عبقرية اللغة العربية

عبقرية اللغة العربية | مرابط

الكاتب: محمد وفيق زين العابدين

254 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

بمناسبة يوم اللغة العربية والكلام عن قيمتها.. يحضرني عبقرية الفقهاء قديمًا في اختيار مصطلحاتهم في الفقه وفي العلوم.. كيف ربطوا من خلالها بين العلم والدين ببراعة شديدة؟! وكيف وسِعت العربية الفذة هذا الأمر؟!

تأمل مثلًا استعمالهم لفظ "المُكلف" للتعبير عن المخاطب في الكلام.. فأي فعل لا ينفك عنه معنى الافتقار والعبودية.. يمكن أن تفهم ذلك أكثر من ملاحظة استعمال القانون مثلًا للفظ "العاقل" للتعبير عن المخاطب..

فالعقل عند الفقهاء يدور دومًا في فلك النص.. لذلك نجدهم حين يتكلمون عن التكاليف الشرعية يفيضون في الكلام عن دورها في إشباع الحاجات النفسية للإنسان أكثر من كلامهم عن عقلانيتها، وهذا الإشباع يرتد كله في النهاية لفكرة أساسية هي العبودية..

والعبودية في لفظ "التكليف" تحمل معنى التشريف.. ذلك أن المعرفة في الشريعة مكونة من ثلاثة أجزاء: معرفة الفعل، ومعرفة درجة الالتزام بالفعل، ومعرفة الآمر بالفعل.. لذلك كان التكليف دومًا جديرًا بالثناء والمدح، لأن مصدره الله عز وجل..

وانظر كيف عجزت الإنجليزية عن فهم هذا الأمر.. فتجد الغربيين حين ترجموا لفظ "التكليف" وفهموه؛ استعملوا في التعبير عنه لفظ "العبء"، والفرق بينهما كبير جدًا، فرغم أن كليهما يتضمن التزامًا وينطوي على المسئولية، إلا أن التكليف نوع من التشريف، إذ يُشير إلى مجموعة من العلاقات الخاصة بين المُكلِّف / الخالق، والمُكلَّف / المخلوق أهمها: الاستخلاف والعبودية..

تخيل كل هذا في لفظ واحد هو "التكليف".. وكنت قد كتبت في منشور سابق عن مثال آخر هو لفظ "الحياء" وكيف فهمه الغربيون بمعنى "الخجل".. والفرق بينهما كبير..

يمكن أن نذكر نحو ذلك في "المروءة" وعشرات القيم التي لا يوجد نظير لها في الغرب ولا تعرفها الإنجليزية!
المفاهيم الشرعية تتضمن في ذاتها مضامين مدح ومضامين ذم.. وهي بدورها تحمل انعكاسات في نفوس المخاطبين بأحكامها، تحملهم على تهوينها أو تعظيمها!

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#اللغة-العربية #اللسان-العربي
اقرأ أيضا
صناعة الثقافة | مرابط
اقتباسات وقطوف ثقافة

صناعة الثقافة


إن أدورنو يرى أن الفرد في المجتمع أصبح يوصم بالجهل ليس فقط لأنه لا يملك القدرة على الكلام على الطراز الحديث بل لأنه لا يسير على هذا الطراز فأصبح مجرد عدم السير مع الموضة التي تفرض على المجتمع والتي يظن أنه هو الذي فرضها أصبح جهلا

بقلم: محمد علي فرح
496
المعاصي تنسي الله | مرابط
اقتباسات وقطوف

المعاصي تنسي الله


ومن عقوباتها المعاصي: أنها تستدعي نسيان الله لعبده وتركه وتخليته بينه وبين نفسه وشيطانه وهنالك الهلاك الذي لا يرجى معه نجاة وأعظم العقوبات نسيان العبد لنفسه وإهماله لها وإضاعته حظها ونصيبها من الله وبيعها ذلك بالغبن والهوان وأبخس الثمن فضيع من لا غنى له عنه ولا عوض له منه واستبدل به من عنه كل الغنى أو منه كل العوض

بقلم: ابن القيم
194
الفصل فيما يتناجى الناس به | مرابط
اقتباسات وقطوف

الفصل فيما يتناجى الناس به


مقتطفات من كتاب جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثا من جوامع الكلم للإمام زين الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن شهاب الدين الشهير بابن رجب رحمه الله وهو من أشهر وأبرز المؤلفات الجامعة لأصول وكليات الدين

بقلم: ابن رجب الحنبلي
2501
الأصول الكلية التي يقوم عليها الإيمان بوجود الله وكماله ج1 | مرابط
تعزيز اليقين مقالات

الأصول الكلية التي يقوم عليها الإيمان بوجود الله وكماله ج1


ليس المراد بالأصول في هذا السياق الأدلة العقلية التي يستند إليها المؤمنون في إثبات وجود الله وكماله وإنما المراد بها المعاني الكلية التي يتأسس من مجموعها الإيمان الصحيح السالم من النقص والعيب في التصديق بأن الله موجود وأنه الخالق للكون المدبر له والمتصرف في شؤونه والمتصف بصفات الكمال والجلال

بقلم: د سلطان العميري
2782
النهي عن تمني الموت والإجتهاد في الطاعة قبل مجيئة | مرابط
تعزيز اليقين اقتباسات وقطوف

النهي عن تمني الموت والإجتهاد في الطاعة قبل مجيئة


خرج الترمذي من حديث يحيى بن عبيد الله عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من أحد يموت إلا ندم قالوا وما ندامته يا رسول الله قال إن كان محسنا ندم أن لا يكون إزداد وإن كان مسيئا ندم أن يكون نزع وروى ابن أبي الدنيا عن أبي هشام الرفاعي حدثنا حفص بن غياث عن أبي مالك الأشجعي عن أبي حازم عن أبي هريرة قال مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبر دفن حديثا فقال: لركعتان خفيفتان مما تحقرون أو تنفلون يراهما هذا في عمله أحب إليه من بقية دنياكم

بقلم: ابن رجب الحنبلي
1175
ما هو البديل ج1 | مرابط
أباطيل وشبهات فكر مقالات

ما هو البديل ج1


سؤال ما هو البديل هو أحد أشهر الأسئلة التي ترد عند الاحتساب على منكر معين فيأتي حينها المطالبة بإيجاد بديل مناسب يحل محل المنكر الذي ينهى عنه وهو سؤال مشروع وإيجابي في الجملة ولكن في أغلب الأحيان ينطوي على إشكاليات كثيرة وأباطيل لا بد من الوقوف عليها وهذا ما يقدمه المقال الذي بين يديكم

بقلم: فهد بن صالح العجلان وعبد الله العجيري
1037