ثغرات تسدها المرأة المسلمة: أعمال البر المطلقة

ثغرات تسدها المرأة المسلمة: أعمال البر المطلقة | مرابط

الكاتب: محمد صالح المنجد

366 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

وكذلك فإن هناك أنواعًا من أعمال البر عبارة عن ثغرات في عالم النساء، فمثلًا: كثير من البيوت التي فيها فقراء لا يدري عنهن إلا النساء.. عن طريق النساء تصل الأخبار فيما لا يدري عنه كثير من الرجال؛ فلانة أرملة.. فلانة عندها أيتام.. فلانة فقيرة، فمسألة جمع التبرعات للعوائل الفقيرة وإيصالها ورصد العوائل هذه النساء فيها أحسن من الرجال بمراحل، ولا إنكار في ذلك ولا مجادلة، وهذا معلوم ومشاهد ومجرب، وهناك عدد من النساء الخيرات اللاتي يقمن بالسعي على الأرملة واليتيم: (الساعي على الأرملة كالمجاهد في سبيل الله).. (أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين، وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى صلى الله عليه وسلم).

 

بعض النساء يذهبن إلى المسجد لحضور المحاضرات، ولكنهن لا يكلفن أنفسهن حتى حفظ الأولاد من الصياح ولا المسجد من الوساخة، فإذا غادرت النساء مع الأولاد المصلى يتركنه في غاية الاتساخ وفي غاية القذارة، بل وربما تركت حفائظ الأطفال في المصليات والمساجد، وترك الطفل يبول على سجادة ستصلي عليها امرأة أخرى، أو يصلي عليها الرجال في صلاة الجمعة، ومن الذي يتحمل المسئولية والإثم؟ هذه المرأة المهملة التي جاءت إلى المسجد.

 

وما يحدث من النساء من اللغط وارتفاع الأصوات في المحاضرات والدروس وصلاة التراويح، وجعل المسجد مثل المقهى أو الحضانة التي تأتي إليه؛ لكي تنفس عن نفسها وعن مشكلاتها بالأحاديث مع أن هذا مكان عبادة، أو مكان تعليم ودرس ومناسبة محاضرة، أو إلقاء لأمورٍ من الأمور الشرعية، لكن كثيرًا من النساء لا يقمن بهذا.

 

كانت هناك ثغرة تسدها امرأة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فاسمعي حتى تعلمي ما هي المسافة بيننا؛ بين المرأة الآن ودروها في المسجد التي تأتي إلى المسجد، وبين المرأة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم:

 

روى الإمام البخاري رحمه الله تعالى: عن أبي هريرة: (أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فماتت، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عنها، فأخبروه أنها ماتت، قال: أفلا كنتم آذنتموني بها دلوني على قبرها، فأتى قبرها، فصلى عليها صلى الله عليه وسلم) هذا الحديث استدل به العلماء على فضل تنظيف المسجد، وأن هذه المرأة السوداء سأل النبي صلى الله عليه وسلم عنها لأنه افتقدها، كانت تقوم بمهمة تنظيف المسجد، ونحن الآن نقول: المسجد قد يكون فيه منظفين أو عمال، لكن على الأقل تنظف ما خلفت من الأشياء وما خلف غيرها لا بأس أن تقوم هي بسد خلل غيرها إذا جاءت إلى المسجد في محاضرة أو في درس.

 

من الأمور ومن أعمال البر والخير مثلًا: مساعدة من يريد الزواج في البحث عن امرأة، فهي تسأل، وهي التي تأتي بالعناوين والأسماء والمعلومات من العمر والدراسة.. ونحو ذلك، هذه مسألة تنجح فيها المرأة نجاحًا كبيرًا، لا يستطيع رجل أن يذهب ويقول: من عندكن من النساء وهاتين معلومات، لكن المرأة يمكن أن تقوم بهذا، وكانت النسوة من السلف يقمن بدور الخاطبات، وتتوصل إحداهن لتسعى في مشروع زواج فتكون من الدالات على الخير، والدال على الخير كفاعله، في موضوع الخطبة -أيضًا- يوجد هناك مجال متسع وهي ثغرة تقوم عليها النساء، حتى في تغسيل الميتة.. تغسيل الميتة هذه الآن ثغرة من الثغرات، ومعلوم أن المرأة تغسلها المرأة إلا إذا كانت ذات زوج أو محرم غسلها زوجها.

