خير الأمة العربية

خير الأمة العربية | مرابط

الكاتب: محمود شاكر

464 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

لست امرءًا قانطًا ولا متشائمًا ولا يائسًا من خير هذه الأمة العربية، بل لعلني أشد إيمانًا بحقيقة جوهرها، وطيب عنصرها، وكرم  غرائزها، بل لعلني أشد إيغالًا في الإيمان بأنَّها صائرة إلى السؤدد الأعظم، والشرف السرى، والغلبة الظاهرة إن شاء الله، وأنها هي الأمة التي أرصدها بارئ النسم؛ لرد العقل على هذه الإنسانية المجنونة في هذه الحضارة الهوجاء، فالعرب مذ كانوا هم الجوهرة التي أطبقت عليها صحراء الجزيرة، فما زالت تكتمهم في ضميرها، وتحنو عليهم، وتمنعهم من كلِّ فساد داخل، حتى صفا ماؤهم، ورقَّ شبابهم، وأضاؤوا من جميع نواحيهم، فلما جاءهم محمد بن عبدالله بشيرًا ونذيرًا وهاديًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، صار كلُّ رجل من صحابته نجمًا يهتدي به الضال، ويأتمُّ به المسدد، ويومئذ تمت المعجزة الكبرى في تاريخ العالم، فانطلقت هذه الفئة الصالحة من عباد الله، كأنها السيل المتدفع، وكأنها الرياح العاصفة، وكأنها الأشعة المتلألئة، وكأنها قدر الله، فدكَّت حصون الروم، وثلَّت عروش الفرس، ودوَّخت جبابرة الأمم؛ حتى ورثوا أرض الله، وأقاموا فيها الحقَّ والعدل بالميزان والقسط، وجاءت سلالتهم فجدَّدت حضارة الدنيا، وإذا الذين كانوا بالأمس بداة جفاة غلاظًا- فيما يرى الناس من أهل الحضارات السالفة- هم الناس وهم العلم وهم أصحاب الإمرة في كلِّ فنٍّ وعلم وسياسة وتدبير ملك، إنها لمعجزة لم يوفِّها مؤرخ حقَّها من المجد والقوة والظهور.

 


 

المصدر:

جمهرة مقالات الأستاذ محمود محمد شاكر، 1/464

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الأمة-العربية
اقرأ أيضا
الدليل العقلي عند السلف ج2 | مرابط
أبحاث

الدليل العقلي عند السلف ج2


والحق أنهم -أي السلف- أيقنوا بغناء الدلائل الشرعية بالبراهين العقلية الفطرية وكفايتها عن الابتداع في دين الله وهذا جوهر الخلاف بينهم وبين مخالفيهم فإن المخالفين لما اعتقدوا أن الدلائل النقلية تعرى عن البراهين العقلية قادهم ذلك إلى ابتداع دلائل على مسائل الدين بل جمعوا بين الابتداع في الدلائل والإحداث في المسائل. ولو أنهم علموا أن دلائل القرآن العقلية لها صفة الثبات والاستمرارية إلى يوم الدين بحيث لا يفتقر في الاستدلال على أصول الدين إلى غيرها لما وقعوا في هذه المشاقة.

بقلم: عيسى بن محسن النعمي
380
المدنية المادية وهل أفلست في إسعاد البشرية | مرابط
فكر

المدنية المادية وهل أفلست في إسعاد البشرية


أجمع العقلاء بعد ما بلوا هذه المدنية المادية وابتلوا بها أنها قد أفلست في إسعاد البشرية وذهبوا في تعليل ذلك مذاهب شتى أقربها إلى الصواب أن تلك المدنية إنما أفلست لأنها فقدت أهم العناصر للوصول إلى هذه الغاية وهو العنصر الروحي أو عنصر الدين فالمدنية إن لم تنتظم هذا العنصر فلن تصل إلى غايتها أبدا ذلك أن الدين يطهر النفوس من الأدران والأضغان ويكسر شرة الأطماع ويحرم التطاول والطغيان ويزيل الفوارق بين الأجناس والألوان وينظم العلاقات بين الأفراد والجماعات ويقيمها على أسس العدل والمحبة والتعاون

بقلم: أبو الوفا المراغي
7711
الإيمان بالقدر | مرابط
اقتباسات وقطوف

الإيمان بالقدر


جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثا من جوامع الكلم الإمام زين الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن شهاب الدين الشهير بابن رجب الحديث الثاني وهو سؤال جبريل لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عن الإسلام والإيمان والإحسان

بقلم: ابن رجب الحنبلي
2174
اختلاط الجنسين في نظر الإسلام الجزء الأول | مرابط
فكر مقالات المرأة

اختلاط الجنسين في نظر الإسلام الجزء الأول


ومعنى غض البصر صرفه عن النظر الذي هو وسيلة الفتنة والوقوع في فساد ومن ذا الذي يجمع الفتيان والفتيات في غرفة وينتظر من هؤلاء وهؤلاء أن يصرفوا أبصارهم عن النظر ولا يتبعوا النظرة بأخواتها وهل يستطيع أحد صادق اللهجة أن يقول: إن أولئك المؤمنين والمؤمنات يحتفظون بأدب غض أبصارهم من حين الالتقاء بين جدران الجامعة إلى أن ينفضوا من حولها والشريعة التي تأمر بغض النظر عن النظر إلى السافرات تنهى أولي الأمر عن تصرف شأنه أن يدفع الفتيان والفتيات إلى عواقب وخيمة

بقلم: محمد الخضر حسين
1997
حضارة الصورة | مرابط
فكر ثقافة

حضارة الصورة


الحضارة الحديثة هي حضارة الصورة التي تدور حول مركزية البصر والاستعراض والثقافة الاستهلاكية التي تعطي القيمة الكبرى للجسد في مسار حياتها مقابل إهمال الروح وكل عناصر حضارة الصورة معادية للسر والغموض إذ ترتبط غايتها بمسألة التداول والشفافية المالية حول الإنسان والأشياء

بقلم: سامي الحربي
1382
حديث السفينة: من وحي الواقع | مرابط
تعزيز اليقين فكر

حديث السفينة: من وحي الواقع


عندما تكون السفينة هي مسرح الأحداث.. لن يسعك أن ترى من يحاول خرقها وتقول: دعه يفعل ما يشاء هو حر في مساحته الشخصية يمكننا أن نتعايش معه.. فالمآل هنا مشترك للجميع إما أن نغرق جميعا وإما أن ننجو جميعا.. والآن دعنا نتأمل حال سفينتنا التي أوشكت على الغرق بعدما كثرت فيها الخروق حتى صار جسد السفينة كالغربال ويزداد كل يوم من يريدون خرقها بزعم أنها مساحات شخصية كما يزداد أيضا من يكتفون بالمشاهدة بحجة التعايش.

بقلم: محمود خطاب
551