شبهة: إذا كان إبليس من الملائكة فكيف عصى الله

شبهة: إذا كان إبليس من الملائكة فكيف عصى الله | مرابط

الكاتب: محمد عمارة

2148 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

أصل الشبهة

يؤكد القرآن أنه لا يمكن للملائكة أن تعصى الله (66: 6) ومع ذلك فقد عصى إبليس الذي كان من الملائكة، كما في الآية (2: 34) فأيهما صحيح؟

 

الجواب:

الملائكة مخلوقات مجبولة على طاعة الله وعبادته والتسبيح له وبه.. فم لا يعصون الله، سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (التحريم: 6).

 

ومع تقرير هذه الآية أن هؤلاء الملائكة القائمين على النار {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}.. يقرر القرآن الكريم أن إبليس - وهو من الملائكة - في قمة العصيان والعصاة: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} (البقرة: 34).

 

وهناك إمكانية للجمع بين معاني الآيتين، وذلك بأن نقول: إن عموم الملائكة لا يعصون الله، سبحانه وتعالى، فهم مفطورون ومجبولون على الطاعة.. لكن هذا لا ينفي وجود صنف هم الجن - ومنهم إبليس، شملهم القرآن تحت اسم الملائكة - كما وصف الملائكة أيضًا بأنهم جنة - لخفائهم واستتارهم -.. وهذا الصنف من الجن، منهم الطائعون ومنهم العصاة..

 

وفي تفسير الإمام محمد عبده (1265-1323هـ/1849-1905م) لآية سورة البقرة: 34 - يقول:

 

"أي سجدوا إلا إبليس، وهو فرد من أفراد الملائكة، كما يفهم من الآية وأمثالها في القصة، إلا أن آية الكهف فإنها ناطقة بأنه كان من الجن.. وليس عندنا دليل على أن بين الملائكة والجن فصلًا جوهريًا يميز أحدهما عن الآخر، وو إنما هو اختلاف أصناف، عندما تختلف أوصاف. فالظاهر ان الجن صنف من الملائكة، وقد اطلق القرآن لفظ الجنة على الملائكة، على رأي جمهور المفسرين في قوله تعالى: {وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا} (الصافات: 158) وعلى الشياطين في آخر سورة الناس" (1).

 

ونحن نجد هذا الرأي أيضًا عند القرطبي - في تفسيره (الجامع لأحكام القرآن) - فيقول:

 

" وقال سعيد بن جبير: إن الجن سبط من الملائكة خلقوا من نار وإبليس منهم، وخلق سائر الملائكة من نور.. والملائكة قد تسمى جنا لاستتارها، وفي التنزيل: {وجعلوا بينه وبين الجنة نسبًا} (الصافات: 158) ، وقال الشاعر في ذكر سليمان عليه السلام: وسخر من جن الملائك تسعة :: قياما لديه يعملون بلا أجر " (2)

 

فلا تناقض إذًا بين كون الملائكة لا يعصون الله.. وبين عصيان إبليس - وهو من الجن، الذين أطلق عليهم اسم الملائكة - فهو مثله كمثل الجن هؤلاء منهم الطائعون ومنهم العصاة.

 


 

الإشارات المرجعية:

  1. (الأعمال الكاملة للإمام محمد عبده) ج4 ص133، دراسة وتحقيق: د. محمد عمارة، طبعة دار الشروق، القاهرة سنة 1414هـ سنة 1993م.
  2. (الجامع لأحكام القرآن) ج1 ص294-295

 

المصدر:

محمد عمارة، شبهات حول القرآن، ص4

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#شبهات-حول-القرآن
اقرأ أيضا
قياس الداعيات أنفسهن بعائشة رضي الله عنها | مرابط
أباطيل وشبهات

قياس الداعيات أنفسهن بعائشة رضي الله عنها


عائشة كانت تحدث الرجال من وراء حجاب وهو حكم خاص بها وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب الأحزاب: 53. وهذا الحجاب في كل وقت حال الخروج أيضا فهن يخرجن في هودج فهل تلزم الداعية المعاصرة نفسها بهذا؟ فالآية هذه لا تتحدث عن اللباس بل على الستار من إزار وجدار فكانت زوجات النبي ﷺ لا يخرجن إلا فيه فمن تطيقه منهن؟

بقلم: قاسم اكحيلات
350
النظرة الكلية للإنسان والكون والوجود | مرابط
تعزيز اليقين

النظرة الكلية للإنسان والكون والوجود


إن هذا الدين العظيم لا تفهم محاسنه ولا يتوصل إلى جمالياته إلا بإدراك نظرته الكلية للكون وللوجود وللدنيا والآخرة وللإنسان وما وراء وجوده على هذه الأرض وإذا تأملت كثيرا مما يثار من الاستشكالات والاعتراضات ضد أحكام الشريعة فستجد أنها منبعثة من تجزئة النظر إلى الإنسان أو إلى الحياة والوجود وناشئة من عدم فهم التكامل المراعى في تشريعات الإسلام والذي يتجاوز إطار المادة الضيق

بقلم: أحمد يوسف السيد
918
شبهة حول ميراث المرأة | مرابط
أباطيل وشبهات اقتباسات وقطوف المرأة

شبهة حول ميراث المرأة


أن الميراث له حالات متعددة منها ما تعطى فيه المرأة أكثر من نصيب الرجل ومنها ما تعطى فيه مساوية للرجل ومنها ما ترث فيه الأنثى ولا يرث الرجل ومنها ما يكون نصيبها فيه أقل من نصيب الرجل ولكنهم يجهلون أو يتجاهلون

بقلم: أحمد يوسف السيد
460
العقل والشرع والعلاقة بينهما | مرابط
تفريغات

العقل والشرع والعلاقة بينهما


فمن أعظم نعم الله على العبد نعمة العقل وقد أناط الله تبارك وتعالى التكليف جملة وتفصيلا على وجود هذا العقل فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: رفع القلم عن ثلاثة: النائم حتى يستيقظ والصغير حتى يحتلم والمجنون حتى يفيقوالذي يقرأ آيات القرآن الكريم يجد فيها تمجيد العقل وتعظيمه وبين يدينا تفريغ لجزء من محاضرة للشيخ أبو إسحق الحويني يتحدث فيها عن العقل والنقل وعلاقة العقل بالشرع

بقلم: أبو إسحق الحويني
1191
أيديولوجية المساواة | مرابط
النسوية

أيديولوجية المساواة


مبادئ أفلاطون جعلت أحد علماء الغرب يصف ويوضح خطورتها ومفاسدها على المرأة فأي انزلاق وخطر أعظم من تخلي المرأة عن مسؤوليتها تجاه الأسرة والتربية وحفظ النسل والأمومة بل والتخلي عن أنوثتها لتتساوى وتتماثل -رغم الفروق الداخلية والخارجية- مع الرجل

بقلم: سامية بنت مضحي بن فهد العنزي
570
فضائل سورتي الفلق والناس | مرابط
تفريغات

فضائل سورتي الفلق والناس


فمعلوم أن التعوذ هو الالتجاء وهو أيضا نوع من أنواع الرقية والدعاء فيكتفي الإنسان بذلك فتكون حينئذ رقية وتكون كذلك أيضا تعوذا من الجان وكذلك أيضا تعوذا من العين فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من الجان ويتعوذ من العين فلما نزلت اكتفى رسول الله صلى الله عليه وسلم بهما

بقلم: عبد العزيز الطريفي
4175