وقال الله تعالى "ثم آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُم بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ وَهَٰذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ". من المعلوم أن موسى كان قبل محمد -صلوات الله عليهما وسلامه- ولم يأخذ عنه شيئًا، وكل من عرف حال محمد، صلى الله عليه وسلم، يعلم أنه لم يأخذ عن أهل الكتاب شيئًا، فإذا أخبر هذا بمثل ما أخبر به هذا عن مُرسِل واحد من غير تواطؤ ولا تشاعر -فيما يمتنع في العادة التوافق فيه من غير تواطؤ- كان هذا مما يدل على صدق كل من الرسولين في أصل الرسالة، وعلى صدق خبر كل من الرسولين فيما أخبر به من صفات ربه، إذ كان كل منهما أخبر بمثل ما أخبر به الآخر. وهب أن بعض ألفاظ أحد الكتابين قد يحرِّفها المحرّف، فالكتاب الآخر المصدق له يبطل ذلك التحريف، ويبين أن المقصود واحد.
المصدر:
- شيخ الإسلام ابن تيمية، درء تعارض العقل والنقل 78/5