أشراط الساعة رواية ودراية: الدرس الثاني ج2

أشراط الساعة رواية ودراية: الدرس الثاني ج2 | مرابط

الكاتب: عبد العزيز الطريفي

677 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

 

قبض العلم

ذهاب الصالحين من علامات الساعة، ولا تقوم الساعة على صالح، ويلزم من هذا - وهذا من أشراط الساعة- قبض العلم، وقبض العلم يكون على التدريج، كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المعنى: (يذهب الصالحون الأول فالأول)، أي: أنهم يذهبون شيئًا فشيئًا، والصلاح لا يكون إلا بوجود المصلح، والمصلح هو الآلة، وكذلك الشخص وهو العالم، ولا يوجد عالم إلا بعلم، فلما قبض العلم وقل العلماء دل على قبض العلم بقبض العلماء، فيكون حينئذٍ على نزول حتى ينتفي أهل العلم، فيبقى الجهل منتشرًا في الناس، وهذا بالنسبة للناس نسبي، إلا أنه في آخر الزمان الذي يعقبه قيام الساعة ينتفي في الخلق بالكلية.

ويظهر هذا كما جاء عند ابن ماجه - وهذا من أشراطها أيضًا - من حديث أبي مالك عن ربعي بن حراش عن حذيفة بن اليمان عليه رضوان الله تعالى قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب، حتى لا يدرى ما صلاة ولا صيام ولا نسك ولا صدقة، إلا رجال يقولون: كنا أو أدركنا آباءنا يقولون: لا إله إلا الله، فنحن نقولها كما يقولون، فقال صلة لـحذيفة بن اليمان: ما تغني عنهم لا إله إلا الله وهم لا يدرون ما صلاة ولا صدقة ولا صيام ولا نسك؟ فأعرض عنه مرة، فأعاد عليه، فلما كان في الثالثة التفت إليه حذيفة وقال: تنجيهم من النار لا أبا لك)، وهذا فيه إشارة إلى أن الإنسان يعذر بجهله، فإذا كان من أهل الجهالة في الأصول فإنه يعذر في الأصول، وتقوم عليه الحجة بحسب بلوغ الحكم عليه.

والله جل وعلا قد أخذ على نفسه أنه لا يعذب أحدًا حتى يبعث إليه رسولًا  وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا [الإسراء:15]، وهذا ظاهر في قول الله جل وعلا لرسوله عليه الصلاة والسلام:  وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ [التوبة:6]، والسماع المراد به هنا هو بلوغ الحجة لا فهمها، فإن الإنسان قد لا يفهم الحجة، أو يكون من المعاندين، فالإحالة إلى شيء لا يمكن أن يدرك لا يمكن أن يتقرر في الشرع؛ ورسول لله صلى الله عليه وسلم قد قاتل المشركين لمجرد الإسماع على وجه يفهمونه لو أراد.

وأما مسألة الإفهام فإنه لا يتعلق بها حكم شرعي، وذلك أن الإفهام متعلق بالقلب، والقلب مرده إلى الله؛ ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح: (إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أعمالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم)، فالنظر إلى القلوب هو من خصوصيات الله جل وعلا، والظواهر إلى العباد، فلما تبلغ الحجة الناس حينئذٍ يلزمون بالاتباع، وإن اعتذروا بعدم الفهم فلا يعتبر بذلك إذا كان قد بلغتهم الحجة على وجه يفهمونها لو أرادوا.

 

المقصود بقبض العلم

وقبض العلم قد جاء مفسرًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما جاء في الصحيح من حديث مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال: سمعت رسول الله صلى لله عليه وسلم يقول: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من صدور العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالمًا اتخذ الناس رءوسًا جهالًا فسألوا، فأفتوا بغير علم، فأضلوا وأضلوا)، وقوله عليه الصلاة والسلام: (إن الله لا يقبض العلم) قبض العلم أضيف إلى الله، وتصدير الجهال أضيف إلى الناس، (حتى إذا لم يبق عالمًا اتخذ الناس رءوسًا جهالًا)، ومعلوم أن الله جل وعلا هو المقدر لذلك كله، ولكن المراد في المسألة الأولى أن الله يقبض العلم لحكمة زائدة عن الشأن القدري وهو انتشار الجهل في الناس، وأن يصدر الناس الجهال؛ ويؤخذ من هذا فائدة أن العالم يصدر نفسه بين الناس ولا يصدره الجهال، وعلماء السوء يصدرهم الناس، وهذا ظاهر في قوله عليه الصلاة والسلام: (اتخذ الناس رءوسًا جهالًا)، أما العلماء فالله جل وعلا هو الذي يتخذهم.

