فضل تعلم اللغة العربية

فضل تعلم اللغة العربية | مرابط

الكاتب: محمد حسن عبد الغفار

377 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

القرآن الكريم هو دستور هذه الحياة، والقرآن الكريم هو شرف هذه الأمة، ولا تعتز الأمة إلا بالتمسك بهذا الكتاب العظيم، الذي هو كلام الله جل في علاه.
إن الله جل في علاه أناط الشرف والقيادة والسيادة والريادة لهذه الأمة بهذا الكتاب، حيث قال جل في علاه: لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ [الأنبياء:10] أي: إن شرفكم وعلوكم وسيادتكم وقيادتكم وريادتكم لا تكون إلا بالكتاب.

 

ووافقت هذه الآية قول النبي صلى الله عليه وسلم: (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي) ألا وهو كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم.

 

والسنة لا يمكن أن تفترق عن الكتاب، فكتاب الله هو عز هذه الأمة، والتمسك بكتاب الله شرف هذه الأمة، والقيادة والسيادة والريادة لا تكون إلا بهذا الكتاب، ولذلك قال عمر بن الخطاب عندما أرسل باعثه إلى مكة وجاء له بالوالي فقال له: من تركت أو من خلفت في مكة؟ قال: فلانًا من الموالي، قال: أتركته يتسيد عليهم؟ قال: إنه يحفظ كتاب الله ويعلم الفرائض، فقال له عمر : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله يرفع بهذا القرآن أقوامًا ويخفض به آخرين).

 

فالناس يرتفعون لفهمهم كلام الله جل في علاه ومراد الله في كتابه، وهذا لا يكون إلا باللغة العربية، ولذلك فإن عمر بن الخطاب كان يضرب بالدرة على ذلك، ويقول: تعلموا العربية فإنها لغة القرآن.

 

ونحن أعاجم لسنا بعرب، فكثير من كلمات المصنفين لا نستطيع أن نعرف معانيها إلا بالرجوع إلى المعاجم اللغوية، فاللغة العربية لها أهمية قصوى؛ لأنها من علوم الآلة التي بها استقامة اللسان، واستقامة اللسان ممدحة في الشرع، وكذلك العقل عن الله جل في علاه وفهم كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

واللغة العربية فيها التقديم والتأخير، فيتقدم المفعول على الفاعل والخبر على المبتدأ، وهذا يجعلك تتوسع في فهم كلام الله جل في علاه، فعندما يقرأ القارئ قول الله تعالى: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ [فاطر:28] فإن لم يعرف المفعول من الفاعل ولم يعرف سهولة هذه اللغة التي فيها التقديم والتأخير، وأن هذا التقديم فيه أسلوب الحصر، فإنه لا يعرف مراد الله جل في علاه، فيتعجب العامي من سماع هذه الآية ويقول: إن الله يخشى منهم؟ فهذا من الفحش؛ لأنه أخطأ ولم يتعلم العربية، فلو علم أن المفعول يتقدم على الفاعل علم معنى الآية، فـ(الله) لفظ الجلالة مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، والعلماء: فاعل، فهم الذين يخشون الله جل في علاه.

ومن ذلك قول الله تعالى: لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا [الحج:37].

 

فالتقديم والتأخير عندما يعرفه المسلم فإنه يفهم ويعقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مراده، ولذلك كان من الأهمية تعلم اللغة العربية، وكانت العرب قبل الإسلام أصحاب سليقة وفصاحة وبلاغة وشعر، فكان لهم علو كعب في اللغة العربية، وجاء الإسلام بفضل الله وبهذا الكتاب العظيم الذي ينظم ويرتب هذه اللغة ويجعلها في زيها الجميل الذي نراه الآن، والدين كله كان في الجزيرة العربية.

