هل الإسلام دين هش لنخشى عليه من الشبهات؟

هل الإسلام دين هش لنخشى عليه من الشبهات؟ | مرابط

الكاتب: إبراهيم السكران

384 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

هل الإسلام دين هش لنخشى من الشبهات؟
يخطر مثل هذا السؤال أثناء الدعوة للحصانة المنهجية، فتتكرر مثل هذه التساؤلات: لماذا نخشى من نشر كتب الزنديق فلان، ولماذا نخشى من إتاحة البرامج التلفزيونية للمجدف فلان، هل بلغ إسلام المسلمين من الهشاشة لدرجة أن صرنا نخشى من كل نسمة؟ دع الزنادقة يتحدثون حتى يفتضحوا أمام الناس.

والحقيقة: أن مثل هذه التساؤلات تهدر اعتبارات جذرية من صميم "التكوين البشري"، فطبيعة عامة الناس والشباب خلال التاريخ أنهم لا يملكون "علمًا تفصيليًا" بأدلة مبادئ الإسلام، والجواب عن الاعتراضات الواردة عليها، وهذا شيء طبيعي، بل ومطلوب أصلًا؛ لأنه لو تفرغ عموم المجتمع للعلم الشرعي التفصيلي، وجواب الاعتراضات؛ لتعطلت الفروض الكفائية الأخرى كالعلوم المدنية، والصناعات والتخصصات الاجتماعية والسياسية، والاقتصادية والطبية، والهندسية والتقنية...إلخ التي يقوم عليها المعاش ودنيا المسلمين.

فعامة الناس والشباب معهم "إيمان مجمل" قد تزعزعه رياح الشبهات إذا لم يتيسر له متخصص، أو مطلعٌ يزيل أشباحها عنه، ولذلك يفترض أن يكون السؤال معكوسًا، فالسؤال ليس: "لماذا نخاف على غير المتخصصين من الشبهات؟" بل السؤال: لماذا نخاطر بإيمان غير المتخصصين والمطلعين من أجل شعارات الثقافة الغالبة؟

وفي نص بديع تحدث الإمام ابن تيمية رحمه الله، وحلل هذه الإشكالية يقول فيه: "فعامة الناس إذا أسلموا بعد كفر، أو ولدوا على الإسلام، والتزموا شرائعه، وكانوا من أهل الطاعة لله ورسوله؛ فهم مسلمون، ومعهم إيمان مجمل، ولكن دخول حقيقة الإيمان إلى قلوبهم إنما يحصل شيئًا فشيئًا إن أعطاهم الله ذلك، وإلا فكثير من الناس لا يصلون لا إلى اليقين، ولا إلى الجهاد، ولو شككوا لشكوا، ولو أمروا بالجهاد لما جاهدوا، وليسوا كفارًا، ولا منافقين، بل ليس عندهم من علم القلب ومعرفته ويقينه ما يدرأ الريب، ولا عندهم من قوة الحب لله ولرسوله ما يقدمونه على الأهل والمال، وهؤلاء إن عوفوا من المحنة، وماتوا؛ دخلوا الجنة، وإن ابتلوا بمن يورد عليهم شبهات توجب ريبهم؛ فإن لم ينعم عليهم بما يزيل الريب، وإلا صاروا مرتابين، وانتقلوا إلى نوع من النفاق، وكذلك إذا تعين عليهم الجهاد، ولم يجاهدوا؛ كانوا من أهل الوعيد، ولهذا لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة أسلم عامة أهلها، فلما جاءت المحنة والابتلاء نافق من نافق، فلو مات هؤلاء قبل الامتحان لماتوا على الإسلام، ودخلوا الجنة، ولم يكونوا من المؤمنين حقًا الذين ابتلوا فظهر صدقهم".

وخلاصة الجواب على هذه الإشكالية أنه ليس الإسلام دينًا هشًا لنخشى عليه من الشبهات، بل قلوب بني آدم هي الهشة، وهي التي نخشى عليها، فنحن لا نخشى على الوحي بل نخشى على الأرواح التي تحمل الوحي أن تخسره بشبهة عارضة.