 

التلازم بين ظهور الجهل وقبض العلم

ويلزم من ظهور الجهل قبض العلم، ومن قبض العلم ظهور الجهل، ومن انتفاء الجهل ظهور العلم، وكلها متلازمة تكون بين زمن إلى زمن، تظهر وتخبو حتى تزول، ويتأرجح ذلك بحسب وجود العلم والخيرية بين الناس، والخيرية المراد بها هنا هي وجود العلم، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في البخاري: (من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين)، فالخيرية المراد بها هنا هي الفقه في الدين.

ويلزم من هذا أن الشر كما جاء في بعض الأدلة في آخر الزمان من وصف الناس بالشرار، أو وصف الزمن بالشر، المراد به انتفاء الفقه في الدين، وبه يعلم أن ما جاء في بعض النصوص من انتشار القراء وكثرتهم، وقلة الفقهاء أن وجود القراءة في الناس قراءة القرآن وضبطه وحفظه لا يلزم منها علمًا، وقد جاء في بعض الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يكثر قراؤكم، ويقل فقهاؤكم)، وهذا فيه إشارة إلى أن القراءة وحدها من مواضع الضلال في الأمة إذا لم يكن ثمة فقه.

 

ظهور القلم وفشو الكتابة

ويظهر الجهل في معنى آخر وهو ظهور القلم وفشو الكتابة، فقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما عند الإمام أحمد في كتابه المسند، ورواه البخاري في كتابه الأدب، من حديث سيار أبي الحكم عن طارق بن شهاب عن عبد الله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يظهر القلم في آخر الزمان).

وظهور القلم مع انتفاء العلم وظهور الجهل دليل على أن المراد بالقلم هو انتشار الكتابة والقراءة، والقراءة والكتابة لا تعني علمًا، وليس كل من حمل القلم وحمل الكتابة يكون عالمًا، وقد جاء في بعض الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يلتمس الكاتب في البلد فلا يوجد إلا الواحد مع وجود القلم)، وهذا فيه إشارة إلى معانٍ: المعنى الأول: إشارة إلى الظنية في انتشار العلم، وأن العلم يبتغى به التجارة، فلا يوجد شخص يتبرع بكتابة إلا الواحد والاثنان، وهذا إشارة إلى ما ظهر في الأعصار المتأخرة أن العلم وتعليم الكتابة والقراءة لا يكون إلا برواتب يدفعها الطلاب للمعلمين، وما يسمى الآن بالمدارس والبرامج التعليمية، وغير ذلك، فتعدى ذلك إلى ما هو أبعد من القلم والكتابة إلى سائر العلوم، وهذا لازم كما تقدم الإشارة إليه في ظهور الجهل في الناس، وليس بلازم من انتفاء العلم، فقد يوجد العلم ويفشو القلم، وقد لا يوجد العلم، ولا يوجد القلم أيضًا، وقد يوجد القلم مع وجود العلم، وقد يوجد القلم مع عدم وجود العلم، وهذه قد تتلازم، وقد لا تتلازم.

وهذه الأنواع يذكرها كثير ممن يتكلم في أشراط الساعة على أنها أصناف منفردة، وهي داخلة من جهة الأصل تحت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يذهب الصالحون الأول فالأول)، ونحن أدرجنا هذه الجمل وهذه الأنواع في هذا الموضع.

 

فتح بيت المقدس

ومن أشراط الساعة ما أخبر به النبي عليه الصلاة والسلام في حديث عوف بن مالك مما جاء في الصحيح من حديث بسر عن أبي إدريس عن عوف بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أعدد ستًا بين يدي الساعة: موتي، وفتح بيت المقدس)، ففتح بيت المقدس من علامات الساعة، وقد جاء هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديث أخر، وهذا من أصح ما جاء فيه.

وقوله عليه الصلاة والسلام: (ثم فتح بيت المقدس) (ثم) هنا تدل على الترتيب الزمني، وقد تدل على الترتيب الذكري في لغة العرب، ويستدلون لهذا بقول الشاعر:
قل لمن ساد ثم ساد أبوه قبله ثم قبل ذاك جده

وتأتي على ترتيب الزمن على الأشهر والأكثر كما هنا؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (أعدد ستًا بين يدي الساعة: موتي، ثم فتح بيت المقدس).

 

فتح عمر لبيت المقدس

وفتح بيت المقدس فتحه عمر بن الخطاب عليه رضوان الله تعالى في عام ستة عشرة من الهجرة، وقد فتحه عليه رضوان الله تعالى وصلى به، وعمر فيه المسجد المعروف الآن بمسجد بيت المقدس.

