الموقف من آيات الصفات

الموقف من آيات الصفات | مرابط

الكاتب: عبد الرحمن المعلمي اليماني

409 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

وأما ما ورد من آيات الصفات وأحاديثها فالذي يفهم منها هو أن لله جل ذكره مطلق يد ووجه ونحو ذلك مما ورد، أما أن يدل على ماهية أو كيفية ونحوها فلا، بل لو قيل: إن ملكا من الملائكة له رأس لما فهم منه إلا أن له رأسا فحسب، فأما تفصيله فكلا. وذلك أن الماهية والكيفية ونحوها لا تفهم بمجرد ذكر الرأس مثلا، وإنما يحكم الإنسان على الشيء الغائب عنه إذا كان قد عرف نوعه، فالإنسان إذا تصور إنسانا من الغابرين أو الغائبين فإنه لا يحكم عليه إلا بما هو مشترك بين سائر الأناسي فقط.

وذلك للعلم بأنه إنسان من هذا النوع المشاهد، فإن تصور شيئا آخر كطوله وجسامته وبياضه مما لم يثبت اتصافه بها فهذا مجرد تخيل، كما قد يتصور أن له رأس ثور ونحوه.

فأما الملائكة فإن من لم ير أحدا منهم لم يمكنه أن يحكم عليهم بشيء، فإن ورد وصفهم بالأجنحة، فقد يتصور الإنسان أجنحة كأجنحة الطير، ولكنه فضلا عن كونه لا يفهم من الخبر أن رؤوسهم كرؤوس الطير وأرجلهم كأرجل الطير، لا يفهم منه أن أجنحتهم كأجنحة الطير وإن وصفوا بالأجنحة، للعلم بأنهم ليسوا من نوع الطير. وإذا كان هذا في الملائكة الذين هم خلق من خلق الله تعالى، فما بالك بجبار السموات والأرض سبحانه وتعالى؟

ومن المبتدع أيضا: مقابل هذا القول، وهو تأويل ما ورد في الكتاب والسنة من آيات الصفات مطلقا، قالوا: لأن قوله تعالى: ﴿ليس كمثله شيء﴾، وقوله: ﴿ولم يكن له كفوا أحد﴾ يصرفها عن ظاهرها. فيقال لهم: وما هو ظاهرها؟

فإن قالوا: إن ظاهرها هو أن المراد باليد يد كأيدينا، وبالوجه وجه كوجوهنا ونحو ذلك = فغير مسلم، لما مر أنها لا تفهم إلا مطلق يد ووجه ونحوها مما ورد، فإن تصور الإنسان ماهية أو كيفية أو كمية فهو يعلم أن ذلك تخيل بحت، كما مر في أجنحة الملائكة، ولله المثل الأعلى.

وإن قالوا: إن ظاهرها هو إثبات مطلق اليد والوجه ونحوها مما ورد، وزعموا أن ذلك من أصله محال= فلا ولا كرامة، فإن العليم الخبير أنزل تلك الآيات البينات في كتابه غير جاهل ولا غافل، وقد أنزل القرآن عربيا مبينا، وكلف العرب بما فهمته من كتابه ومن كلام نبيه صلى الله عليه وآله وسلم.


المصدر:
آثار الشيخ المعلمي (٤/ ١٦٠-١٦٢).

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الأسماء-والصفات
اقرأ أيضا
أصل الأخلاق المذمومة | مرابط
اقتباسات وقطوف

أصل الأخلاق المذمومة


أصل الأخلاق المذمومة كلها الكبر والمهانة والدناءة وأصل الأخلاق المحمودة كلها الخشوع وعلو الهمة فالفخر والبطر والأشر والعجب والحسد والبغي والخيلاء والظلم والقسوة والتجبر والإعراض وإباء قبول النصيحة والاستئثار وطلب العلو وحب الجاه والرئاسة وأن يحمد بما لم يفعل وأمثال ذلك كلها ناشئة من الكبر

