توجيه النشء بين الأمس واليوم

توجيه النشء بين الأمس واليوم | مرابط

الكاتب: سعد البريك

65 مشاهدة

تم النشر منذ 3 أشهر

أود أن أوجز ما تبقى من هذه الكلمات بمسمعٍ منكم أيها الأفاضل لأؤكد وأكرر أن الإسلام وهذه الشريعة المحمدية والهدي النبوي جاء مؤكدًا على ضرورة التوجيه منذ نعومة الأظفار، ومنذ بداية السن، وليس بعد زمنٍ متأخرٍ كما يفعله كثيرٌ من الناس.

إن النبي صلى الله عليه وسلم رأى عمرو بن سلمة، كان غلامًا صغيرًا تطيش يده في الصحفة، فأرشده النبي صلى الله عليه وسلم ووجهه، قال: (يا غلام! سمِّ الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك) ثلاثة توجيهات، (يا غلام! سمِّ الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك) .

توجيه الناشئة

من المؤسف أن تجد كثيرًا من الآباء والأمهات اليوم لا يعتنون بتوجيه الناشئة بآداب الإسلام، لا في الطعام، ولا في الشراب، ولا في الدخول، ولا في الخروج، ولا في دخول الخلاء، ولا عند المبيت، ولا عند الاستيقاظ، لقد تعلمنا كما قلت من عجائز جدات وأمهاتٍ ما عرفوا الدراسة ولا يعرفون الألف من الباء.

إذا أصبحنا بمجرد أن تشير الأم إشارة، يقول: لا إله إلا الله، محمدٌ رسول الله، أول ما يصبِّح بذكر الله عز وجل.
وإذا أراد أن يأكل: مَسَكََت يده، ماذا نسيتَ؟ فيقول: نسيتُ باسم الله، ثم تطلق يده.
وإذا أراد أن يقوم: مَسَكَت ثوبه، ماذا نسيتَ؟ قال: نسيتُ الحمد لله، يحمد الله بعد ذلك.
إذا أراد أن يدخل: ماذا تقول؟ اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث.

هؤلاء الذين رضعوا الدين رضاعة، وعاشوا على الفطرة، ما دنَّستهم قنوات، ولا أفسدتهم ماديات، ولا غيرتهم عجائب وغرائب الزمان، علَّموا وخرَّجوا رجالًا وأجيالًا، وقادة وسادة، وأمراء وصالحين، ووزراء ومهندسين، وطيارين ومعلمين وكل التخصصات التي تحتاجها الأمة، تخرجوا من أمهات وآباءٍ أميين وأميَّات، وللأسف أن كثيرًا من المتعلمين والمتعلمات اليوم لا يخرجون جيلًا مؤدبًا يلتزم بآداب الإسلام وأخلاقه وتعاليمه.

إن القضية ليست شهادة، وليست القضية مرحلة، وليست القضية مرتبة ولا جاهًا ولا نسبًا؛ المسألة هي: العناية.

هل يسرك أن يستمر عملك بعد موتك؟ هل تتمنى أن تُدفن في المقبرة ويكون هذا آخر عهدك ونهاية رصيدك وإقفال حساباتك في الأعمال الصالحة؟! أم تتمنى أن تكون ممن يجري لهم العمل الصالح حتى ولو بعد دفنهم وموتهم وفراقهم الدنيا، إن كنت كذلك فعليك بالولد الصالح بتربيته ونشأته، قال صلى الله عليه وسلم: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: علمٍ ينتفع به، أو صدقة جارية، أو ولدٍ صالح يدعو له) .

لسنا جميعًا أثرياء حتى نقول: سنترك صدقات جارية، لسنا جميعًا علماء حتى نترك علمًا يُنتفع به، لكن الكثير والغالب إلا النادر هو الذي يستطيع أن ينجب ولدًا، فإذا استطعت الإنجاب فاجعله ولدًا صالحًا يدعو لك بإذن الله، ويبقى لك.

