من مقومات المجتمع المسلم: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

من مقومات المجتمع المسلم: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر | مرابط

الكاتب: سفر الحوالي

583 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

إن من مقومات المجتمع المسلم والأمة المسلمة: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما قال الله تبارك وتعالى: "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ" [آل عمران:110]

ولا شيء يتقدم على الإيمان بالله أبدًا، لكن هذه الآية تتحدث عن خصائص هذه الأمة التي تفرقها عن غيرها، فقدم ما يخصها عما تشترك فيه مع غيرها، ولقد وجد في الأمم قبلنا من يؤمن بالله، لكن خاصية هذه الأمة أنها أُخرجت للناس، وأنها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، ولذلك هذا المقام في الدنيا يحق لها به المقام الآخر في اليوم الآخر، كما قال تعالى: "وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا" [البقرة:143].

فهذا مقوم عظيم من مقومات المجتمع، ومقومات الأمة والدولة، كما ذكر الله -تبارك وتعالى-: "الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ" [الحج:41] فلا تصلح حياة الأمة الإسلامية ولا تقوم أبدًا إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

إن هذه الشعيرة العظمى يراد طمسها، وإذا طمست فلن يبق بين المجتمع المسلم وغيره من المجتمعات الكافرة أي فرق؛ بل تنتشر الضلالات والبدع والشركيات ويتحول المجتمع المسلم إلى مجتمعٍ مشرك، أو متسم باسم الإسلام ظاهرًا فقط، ولا فرق بينه وبين غيره، يعلن صاحب الإلحاد بإلحاده، وصاحب البدعة ببدعته، ويتنصر من تنصر، ويتهود من تهود، ويعبد الأصنام من يعبدها، فلا أحد ينكر على أحد، فلو تركت شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لكان هذا هو المآل في النهاية عياذًا بالله.

وانظروا إلى حال المجتمعات المسلمة التي تركت هذه الشعيرة، ألم يصل بهم الأمر إلى هذه الحالة، لقد أصبح الرجل يدَّعي أي مذهب، وينتحل ما شاء من النحل، وجاهر اليهود والنصارى بمذاهبهم، وأصبحت لهم المناصب الكبيرة في الدولة، وجاهر أهل البدع ببدعهم، وكل من لديه نحلة ضالة أعلن بها وجاهر لفقد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

ولهذا يسعى أعداء الله والمجرمون إلى أن يطمسوه بالكلية، وخاصةً في هذه البلاد، ولكنها والحمد لله لم تترك ذلك أبدًا. إن الناس -والحمد لله- لا يمكن أن يتخلوا عن دينهم في هذه البلاد خاصة ً، بل والحمد لله قد عادت الصحوة وعمت كل مكان، فلا يمكن للمسلمين أن يتخلوا عن دينهم، ويتخلوا عن هذه الشعيرة العظيمة.

إن من أوجب ما يجب على طلاب العلم إحياء هذه الشعيرة، بأن تحيا في البيت والشارع، والمدرسة، وفي كل مكان، بالدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتعاون على البر والتقوى أينما كنا، لا ينبغي أن نتحرج أن نقول لمن في بيتنا، أو لقريبنا، أو لجارنا، أو لمن في الشارع، أو الدكان؛ بالأسلوب الحكيم الحسن: صلِّ، أو اتق الله، أو هذا حرام، أو هذا منكر، أو خذ هذا الكتاب، أو هذا الشريط النافع، أو هذا إعلان لمحاضرة، أو أي عمل من أعمال الخير؛ بل يجب أن تحيا النصيحة في المجتمع، وفي الإدارات الحكومية، وفي كل مكان، بحيث يشعر أصحاب المنكر بأنهم يرتكبون المنكر، وأن الأمة تحتقرهم، وأن الأمة ترذلهم لا لكبرٍ عنهم؛ أو لأنهم أصحاب مالٍ أو ثراءٍ أو منصب؛ ولكن لأنهم يعصون الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، فإذا تركوا المنكر فهم إخوة وأحبة لنا، إذا رأى الناس ذلك عظموا أمر الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، وأحبوا الله -عز وجل- وتمسكوا بدينه.

وتجد بعض الناس يرتكب المنكر وهو لا يزال في بدايته في أول الطريق، ولو وجد من يقول له: لِمَ تفعل كذا؟ لرجع، وبعضهم قد بدأ قليلًا، ولو وجد من قال: لِمَ، وزاد عليها: كيف تفعل كذا وكذا لرجع، وبعضهم أيضًا لو وجد كتابًا أو شريطًا أو حديثًا حسنًا لرجع، وبعضهم قد غاص في البدع والضلالات أو في المنكر والفسق فهذا أمرٌ آخر، لكن كثيرًا من الناس قريبون من الخير أو هم على حافة الخير، فإذا حركتهم ولو قليلًا يبتعدون عن الشر بإذن الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، فهذه من أعظم مقومات المجتمع المسلم التي يحفظه الله تبارك وتعالى بها.