والمراد بمسجد بيت المقدس ما هو أوسع من ذلك وهو الحائط تامًا، ويدخل فيه ما يسمى بمسجد قبة الصخرة، ويدخل فيه أيضًا مسجد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب عليه رضوان الله تعالى، فكله يسمى المسجد الأقصى وبيت المقدس. والمراد ببيت المقدس المراد بذلك المدينة، وإنما أشير إلى بيت المقدس لأنه هو المقصود من جهة التعظيم، فيكون كل ذلك تبعًا له، فلما فتح بيت المقدس كان حكامه وولاته حينئذٍ النصارى، ففتحه عمر بن الخطاب عليه رضوان الله تعالى.

وتلاه بعد ذلك ما أخبر به النبي عليه الصلاة والسلام من علامة أخرى وهي وقوع الطاعون، ويأتي الإشارة إلى ذلك أيضًا بعد فتح بيت المقدس بسنتين.

 

عدد مرات فتح المقدس

وقد فُتح بيت المقدس مرتين: المرة الأولى في خلافة عمر بن الخطاب، والمرة الثانية في خلافة صلاح الدين الأيوبي في القرن السادس من الهجرة.

وسيفتح أيضًا في آخر الزمان كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد جاء في الصحيح من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ستقاتلون اليهود، ويقتل المسلمون اليهود، حتى يختبئ اليهودي خلف الشجر والحجر، فيقول الشجر والحجر: يا مسلم! يا عبد الله! هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود)، وهذا فيه إشارة إلى أن المقتلة تكون في بلاد فلسطين، ويكون حينئذٍ الولاية لليهود وليست للنصارى، كما كان في السابق، وهذا من علامات الساعة أنه يتولى اليهود على بيت المقدس، ثم يعقب ذلك فتح، فيكون حينئذٍ ثمة علامتان من علامات الساعة في هذا الموضع: العلامة الأولى: أن يتولى أمر بيت المقدس اليهود، وقد حدث هذا، ويليه بعد ذلك الفتح على أيدي المسلمين، وهو الفتح الذي لا يعقبه ولاية على بيت المقدس إلا الشرار العام الذي يستوعب الأرض في آخر الزمان، وهو آتٍ لا محالة.

 

فضل قبة الصخرة ومسجد الصخرة

ومن الفوائد التي ينبغي أن يشار إليها هنا: أن ما يذكر في كتب التاريخ في مسألة قبة الصخرة ومسجد الصخرة، فإن هذا لم يثبت فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء، وما جاء في ذلك إنما هو آثار، وقد بنى ذلك عبد الملك بن مروان وابنه الوليد، وذلك نكاية بـابن الزبير، فإن ابن الزبير لما كان بمكة كان يخطب في الحرم، ويتكلم في عبد الملك بن مروان، فأراد أن يجعل مسجدًا في هذا الموضع، فجعل مسجد قبة الصخرة، وأخذ يخطب فيه ويتكلم في ابن الزبير، فهو إنما بنى هذا المسجد لهدف سياسي، وليس لجمع المسلمين تحت ولاية عامة، حتى يصلوا فيه على التعبد كما هو ظاهر.

ولم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضل هذا الموضع شيء، بل ثبت عن عمر بن الخطاب عليه رضوان الله تعالى خلاف ذلك، كما رواه الإمام أحمد في كتابه المسند من حديث أبي سنان عن عبيد بن آدم و أبي مريم عن عمر بن الخطاب عليه رضوان الله تعالى أنه (لما فتح بيت المقدس، وكان بالجابية، قال لـكعب الأحبار: أين تراني أصلي؟ فقال: صل، واجعل أمامك الصخرة فيكون البيت كله أمامك. فقال: قد ضاهيت اليهود، أو ضارعت اليهود، فتقدم عمر بن الخطاب عليه رضوان الله تعالى فصلى أمام الصخرة).

وفيه إشارة إلى أن هذه الصخرة معظمة عند اليهود، وهم يعظمونها، وبقي من بقاياها ما كان اعتقادًا عند كعب الأحبار وكان يهوديًا فأسلم، وبقي من بقايا علم اليهود لديه هذا المعنى، فجرى على لسانه فيما يظهر من غير قصد.