العمل الذي يبقى بعد الموت

هل يسرك أن يستمر عملك بعد موتك؟ هل تتمنى أن تُدفن في المقبرة ويكون هذا آخر عهدك ونهاية رصيدك وإقفال حساباتك في الأعمال الصالحة؟! أم تتمنى أن تكون ممن يجري لهم العمل الصالح حتى ولو بعد دفنهم وموتهم وفراقهم الدنيا، إن كنت كذلك فعليك بالولد الصالح بتربيته ونشأته، قال صلى الله عليه وسلم: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: علمٍ ينتفع به، أو صدقة جارية، أو ولدٍ صالح يدعو له) .

لسنا جميعًا أثرياء، حتى نقول: سنترك صدقات جارية، لسنا جميعًا علماء حتى نترك علمًا يُنتفع به، لكن الكثير والغالب إلا النادر هو الذي يستطيع أن ينجب ولدًا، فإذا استطعت الإنجاب فاجعله ولدًا صالحًا يدعو لك بإذن الله، ويبقى لك.

بعض صور التربية

النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى الحسن، أراد أن يمد يده إلى الأكل من تمر الصدقة، ومعلوم أن آل البيت لا تصح لهم الصدقة، ولا الزكاة فهل تركه؟! لا. بل قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كِخْ كِخْ! أما علمت أنَّا لا نأكل الصدقة) يعلمه ويربيه، فلا بد أن نعلم أولادنا وأبناءنا هذه التوجيهات وهذه التعليمات.
المرأة إذا رأت تصرفات سيئة من ولدٍ أو طفلٍ أو صغيرٍ لا بد أن توجهه وتعلمه الاحترام والأدب والرحمة.

روى الحافظ ابن عبد البر عن أم الحصين أنها كانت عند أم سلمة رضي الله عنها فجاء مساكين فقراء، فجعلوا يستعطون ويلحون وفيهم نساء فقالت هذه الصغيرة: [اخرجوا اخرجوا -طفلة تخرجهم من البيت، أبعدوا أبعدوا، وتحس أنها في معتصم وفي كرامة وهؤلاء فقراء ومساكين، فأخذت تتلفظ عليهم بهذه الكلمات، اخرجوا اخرجوا من بيتنا- فقالت أم سلمة رضي الله عنها: ما بهذا أمرنا يا جارية! ردي كل واحدٍ أو واحدة ولو بتمرة تضعينها في يدها] لا تطردي الفقراء، أعطي كل فقير ولو تمرة واحدة.

كأن يأتي طفل صغير أو طفلة صغيرة فيقول: أبي.. أمي! عند الباب مسكين فتقول أمه: أغلق الباب في وجهه واتركه، فهذه تربية على القسوة، وتربية على وأد الرحمة في القلوب، لكن إذا قال الطفل: أبي.. أمي! عند الباب فقير.. عند الباب مسكين، تقول أمه: أسأل الله أن يغنيهم عنا وعن غيرنا، اذهب يا ولدي وافتح مكان التمر، وضع في هذا الصحن قليلًا من تمر، واذهب وافتح كيس الأرز وخذ منه، وليس بلازمٍ أن تعطيه عشرة ريالات، أو خمسين ريالًا، أو مائة ريال، ما كل واحد يستطيع أن يدفع نقودًا؛ لكنك لن تعجز، فلا ترد السائل ولو بتمرة، لا ترد السائل ولو بقبضة أرز، ولو بقبضة سكر ولو ببصلة تتصدق، يدفع الله عنك البلاء، تطفئ غضب الرب، تدفع ميتة السوء، وتربي ولدك على الرحمة بمثل هذا التصرف، هكذا كان الجيل الأول والصدر الأول يتعاملون ويعلِّمون.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الأطفال #النشء #الأسرة-المسلمة
اقرأ أيضا
القياس الفاسد لشرعنة الاختلاط | مرابط
المرأة

القياس الفاسد لشرعنة الاختلاط


هؤلاء الكتبة رأوا النبي -صلى الله عليه وسلم- أذن في اختلاط الرجال والنساء في المطاف والطريق ولم ينكر ذلك وهو اختلاط في زمن يسير عارض فجاء هؤلاء وقاسوا على ذلك مشروعية الاختلاط في التعليم والعمل وهو اختلاط مكث في زمن يطول وأهدروا اعتبار الفارق بين الزمن اليسير والزمن الكثير بين الاختلاطين.. وهذا قياس فاسد وشبهة رائجة بين يديكم رد مفصل عليها.

