الانغماس في حياة الغرب

الانغماس في حياة الغرب | مرابط

الكاتب: محمد وفيق زين العابدين

500 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

الانغماس في حياة الغرب لاسيما المتعصب ضد الإسلام؛ كارثي بجميع المقاييس! تأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أنا بريءٌ من كل مسلمٍ يُقيم بين أظْهر المشركين"..

في أحد وجوه تأويل الحديث أن المقصود ضمان دينه.. أي أن يَأمن على دينه، كأنه أعان أسباب الخذلان على نفسه بمقامه بينهم!

فبقدر ما تنغمس فيهم بقدر ما تصيبك لعنتهم دون أن تشعر؛ فإما تتنازل عن قيمك وتتخلى عنها؛ فتغوص في الرذائل.. أو تداهن وتوارب في قيمهم فتتورط في كوارث.. أو تنبهر بالتعليم واحترام الخصوصيات و و..؛ فتصير حاكمية الذوق الغربي أهم من حاكمية الدين، ويصير فهم الدين بمعايير الإنسانية أهم من فهمه بمعايير أهل العلم!

فإذا كانت لديك قوة نفس راسخة تحفظك من كل ذلك؛ فمصير "إدريسا غاييه" لاعب كرة قدم ينتظرك عاجلًا أم آجلًا! اللهم إلا من رحم..

لتفهم هذه الفكرة جيدًا.. 
تأمل مواقف باقي لاعبي كرة القدم المسلمين (غير إدريسا غاييه) في نفس النادي في نفس الحدث (دعم الشذ*)، فضلًا عن باقي نوادي أوروبا!

لا، أبسط من ذلك؛ تأمل بعض المواقف في أزمة "الترحم على غير المسلم"، والمواقف الشبيهة بها من قبل؛ تجد أن كثيرًا ممن يعيشون في الغرب من المسلمين يتخذون موقفًا مختلفًا عن الموقف الشرعي (المعتبر والمشهور) مراعاةً لذوقيات الوقت أو مجاملات القضية الوطنية أو غير ذلك!

لو سألتَ أي مهاجر عن أكبر تحدي يواجهه في الحياة في الغرب، سيقول لك الاندماج.. كلمة في كل احتمالاتها لا تحمل إلا أفكار: الموقف من قيم الغرب ومقدساته، والموقف من قيم المسلم وهويته.. كلمة لا تحمل في أغلب معانيها إلا معنى الذوبان !
لماذا؟! ليس لاختلاف الثقافة فقط، بل الأهم لأن مركزيات الغرب تناقض مركزيات الدين، ليست لأن منطلقات الحياة ليست واحدة؛ بل لأنها متعارضة.

الغرب يُريدك أن تندمج فعلًا، لا يرفض ذلك، يريد منك أن تكون ترسًا في آلته الرأسمالية، لكن أيضًا ترسًا في آلته القيمية.. أن تكون فاعلًا في منظومته؛ ليس المادية فقط، بل الحداثية بكل مضامينها، تزيد قوته المادية وتزيد قوته الثقافية.. وأي ممانعة معناها أنك تعطل عمل هذه الآلة وسير هذه المنظومة!
بالضبط كما يفعل مع معادن وخيرات أفريقيا؛ يسرقها ثم يعيد إنتاجها للعالم كـ "براند" جديد يُنافس به ويُصارع.. أنت فقط "براند" من نوع آخر!

قال تعالى:
"..ويُستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديثٍ غيره إنكم إذا مثْلُهُم"
لماذا كانوا مثلهم؟!
لأن نفوسهم تُسر أن يرى المسلم المنكر ويسمعه فلا يمتعض.. لأنهم إذا يأسوا من عَمَلك المنكر؛ لم يطمعوا في أكثر من أن ترضى عَمَلهم له.. ومن رضي بمنكر رآه وخالط أهله، وإن لم يباشره؛ كان في الإثم بمنزلة المباشر!