 

والمرأة تغسل المرأة، وإذا غسلتها احتسابًا فإن الله سبحانه وتعالى يأجرها أجرًا عظيمًا، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن المسلم الذي يغسل المسلم فيستره ولا يخبر بالسوء عنه، أن الله سبحانه وتعالى يستره ويثيبه بأجر عظيم يوم القيامة، وأن المرأة التي تلي أختها فتحسن كفنها، فإن الله سبحانه وتعالى يعوضها ويعطيها أجرًا عظيمًا يوم القيامة كما أنها أحسنت إلى أختها الميتة فغسلتها حسب السنة، وليس بالجهل والبدعة، لا بد في المسألة من علم؛ عن هشام بن حسان، عن الحسن قال: إذا ماتت المرأة ولم يجدوا امرأة تغسلها غسلها زوجها أو ابنها، وإن وجدوا يهودية أو نصرانية غسلتها، أي: كأن المرأة اليهودية والنصرانية مقدمة على الرجل المسلم؛ لأنه كما هو الحال في الطب.

 

وهو أيضًا ثغرة أخرى من الثغرات، فإن المرأة التي تعمل في مجال الطب وتمريض النساء تسد ثغرة، وتقدم أشياء كثيرة، الطبيبة المسلمة أولًا: تعلم المريضة أن الشفاء بيد الله، وتعطيها من الإرشادات الدينية ما ينفعها، وليس فقط تعطيها من الأدوية والنصائح الطبية ما يفيد جسدها، وإنما تعطيها من الأشياء الدينية ما يفيد دينها وعقيدتها، فالطبيبة إذًا هي من الداعيات إلى الله سبحانه وتعالى، بل هي في ثغرة عظيمة جدًا وتمثل القيام بدور كبير، وهذا الكلام نؤكد عليه كثيرًا، يشترط ألا يكون مجال العمل فيه منكرات تقع فيها المرأة، أما إذا كان مجال العمل فيه منكرات تقع فيها المرأة فإنها لا تشتغل فيه؛ لأنها تقدم دينها على أن تنفع الآخرين، لابد أن تنجو بنفسها هي ما طلب الله منها أن تقدم وتنفع الأخريات في مكان تضر فيه نفسها، هذه قضية مهمة، ولستِ مسئولة ما يحاسبك الله على ثغرة لماذا لم تسديها؟!

 

إذا كان يترتب على سدها مضرة عليك في دينك وفتنة لك، ووقوع في أمور من المنكرات أو فوران الشهوات، فلا شك أن هذا حرام، وليس بعذر أن تقولي: أعمل فيه وهي تكشف على عورات الرجال، أو ممرضة تمد يدها لتفحص الرجل، أو تأخذ حرارته وتقيس الضغط، ويترتب على ذلك أن تمسه، هذا حرام، لا يجوز لها هذا، ولا يجوز أن تعمل في هذا المجال ولا تسد هذه الثغرة، فإننا نقول في موضوع الثغرات: إن هناك عددًا من النساء يقعن في فخ الشيطان؛ يأتي إليها الشيطان يقول لها: هذه ثغرة وينبغي أن تسديها، وأن تشتغلي بها، وأن تدخلي في هذا المجال، وهذا فيه خير، ووسيلة دعوة، ومكان..إلخ، وفي النهاية نلاحظ إهمال الزوج والأولاد والوقوع في المنكرات.. اختلاط ونحو ذلك، وكم حصل من القصص المأساوية في هذا الأمر.

 

إذًا نقول: المرأة إذا وجدت مجالًا للخدمة ترقي النساء.. تغسل الميتة، فإذًا الثغرات التي لا يترتب عليها وقوع في منكر يجب على المرأة أن تتقدم لسدها، والتي يترتب عليها وقوع في منكر ومحرم فليست مسئولة عن سدها.

