فإن صلاح القلوب بالشكر لله على نعمائه، والصبر على بلائه، وانتظار الفرج من الله إذا ألمت الملمات، واللجوء إلى الله عند جميع المزعجات والمقلقات، فأقل الأحوال عند هذا المؤمن أن تتقابل عنده المصائب والمحاب، والأفراح والأتراح، وقد تصل الحال بخواص المؤمنين إلى أن أفراحهم ومسراتهم عند المصيبات تزيد على ما يحصل فيها من الحزن والكدر الذي جبلت عليه النفوس، فأين هذه الحال من حال من تلقَّى المصيبات التي لابد للخلق منها بقلب منزعج مرعوب، وخشعت نفسه المهينة لما فيها من الشدائد والكروب، فبقيت الحسرات تنتاب قلبه وروحه، وزادت مصائب قلبه على مصائب بدنه، ليس عنده من الصبر وارتقاب الثواب ما يخفف عنه الأحزان، ولا من الإيمان ما يهون عنه الأشجان، تعتريه المصائب فلا تجد عنده ما يخففها، فتعمل عملها في قلبه وروحه وبدنه وأحواله كلها.. القلب مليء من الهم والغم والألم، والخوف السابق واللاحق قد ملأ نفسه فانحل لذلك لبه وانحطم، وقد ضعف توكله على الله غاية الضعف، حتى صار قلبه يتعلق بمن يرجو نفعه من المخلوقين، فيا لها من مصائب دنيوية اتصلت بالمصائب الدينية والخلقية، وتراكم بعضها فوق بعض حتى صار عنده أعظم من الجبال الرواسي. فوالله لو علم أهل البلاء والمصائب بما في الإيمان والروح والتسلية والحياة الطيبة لسارعوا إليه، ولو في هذه الحال التي هم فيها مضطرون إلى ما يخفف عنهم آلامها، ولا يجدونه إلا في الإيمان الصحيح الحقيقي وما يدعو إليه.
المصدر:
مقالات كبار العلماء في الصحف السعودية القديمة، (1/260)