إن الله لا يكلف العباد من الأعمال ما لا طاقة لهم به، وقد أسقط عنهم كثيرًا من الأعمال بمجرد المشقة رخصة عليهم، ورحمة لهم، وأما المناهي، فلم يُعذر أحد بارتكابها بقوة الداعي والشهوات، بل كلّفهم تركها على كل حال، وأن ما أباح أن يُتناول من المطاعم المحرمة عند الضرورة ما تبقى معه الحياة، لا لأجل التلذذ والشهوة، ومن هنا يعلم صحة ما قاله الإمام أحمد: إن النهي أشد من الأمر، وقد روي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، من حديث ثوبان وغيره أنه قال "استقيموا ولن تُحصوا" يعني: لن تقدروا على الاستقامة كلها. وروى الحاكم بن حزن الكلفي، قال: وفدت إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فشهدت معه الجمعة، فقام رسول الله، صلى الله عليه وسلم، متوكئًا على عصا أو قوس، فحمد الله وأثنى عليه بكلمات خفيفات طيبات مباركات، ثم قال "أيها الناس إنكم لن تُطيقوا أو لن تفعلوا كل ما أمرتكم به، ولكن سددوا وأبشروا"
المصدر:
- ابن رجب الحنبلي، جامع العلوم والحكم، تحقيق ماهر ياسين الفحل، ص236