وفيه إشارة من قول عمر عليه رضوان الله تعالى هنا: (ضاهيت اليهود، أو شابهت اليهود) إلى أن هذا ليس من شريعة الإسلام، وطرأ عليه جملة من المسائل، منها ما وضعه المتأخرون من جملة الكتابات والرسوم على الحجرة، ووضع رسم قدم، وأنها قدم النبي عليه الصلاة والسلام لما أسري به، وكل هذا من الخرافات، وقد جاء في ذلك خبر عند الطبراني وغيره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث عمرو الأسلمي النبي عليه الصلاة والسلام قال: (تمر العجوة والصخرة من الجنة)، وقال بعض الشراح: إن المراد بالصخرة هي القبة التي بنيت عليها قبة الصخرة، وهذا لا يصح، وقد صحح الخبر هذا الحافظ ابن حجر، وحمله على أنها قبة الصخرة ابن الأثير، و ابن حجر، ولا يثبت عن أحد من العلماء من السالفين ممن سبقهم في هذا المعنى أحد، وقد يحمل على أن المراد بالصخرة هنا هي الحجر الأسود، وقد جاء في ذلك خبر أنه من الجنة، وقد أنزله الله جل وعلا إلى الأرض، والخبر قد أعله غير واحد من الحفاظ، وليس هذا موضع الكلام عليه، وتقدم الكلام عليه في غير هذا الموضع.

 

ظهور الشح

ومن علامات وأشراط الساعة: ما جاء في حديث عوف بن مالك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطًا)، وفي هذا إشارة إلى استفاضة المال وكثرته في أيدي الناس.

 

التلازم بين استفاضة المال وظهور الشح

ويلزم من استفاضة المال إيراد شرط من أشراط الساعة وهو ظهور الشح، وذلك أنه قد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند البخاري و مسلم من حديث عبد الله بن عباس أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لو أعطي ابن آدم واديان من ذهب لابتغى لهما ثالثًا، ولا يملئ فم ابن آدم إلا التراب)، وهذا فيه إشارة إلى أن الشح متلازم مع ظهور المال.

وظهور المال واستفاضته قد ظهر في بعض الأعصار كما جاء في خلافة عمر بن عبد العزيز عليه رضوان الله، وقد جاء في بعض الأعصار، ومنها عصرنا، حيث استفاض وظهر الشح، وملك كثير من الناس أموالًا طائلة لم تعهد عند السابقين، وهذا ظاهر.

 

علاقة القناعة والسعادة بالمال

والإشارة إلى استفاضة المال وظهور الشح فيه فائدة ومعنى جليل القدر إلى أن القناعة والسعادة لا علاقة لهما بالمال، وذلك أن الشح إذا وجد في الإنسان وجدت التعاسة والشقاوة، وإذا وجدت القناعة ولا توجد مع المال وجدت حينئذٍ السعادة، والغالب في من يستفيض عنده المال أنه لا يكون من أهل السعادة، وإنما يكون من أهل الشح.

 

انشغال الناس بخاصة أنفسهم

ومن فروع كثرة المال واستفاضته وهو قرينة لظهور الشح انشغال الناس بخاصة أنفسهم، وعدم ما يسمى بحب العلاقة، وتكثير العلاقة، وانشغاله بالخصوصية، وهذا من آثار الشح، حتى يخشى الإنسان الاستدانة ويخشى الصدقة، أو الإحسان إلى الغير، ويخشى طراق الأبواب، وهذا يظهر مع غلبة الشح، ويلزم من هذا تسليم الخاصة، أي: ألا يسلم الإنسان للإنسان إلا للمعرفة، ويلزم من هذا قطيعة الأرحام، كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث عبد الله عند البخاري في الأدب، وعند الإمام أحمد من حديث طارق بن شهاب عن عبد الله عن رسول الله صلى لله عليه وسلم قال: (يفيض المال، وتقطع الأرحام، ويظهر تسليم الخاصة، وتكثر الفتن).

وتسليم الخاصة ألا يسلم الإنسان إلا لخاصته، ولا يسلم لقرابته ولا لأرحامه، ويخشى أن يكون من الناس من يتعرف عليه لأجل ماله ولغلبة الشح على الناس، وهذا ظاهر، وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسند من حديث عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من أشراط الساعة أن يمر الرجل على الرجل لا يسلم عليه إلا للمعرفة)، وهذا متلازم لظهور الشح.

 

فشو التجارة

ويلزم أيضًا من ظهور المال واستفاضته فشو التجارة، وهو لازم لظهور المال، وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الإمام أحمد في المسند من حديث سيار أبي الحكم عن طارق عن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (وتفشو التجارة)، وجاء في السنن والمسند: (حتى تعين المرأة زوجها على التجارة)، يعني: لكثرة وتشعب تجارته، حتى إن المرأة تنشغل مع زوجها بتسيير أمور تجارته، وهذا يدل على استفاضة المال، وكثرة التجارة عند الناس.

