يرى باومان أن مشكلة المشاكل بالنسبة للحداثة أخلاقية؛ فقد سقط ملف الأخلاق من الحداثة مع تزايد النسبية الكاملة. ورغم تحذير دوستويفيسكي من أنه "بدون الإله فإن كل شيء يصبح مباحًا"، وتأكيد دوركهايم أنه لو تخلخلت "قبضة" العُرف الاجتماعي لانهارت الأخلاق = "فإن العقل الحداثي ظل يؤكد [دون دليل يُذكر] أن سد هذه الفجوة ممكن، إن لم يكن اليوم فغدًا".. [الأمر الذي لم يحدث قط!]، ويؤكد باومان أن ثمة حاجة إلى إله، حتى لو كان الإله إنسانًا يسعى للكمال، لأن غياب المتجاوز يعني تسرّب العبثية إلى كل شيء.
وغياب المطلق الديني -في تصور باومان- أدى إلى التمحور حول "الجسد"، لكن حين يغيب "ما وراء الجسد" تغيب أيضًا فكرة الجماعة والمجتمع والهُوية الجمعية التي تشترط تجاوزًا للذات/الجسد. وحين يصير الجسد هو المحور يكون هو الهدف أيضًا عند النزاع، ويكون الحل هو الإبادة.
المصدر:
- عبد الوهاب المسيري، العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة