مآلات تدهور اليقين

مآلات تدهور اليقين | مرابط

الكاتب: عبد الله الوهيبي

353 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

يطول بحث الإنسان في بعض الأحيان، ويكثر نظره في العلوم، وتأمله في المعارف، ثم لا يخرج من وراء ذلك بطائل، والأدهى حين يكون هذا “الإحباط العلمي” لطالب العلوم الإلهية وعلوم العقائد، وأصول الشريعة، وكلياتها، وما يتبع ذلك من الأنظار في مفصل الشريعة ومقاييسها وتطبيقاتها في هذه الأزمنة المعاصرة. يتيه بين أكوام الخلافيات، وغوامض الكلاميات، ودقائق المعقولات. ويحبط بسبب ضيق النفس، وضآلة الذهن، وعجلة المزاج، ونفاد الصبر. أو بسبب تلوّث المسالك وغبش السبل والاشتغال بالفلسفات والتأويلات القديمة والمحدثة والتفسيرات المدنية والتمحلات “الحضارية” وما إلى ذلك.

يسرد ابن تيمية في مواضع عديدة من مرافعاته جملة من الاعترافات والسير الذاتية لأئمة من أهل الكلام والمتفلسفة القدامى، مشيرًا إلى مآلاتهم المروّعة نتيجة انحراف أنظارهم عن الحق، ودخولهم في متاهات الرذائل النظرية، فيذكر حكايات عن الشهرستاني والرازي وأبي الحديد والآمدي والخونجي وغيرهم، ويقول أن “أكثر الفضلاء العارفين بالكلام والفلسفة بل والتصوف تجدهم في [العلم الإلهي] حيارى”.

ثم يرصد ابن تيمية مآل بعض من هذه حاله، فيقول: أن كثيرًا منهم لما لم يتبين له الحق “اشتغل باتباع شهوات الغي في بطنه وفرجه أو رياسته وماله ونحو ذلك، لعدم العلم واليقين الذي يطمئن إليه قلبه وينشرح له صدره”. وهذا نموذج إنساني متكرر، وإن كان بكيفيات متنوعة ومتفاوتة، فأنت ترى بعض من فقد يقينه باعتقاد الحقّ، وكثرت في نفسه الشبهات وتعاظمت الشكوك والريب فلم يطق أن يغالبها ولم يمكنه مفارقة ما هو عليه لبقايا فطرة وانتماء، فتراه منغمسًا في ملذاته، وقد استولى عليه الولع بالجماليات والكماليات، وسائر الملاهي، فغلبة الشكوك وترهل اليقين في القلب تضعف الجوارح عن القيام بالواجب، وتضني الروح لفقد حلاوة الإيمان.

والعقائد أساس لبناء المعنى من الوجود، وهي ما يعزي في ترك الملهيات واجتناب الإغراءات، فإذا ذبل كل ذلك وشحب لون الحقيقة أمست اللذة الحاضرة الفورية الحسية هي اليقين الوحيد ‏المتبقي، بل وصُيّرت هذه العلوم الشريفة وما سواها من العلوم الدنيوية لتكون وسائل موصلة لتحصيل المناصب واكتساب الأموال، وتتبع ‏لذائذ الجسد ومرفهات الحياة ومتعها العابرة.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#اليقين
اقرأ أيضا
بين المتقدمين والمتأخرين | مرابط
اقتباسات وقطوف

بين المتقدمين والمتأخرين


وقد ابتلينا بجهلة من الناس يعتقدون في بعض من توسع في القول من المتأخرين أنه أعلم ممن تقدم فمنهم من يظن في شخص أنه أعلم من كل من تقدم من الصحابة ومن بعدهم لكثرة بيانه ومقاله! ومنهم من يقول هو أعلم من الفقهاء المشهورين المتبوعين

بقلم: ابن رجب
300
من مقومات المجتمع المسلم: العدل | مرابط
فكر تفريغات

من مقومات المجتمع المسلم: العدل


العدل مطلوب من هذه الأمة بالذات بل من كل أحد وهو محبب إلى النفوس جميعا وتطلبه كل الفطر والعقول في المجتمعات كافة الكافر منها والمؤمن فكلها تريد العدل وكلها تدعيه وتحبه وتنشده ولكن الأمة التي تعرف الحق وهديت إلى الحق وبه يعدلون هي هذه الأمة والحمد لله

بقلم: د سفر الحوالي
561
وظن أنه الفراق | مرابط
مقالات

وظن أنه الفراق


يمكننا تلخيص فكرة الموت بأنها خروج الروح من الجسد وانفصالها عنه بعد التحام وامتزاج دام طوال العمر حيث ابتدأت العلاقة في طور الجنين قبل الإدراك حينما جاء الملك بالروح من عالم الذر ونفخها في تلك المضغة اللحمية في رحم الأم فالإنسان الحي لا يعي حالة الروح المجردة عن الجسد ولا يذكرها البتة.

بقلم: د. جمال الباشا
335
وأقم الصلاة لذكري | مرابط
اقتباسات وقطوف

وأقم الصلاة لذكري


ولما ذكر الله الصلاة في سورة طه أشار إلى غاية تغيب عن بال كثير من المصلين فضلا عمن دونهم ربما يتحدث الواحد منا عن عظمة الصلاة في الإسلام وأنها أعظم ركن بعد الشهادتين وأنها الخط الفاصل بين الكفر والإيمان ونحو هذا من معاني مركزية الصلاة ولكن لماذا شرع الله الصلاة وأحبها وعظمها سبحانه؟ إنها بوابة استحضار الله وتذكره يقول الله سبحانه وأقم الصلاة لذكري

بقلم: إبراهيم السكران
319
خطورة اللسان | مرابط
تفريغات اقتباسات وقطوف

خطورة اللسان


وبعض الناس وهم يضحكون في مجالسهم يريدون النكات لكي يضحكون وقد تمس رسول الله أو الصلاة وقد تمس الإمام الذي يقرأ القرآن وتضحك الناس من أمر من أمور الدين هذا خطر كبير يقع فيه كثير من المسلمين الذين يرجون خيرا ويرجون الله سبحانه وتعالى ولا يلقون للكلمة بالا

بقلم: عمر الأشقر
422
الإلحاد ورد الإنسان إلى البهيمية | مرابط
الإلحاد

الإلحاد ورد الإنسان إلى البهيمية


لقد ترك الملاحدة للداروينتة صياغة صورة حقيقة الإنسان وصناعة مراحل تاريخه وهو أمر يظهر بوضوح في جميع أدبياتهم عند مناقشة قضايا نظرية المعرفة والقيم ومعنى الحياة والفكاك عن ذلك -إلحاديا- محال لأن رفض الداروينية أو أي صورة أخرى من صور التطور العشوائي للكائنات الحية

بقلم: د سامي عامري
512