مختصر: يبدو أن بريق كلمة التحضر أو التقدم قد أسر قلوب عامة الناس حتى ظنها الكثيرون من أسمى الأهداف التي من الممكن السعي إليها في الحياة ولكن الحقيقة أن الذي حدث هو العكس وباتت المجتمعات المتحضرة تتراجع إلى الوراء خصوصا في المجال الأخلاقي والإنساني وهذا مقتطف ماتع لمالك بن نبي يشير إلى هذه الإشكالية
مجتمع ما بعد التحضر ليس مجتمعًا يقف مكانه، بل هو يتقهقر إلى الوراء بعد أن هجر درب حضارته وقطع صلته بها. ولم تفت ملاحظة هذه الظاهرة أحد المؤرخين فوصفها في أسًى بقوله: ((وكأني بالمشرق الإسلامي قد نزل به ما قد نزل بالمغرب، ولكن على مقدار ونسبة عمرانه، وكأنما لسان الكون ينادي في العالم بالنوم والخمول، فأجاب)).
إنّه ابن خلدون الذي دوّن بعد قرن من سقوط بغداد وقبل قرن من سقوط غرناطة هذه النقطة الخاصة بانفصام دورة الحضارة الإسلامية؛ النقطة التي ابتدأ منها عصر ما بعد الموحِّدين، أي عصر التخلُّف الحضاريِّ في العالم الإسلاميّ.
المصدر:
- مالك بن نبي، مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي، ص38