أيديولوجية المساواة

أيديولوجية المساواة | مرابط

الكاتب: سامية بنت مضحي بن فهد العنزي

562 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

إنّ أيديولوجية المساواة الباطلة التي تبنتها الحركة النسوية، التي صفّق لها الكثير من المفكرين الغربيين نصرةً ومؤازرة لقضيَّة حقوق المرأة قد رفضتها العقول السّويَّة ومجّتها الألسن النقيَّة، لمخالفتها الطبيعة الإنسانيَّة والفطرة الغريزيَّة والصفات التَّكوينيَّة التي خُلقت في الذكر والأنثى وميزت كل منهما الأخرى، والتي لا يمكن لأي مخلوق بشري تغييرها والتَّحكم فيها سواء البيولوجيَّة، العضويَّة، أو النفسيَّة، والتي أراد الله وجودها وتمييزها في كل جنس عن الآخر، ليتمثل كلٌّ منهما بمهامه التي أرادها الله منهما، في بناء الحياة الأسريَّة ونهضة المجتمع، وأنّ في تحمل كل فرد مسؤوليته حتى يتكاتف كل منهما ويتكامل مع الآخر، كلٌّ حسب وظيفته في الحياة، وهذا كلّه، حتى تسير الحياة الخاصة والعامة على التَّكامل والتَّكاتف الوظيفي، ففي كل من الجنسين فروق كامنة تجعل منهما الصلاحيَّة نحو عمل معين، وهو الدور الطبيعي والشرعي المناط منهما.

 

ولكن، عندما تنحرف المفاهيم عن تلك الحقيقة الوظيفيَّة والخلقة الربّانيَّة، فإنّ الموازين تنقلب، والفطرة تنحرف عن مسارها ليحدث التَّخبط العشوائي في الحياة، فلا هدف تتخذه، ولا قوانين تحكمها، فلا تقيم أسرة، ولا تنهض لمجتمع، بل تفكك وضياع كالبهيمة، بل البهيمة لم تتخلَّ عن أسرتها ووظيفتها الأموميَّة.

 

إنّ أوّل من نادى بهذا المبدأ الممقوت، وتبعه كثير من الفلاسفة، والمفكرين، ورجال الدين المسيحي؛ أفلاطون، عندما أقام مدينته الفاضلة من خلال مشاعيته للنّساء والأطفال، من خلال مشاركة المرأة في بناء تلك المدينة، وبمساوتها مع الرجل في خوض ميدان التَّدريب العسكري، وميدان الرياضة، وفي ميدان حراسة الدولة.

 

لم يفرق أفلاطون في مبادئه بين تحمل المرأة البيولوجي، الجسدي، والعضوي لتلك المهام، وبين تحمل الرجل، فبمشاعيته للمرأة؛ ألغى الأسرة، وأخرج المرأة من دائرة الأمومة والزوجية وحفظ النسل، وجعلها ملكيَّة للجميع في حدود مدينته الفاضلة.

 

على أية حالٍ، فمبادئ أفلاطون جعلت أحد علماء الغرب يصف ويوضح خطورتها ومفاسدها على المرأة فأي انزلاق وخطر أعظم من تخلي المرأة عن مسؤوليتها تجاه الأسرة والتربية وحفظ النسل والأمومة، بل والتخلي عن أنوثتها لتتساوى وتتماثل -رغم الفروق الداخلية والخارجية- مع الرجل. وعليه، يمكننا هنا وضع مقابلة بين رؤية أفلاطون لجسد المرأة وتهميشه، وسيمون دي بوفوار من أهميَّة الجسد في تحديد وضع المرأة الاجتماعي، وإذا كانت سيمون دي بوفوار ترى أن جسد المرأة هو أحد العناصر الرئيسية في تشكيلها وتحديد وضعها في العالم فإن أفلاطون قرر إلغاء الجسد وجعلها مجرد أداة للإنجاب وأراد لها أن تكون كصفات الرجل في ميدان القتال وممارسة التَّمرينات.