 


 

المصدر:

محاضرة مقومات المجتمع المسلم

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الأمر-بالمعروف #النهي-عن-المنكر
اقرأ أيضا
العبر من الحروب الصليبية الجزء الأول | مرابط
تفريغات

العبر من الحروب الصليبية الجزء الأول


عندما نختار أن نأخذ مرحلة الحروب الصليبية بالذات فإن ذلك له دلالته الخاصة من جهة أنها تحكي أو تشابه الواقع الذي نعيشه الآن والمرحلة التي تحياها هذه الأمة في ظل هذه الهجمة الخبيثة الماكرة التي يستجمع الغرب فيها قواه مرة أخرى فما أشبه الليلة بالبارحة إن المؤرخين يقولون: التاريخ يعيد نفسه ونحن نقول: سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا هذه هي سنة الله تعالى في الأمم وبالذات في الأمة الإسلامية كل حياتها كر وفر وكل مواقفها إقبال وإدبار

بقلم: سفر الحوالي
657
عبادات ميسورة | مرابط
مقالات

عبادات ميسورة


ومن العبادات الميسورة التي لا يعجز أحد عنها: عبادة جميلة هي زكاة العلم وهو أنك إذا سألك أحدهم عن معلومة قلها كاملة مثلما ساقها لك رب العالمين عن طريق أحدهم... ابعثها لكل الناس أفدهم بها وكذلك عبادة الرضا الرضا بما قسمه الله لك أيا كان لأنه هو الأنسب لك في كل الأحوال

بقلم: محمد لبيب
405
الجهل بأن الدنيا دار ابتلاء وامتحان | مرابط
أباطيل وشبهات اقتباسات وقطوف

الجهل بأن الدنيا دار ابتلاء وامتحان


الابتلاء في هذه الحياة مثل الكأس وكل الناس شارب منه ولا بد لكنه يتفاوت من شخص إلى آخر حسب قوة إيمانه ويقينه وحقيقة نفسه التي يخرجها الله بهذه الامتحانات وهذا من ضمن أسباب إشكالية وجود الشر التي أثارها الكثير من الفلاسفة بين يديكم مقتطف يعالج فيه الكاتب هذه المسألة

بقلم: م أحمد حسن
590
الدنيا تغيرت الجزء الأول | مرابط
أباطيل وشبهات فكر مقالات

الدنيا تغيرت الجزء الأول


الدنيا تغيرت توظف هذه المقولة للاعتراض على بعض المقررات الشرعية بذريعة أن النصوص الشرعية ثابتة والواقع متغير ولذا لا يمكن أن نجمد على الثابت وقد يسعى بعضهم إلى مقاربة تظهره بمظهر المعظم للشريعة فهو يتحدث عن حجم استجابة الشريعة لمتغيرات الواقع وتقلباته فهي ليست مجرد نصوص جامدة صلبة لا تقبل الزحزحة أو التطوير بل هي تتطور مع تتطور الواقع للتفاعل معه والذي يؤول في الحقيقة إلى جعل الواقع حكما على الوحي وفي المقال فحص لهذه الشبهة ورد عليها

بقلم: عبد الله بن صالح العجيري وفهد بن صالح العجلان
1273
منزلة المحبة | مرابط
اقتباسات وقطوف

منزلة المحبة


فلو بطلت مسألة المحبة لبطلت جميع مقامات الإيمان والإحسان ولتعطلت منازل السير إلى اللهفإنها روح كل مقام ومنزلة وعمل فإذا خلا منها فهو ميت لا روح فيه ونسبتها إلى الأعمال كنسبة الإخلاص إليها بل هي حقيقة الإخلاص بل هي نفس الإسلام فإنه الاستسلام بالذل والحب والطاعة لله فمن لا محبة له لا إسلام له ألبتة بل هي حقيقة شهادة أن لا إله إلا الله فإن الإله هو الذي يألهه العباد ذلا وخوفا ورجاء وتعظيما وطاعة له بمعنى مألوه وهو الذي تألهه القلوب أي تحبه وتذل له

بقلم: ابن القيم
1140
تصنيف الرجولة | مرابط
مقالات

تصنيف الرجولة


الرجولة عندهم أن تكون قوامتك شراكة وليست قيادة لأن القيادة معناها سائق وركاب رئيس ومرؤوس قائد وأتباع وهذا كله بالنسبة لهذا النوع من النساء ليس من الرجولة الحقيقية بل هي ذكورية متسلطة تريد أن تستولي على الدركسيون بمفردها وعدم اعتبار الشراكة بحال!

بقلم: محمد سعد الأزهري
218