نعم، أفهم أن حياة البعض في الغرب قد تكون اضطرارًا.. لكن مهم فهم أساس المشكلة حتى ولو لم يقدر على حلها الآن، ليكون مستعدًا، لأن للأخلاق عدوى!
والاستعداد؛ بعلم تدفع به الشبهات، ودين تمنع به الشهوات، بقوة راسخة في النفس؛ تحفظ من السقوط في وحل قيم الغرب ومقدساته.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الغرب
اقرأ أيضا
الإمبريالية والإنسان الاقتصادي الجسماني | مرابط
اقتباسات وقطوف

الإمبريالية والإنسان الاقتصادي الجسماني


تقوم الإمبريالية النفسية من خلال الإعلام بترويج صورة الإنسان الاقتصادي الجسماني وهذا يتضح بجلاء في الإعلانات التليفزيونية هدف الإعلان التليفزيوني اقتصادي استهلاكي بيع سلعة ما ولكنه يوظف الجنس للترويج لهذه السلعة أي أن الإمبريالية النفسية لا ترى الإنسان إلا من خلال هذين البعدين الاقتصادي والجنسي

بقلم: عبد الوهاب المسيري
562
معارضة الوحي بالعقل: ميراث الشيخ أبي مرة | مرابط
اقتباسات وقطوف

معارضة الوحي بالعقل: ميراث الشيخ أبي مرة


مقتطف من كتاب الصواعق المرسلة لابن قيم الجوزية يدور حول معارضة الوحي بالعقل ويقف بنا أمام القياس العقلي المركب في قول إبليس أنا خير منه والفاضل لا يسجد للمفضول والاحتجاج بأنه مخلوق من نار بينما آدم مخلوق من طين أي من خلق من نار خير ممن خلق من طين

بقلم: ابن القيم
855
القيمة الاجتماعية لأفكار القرآن | مرابط
تعزيز اليقين مقالات

القيمة الاجتماعية لأفكار القرآن


إذا أردت أن تشهد العبقرية الاجتماعية للتشريع الإسلامي عليك أن تتوقف أمام أزمة الخمر في المجتمع العربي قبل وبعد الإسلام وترى كيف تم التدرج في تحريمها بداية من العامل النفسي وصولا إلى التحريم الصارم ثم تقارن كل هذا بمحاولة أمريكا في القرن الماضي للتغلب على أزمة الخمر في مجتمعها وترصد الفوارق الشاسعة بين الطريقتين وهذا بالضبط ما يقدمه المقال

بقلم: مالك بن نبي
2172
العلم.. بين الإيجاز وكثرة البيان | مرابط
اقتباسات وقطوف

العلم.. بين الإيجاز وكثرة البيان


وانظر إلى أكابر الصحابة وعلمائهم كأبي بكر وعمر وعلي ومعاذ وابن مسعود وزيد بن ثابت كيف كانوا كلامهم أقل من كلام ابن عباس وهم أعلم منه وكذلك كلام التابعين أكثر من كلام الصحابة والصحابة أعلم منهم وكذلك تابعوا التابعين كلامهم أكثر من كلام التابعين والتابعون أعلم منهم. فليس العلم بكثرة الرواية ولا بكثرة المقال ولكنه نور يقذف في القلب يفهم به العبد الحق ويميز به بينه وبين الباطل ويعبر عن ذلك بعبارات وجيزة محصلة للمقاصد.

بقلم: ابن رجب الحنبلي
367
مسالك الهوى | مرابط
اقتباسات وقطوف

مسالك الهوى


مقتطف جميل للعلامة عبد الرحمن المعلمي اليماني من كتاب القائد إلى تصحيح العقائد يشير فيه إلى الهوى وكيف أن له مسالك دقيقة قد تتسلل إلى الإنسان حتى من أبواب الخير أو من الأمور التي ظاهرها فيه خير وصلاح ونفع له ولغيره ولكن الهوى مع ذلك يجد طريقه إلى القلب من أدق وأخفى المسالك

بقلم: عبد الرحمن المعلمي اليماني
2326
الافتتان بالآخرين وصد الحق | مرابط
اقتباسات وقطوف

الافتتان بالآخرين وصد الحق


قد يكون اتباع أحدهم للباطل ليس إلا افتتانا بمن رآهم يتبعون هذا الباطل إذ يقول في نفسه: كيف لهؤلاء العظام والعقول الراجحة أن تتبع باطلا لا بد أنه الحق وأنهم رأوا من آياته ما حملهم على اتباعه إذن أتبعه مثلهم حتى لو بدى لي خلاف ذلك

بقلم: الشاطبي
2174