ينبغي أن يُعوَّد الأبناء على أحكام الإسلام منذ الصّغر؛ وذا بأن يُعلَّموها؛ ويُعمل بها على مرأى منهم أيضًا، ويُشرَح لهم لماذا الصّلاة والصّوم والحجاب ونحو ذلك..
فإذا بلغوا سبع سنوات أُُمروا بتلك الأحكام أمرًا؛ فيؤمرون حينها بالصّوم وبسائر الأحكام العمليّة كالحجاب بالنّسبة للبنات أيضًا كما يؤمرون بالصّلاة الّتي هي أوّل تلك الأحكام، ولهذا نُصّ عليها هي في قول النّبيّ ﷺ: "مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين، فإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها"، قال ابن كثير: قال العلماء: وهكذا في الصوم ليكون تمريناً له على العبادة والطاعة ومجانبة المعاصي، وترك المنكر، والله الموفِّق. اهـ.
ولذا فهم إذا بلغوا عشر سنوات ضُربوا على ذلك، ثمّ إذا بلغوا الحُلم يُلزمون بتلك الأحكام إلزامًا؛ قال النّبيّ ﷺ: "كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، الرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا...".
ويجب على الأب أن يُلزم ابنته بلبس الحجاب إذا أدركت البلوغ باتّفاق الفقهاء، بل منهم من أوجب عليه إلزامها بذلك إذا بلغت حداً تُشتهى فيه بأن ظهرت بمظهر المرأة وصارت ممّا تتعلق بها أنظار الرّجال، وهو ما قدّره أكثرهم بتسع سنوات أو عشر، فواجب ههنا إلزامها بتغطية مفاتنها كما تُلزم بذلك البالغة، وإلّا أثم ولا تأثم هي على هذا القول لتعلّق التّكليف به دونها، وهما يأثمان جميعًا بالإجماع إذا بلغت ولم يمنعها من الظّهور أمام الأجانب غير متحجّبة.
ثمّ إنّ إلزام الأب لابنته بالحجاب لا يتعارض مع وعظه لها والتّلطّف في أمره إيّاها بذلك وغيره من أحكام المكلّفات خلافًا لما يراه كثير من العوامّ من الاكتفاء بوعظها إلى أن تقتنع! فإنّ ذلك = جهلٌ، وهو = تخليط بين وظيفة وليّها ووظيفة من لا سبيل له عليها من عامّة النّاس، إذ وظيفة الوليّ أعمّ كما في قول الله -سبحانه وتعالى- بالنّسبة للزّوجات: {فعظوهنّ واهجروهنّ في المضاجع واضربوهنّ}، فدلّ أنّ الوعظ لا يتنافى مع الإلزام في حقّ الولاة كما في الحاكم العامّ أيضًا، وكما في الأب هنا فإنّه وليّ على ابنته..
وإلّا فلو تُرك الإلزام ووُكّل الأمر لاختيار المأمورين وأهوائهم لعمّ التّسيّب والفساد ولانسلخ عامّة الخلق من الأحكام، قال الله سبحانه وتعالى: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ} [المؤمنون : 71]، ولهذا قال النّبيّ ﷺ: (كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا.. وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ).