قصص وعبر للنساء ج2

قصص وعبر للنساء ج2 | مرابط

الكاتب: د نبيل العوضي

461 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

 

سمية بنت خياط

إنها سمية بنت خياط - أم عمار - ما أظن أن امرأة تجهلها، إنها أول شهيدة في الإسلام، أسلمت فعلم بها أبو جهل فضربها، وصفعها، وجرها في الطرقات، وجاء بها وبزوجها وابنها عمار، أمام الناس يضربها العبيد - عبيد أبي جهل، يضربونهم ويعذبونهم، يأتي إليهم النبي صلى الله عليه وسلم ينظر إليهم- انظرن إلى المرأة كيف صبرت وجلدت، وكيف تحملت، تنظر إلى زوجها وابنها يعذبان، رآها النبي صلى الله عليه وسلم هي وزوجها وابنها، فقال لهم: (صبرًا آل ياسر، فإن موعدكم الجنة) يخرج أبو جهل عليهم وهم يعذبون، ينظر إليها وهي تعذب، وتجلد، وتضرب وهي صابرة، ولا تقول إلا: أحد أحد، ربي الله وحده، ديني الإسلام، نبيي محمد، وهي تعذب أمام الناس، فجاء أبو جهل فاغتاظ من منظرها، وزمجر لما رآها، وأخذ رمحًا من عبيده وهي تعذب، فمر عليها، فانتزع الحربة ورماها في فرجها، فماتت فكانت أول شهيدة في الإسلام: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" [آل عمران:200].

 

بعض النساء تفتح الجريدة، فترى استهزاءً بالحجاب، أو سخرية من النقاب، أو ضحكًا على الملتزمات، قالت: وأنا لماذا أتعب نفسي؟ أرجع كما كنت أفضل لي، بعض النساء لا تتحمل كلمة من قريبة، أو استهزاءً من صديقة، أو بعض السخرية من النساء، ما إن تسمع كلمة استهزاءٍ إلا وتترك الحجاب والملتزمات، تقول: أعيش في راحة وهدوء أفضل لي من هذا التعب كله.

 

أيتها الأخوات: إن في هذا الزمان حرب وأي حرب على المرأة المسلمة؟! حرب على حجابها، حرب على عفتها، وعلى كرامتها.

رجل خبيث يصور في الجريدة في كاريكاتير له، صورة منقبة محجبة عفيفة طاهرة، يرسمها وعلى صدرها شعرة، وبجانبها امرأة سافرة، تقول هذه السافرة لهذه المحجبة، تقول: هذه الشعرة من لحية من؟ قاتلهم الله أنى يؤفكون!

 

أمة الله: هذا دور الصبر، هذا دور التحمل، هذا دور أن تتأسي بـسمية رضي الله عنها، أول شهيدة في الإسلام: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" [آل عمران:200] هي سنة الله: "إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ" [المطففين:29]. هذا نوح يمر عليه الفجار الكفار: "وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ" [هود:38].

أمة الله: لا تغرنك تلك الكلمات، وتلك الاستهزاءات، وهذه الصرخات، وذلك النعيق والعواء، لا تغرنك هذه الزفرات، فإنما هي حرب لله ورسوله، واصبري واثبتي، ولتكن قدوتك هي أم عمار.


زوجة جليبيب

واسمعن إلى هذه القصة، التي لا أظن أن من النساء من تتحمل هذا الموقف في هذا الزمان: رجل صالح، لكنه دميم الخلقة، قبيح المنظر، يمر على النساء في أيام الصحابيات فلا أحد من النساء تقبل به، الرجل دميم، الناس يردونه، أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أصحابه فقال: يا رسول الله! إن الناس قد رفضوني، يا رسول الله زوجني، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اذهب إلى بيت فلان، واطرق عليهم الباب، وقل لهم: إن رسول الله يريد أن يزوج ابنتكم لي، فذهب وطرق الباب، ففتح الباب فقال: إن رسول الله يريد أن يزوج ابنتكم، ففرحوا، قالوا: رسول الله يريد أن يتزوج ابنتنا؟ -ظنوا أن النبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يتزوج بها- فقال لهم: يريد أن يزوج البنت لي، فترددوا، فقالت الأم: أما كان أبو بكر؟ أما كان عمر؟ أما كان فلان؟ ما وجد إلا هذا؟ كأنها ترددت، وكأنها تلكأت، فسمعت البنت بالخبر، الآن هي في أمرين، وبين موقفين: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك المنظر القبيح الذي لا تتحمله..

