آية تقوض مسلك التأويل والتفويض في الصفات

آية تقوض مسلك التأويل والتفويض في الصفات | مرابط

الكاتب: حمود بن ثامر

557 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام وعلى خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين..
أما بعد:

فإذا تأمل السني كتاب الله عز وجل وسنة نبيه ﷺ لوجد فيهما الرد على جميع شبه أهل الباطل فسبحان من قال ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾

ومن ذلك آية في كتاب الله تنسف مسلكي الأشعرية في الصفات؛ فمن المعلوم أن الأشاعرة في الصفات على مسلكين:

قال ابن حجر في فتحه عند شرح قول النبي ﷺ: "أعوذ بوجهك":
"وقال الكرماني قيل المراد بالوجه في الآية والحديث الذات أو الوجود أو لفظه زائد أو الوجه الذي لا كالوجوه لاستحالة حمله على العضو المعروف فتعين التأويل أو التفويض" [13/389]

وقال النووي في شرحه لأحد الأحاديث: "هذا الحديث من أحاديث الصفات، وفيها مذهبان:
أحدهما: الإيمان به من غير خوض في معناه مع اعتقاد أن الله تعالى ليس كمثله شيء،وتنزيهه عن سمات المخلوقات
والثاني: تأويله بما يليق" [5/24]

قال اللقاني في جوهرة الشرك المسماة زورا وبهتانا بجوهرة التوحيد وهي منظومة في عقيدة الأشعرية المتأخرين:
وكل نص أوهم التشبيها ** أوله أو فوض ورم تنزيها

فهذه طريقة الأشعرية في كل ما تظنه عقولهم الخربة أنه يوهم التشبيه ! إما تأويل وهو في الحقيقة تحريف وتلاعب أو تفويض وهو في حقيقته تجهيل للأنبياء والصحابة بحيث لم يكونوا يعلموا معاني هذه الألفاظ، ويزعمون أن التفويض طريقة السلف ! وكذبوا في هذا..

قال الإمام الترمذي: " وقد قال غير واحد من أهل العلم في هذا الحديث وما يشبه هذا من الروايات من الصفات، ونزول الرب تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا. قالوا: قد ثبتت الروايات في هذا، ويؤمن بها، ولا يتوهم، ولا يقال كيف؟ هكذا روي عن مالك بن أنس, وسفيان بن عيينة, وعبد الله بن المبارك أنهم قالوا في هذه الأحاديث: أمروها بلا كيف، وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة"[حديث رقم662].

بل السلف على إثبات الصفات لله سبحانه وتعالى بما وصف به نفسه أو وصفه رسوله ﷺ أو وصفه به الصحابة ومن تبعهم بإحسان.. والآيات التي تنسف طريقة الأشعرية كثيرة ومنها قوله تعالى في سورة ص: ﴿قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ ﴾

فهذه الآية العظيمة تنسف مسلكي الأشاعرة من أساسها:

فأما التفويض:

فإن المفوضة يزعمون أن قوله"بيدي" لا معنى لها معلوم، وأن معناها لا يعلمه أحدٌ غير الله سبحانه وتعالى؛قال ابن تيمية في بيان طريقة المفوضة:

"يَقُولُونَ: إنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَعْرِفْ مَعَانِيَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إلَيْهِ مِنْ آيَاتِ الصِّفَاتِ وَلَا جِبْرِيلُ يَعْرِفُ مَعَانِيَ الْآيَاتِ وَلَا السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ عَرَفُوا ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ فِي أَحَادِيثِ الصِّفَاتِ: إنَّ مَعْنَاهَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ" [مجموع الفتاوى5/34]

فإن كان الصواب في هذه الآية طريقة أهل التفويض وأن قوله "بيدي" لا يعلم معناها إلا الله، فإن لإبليس الحجة على الله لأن الله قد خاطبه بميزة لآدم لا يعلم معناها ولا يعرفها.

وأما التأويل:

فأهل التأويل يقولون عن هذه الآية"بيدي" أي بنعمتي أو بقدرتيّ ؛ قال ابن تيمية رحمه الله: "إن معنى اليد لو كان النعمة والقوة لوجد إبليس متعلقًا من هذه الجهة لما امتنع من السجود لآدم عليه السلام فيقول وما في خلقك إياه بنعمتيك أو قوتيك مما يوجب علي أن أسجد له لقد خلقتني بنعمتيك وقوتيك وأنا مساوٍ له في خلقك إيانا جميعًا بيديك اللتين هما النعمة والقوة لأنه لا يخفى على أحد من ذوي العقول أن الله سبحانه خلق الأشياء بقوته وقدرته" [بيان تلبيس الجهمية6/ 232]