وفي هذا إشارة إلى أن استفاضة المال لعلة ورود التجارة، وليس لغير هذه العلة، وقد ترد غير هذه العلة مما يظهر في آخر الزمان من السرقات، أو الإقطاعات، أو الاختلاسات، ونحو ذلك، ولكن الأظهر من ذلك هو أمر التجارة، كما جاء مقترنًا في حديث عبد الله وحديث أبي هريرة وغيرهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه أشراط متتابعة هي تابعة لمسألة استفاضة المال.

ومن ذلك أيضًا: أن تجعل الزكاة مغرمًا، وألا تخرج الزكاة، وهذا لازم للشح واستفاضة المال، ويأتي الكلام على مسألة الزكاة.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#أشراط-الساعة
اقرأ أيضا
الغضب لله والغيرة على حرماته | مرابط
اقتباسات وقطوف

الغضب لله والغيرة على حرماته


وإن الغضب لله والغيرة على حرماته من أهم نتائج الإيمان وعلاماته وكما أن محبة الله مقترنة بمعرفته ملازمة لها فإن الغيرة لا تنفك عن المحبة وإن المحب يغار وغيرته تلك علامة حبه وبذلك نفهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن مشاعر المؤمن تجاه حرمات الله: إن المؤمن يغار والله أشد غيرة

بقلم: محمد علي يوسف
384
النساء: مفصل الصراع بين الإسلام والغرب | مرابط
فكر المرأة

النساء: مفصل الصراع بين الإسلام والغرب


يقول رسولنا صلى الله عليه وسلم: ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب.. والحقيقة أن المرأة في الأسرة هي بمثابة هذا القلب إذا صلحت صلح أبناؤها وقامت الأسرة وإذا فسدت فسد أبناؤها وانهارت المنظومة الأسرية

بقلم: محمود خطاب
492
تحدي الإله ومعناه | مرابط
أباطيل وشبهات فكر مقالات

تحدي الإله ومعناه


من أنباء الملاحدة الماركسيين أن أحدهم وقف في إحدى محطات الإذاعة فنادى الله: إنه ليتحداه إن كان موجودا لينسفن هذا البلد وليمحون تلك الدولة أو فليعلم الناس جميعا أنه خرافة ليس لها وجود فهذا الملحد الماركسي لا يعقل أن يوجد الإله ويقدر على كل شيء ثم يترك من يتحداه سليما بعد ذلك طرفة عين دون أن ينكل به ويعجل برد تحديه إليه

بقلم: عباس محمود العقاد
1953
كيف فهم السلف قيمة الدين؟ | مرابط
اقتباسات وقطوف

كيف فهم السلف قيمة الدين؟


لماذا فعل البخاري ومسلم وأبو داود وغيرهم ذلك؟!لماذا وظفوا كل طاقاتهم في هكذا حياة؟!ما الذي يدفع إنسان لبذل نفسه في الحفظ والارتحال بين البلاد مع كل ما فيه من مشقة وقتئذ بطبيعة الحال؟!لماذا يتركون التنعم بالدنيا ولذاتها ومتعها في سبيل ذلك مع ما فيهم من ذكاء وتوقد كان من الممكن أن يبلغوا به المراتب العظيمة؟!

بقلم: محمد وفيق زين العابدين
285
بلا وصاية | مرابط
أباطيل وشبهات مقالات

بلا وصاية


لفظ الوصاية أصبح من الألفاظ المنفرة عند كثير من الناس حتى أنك لو نصحت أحدهم بشيء أو أمرته بمعروف أن نهيته عن منكر يقول لك: أنت لست وصيا علي أو على الناس وتجاوز الأمر ووصل إلى بعض الأوامر الشرعية التي يرفضها الناس تحت نفس المبدأ وفي هذا المقال تحقيق وتمحيص لهذه الشبهة ورد عليها

بقلم: عبد الله بن صالح العجيري وفهد بن صالح العجلان
2293
مسارات دراسة الدين من منظور جندري | مرابط
النسوية الجندرية

مسارات دراسة الدين من منظور جندري


وفي الغالب ما تعنيه النسويات بالأديان لا يتضمن بالضرورة فكرة النبوة والاعتقاد الحقيقي بوجود إله خالق للكون ولكنه بشكل أكبر يحيل إلى الجانب الروحاني من الوجود البشري المتضمن داخل تجارب الأفراد وبذلك يكون الحديث عن إعادة بناء الأديان أو تأسيس أديان خاصة متعارضا بشكل كامل مع المعنى المعروف للأديان والنبوة

بقلم: الحارث عبد الله بابكر
626