 

والعرب في الجزيرة العربية ينقسمون إلى عرب الشمال، وعرب الجنوب، ويسمى عرب الجنوب العرب العاربة وهم القحطانيون ومنهم الذين في اليمن أما عرب الشمال الذين هم من ولد إسماعيل وهم العدنانيون، واللغة التي كانت تجمعهم هي اللغة العربية، لكن كان هناك اختلاف في اللهجات، ولذلك نزل القرآن على سبعة أحرف كلها في اللغة العربية مع اختلاف ظاهره ( فتثبتوا ) كانت تقرأ ( تبينوا ) و(لامستم) تقرأ (لمستم)، و(أماناتهم) تقرأ (أمانتهم)، فهذا هو الخلاف في القراءات، ويجمعها أصول اللغة العربية.

 

ولما دخل الإسلام جزيرة العرب ألبس اللغة الثوب الجديد، ثم بعد ذلك فتح الله الأمصار على يد المهاجرين والأنصار الذين رفعهم الله بتمسكهم بكتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، فحدث الجهاد مع الأعاجم، ثم حصل السبي للعبيد والإماء، فلما دخل الأعاجم بلاد الإسلام أصبحت اللغة العربية يحدث فيها الغلط واللحن، فلما ظهر اللحن ابتدأ جهابذة اللغة والسنة والكتاب، وقالوا: لا بد من حفظ كتاب ربنا وسنة نبينا، ولا يكون ذلك إلا بالضوابط والقواعد النحوية؛ حتى لا يحدث اللحن في ديننا وفي كتاب ربنا، وهذا الذي أهال عمر بن الخطاب عندما جاءه أعرابي يطلب منه أن يقرأ عليه القرآن..

 

فأخذه رجل ليعلمه القرآن فأضاعه، فقرأ في سورة براءة قوله تعالى: وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ [التوبة:3] بخفض لرسوله) فقال الأعرابي: أبرأ ممن برأ منه الله جل في علاه، أي: يبرأ من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه التي تهدم الدين بأسره، فلما قال الأعرابي ذلك وسمعه عمر قال له: لا تقرأ هكذا، فقرأ عليه  أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ [التوبة:3] فقال: أبرأ ممن برأ منه الله ورسوله، ففهم الأعرابي لما شكل له التشكيل الصحيح فهمًا صحيحًا.
من هنا قال العلماء: إن عمر بن الخطاب أمر أبا الأسود الدؤلي أن يبدأ في وضع قواعد النحو والصرف.

 

وبعض العلماء قال بأن علي بن أبي طالب هو أول من أشار على أبي الأسود أن يضع القواعد في اللغة، ولا مشاحة في ذلك، فاللغة قد وضعت لها القواعد سواء بأمر عمر أو علي أو بسبب أبي الأسود الدؤلي. وأشهر النحاة الذين انبروا في ساحات اللغة عند أهل الإسلام منهم أبو الأسود الدؤلي وأيضًا أبو عمرو بن العلاء والخليل بن أحمد وتلميذه العظيم في اللغة سيبويه وهذا الاسم فارسي، سيب معناه: التفاح، وويه: الرائحة، فإذًا سيبويه : رائحة التفاح، ونفطويه رائحة النفط أي: رائحة البترول، فأشهر النحاة سيبويه وأيضًا والفراء والكسائي.
ومهبط وضع قواعد اللغة كان في البصرة، وأهل العراق عندنا فرسان الميدان في اللغة وفي غيرها، فاللغة أصالة مهبطها البصرة، ولذلك ترى كثيرًا من المتمكنين يقولون: واختلف في هذه المسألة البصريون والكوفيون فأول علماء اللغة برعوا في البصرة، ثم تتلمذ على أيديهم أهل الكوفة، وأصبح الخلاف بين أهل الكوفة وأهل البصرة.