 

فقالت البنت: ما الخبر؟ فأخبرت أمها بالخبر، فقالت البنت لأمها ولأبيها: أتردان أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أين تذهبان من قول الله تعالى: "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ" [الأحزاب:36]؟ ادفعوني إليه فإن الله لن يضيعني، سمع النبي صلى الله عليه وسلم بالخبر، فسر ودعا لهذه البنت، وفي ليلة الزفاف، قبل أن يدخل عليها سمع بمنادي الجهاد: يا خيل الله اركبي، حي على الجهاد، ففزع إلى الجهاد في سبيل الله، وفي أثناء المعركة، أخذ النبي صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه: أتفتقدون أحدًا، قالوا: لا يا رسول الله، بحثوا عن القتلى، فقال لهم أتفتقدون أحدًا؟ قالوا: لا يا رسول الله، قال: ولكني أفقد أخي جليبيبًا، قال: فبحث عنه النبي صلى الله عليه وسلم بين القتلى، فوجده قد قتل سبعة من المشركين وقتلوه، فأخذه ووضعه بين ذراعيه، ثم مسح التراب والدم عن وجهه ثم قال: قتل سبعة من المشركين وقتلوه.. هذا مني وأنا منه.. هذا مني وأنا منه.

 

قال عليه الصلاة والسلام: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) من النساء في هذا الزمان من لا ترضى إلا بالزوج ذو المنظر الغربي، الذي شكله شكل الكفار، وقد يكون متساهلًا في المحرمات، يرضى بالتلفاز، ويرضى بالأغاني والمسلسلات، ويسمح لها بالذهاب يمنة ويسرة، وأن تعمل بين الرجال، وتفعل ما تريد.. سبحان الله! لا تريد زوجًا ملتزمًا، وتقول: هذا سوف يضيق عليّ، ويمنعني من الخروج من البيت، وكل شيء عنده حرام.

فهذه المرأة تريد زوجًا بخيلًا إلا عليها، تريد رجلًا شجاعًا إلا عليها، تريد رجلًا إن قالت له: نعم؛ قال: نعم. وإن قالت له: لا. قال: لا. لا تريد إلا هذا.

 

من منا ترضى بالزوج الصالح ولو كان فقيرًا؟ من منا ترضى بزوج صالح مجاهد، لا يمكث معها إلا بضعة أشهر، وبقية العام في الجهاد، من منا ترضى بهذا الزوج: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ" [الأنفال:24].

انظرن ماذا قالت؟! قالت: كيف تردان أمر رسول الله؟ أين تذهبان من قول الله؟ لأنها كانت مستجيبة لله ولرسوله.


الخنساء

وهذه القصة فيها من العبر ما فيها، وهي قصة الخنساء تلك الشاعرة، التي مات أخوها في الجاهلية فظلت سنوات تبكي عليه وترثيه بشعرها، لكن لما أسلمت تغيرت، ففي القادسية، وانظرن وتعجبن من هذه الموقف، وتخيلي أمة الله! أنك في هذا الموقف التي هي فيه! لو قال لك ابن في هذا الزمان: يا أماه! بعت نفسي لله، أريد أن أذهب إلى الجهاد، أريد الجنة يا أماه! كيف تردين عليه؟ أما هذه الأم فلها أربعة أبناء فقالت لهم: يا أبنائي! أسلمتم طائعين، وهاجرتم مختارين، وتعلمون ما أعده الله من الثواب الجزيل في حرب الكافرين، واعلموا أن الدار الباقية خير من الدار الفانية، والله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [آل عمران:200]، فيا أبنائي، اذهبوا إلى الجهاد.

 

وذهب أبناؤها الأربعة إلى الجهاد، فانتظرت الخبر، فإذا بالخبر يأتيها، قيل لها: إن أبناءك الأربعة كلهم قتلوا في سبيل الله، كلهم قد استشهدوا في سبيل الله، فماذا ستقول هذه المرأة؟ التي بكت على أخيها سنوات، ماذا تقول في أبنائها؟ قالت: الحمد لله الذي شرفني بقتلهم، وأرجو من الله أن يجمعني وإياهم في مستقر رحمته.

 

يا أمة الله! هل تربين أبناءك على الجهاد أم على الدعوة وطلب العلم، وعلى طاعة الله، ومراقبته جلَّ وعلا؟ أم ما الذي ربيت أبناءك عليه؟ في الصغر على أفلام الكرتون، وعلى الأغاني والمسلسلات، وعلى الأفلام والرقص، ثم إذا كبر شيئًا ما، على الملاهي، وعلى أماكن التبرج والاختلاط، ثم إذا كبر فعلى المطاعم والوجبات السريعة، يمكث ليله كله هناك.

وأي شيء يلبس؟ انظر إلى لباسهم، العجيب أن أمه محجبة ملتزمة، وأبوه لا يفارق المسجد، وهو يعطى من الأموال ما شاء، ويسهر الليالي أين شاء، ويسافر كيف يشاء، ويجلس مع من يشاء!

اسألي نفسك هل أرضعته حب طاعة الله؟ وهل عودته على حب الصلاة؟ وهل قرأ القرآن؟ أم ماذا يا أمة الله؟

 

إنها أم حرام، تستقبل بعد غزوة أحد الناس وقد شاع في الناس أن محمدًا عليه الصلاة والسلام قد قتل، فجاءت تستقبل الناس، فلما استقبلت الناس قيل لها: إن أخاك قد قتل، وإن أباك قد قتل، وإن زوجك قد قتل، وإن ابنك قد قتل، كلهم قتلوا في غزوة أحد، فلم ترد عليهم، وقالت: وماذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أربعة من أقرب الأقربين قد قتلوا، وهي تقول: ماذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فدلت عليه، فأخذت بناحية ثوبه، فقالت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لا أبالي إذا سلمت من العطب، لا أبالي إذا سلمت من العطب.

 

نعم إن المرأة هي مربية الأجيال، إن المرأة هي حاضنة الرجال.

الأم مدرسة إذا أعددتها      أعددت شعبًا طيب الأعراق

 

أولئك الرجال الذين تربوا بحضن من؟ الإمام أحمد من ربته ومن علمته؟ إنها أمه رحمها الله كانت تذهب به إلى المسجد، فصار ابنها إمام أهل السنة والجماعة، شيخ الإسلام من ربته؟ الأئمة الأعلام من الذين ربوهم؟ يا أمة الله! اعقلي، إن عليك وبيديك أن تربي الرجال ليكونوا مجاهدين، وليكونوا علماء، وليكونوا دعاة إلى الله عزَّ وجل.

 

إن العلمانيين والمنافقين يثبطونك، خسئوا وتعسوا، يقولون: دورك الآن أن تكوني عضوًا في مجلس الأمة، دورك الآن أن تخوضي مع الرجال، دورك الآن أن تخرجي من البيت، من هذا السجن، من هذه القيود، انفضي عنك الغبار، اقطعي هذا الحجاب، أحرقيه واخرجي بين الرجال، حتى قالت إحداهن: لمَ هذه القيود؟ لِمَ هذه القيود على المرأة؟ هل لأن الله ذكر وليس أنثى؟! نعوذ بالله من هذه الكلمات، وإلى آخر هذه المقولات من الفاجرات، من تلك النساء الغافلات.

أمة الله! لا تغرنكِ هذه الحرب الشعواء، فإنما أنت مربية الأجيال، وصانعة الرجال.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#المرأة-المسلمة #للنساء
اقرأ أيضا
تعظيم الأمر والنهي | مرابط
تعزيز اليقين فكر اقتباسات وقطوف

تعظيم الأمر والنهي


ومن العلل التي توهن الانقياد أن يعلل الحكم بعلة ضعيفة لم تكن هي الباعثة عليه في نفس الأمر فيضعف انقياده إذا قام عنده أن هذه هي علة الحكم ولهذا طريقة القوم عدم التعرض لعلل التكاليف خشية هذا المحذور وفي بعض الآثار القديمة: يا بني إسرائيل لا تقولوا: لم أمر ربنا ولكن قولوا: بم أمر ربنا

بقلم: ابن القيم
1320
من الأخطاء الشائعة في تراكيب الجمل | مرابط
لسانيات

من الأخطاء الشائعة في تراكيب الجمل


مقتطفات متفرقة من كتاب معجم الأخطاء النحوية واللغوية والصرفية الشائعة للكاتب خضر أبو العينين يوثق فيه الكثير من الأخطاء اللغوية الشائعة التي يقع فيها الكتاب ويذكر لنا الصواب من الناحية اللغوية مثال ذلك: يقال: فتح فلان لي الباب ثم قال تفضل وهذا خطأ والصواب أن يقال: فتح فلان لي الباب فقال: تفضل إذ إن الفاء حرف عطف يدل على الترتيب والتعقيب فالجملة لا مهلة في ترتيبها بحيث تستعمل حرف ثم كقول الله -عز وجل- الذي خلقك فسواك فعدلك

بقلم: خضر أبو العينين
804
نحن مثلكم ننتقد الدين | مرابط
فكر مقالات

نحن مثلكم ننتقد الدين


في عالمنا الإسلامي -العربي منه وغير العربي- مخلوقات غريبة تريد أن تجمع بين المتناقضات ولا تريد مع ذلك أن يعترض على تناقضها معترض يريدون أن يقولوا لإخوانهم الذين كفروا من أهل الغرب: إنما نحن مثلكم ننتقد الدين كما تنتقدون ولا نلتزم به كما أنكم لا تلتزمون ولا نترك فرصة للسخرية منه ومن المستمسكين به إلا اهتبلناها كما تهتبلون ونرى كما ترون أنه من حق الأديب والفنان أن ينتقد قيم المجتمع ومعتقداته ويدعو إلى نبذها لأنه لا يكون أديبا أو فنانا مبدعا إلا إذا فعل كل هذا بحرية كاملة كما تفعلون

بقلم: الشيخ الدكتور جعفر شيخ إدريس
745
هل يسجن الجمال المرأة | مرابط
فكر اقتباسات وقطوف المرأة

هل يسجن الجمال المرأة


إن المرأة مخنوقة بالثقافة الصورة التي يضع الإعلام معاييرها ويصدر مشاهيرها من ممثلات هوليود وغيرهن كثير من مشاهير المطربات ورموز السيدات من الطبقة الثرية فتطارد النساء هذه المعايير المزيفة في لهث دون أن ينتبه إدراكها إلى أن ما يعرضه الإعلام معدل عليه مسلط خلاله شتى أنواع الإضاءات والألوان وأدوات التجميل والزيف السينمائي

بقلم: أمل الصالح
693
الزلازل ومحدودية العلم | مرابط
فكر

الزلازل ومحدودية العلم


حدث مثل الزلازل وآثاره من القتلى والمصابين والخسائر رحم الله موتى المسلمين وخفف عن الناس يكشف لك بوضوح محدودية قيمة العلم وتهافت دعاوى تعظيمه ومقارنته ب الدين ..

بقلم: محمد وفيق زين العابدين
316
توجيه النشء بين الأمس واليوم | مرابط
تفريغات

توجيه النشء بين الأمس واليوم


من المؤسف أن تجد كثيرا من الآباء والأمهات اليوم لا يعتنون بتوجيه الناشئة بآداب الإسلام لا في الطعام ولا في الشراب ولا في الدخول ولا في الخروج ولا في دخول الخلاء ولا عند المبيت ولا عند الاستيقاظ لقد تعلمنا كما قلت من عجائز جدات وأمهات ما عرفوا الدراسة ولا يعرفون الألف من الباء.

بقلم: سعد البريك
324