لو أطاعوه لدخلوا النار!

لو أطاعوه لدخلوا النار! | مرابط

الكاتب: أحمد يوسف السيد

343 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

تأمّل معي هذا الحديث؛ وانظر خطورة الفهم الجزئي لنصوص الشريعة دون الأخذ بمجموعها.

أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن علي عنه قال: بعث النبي ﷺ سرية فاستعمل رجلا من الأنصار، وأمرهم أن يطيعوه، فغضب، فقال: أليس أمركم النبي ﷺ أن تطيعوني؟ قالوا: بلى. قال: فاجمعوا لي حطبا. فجمعوا، فقال: أوقدوا نارا. فأوقدوها، فقال: ادخلوها. فهَمُّوا، وجعل بعضهم يمسك بعضا، ويقولون: فررنا إلى النبي ﷺ من النار!.. فما زالوا حتى خمدت النار، فسكن غضبه، فبلغ النبي ﷺ فقال: (لو دخلوها ما خرجوا منها إلى يوم القيامة؛ الطاعة في المعروف)!

هؤلاء الصحابة عندهم نص صريح قطعي مباشر من النبي ﷺ بطاعة ذلك الأمير بعينه! ومع ذلك فلو كانوا أطاعوه في هذا الشأن لعذبهم الله تعالى!

حسناً؛ أليس دخول النار يُعد طاعة للأمير؟ أليس هذا هو الظاهر اللفظي للنص؟
أليس النصّ صحيحا؟
أليس امتناعهم عن دخول النار يُعد معصية للأمير الذي أمر النبي بطاعته؟!

بلى؛ ولكن هناك قطعيات أخرى في الدين ينبغي أن يستصحبها المسلم وهو ينظر في النصوص حتى لا يصادم كُلّيات الشريعة ومقاصدها!
وهكذا فعل الصحابة هنا حين فكروا وتساءلوا. ثم أيدهم النبي ﷺ حين قال: (الطاعة في المعروف).
والمعروف هذا يُعرف من محكمات الشريعة وعامة ما جاء فيها.

وليس الخطأ هنا خطأ اجتهاديا عاديا؛ بل كان خطأ سيودي بهم إلى عذاب الله، مع كونهم صحابة رسول الله وقد خرجوا في سبيل الله، وكانوا سيخالفون رغبتهم في السلامة وسيعذبون أنفسهم بنار الدنيا اتباعا لما يظنون أنه موافق لأمر رسول الله، حتى نجاهم الله بالفقه والفهم والعقل والتأني.

وهذا يدل على أن الخطورة في الإفراط لا تقل عن الخطورة في التفريط؛ فكلاهما طريق إلى النار.

وإذا كان هذا قد حصل لأولئك الصحابة تجاه نص واضح مباشر من رسول الله ﷺ فمن باب أولى أن يقع لمن هم دونهم في نصوص الشريعة، فضلا عن وقوعه في نصوص العلماء التي لا ينبغي أن تؤخذ بنظر جزئي ولا بحماسة منبتّة دون فقه لموارد الكلام ومقاماته وسياقاته.

وهذا هو الفقه الذي يميز العلماء وأهل التحقيق والنظر، والذي يعجز عنه السفهاء، والمتعالمون، وقُطاع طريق العلم، والمتحمسون على غير بصيرة.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الطاعة-في-المعروف
اقرأ أيضا
الضابط في الأمور المحدثة | مرابط
مقالات

الضابط في الأمور المحدثة


إن الناس لا يحدثون شيئا إلا لأنهم يرونه مصلحة إذ لو اعتقدوه مفسدة لم يحدثوه فإنه لا يدعو إليه عقل ولا دين فما رآه الناس مصلحة نظر في السبب المحوج إليه: فإن كان السبب المحوج إليه أمرا حدث بعد النبي صلى الله عليه وسلم من غير تفريط منا فهنا قد يجوز إحداث ما تدعو الحاجة إليه وكذلك إن كان المقتضي لفعله قائما على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن تركه النبي صلى الله عليه وسلم لمعارض زال بموته.

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
273
ما تفعله الإنترنت بعقولنا | مرابط
ثقافة

ما تفعله الإنترنت بعقولنا


بالرغم من أن إضاعة الوقت على الإنترنت مشكلة كبيرة إلا أنها ليست أكبر من مشكلة إدمان التشتت وضعف التركيز ﻷنك حتى لو ضيعت نصف اليوم على الإنترنت وكان لا زال بإمكانك التركيز في عملك أو دراستك خلال باقي اليوم فغالبا ستتمكن من تحقيق قدر جيد من الإنجاز لكن بكل أسف هذا لا يحدث فعند عودتك لعملك أو دراستك لن تستطيع التركيز لفترات طويلة بشكل يسمح لك بالإنجاز وإحراز تقدم ملحوظ

بقلم: علي محمد علي
466
التنكيت على الطقس؟ | مرابط
مقالات

التنكيت على الطقس؟


يقول الدكتور إياد قنيبي: مع استمرار الشتاء أكثر من المتوقع هذا الفصل والحمد لله سمعت من اثنين من الإخوة عبارات لم أرتح لها فاستفتيت صديقا لي من أهل العلم فيهما وأود مشاركتكما الفائدة.. وهذا مقال موجز فيه تعليق على إشكالية التنكيت على الطقس.

بقلم: د. إياد قنيبي
387
الروح الدينية والعصبية | مرابط
اقتباسات وقطوف

الروح الدينية والعصبية


وفإنك لتجد المسلمين يختلفون في كل شيء حتى في الدين نفسه ولا تجدهم إلا شعورا واحدا بالروح الدينية العربية التي مساكها الكتاب والسنة في عربيتهما الفصيحة وهي لا سبيل إلى التغيير أو التبديل فيها لا على وجه التمصير ولا على وجه آخر وسواء أكان في ذلك إصلاح بين العامية والفصحى أو لم يكن

بقلم: مصطفى صادق الرافعي
582
عن الدعاء والتوسل والاستغاثة ج2 | مرابط
تفريغات

عن الدعاء والتوسل والاستغاثة ج2


محاضرة هامة حول مسائل الدعاء والتوسل والاستغاثة.. وهي التي أثار بها علماء السوء جدلا واسعا في الفترة الأخيرة حيث أباحوا ما يفعله العوام عند الأضرحة والقبور وحاولوا الاستدلال ببعض الآثار والأخبار وحاولوا لي أعناق النصوص وهنا توضيح لهذه المسائل ورد على تلك المزاعم وإزالة للإشكال الحادث وتبيين لعقيدة أهل السنة والجماعة في هذه المسائل.

بقلم: محمد الحسن الددو الشنقيطي
371
القياس الفاسد لشرعنة الاختلاط | مرابط
المرأة

القياس الفاسد لشرعنة الاختلاط


هؤلاء الكتبة رأوا النبي -صلى الله عليه وسلم- أذن في اختلاط الرجال والنساء في المطاف والطريق ولم ينكر ذلك وهو اختلاط في زمن يسير عارض فجاء هؤلاء وقاسوا على ذلك مشروعية الاختلاط في التعليم والعمل وهو اختلاط مكث في زمن يطول وأهدروا اعتبار الفارق بين الزمن اليسير والزمن الكثير بين الاختلاطين.. وهذا قياس فاسد وشبهة رائجة بين يديكم رد مفصل عليها.

بقلم: إبراهيم السكران
293