المصدر:

محاضرة شرح المقدمة الآجرومية

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#اللغة-العربية
اقرأ أيضا
عشرة أشياء ضائعة لا ينتفع بها | مرابط
اقتباسات وقطوف

عشرة أشياء ضائعة لا ينتفع بها


مقتطف هام من كتاب الفوائد لابن قيم الجوزية يضع بين يدينا عشرة أشياء ضائعة لا ينتفع بها العبد مهما بذل فيها من وقت وجهد وكدح ثم بعدما يذكرها يقف على أعظم الإضاعات التي قد يقع فيها العبد وهما إضاعة القلب وإضاعة الوقت

بقلم: ابن القيم
607
أثر الحضارة الأندلسة في الحضارة الأوروبية | مرابط
تاريخ

أثر الحضارة الأندلسة في الحضارة الأوروبية


خلود الحضارات إنما يكون بمقدار ما تقدمه في تاريخ الإنسانية في مختلف نواحي الفكر والعلوم والأخلاق من آثار خالدة وإذ قد علمنا الدور العظيم الذي قدمته وأسهمت به الحضارة الإسلامية عامة وفي الأندلس خاصة في تاريخ التقدم الإنساني فبإمكاننا هنا استجلاء واستقراء هذه الآثار فيما وصلت إليه أوروبا أو النهضة والحضارة الأوروبية

بقلم: د. راغب السرجاني
430
الفرح بالله | مرابط
اقتباسات وقطوف

الفرح بالله


والفرح بالله وبأعمال الإيمان التي تقرب إلى الله جاءت الإشارة إليه في آيات متعددة بلفظ الفرح وبلفظ الاستبشار وغيره ولذلك قال ابن القيم فالفرح بالله وبرسوله وبالإيمان وبالسنة وبالعلم وبالقرآن من أعلى مقامات العارفين

بقلم: إبراهيم السكران
685
المدخل إلى فهم إشكالات ما بعد السلفية ج2 | مرابط
مناقشات

المدخل إلى فهم إشكالات ما بعد السلفية ج2


حين أخبرني الشيخ أحمد سالم عن كتاب ما بعد السلفية وكان يتوقع رفضا واسعا للكتاب أبديت مخالفتي لهذا التوقع وأن مثل هذا النقد سيكون متقبلا عند التيار الأوسع من السلفيين كنت أرى أن مثل هذا النقد من كاتبين فاضلين سيكون له أثر إيجابي لحظة ما وصلني الكتاب بدأت متلهفا بقراءته قرأته بشكل دقيق فاحص شعرت بعد الانتهاء منه أنني كنت ساذجا جدا حين ظننت أن مثل هذا النقد سيحدث أثرا إيجابيا أو من الممكن أن تتقبله أكثر النفوس أو أن يكون الفضاء الذي سيحدثه فضاء صحيا السبب هو في الروح التي كتب بها هذا النقد وحك...

بقلم: فهد بن صالح العجلان
1041
مع نظرية المصلحة عند نجم الدين الطوفي | مرابط
تعزيز اليقين فكر مقالات

مع نظرية المصلحة عند نجم الدين الطوفي


تعتبر مقولة نجم الدين الطوفي الشهيرة: تقديم المصلحة على النص من أشهر المقالات الفقهية والفكرية فى هذا العصر لأنه تم توظيفها بمهارة لتكون بساطا يسير عليه أي تحريف معاصر يرغب في تخطي بعض النصوص الشرعية ومع الجهود العلمية الحثيثة في توضيح هذه القضية وبيان الشذوذ والخلل فيها إلا أن المقالة الطوفية ما تزال حاضرة في أي مشهد ثقافي يرغب في حذف بعض أحكام الشريعة

بقلم: فهد بن صالح العجلان
1488
من أكثر ما يعينك على الشكر | مرابط
اقتباسات وقطوف

من أكثر ما يعينك على الشكر


من أكثر ما يعينك على الشكر تذكر سابق حالك.. يمكن أن تسمي ذلك بذكريات النعمة. هذا الشارع الذي تمشي فيه الآن بسيارتك كنت تمشي فيه في الحر الشديد أو البرد الشديد على رجليك ربما لا تجد أجرة الحافلة أو تجدها ولكن المشي أرفق بك من ركوبها.

بقلم: محمد سالم بحيري
273