 


 

المصدر:

محاضرة ثغرات تسدها المرأة المسلمة

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#المرأة-المسلمة #البر
اقرأ أيضا
الإبداع والانقطاع | مرابط
اقتباسات وقطوف ثقافة

الإبداع والانقطاع


وما كان لمحمود شاكر أن يستوعب المكتبة العربية قراءة وفحصا واطلاعا إلا حين اعتزل الناس عشر سنوات كاملات كما أخبر عن نفسه! وما كان لك أنت أنت.. يا من تقرأ أن تحظى ببعض الثقافة إلا حين انقطعت سويعات أورثتك طرفا من علم

بقلم: د. علي العمران
342
من خصائص القرآن البيانية | مرابط
اقتباسات وقطوف

من خصائص القرآن البيانية


فإذا أنت لم يلهك جمال العطاء عما تحته من الكنز الدفين ولم تحجبك بهجة الأستار عما وراءها من السر المصون بل فليت القشرة عن لبها وكشفت الصدفة عن درها فنفذت من هذا النظام اللفظي إلى ذلك النظام المعنوي تجلى لك ما هو أبهى وأبهر ولقيك منه ما هو أروع وأبدع

بقلم: محمد عبد الله دراز
879
دور محمد علي الجزء الثالث | مرابط
تاريخ مقالات

دور محمد علي الجزء الثالث


لقد لعب محمد علي دورا بارزا في إحكام السيطرة على الحالة الإسلامية في مصر وفي العالم الإسلامي بشكل عام عندما استطاعت فرنسا أن تحتويه وتوفر له كل الإمدادات اللازمة حتى يحقق أهدافها في بلادنا وكان على رأس هذه الأهداف الانفصال عن الدولة العثمانية والمساهمة في إضعافها بشتى الطرق والهدف الهام الثاني هو بداية التغريب وسحق الروح الإسلامية المتبقية وفي هذا المقال يقف بنا المؤلف على محاور هذا الموضوع كلها وما يتفرع عنها وما نتعلمه منها من دروس الهدف هنا أن ندرك ما حدث في بلادنا حتى نفهم كيف وصلنا إلى...

بقلم: محمد قطب
2003
من علامات السعادة والفلاح | مرابط
اقتباسات وقطوف

من علامات السعادة والفلاح


من علامات السعادة والفلاح أن العبد كلما زيد في علمه زيد في تواضعه ورحمته وكلما زيد في خوفه وحذره وكلما زيد في عمره نقص من حرصه وكلما زيد في ماله زيد في سخائه وبذله وكلما زيد في قدره وجاهه زيد في قربه من الناس وقضاء حوائجهم والتواضع لهم

بقلم: ابن القيم
813
فقه النصر والتمكين | مرابط
فكر

فقه النصر والتمكين


إن فقه التمكين يعني دراسة أنواعه وشروطه وأسبابه ومراحله وأهدافه ومعوقاته ومقوماته من أجل رجوع الأمة إلى ما كانت عليه من السلطة والنفوذ والمكانة في دنيا الناس وتطبيق شرع الله عز وجل وفي هذا المقال المختصر يضغ أمامنا الكاتب علي محمد الصلابي بعض الإضاءات الموجزة فيما يخص هذا الموضوع

بقلم: د علي محمد الصلابي
2717
كيف حرمت المرأة الغربية من شخصيتها | مرابط
المرأة

كيف حرمت المرأة الغربية من شخصيتها


لقد ألحقت الحضارة الخزي بالأمهات بصفة خاصة فهي تفضل على الأمومة أن تحترف الفتاة مهنة البيع أو أن تكون موديلا أو معلمة لأطفال الآخرين أو سكرتيرة أو عاملة نظافة. إنها الحضارة التي أعلنت أن الأمومة عبودية ووعدت بأن تحرر المرأة منها. وتفخر بعدد النساء اللاتي نزعتهن تقول حررتهن من الأسرة والأطفال لتلحقهن بطابور الموظفات.

بقلم: علي عزت بيجوفيتش
251