 


 

المصدر:

سامية بنت مضحي بن فهد العنزي، الاتجاه النسوي في الفكر المعاصر: دراسة نقدية

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#النسوية
اقرأ أيضا
جهاد النفس ومنعها من شهواتها | مرابط
مقالات

جهاد النفس ومنعها من شهواتها


حدثني محمد بن عبيد الله ثنا عثمان بن مطر عن ثابت عن مطرف بن عبد الله أنه كان يقول: يا إخوتاه اجتهدوا في العمل فإن يكن الأمر كما ترجو من رحمة الله وعفوه كانت لنا درجات الجنة وإن يكن الأمر شديدا كما تخاف وتحذر لم نقل: ربنا أرجعنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل نقول: قد عملنا فلم ينفعنا ذلك

بقلم: ابن أبي الدنيا
587
شبهات حول الحجاب: الحجاب تزمت بغيض | مرابط
أباطيل وشبهات المرأة

شبهات حول الحجاب: الحجاب تزمت بغيض


يقول بعض المعترضين: الحجاب تزمت وتعصب وتكلف في اللباس وتضييق على النفس وإمعان في السير في مضايق الحرج والإعنات هكذا لسان من يعادون الحجاب وينصبون له لواء البغض فهل لكلامهم رصيد من صواب وهل يستحق شيئا من الاعتداد بين يديكم الإجابة على هذه الفرية

بقلم: سامي عامري
938
مختصر قصة الأندلس الجزء السادس | مرابط
تاريخ أبحاث

مختصر قصة الأندلس الجزء السادس


سلسلة مقالات مختصرة تطوف بنا حول الأندلس لنعرف قصتها من البداية حتى النهاية من الفتح إلى السقوط سنعرف كل ما دار من أحداث بين لحظة الفتح والصعود ولحظة الانهيار والأفول والهدف من ذلك أن ندرك ونعي تاريخنا بشكل جيد وأن نتعلم منه حتى نبني للمستقبل

بقلم: موقع قصة الإسلام
1624
عبرة لأولي الألباب | مرابط
اقتباسات وقطوف

عبرة لأولي الألباب


تعليق ابن تيمية على ذكر الله تعالى عاقبة الذين كفروا من أهل الكتاب وعاقبة المؤمنين الذين اتبعوا النبي ثم في هذا دلالة شرعية تقوم على القياس والنظر إلى الشيء ونظيره والتسوية بينهم وهذه سنة الله كما قال لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
2282
لماذا نحج | مرابط
تعزيز اليقين مقالات

لماذا نحج


الحج تجريد للنفس من ماضيها المشوب بالإثم ومن ثم فهو تجديد للحياة وبقدر ما تصدق نية المسلم في ابتغاء هذا التجديد من الحج يكون حجه مبرورا والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة لقد يسر الله سبل الحج في هذا العصر وتوطدت فيه دعائم الأمن بما لا عهد لحجاج المسلمين بمثله إلا في صدر الإسلام وزمان التابعين لهم بإحسان والمسلمون الآن في إقبال عظيم على إقامة هذه الشعيرة من شعائر الإسلام حتى بلغ عدد الذين يقفون في عرفة ويطوفون بالكعبة بيت الله الحرام في هذه السنين رقما قياسيا لا نظير له في التاريخ

بقلم: محب الدين الخطيب
1081
أهواء الناس في وقت الفتن | مرابط
تفريغات

أهواء الناس في وقت الفتن


كذلك أيضا فإن شهوات الناس وتشوفهم للفتن يتنوع فمن الناس من يلتفت إلى فتنة السمع ومنهم من يتشوف إلى فتنة البصر ومنهم من يتشوف إلى فتنة الفرج ومنهم من يتشوف إلى فتنة الكلام ومنهم من يتشوف إلى فتنة الفكر وغير ذلك فتتنوع الفتن فبحسب أهواء الناس تنوعت الطرق

بقلم: عبد العزيز الطريفي
388