أسأل الله أن يغنيهم عنا وعن غيرنا، اذهب يا ولدي وافتح مكان التمر، وضع في هذا الصحن قليلًا من تمر، واذهب وافتح كيس الأرز وخذ منه، وليس بلازمٍ أن تعطيه عشرة ريالات، أو خمسين ريالًا، أو مائة ريال، ما كل واحد يستطيع أن يدفع نقودًا؛ لكنك لن تعجز، فلا ترد السائل ولو بتمرة، لا ترد السائل ولو بقبضة أرز، ولو بقبضة سكر ولو ببصلة تتصدق، يدفع الله عنك البلاء، تطفئ غضب الرب، تدفع ميتة السوء، وتربي ولدك على الرحمة بمثل هذا التصرف، هكذا كان الجيل الأول والصدر الأول يتعاملون ويعلِّمون.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الأطفال #النشء #الأسرة-المسلمة
اقرأ أيضا
مشكلة تكاليف الزواج | مرابط
اقتباسات وقطوف ثقافة

مشكلة تكاليف الزواج


لا شك أن من أصعب التحديات التي تواجه الشباب الراغب في الزواج: مشكلة التكاليف المالية المتمثلة في المهور ومكان الاحتفال والوليمة والمتطلبات والمستلزمات الأخرى المتعلقة بالزوجة وليلة الزواج وهذا بالإضافة إلى تكاليف السكن والتأثيث وتوابع ذلك

بقلم: أحمد يوسف السيد
611
الصين والمسلمون ودورة التاريخ | مرابط
فكر مقالات

الصين والمسلمون ودورة التاريخ


وقد كان التاريخ -دائما- شاهدا على هذا التداول فكان شاهدا على نفوذ وجبروت المصريين القدماء ثم نهايتهم على أيدي البطالمة كما شهد التاريخ علو الرومان وطغيانهم وتجبرهم في الأرض ومعاناة الناس من قسوتهم وجبروتهم كذلك شهد التاريخ نفس الأمر بالنسبة للدولة الفارسية حتى جاء الإسلام والمسلمون فأزالوا الطغيان الرومي والفارسي وأشرق نور العدل على البشرية وعرف البشر معنى المساواة وتذوقوا معاني جديدة لم يتذوقوها من قبل وطرقت أسماعهم ألفاظ لم يألفوها كالرحمة والعدل والحرية والشورى

بقلم: د راغب السرجاني
2164
شخصية القدوة | مرابط
فكر

شخصية القدوة


وأعلى الناس مقاما من حيث المطالب والوسائل والصبر والسعي هم أولو العزم من الرسل ومن بعدهم سائر الأنبياء وأتباعهم وهم درجات عند الله. وأحسن الناس اتباعا لهم ذلك الذي يطلب الطريق الذي سلوكها كلها فيعرف واقع كل منهم وحال قومه وإلى ماذا دعاهم وكيف ومن أين بدأ وكيف تلقوا دعوته وماذا لاقاه من المحن والابتلاءات وكيف تصرف فيها وبماذا كان يتصبر وبماذا كان يدعو الله ويسأله إياه وحاله في السراء والضراء..

بقلم: حسين عبد الرازق
311
فرية ضرب عثمان بن عفان لعمار بن ياسر: رد على عدنان إبراهيم ج1 | مرابط
أباطيل وشبهات

فرية ضرب عثمان بن عفان لعمار بن ياسر: رد على عدنان إبراهيم ج1


ادعى الدكتور عدنان أن عثمان بن عفان رضي الله عنه ضرب عمار بن ياسر رضي الله عنه بقدمه في محاشه أي عورته حتى كان عمار لا يحتبس بوله واستدل على ذلك بما رواه ابن شيبة في تاريخ المدينة الجزء الثالث وطبعا نعلم جميعا ما لدى الدكتور عدنان من خلط وحقد يمرره بشكل ناعم في حلقاته وفي هذا المقال يناقش أبو عمر الباحث هذه الشبهة ويرد عليها

بقلم: أبو عمر الباحث
4815
سد الذرائع في باب الاختلاط | مرابط
مقالات

سد الذرائع في باب الاختلاط


وقد كان من سنة النبي صلى الله عليه وسلم وسنة خلفائه التمييز بين الرجال والنساء والمتأهلين والعزاب فكان المندوب في الصلاة أن يكون الرجال في مقدم المسجد والنساء في مؤخره وقال النبي صلى الله عليه وسلم: خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها.

بقلم: ابن تيمية
373
الروح في اليقين والهم في الشك | مرابط
مقالات

الروح في اليقين والهم في الشك


الزهد في الدنيا هو طريق راحة قلبك من الهم فإنها هم دائم ما دامت. والزهد فيها يرجع إلى ثلاثة أصول كلها قلبي المنشأ ليس فيها ما هو جارحي! وكلها ينشأ من عبادة اليقين بالله وحده وهي قلبية.

بقلم: خالد بهاء الدين
377