القوامة وظلم الزوجة

القوامة وظلم الزوجة | مرابط

الكاتب: منقذ محمود السقار

2001 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

قالوا: إن القرآن ظلم المرأة حين جعل القوامة في المجتمع للرجل دون المرأة "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ"

 

والجواب:

 

إن نظرة سريعة إلى المنهج الإسلامي في التعامل مع المرأة ستكشف عن القدر العظيم للمرأة في الإسلام، فما زال النبي صلى الله عليه وسلم يوصي بحسن عشرة النساء، ففي حجة الوداع وأمام جموع الصحابة وقف النبي صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه وقال:

 

ألا واستوصوا بالنساء خيرًا، فإنما هن عوانٌ عندكم... ألا إنَّ لكم على نسائكم حقًّا.  ولنسائكم عليكم حقًّا.  فأما حقُّكم على نسائكم فلا يوطئنَ فرُشَكم من تكرهون ولا يأذنَّ في بيوتكم لمن تكرهون.  ألا وحقُّهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن

 

وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بحسن العشرة للنساء والصبر على ما يصدر منهن من أذى اللسان، فإن المرأة بحسب جِبِلّتها تأخذ حقها بلسانها، فقد قال صلى الله عليه وسلم

 

استوصوا بالنساء خيرا فإنهن خلقن من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فاستوصوا بالنساء خيرًا

 

ولما كانت الأسرة كسائر المؤسسات المجتمعية والاقتصادية تحتاج إلى قائد يقودها، فإن القرآن جعل القوامة في الأسرة للرجل دون المرأة "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ" .. فالآية تحدد صاحب المسؤولية الأولى في الأسرة، وهو الرجل، إذ أي مجتمع إنساني -صغر أم كبر- لا يخلو من قيّم مسؤول يقود من تحت ولايته بما يمتاز به عن الآخرين، ككبر سنه أو امتلاكه حصة أكبر في الأسهم أو خبرة أو أقدمية في العمل، لكن -على كل حال- لا بد من وجود مدير أو مسؤول أول أو قائد لهذه المؤسسة.

 

وفي حالتنا هذه نحن أمام أحد خيارين: إما أن تكون المسؤولية الأولى للمرأة، أو أن تكون للرجل.

 

وضع المرأة في البلدان الداعية للمساواة بين الجنسين

 

إن نظرة بسيطة تتفحص عالمنا -الذي ما فتيء ينادي ويصرخ بالمساواة العمياء بين الرجل والمرأة- لتكشف لنا عن حقيقة تميز الرجل في مختلف بلدان الداعين إلى المساواة، لذلك أسأل القارئ الكريم: كم نسبة الوزيرات إلى الوزراء في دول العالم الذي ينادي بالمساواة بين الجنسين؟ وكم نسبة الملوك والرؤساء من النساء في تلك البلاد؟ وكم نسبة نساء الدولة والبرلمان وقادة الأخزاب إلى الرجال في هذه الدولة؟

 

لا ريب أننا جميعا متفقون على تقدم الرجل -في كل هذا- على المرأة وبفارق كبير، فكيف وقع هذا عند من يدعون المساواة؟
إن الدول الإسكندنافية حققت أعلى الأرقام العالمية في تولية المرأة مناصب قيادية، لكنها لم تتجاوز نسبة ال30% لماذا؟

 

طبيعة خلق الرجل والمرأة

 

القرآن يجيبنا "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ" .. نعم، لقد خلق الله الرجال لغاية، وأعطاهم من الملكات والإمكانات ما يعينهم عليها، ومن ذلك مسؤولية القيادة في الأسرة والمجتمع، ﻷنه مسؤول عن رعاية البيت ونفقته، فالزوجة درة مصانة، ليس واجبا عليها ولا مطلوبا منها أن تكدح وتشقى بالعمل لتضمن مكانا لها في بيت الزوجية، فهذا ليس من واجباتها، ولا هو متناسب مع أنوثتها وطبيعتها الحانية العاطفية التي فطرها الله عليها لتناسب مهمتها السامية في إدارة بيتها وتربية أبنائها وإعطائهم حقهم من الحنو والرعاية

 

كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته.. والرجل راع في أهله، وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها، وهي مسؤولة عن رعيتها

 

والمرأة مكفولة النفقة، أمًّا كانت أو زوجة، أختا كانت أو ابنة، "يد المعطي العليا، وابدأ بمن تعول: أمك وأباك، وأختك وأخاك، ثم أدناك أدناك"، فواجب الرجل الإنفاق على الأسرة عموما، وعلى الزوجة خصوصًا، ولو كانت ذات مال ووظيفة، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك "ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروفة"

 

والعلاقة الزوجية جملة متبادلة من الحقوق والواجبات، وهي قائمة على مبدأ الأخذ والعطاء "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة" وهذه الدرجة (القوامة) ليست لقعود جنس النساء عن جنس الرجال، بل تفضيل متناسب مع ما أودعه الله في الرجل من استعدادات فطرية تلائم مهمته وتتناسب مع إنفاقه على الأسرة.