وبذا يتم المراد
﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ﴾

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#التأويل #الأشاعرة #التفويض #الصفات
اقرأ أيضا
هل أعرض أهل الحديث عن النظر العقلي | مرابط
اقتباسات وقطوف

هل أعرض أهل الحديث عن النظر العقلي


شيخ الإسلام ابن تيمية من أكثر المنافحين عن أهل الحديث وقد رد عنهم الكثير من الشبهات والأباطيل التي أحاطت بهم وعلى رأسها مسألة إهمال العقل فقد زعم أهل الكلام أن أهل الحديث ليسوا أهلا إلا للتقليد فقط فلا يوجد مساحة للعقل عندهم وهنا اقتباس ماتع لشيخ الإسلام يرد على هذا الزعم ويوضح الخطأ في كلامهم

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
2431
خرافة السر: قراءة تحليلية لكتاب السر وقانون الجذب | مرابط
فكر مناقشات

خرافة السر: قراءة تحليلية لكتاب السر وقانون الجذب


ولقد طالعت هذا السر وقرأته فوجدت كتاب دجل وخرافة يراد تمريرها عبر بهرجة لفظية وزخرفة كلامية ودعاوى فارغة فتركت الكتاب ولم أحفل به كونه من الباطل البين ولم أعن حينها بالكتابة حوله كونه مكتوبا بلغته الأم مما ساهم في تحجيم انتشاره وتضييق عدد قرائه عندنا لكن حين ترجم الكتاب إلى العربية وأخذت إعلاناته تطل علينا في الشوارع ويسوق له على مستوى عال تغير الحال وتبدل الرأي

بقلم: عبد الله العجيري
709
من محاسن الفتوى | مرابط
اقتباسات وقطوف

من محاسن الفتوى


عندما جاء رجل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يسأله: إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء فإن توضأنا به عطشنا أفنتوضأ به فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: هو الطهور ماؤه الحل ميتته فأجابه صلى الله عليه وسلم على سؤاله بقوله الطهور ماؤه ولكنه وزاد بأن قال الحل ميتته فما دلالة ذلك

بقلم: محمد بن إسماعيل الصنعاني
1843
نصيحة ابن تيمية: لا تجعل قلبك كالإسفنجة | مرابط
اقتباسات وقطوف

نصيحة ابن تيمية: لا تجعل قلبك كالإسفنجة


وقال لي شيخ الإسلام رضي الله عنه وقد جعلت أورد عليه إيرادا بعد إيراد: لا تجعل قلبك للإيرادات والشبهات مثل السفنجة فيتشربها فلا ينضح إلا بها ولكن اجعله كالزجاجة المصمتة تمر الشبهات بظاهرها ولا تستقر فيها فيراها بصفائه ويدفعها بصلابته وإلا فإذا أشربت قلبك كل شبهة تمر عليك صار مقرا للشبهات أو كما قال فما أعلم أني انتفعت بوصية في دفع الشبهات كانتفاعي بذلك.

بقلم: ابن القيم
492
موقف شحرور من وجود الله | مرابط
فكر مقالات

موقف شحرور من وجود الله


يقول شحرور: الإيمان بالله عندي تسليم وأنا مسلم بوجود الله واليوم الآخر وهذه مسلمة والمسلمة هي أمر لا يمكن البرهان عليه علميا كما لا يمكن دحضه علميا ولهذا لا يجوز للملحد المنكر لوجود الله أن يقول: أنا ملحد لأن الإلحاد موقف علمي ولا يجوز للمؤمن بوجود الله في المقابل أن يقول: أنا مؤمن لأن الإيمان موقف علمي وعندي أن الإلحاد أو الإيمان خيار يختاره الشخص بنفسه ولنفسه وفي هذا المقال فحص وتمحيص لمسألة وجود الله عند شحرور

بقلم: يوسف سمرين
2708
رحمة الله ليست في يد أحد من خلقه | مرابط
أباطيل وشبهات تعزيز اليقين فكر مقالات

رحمة الله ليست في يد أحد من خلقه


هذه المقولة من المقولات الرائجة على ألسنة الناس وهي في الأصل لا إشكال فيها فرحمة الله تعالى ليست في يد أحد من خلقه وليس لأحد أن يتألى على الله تعالى فيها بل هو مقام خطر جدا صح فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: أن رجلا قال: والله لا يغفر الله لفلان وإن الله تعالى قال: من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان فإني قد غفرت لفلان وأحبطت عملك فهي إذن مقولة صحيحة لا غبار عليها إنما الإشكال في بعض السياقات المعينة التي يستعان فيها بهذه المقولة وتتكرر بتكرارها وكم من سياق جعل كلمة حق توهم باطلا ورضي ا...

بقلم: عبد الله بن صالح العجيري وفهد بن صالح العجلان
1675