بقلم: إبراهيم السكران
116
ما رأيت مثله وما رأى هو مثل نفسه | مرابط
اقتباسات وقطوف

ما رأيت مثله وما رأى هو مثل نفسه


هو شيخنا وشيخ الإسلام وفريد العصر علما ومعرفة وشجاعة وذكاء وتنويرا إلاهيا وكرما ونصحا للأمة وأمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر.. مقتطف ماتع للإمام الذهبي يتحدث فيه عن شيخ الإسلام ابن تيمية بأوضح عبارة يصف لنا علمه وشيئا من مواقفه..

بقلم: الإمام الذهبي
118
القراءة العلمانية للتاريخ الإسلامي الجزء الأول | مرابط
فكر مقالات العالمانية

القراءة العلمانية للتاريخ الإسلامي الجزء الأول


عندما يجري الحديث عن القراءة العلمانية للتاريخ الإسلامي فإن الأمر يتجاوز الحديث عن وقائع معينة تمت روايتها وتدوينها في كتب التاريخ ليجري الحديث عن الأرضية التي يجري على أساسها تحليل واستنباط النتائج من الوقائع كما أن هذا يشمل المنهج المتبع في التحقق من تلك الوقائع إنه في المقام الأول حديث عن فلسفة التاريخ عن المنهج الذي يسلكه المحلل في قراءته وتوظيفه للأحداث التاريخية في نسقه التحليلي قبل المنهج المتبع في التحقق من صدق الرواية التاريخية

بقلم: يوسف سمرين
1056
فاحكم بينهم أو أعرض عنهم | مرابط
فكر مقالات أباطيل وشبهات

فاحكم بينهم أو أعرض عنهم


يناقش هذا المقال قول من استدل بالآية فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم على أن من رفض أن يحكم بالشريعة فلا يلزم بها فلا بد أن يختارها ويؤمن بها وحين لا يكون مؤمنا بها لا يكون ملزما كما خير الله في هذا الآية نبيه صلى الله عليه وسلم في أن يحكم بينهم أو يعرض عليهم ولو كان الحكم ملزما لما حصل اختيار

بقلم: فهد بن صالح العجلان
2059
عن قبح اللوطية وانعكاس الفطرة | مرابط
الجندرية

عن قبح اللوطية وانعكاس الفطرة


ثم أكد قبح ذلك بأن اللوطية عكسوا فطرة الله التي فطر الله عليها الرجال وقلبوا الطبيعة التي ركبها الله في الذكور وهي شهوة النساء دون الذكور فقلبوا الأمر وعكسوا الفطرة والطبيعة فأتوا الرجال شهوة من دون النساء ولهذا قلب الله سبحانه عليهم ديارهم فجعل عاليها سافلها وكذلك قلبوا هم ونكسوا في العذاب على رؤوسهم.

بقلم: ابن القيم
175
أبرز آراء النسوية الراديكالية: رفض الأسرة والزواج | مرابط
مقالات النسوية

أبرز آراء النسوية الراديكالية: رفض الأسرة والزواج


كرد فعل لوضع المرأة في الغرب وكرد فعل لقوانين الأحوال الشخصية المسيحية القاسية وكرد فعل لقسوة الرجال وعنفهم وكتحقيق للرغبة الجنسانية المستشرية في الغرب وابتغاء للفردية وعدم التقيد وهروبا من أعباء البيت ومسؤوليات الأسرة واعتقادا بأن الأسرة قيد وعبء ولا ضرورة لها وتصنف المرأة في درجة أدنى واحتجاجا على حصر دور المرأة في الإنجاب والأمومة دون غيرها من الأدواركل هذه الأمور أدت ببعض أجنحة هذه الحركة إلى السعي للتخلص من الأسرة والزواج

بقلم: مثنى أمين الكردستاني
1563