 

هل القوامة تعني التفرد بالقرار؟

 

وقوامة الرجل على المرأة والأسرة لا تعني تفرده بالقرار، فها هو صلى الله عليه وسلم أكمل الرجال وسيدهم يستشير أم سلمة في مسألة تتعلق بالأمة لا بالأسرة فحسب، فقد أمر أصحابه يوم الحديبية أن يحلقوا رؤوسهم ويحلوا من عمرتهم؛ ليعودوا إلى المدينة المنورة، فكرهوا ذلك ولم يقم منهم أحد، فدخل على أم سلمة، فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة:

يا نَبِيَّ اللَّهِ، أتُحِبُّ ذلكَ؟ اخْرُجْ ثُمَّ لا تُكَلِّمْ أحَدًا منهمْ كَلِمَةً، حتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ، وتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ، فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أحَدًا منهمْ حتَّى فَعَلَ ذلكَ؛ نَحَرَ بُدْنَهُ، ودَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ، فَلَمَّا رَأَوْا ذلكَ قَامُوا، فَنَحَرُوا، وجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا حتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا

 

سؤال لدعاة مظلومية المرأة

 

بقي أن نهمس في آذان أصحاب هذه الأبطولة، فنسألهم: من القيم على الأسرة في كتابكم الرجال أم النساء؟ وما رأيكم في قول بولس: الرجل ليس من المرأة، بل المرأة من الرجل، ولأن الرجل لم يخلق من أجل المرأة، بل المرأة من أجل الرجل" وهذا النص وأمثاله يفيد قوامة الرجل، ويفيد أيضًا ما لا نقبله، ونراه إزراء بالمرأة التي لم تخلق للرجل، فهي ليست كسائر ما سخره الله لنا من متاع، بل هي كالرجل مخلوقة لعبادة الله وعمارة الأرض بمنهجه تبارك وتعالى.

 


 

المصدر:

  1. تنزيه القرآن الكريم عن دعاوى المبطلين، د. منقذ محمود السقار، ص266
تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.
اقرأ أيضا
الفروق بين الجنسين | مرابط
أباطيل وشبهات تعزيز اليقين المرأة

الفروق بين الجنسين


ربما يكون التحدي الأكبر الذي يواجه الاعتراف بالفوارق بين الجنسين اليوم هو ميل المجتمعات الحديثة إلى قياس قيمة النساء اليوم بمقارنتهن بالرجال بدلا من مقارنتهن بأفضل النسخ الممكنة من أنفسهن أقصى إمكاناتهن الآثار الاجتماعية والنفسية والعاطفية السلبية لهذه المقارنة المضللة مروعة

بقلم: مجلة أوج
433
هل العمل عبادة؟ | مرابط
مقالات

هل العمل عبادة؟


والعمل ليس عبادة إلا إذا نوى الإنسان به نية حسنة ككف نفسه عن سؤال الناس والحاجة إليهم أو النفقة على أهله والتصدق على المحتاجين وصلة الرحم ونفع المسلمين بهذا العمل.. ونحو ذلك من النيات الصالحة التي يثاب عليها. ولا بد من استحضار النية.

بقلم: قاسم اكحيلات
440
فقه الخلاف في حياة الصحابة | مرابط
تفريغات

فقه الخلاف في حياة الصحابة


ثمة اختلافات حدثت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولكنها اختلافات قريبة وقد كانت عقول الصحابة كبيرة وإيمانهم عال فكانوا يعذرون بعضهم في الخلافات التي يسوغ فيها الاختلاف.. وبين يديكم نماذج مختلفة تبين لنا فقه الخلاف في حياة الصحابة الكرام

بقلم: أبو إسحق الحويني
254
فضل العشر الأوائل من ذي الحجة | مرابط
تعزيز اليقين

فضل العشر الأوائل من ذي الحجة


من مواسم الطاعة العظيمة العشر الأول من ذي الحجة التي فضلها الله تعالى على سائر أيام العام فعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله منه في هذه الأيام العشر قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء أخرجه البخاري: 2457

بقلم: محمد صالح المنجد
3411
آداب استخدام مواقع التواصل الاجتماعي | مرابط
تفريغات

آداب استخدام مواقع التواصل الاجتماعي


محاضرة ثرية وهامة للشيخ محمد صالح المنجد تدور حول وسائل التواصل الاجتماعي التي وصلت إلى كل البيوت تقريبا وصارت تشكل مساحة كبيرة من حياة الإنسان وللأسف يستخدم المسلمون هذه الوسائل والمواقع بدون ضوابط ولا حدود ومن هنا تأتي محاضرة الشيخ المنجد لتقدم لنا آداب استخدام مواقع التواصل الاجتماعي

بقلم: محمد صالح المنجد
3757
سد الذرائع في باب الاختلاط | مرابط
مقالات

سد الذرائع في باب الاختلاط


وقد كان من سنة النبي صلى الله عليه وسلم وسنة خلفائه التمييز بين الرجال والنساء والمتأهلين والعزاب فكان المندوب في الصلاة أن يكون الرجال في مقدم المسجد والنساء في مؤخره وقال النبي صلى الله عليه وسلم: خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها.

بقلم: ابن تيمية
356