المصدر:
إبراهيم السكران، سلطة الثقافة الغالبة

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#لماذا-نخشى-الشبهات
اقرأ أيضا
محاكم التفتيش | مرابط
تاريخ فكر

محاكم التفتيش


محاكم التفتيش من أبشع الأحداث التي حفظها لنا التاريخ والتي تكشف لنا كم الحقد والضغينة التي يحملها الصليبيون في دواخلهم للمسلمين فقد وصلت الأخبار بطرق التعذيب البشعة والتي لا يتصورها عقل ولا يرقى إليها خيال أما عن الأدوات التي كانوا يستخدمونها فحدث ولا حرج كانوا ينتقون أكثر الطرق إيلاما قبل الموت وفي المقال خلاصات حول هذا الحدث التاريخي المشهور

بقلم: راغب السرجاني
3572
اللغة العربية ودعوات العامية | مرابط
لسانيات

اللغة العربية ودعوات العامية


إذن اللغة العربية هي لغة متخطية للحدود التاريخية والجغرافية والقومية بل والحدود الزمكانية إن صح التعبير فهي لغة كلام الله المنزه المنزل من فوق سبع سموات وهي لغة أهل الجنة.. فكيف لا تكون الحرب عليها بهذه الضراوة؟! بكلتا النقطتين يتبين لنا ملمح مهم من ملامح الإعجاز القرآني بخلاف الإعجاز اللغوي والعلمي والتشريعي وما إلى ذلك.. ألا وهو صيانة هذه الأمة والحفاظ على وحدتها ووجودها إلى قيام الساعة..

بقلم: عمرو كامل
436
مناظرات أبي حنيفة مع الدهرية | مرابط
مناظرات تعزيز اليقين

مناظرات أبي حنيفة مع الدهرية


كان للإمام أبو حنيفة رضي الله عنه مناظرات مع الدهرية واستطاع أن يرد عليهم ردودا مفحمة تسكتهم وترجعهم عن باطلهم حيث زعموا أن هذا العالم كله ليس له صانع ولا مدبر بل وعمدوا إلى استئصال العقيدة الإسلامية الصحيحة وظهر ذلك في محاولتهم قتل الإمام أبي حنيفة الذي كان سيفا على الدهرية وفي هذا المقال مناظرتان بين الإمام وبين الدهرية

بقلم: أبو علي عمر السكوني والإمام السيوطي
3467
الدعوة إلى الله | مرابط
مقالات

الدعوة إلى الله


ولم يمر على المسلمين زمن كانوا أبعد فيه عن القرآن كهذا الزمن فلذلك وجب على كل من امتحن الله قلبه للتقوى وآتاه هداه أن يصرف قوته كلها في دعوة المسلمين إلى القرآن ليقيموه ويحققوا حكمة الله في تنزيله ويحكموه في أهواء النفوس ومنازع العقول ويسيروا بهديه وعلى نوره فإنه لا يهديهم إلا إلى الخير ولا يقودهم إلا إلى السعادة.

بقلم: محمد البشير الإبراهيمي
297
التغريب: الأهداف والأساليب ج3 | مرابط
فكر تفريغات أبحاث

التغريب: الأهداف والأساليب ج3


التغريب مصطلح يطلق على الانسياق وراء الحضارة الغربية سواء في الاعتقاد أو الاقتصاد أو غير ذلك وقد سعى الغرب في تغريب الأمة الإسلامية بشتى الوسائل والتي منها: الاستعمار العسكري والفكري ونشر مدارس التغريب في بلاد المسلمين والابتعاث ولكون التغريب يشكل خطرا على المسلمين في دينهم وجب مواجهته بشتى السبل والتي منها: التمسك بالإسلام الحق وفضح مدارس التغريب ونشر العلم الشرعي وما أشبه ذلك

بقلم: عبد العزيز بن مرزوق الطريفي
2061
حول مشروع الجندر | مرابط
الجندرية

حول مشروع الجندر


تدور الفكرة الرئيسية لمفهوم الجندر حول أن صفاتنا النفسية والاجتماعية وأدوارنا لا تولد معنا بل نكتسبها من خلال التربية والثقافة المحيطة وأن الاختلاف الطبيعي الوحيد بين الذكر والأنثى هو في تلك الوظيفة الإنجاب أما الاختلافات الأخرى من حيث الطباع أو الأدوار الاجتماعية التي يقوم بها كل من الذكر والأنثى فهي ليست مرتبطة بالاختلافات البيولوجية أو الفيزيولوجية الموجودة في جسد كل منهما بل بسبب عوامل اجتماعية صنعها البشر أنفسهم

بقلم: الحارث عبد الله بابكر
389