بقلم: ابن القيم
545
الإخلاص والنية | مرابط
اقتباسات وقطوف

الإخلاص والنية


كتاب الإخلاص والنية من أهم ما نقل إلينا عن أبي بكر بن أبي الدنيا ففيه روايات وأخبار كثيرة كلها تدور حول نية العبد وكما نعلم فالنية هي أشق شيء على المؤمن لكي يضبطه ويحدد بوصلته في كل أعماله والأعمال بالنيات وبين يديكم اقتباسات موجزة من هذا الكتاب الماتع

بقلم: ابن أبي الدنيا
844
التعرف على الله من خلال آية الكرسي | مرابط
تعزيز اليقين

التعرف على الله من خلال آية الكرسي


تعد آية الكرسي أفضل آية في كتاب الله إذ كل ما فيها متعلق بالذات الإلهية العلية وناطق بربوبيته تعالى وألوهيته وأسمائه وصفاته الدالة على كمال ذاته وعلمه وقدرته وعظيم سلطانه وهذه الآية تملأ القلب مهابة من الله وعظمته وجلاله وكماله فهي تدل على أن الله تعالى منفرد بالألوهية والسلطان والقدرة قائم على تدبير الكائنات في كل لحظة لا يغفل عن شيء في السماوات والأرض

بقلم: علي محمد الصلابي
2296
الرجل الصفر الجزء الثاني | مرابط
تفريغات

الرجل الصفر الجزء الثاني


وأعني بالرجل الصفر ذلك الرجل الذي يتصف بالسلبية ودنو الهمة ذلك الداء الخطير الذي أصاب الكثير من المسلمين وخاصة الشباب والفتيات وكما أن هناك رجلا صفرا فإن هناك أيضا امرأة صفرا وكل ما قيل في هذا الموضوع يشمل الرجال والنساء معا إلا فيما يختص به الرجال من مجال ولذلك على النساء أن ينتبهن وأن يتابعن مثل هذا الموضوع فإنها تشارك الرجل في كل كلمة تقال فيه

بقلم: إبراهيم الدويش
637
فلسفة الصوم | مرابط
تعزيز اليقين مقالات

فلسفة الصوم


الصيام عبادة مستغربة أو منكورة في جو الحضارة المادية التي تسود العالم إنها حضارة تؤمن بالجسد ولا تؤمن بالروح وتؤمن بالحياة العاجلة ولا تكترث باليوم الآخر ومن ثم فهي تكره عبادة تقيد الشهوات ولو إلى حين وتؤدب هذا البدن المدلل وتلزمه مثلا أعلى إن الأفراد والجماعات في العالم المعاصر تسعى راغبة لتكثير الدخل ورفع مستوى المعيشة ولا يعنيها أن تجعل من ذلك وسيلة لحياة أزكى وفي المقال يقف بنا الكاتب أمام فلسفة الصوم

بقلم: محمد الغزالي
1614
تهيئة الشرق لوراثة الحضارات والمدنيات | مرابط
فكر مقالات

تهيئة الشرق لوراثة الحضارات والمدنيات


نحن شعوب متخاذلة قد غفلت عن حقيقة الحياة فواجبنا أن نعمل على إيقاظ هذه الشعوب من سنة النوم التي طالت بها وقتلت فيها مادة النشاط التي تدفعها إلى تحقيق الأغراض النبيلة التي خلق من أجلها الإنسان على الأرض أجل وهذه الشعوب نفسها هذا الشرق قد أثبت في التاريخ مرات أنه قادر على صناعة الحضارات والمدنية يتقنها ويستجيدها ويطهرها من أدران البلاء التي تعصف بإنسانية الإنسان كما تعصف الريح بأوراق الشجر فلم لا يثبت الشرق مرة أخرى في التاريخ الحديث أنه لم ينس هذه الصناعة وأن أنامله الرفيقة لا تزال قادرة على...

بقلم: محمود شاكر
1391