هل الإسلام دين هش لنخشى عليه من الشبهات؟

هل الإسلام دين هش لنخشى عليه من الشبهات؟ | مرابط

الكاتب: إبراهيم السكران

240 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

هل الإسلام دين هش لنخشى من الشبهات؟
يخطر مثل هذا السؤال أثناء الدعوة للحصانة المنهجية، فتتكرر مثل هذه التساؤلات: لماذا نخشى من نشر كتب الزنديق فلان، ولماذا نخشى من إتاحة البرامج التلفزيونية للمجدف فلان، هل بلغ إسلام المسلمين من الهشاشة لدرجة أن صرنا نخشى من كل نسمة؟ دع الزنادقة يتحدثون حتى يفتضحوا أمام الناس.

والحقيقة: أن مثل هذه التساؤلات تهدر اعتبارات جذرية من صميم "التكوين البشري"، فطبيعة عامة الناس والشباب خلال التاريخ أنهم لا يملكون "علمًا تفصيليًا" بأدلة مبادئ الإسلام، والجواب عن الاعتراضات الواردة عليها، وهذا شيء طبيعي، بل ومطلوب أصلًا؛ لأنه لو تفرغ عموم المجتمع للعلم الشرعي التفصيلي، وجواب الاعتراضات؛ لتعطلت الفروض الكفائية الأخرى كالعلوم المدنية، والصناعات والتخصصات الاجتماعية والسياسية، والاقتصادية والطبية، والهندسية والتقنية...إلخ التي يقوم عليها المعاش ودنيا المسلمين.

فعامة الناس والشباب معهم "إيمان مجمل" قد تزعزعه رياح الشبهات إذا لم يتيسر له متخصص، أو مطلعٌ يزيل أشباحها عنه، ولذلك يفترض أن يكون السؤال معكوسًا، فالسؤال ليس: "لماذا نخاف على غير المتخصصين من الشبهات؟" بل السؤال: لماذا نخاطر بإيمان غير المتخصصين والمطلعين من أجل شعارات الثقافة الغالبة؟

وفي نص بديع تحدث الإمام ابن تيمية رحمه الله، وحلل هذه الإشكالية يقول فيه: "فعامة الناس إذا أسلموا بعد كفر، أو ولدوا على الإسلام، والتزموا شرائعه، وكانوا من أهل الطاعة لله ورسوله؛ فهم مسلمون، ومعهم إيمان مجمل، ولكن دخول حقيقة الإيمان إلى قلوبهم إنما يحصل شيئًا فشيئًا إن أعطاهم الله ذلك، وإلا فكثير من الناس لا يصلون لا إلى اليقين، ولا إلى الجهاد، ولو شككوا لشكوا، ولو أمروا بالجهاد لما جاهدوا، وليسوا كفارًا، ولا منافقين، بل ليس عندهم من علم القلب ومعرفته ويقينه ما يدرأ الريب، ولا عندهم من قوة الحب لله ولرسوله ما يقدمونه على الأهل والمال، وهؤلاء إن عوفوا من المحنة، وماتوا؛ دخلوا الجنة، وإن ابتلوا بمن يورد عليهم شبهات توجب ريبهم؛ فإن لم ينعم عليهم بما يزيل الريب، وإلا صاروا مرتابين، وانتقلوا إلى نوع من النفاق، وكذلك إذا تعين عليهم الجهاد، ولم يجاهدوا؛ كانوا من أهل الوعيد، ولهذا لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة أسلم عامة أهلها، فلما جاءت المحنة والابتلاء نافق من نافق، فلو مات هؤلاء قبل الامتحان لماتوا على الإسلام، ودخلوا الجنة، ولم يكونوا من المؤمنين حقًا الذين ابتلوا فظهر صدقهم".

وخلاصة الجواب على هذه الإشكالية أنه ليس الإسلام دينًا هشًا لنخشى عليه من الشبهات، بل قلوب بني آدم هي الهشة، وهي التي نخشى عليها، فنحن لا نخشى على الوحي بل نخشى على الأرواح التي تحمل الوحي أن تخسره بشبهة عارضة.


