وقد كان لهذه النظرية، نظرية التطور، أثر بليغ وخطير على العقل الغربي بأجمعه، ونتيجة لذلك التأثير، جعل روبرت داونز كتاب "أصل الأنواع" لدارون، مندرجا ضمن قائمة الكتب التي غيرت وجه العالم
وفي تصوير أثرها على الدين وقضاياه، يقول فرانكلين باومر: بعد أن ظهرت هذه النظرية في الطبيعة البشرية، غدا أثر الداروينية على الدين، من الأمور التي يسهل التكهن بها إلى حد ما، وكل ما تيسر لها تحقيقه هو تضخيم الأزمة الدينية التي كانت تجتاح أوروبا على هذا العهد، وليس من شك أن الداروينية لم تكن المتسبب الوحيد في تزعزع الإيمان الديني في أواخر القرن التاسع عشر، وفي بعض أجزاء أوروبا، لم تكن أهم العوامل المساعدة على ذلك، ولكن على الجملة، وبمضي الزمان، ساهمت الداروينية مساهمة قوية في مواصلة الحرب بين العلم واللاهوت، وفي مصرع الدين كما يفهم تقليديا، وفي بزوغ أوروبا علمانية جديدة.
وقد استغل أتباع الاتجاه المادي وغيره نظرية داروين غاية الاستغلال في مهاجمة الأديان وصيروها حجة لهم من أقوى الحجج التي يستندون إليها في تدعيم مواقفهم، بل بالغ بعضهم في التمسك بها إلى درجة التعسف والشطط، يقول ز. هـ. سكون "إن نظرية النشوء جاءت لتبقى، ولا يمكن أن نتخلى عنها حتى ولو أصبحت عملا من الاعتقاد.
المصدر:
د. سلطان العميري، ظاهرة نقد الدين في الفكر الغربي الحديث، ألجزء الأول، ص171