المصدر:
إبراهيم السكران، سلطة الثقافة الغالبة

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#لماذا-نخشى-الشبهات
اقرأ أيضا
ما الفقر أخشى عليكم | مرابط
تفريغات

ما الفقر أخشى عليكم


خشى الرسول صلوات الله وسلامه عليه على أصحابه أصلا وعلى من يأتون من بعدهم تبعا يخشى عليهم التكاثر في الأموال ولا يخشى عليهم الفقر لأن الله تبارك وتعالى قد أخبر نبيه عليه الصلاة والسلام بكثير من المغيبات ومنها: أن الله عز وجل سيفتح له كسرى وقيصر وقد تحقق ذلك كما هو معروف في الأحاديث الصحيحة وأخبار السيرة

بقلم: محمد ناصر الدين الألباني
396
الإسلام دين لا يعرف الكهانة | مرابط
اقتباسات وقطوف

الإسلام دين لا يعرف الكهانة


الدين الإسلامي دين لا يعرف الكهانة ولا يتوسط فيه السدنة والأحبار بين المخلوق والخالق ولا يفرض على الإنسان قربانا يسعى به إلى المحراب بشفاعة من ولي متسلط أو صاحب قداسة مطاعة فلا ترجمان فيه بين الله وعباده يملك التحريم والتحليل ويقضي بالحرمان أو بالنجاة

بقلم: العقاد
534
مناظرة الباقلاني مع ملك الروم ج2 | مرابط
مناظرات

مناظرة الباقلاني مع ملك الروم ج2


اشتهر أبو بكر الباقلاني بمفصاحته وقدرته على المناظرة والبيان والذب عن الإسلام وقد ناظر في عهده الكثير من النصارى أشهر هذه المناظرات كانت لما أرسله عضد الدولة إلى ملك الروم الأعظم ليظهر له رفعة الإسلام ويناظره في معتقده وبالفعل جرت المناظرة بينهما واستعان ملك الروم بكثير من علماء النصارى حتى يقدروا عليه وكان المناظرة سبب في إسلام الكثير من النصارى وأظهر الباقلاني فصاحة عالية ورؤية ثاقبة وقدرة مبهرة على الرد والبيان

بقلم: القاضي عياض
1901
ليلة في بيت النبي الجزء الثاني | مرابط
تفريغات

ليلة في بيت النبي الجزء الثاني


فلابد للرجل -وإن كان سيدا مطاعا أو ملكا متوجا- أن يداري رعيته والمداراة من خلق المسلم الحاذق وكم من مشاكل تحصل في البيوت بسبب أن الرجل لا يداري مع أنه يمكن أن تمر هذه المشاكل بسلام لو أن الرجل تغافل قليلا وقد أوصانا الرسول عليه الصلاة والسلام بهذا التغافل فقال: إن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإذا ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته ظل على عوجه فاقبلوهن على عوج

بقلم: أبو إسحق الحويني
468
المدرسة العقلانية المعاصرة | مرابط
فكر تفريغات

المدرسة العقلانية المعاصرة


الآن نتكلم على قضية الذين يقدمون آرائهم على الكتاب والسنة وبالذات من المعاصرين يعني ما يسمى بالمدرسة العقلانية المعاصرة طبعا ينتمي إلى هذه المدرسة عدد من المعاصرين استطاعوا أن يقعدوا لها قواعد ويضعوا الأصول الخاصة بهم وبالطبع درجات انحرافهم متباينة ومتفاوتة وهذا ما سنعرفه

بقلم: محمد صالح المنجد
2297
الضباب العقلي | مرابط
ثقافة

الضباب العقلي


إن قضاء الكثير من الوقت أمام شاشة التلفزيون يصيب العقل بنوع من الخمول فالشخص الذي يكثر من مشاهدة التلفزيون تجده ثقيلا بطيء الحركة ويميل بشدة إلى أحلام اليقظة ويتعب من إعماله لعقله وسرعان ما يفقد التركيز

بقلم: محمد علي فرح
285