فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم

فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم | مرابط

الكاتب: ابن القيم

1307 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

 {فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم} وهكذا إذا أعرض العبد عن ربه سبحانه جازاه بأن يعرض عنه فلا يمكنه من الإقبال عليه ولتكن قصة إبليس منك على ذكر تنتفع بها أتم انتفاع فإنه لما عصى ربه تعالى ولم ينقد لأمره وأصر على ذلك عاقبة بأن جعله داعيا إلى كل معصية فعاقبه على معصيته الأولى بأن جعله داعيا إلى كل معصية وفروعها صغيرها وكبيرها وصار هذا الإعراض والكفر منه عقوبة لذلك الإعراض والكفر السابق فمن عقاب السيئة السيئة بعدها كما أن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها فإن قيل فكيف يلتئم إنكاره سبحانه عليهم الانصراف والإعراض عنه وقد قال تعالى: {فأنى يصرفون} و{أنى يؤفكون} وقال: {فما لهم عن التذكرة معرضين} فإذا كان هو الذي صرفهم وجعلهم معرضين ومأفوكين فكيف ينفي ذلك عليهم قيل هم دائرون بين عدله وحجته عليهم فمكنهم وفتح لهم الباب ونهج لهم الطريق وهيأ لهم الأسباب فأرسل إليهم رسله وأنزل عليهم كتبه ودعاهم على السنة رسلة وجعل لهم عقولا تميز بين الخير والشر والنافع والضار وأسباب الردي وأسباب الفلاح وجعل لهم أسماعا وأبصارا فآثروا الهوى على التقوى واستحبوا العمى على الهدى وقالوا معصيتك آثر عندنا من طاعتك والشرك أحب إلينا من توحيدك وعبادة سواك أنفع لنا في دنيانا من عبادتك فأعرضت قلوبهم عن ربهم وخالقهم ومليكهم وانصرفت عن طاعته ومحبته فهذا عدله فيهم وتلك حجته عليهم فهم سدوا على أنفسهم باب الهدى.

 


 

المصدر:

 ابن القيم، شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#ابن-القيم
اقرأ أيضا
فضل العشر الأوائل من ذي الحجة | مرابط
تعزيز اليقين

فضل العشر الأوائل من ذي الحجة


من مواسم الطاعة العظيمة العشر الأول من ذي الحجة التي فضلها الله تعالى على سائر أيام العام فعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله منه في هذه الأيام العشر قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء أخرجه البخاري: 2457

بقلم: محمد صالح المنجد
3482
بين الشريعة الربانية والسنن الكونية | مرابط
اقتباسات وقطوف

بين الشريعة الربانية والسنن الكونية


مقتطف لمحمد رشيد رضا من مقال ماتع في مجلة المنار تحدث فيه عن تأخر المسلمين في واقعنا المعاصر وتقدمهم في السابق ويقف بنا ليحلل رؤية الفريقين من يزعم أن السنن الكونية والأسباب المادية هي التي تؤدي للتقدم والتأخر فقط ومن يزعم أن التمسك بالدين يهب أصحابه قوى خارجة يهزمون بها أشد الأعداء قوة دون النظر إلى السنن الكونية وأسباب النصر

بقلم: محمد رشيد رضا
1697
الأولاد أمانة | مرابط
مقالات

الأولاد أمانة


اعلم أن الطريق في رياضة الصبيان من أهم الأمور وأوكدها والصبيان أمانة عند والديه وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة خالية عن كل نقش وصورة وهو قابل لكل ما نقش ومائل إلى كل ما يمال به إليه فإن عود الخير وعلمه نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة وشاركه في ثوابه أبوه وكل معلم له ومؤدب وإن عود الشر وأهمل إهمال البهائم شقي وهلك وكان الوزر في رقبة القيم عليه والوالي له وقد قال الله عز وجل يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا

بقلم: أبو حامد الغزالي
372
هل شك يونس عليه السلام في قدرة الله | مرابط
أباطيل وشبهات

هل شك يونس عليه السلام في قدرة الله


من ضمن الشبهات السطحية التي يروجها أهل الإلحاد وأعداء الإسلام أن القرآن الكريم يتهم النبي يونس عليه السلام بأنه شك في قدرة الله فحين أرسله الله إلى أهل نينوى لم يذهب إليهم وذهب إلى البحر وبين يديكم رد موجز على هذه الشبهة

بقلم: منقذ السقار
720
نظرات في فاتحة الكتاب الحكيم الجزء الأول | مرابط
تعزيز اليقين فكر مقالات

نظرات في فاتحة الكتاب الحكيم الجزء الأول


بين يديكم مقالة تحليلية للكاتب محمد عبد الله دراز يتناول فيها فاتحة الكتاب ليخرج لنا الكثير من الكنوز والأسرار واللفتات والإضاءات التي ربما لم نلحظها أو لم ننتبه إليها من قبل فهو لا يتناول السورة بمعزل عن سور القرآن وإنما ينظر إلى مقاصدها وخطابها ومعانيها مقارنة ببقية السور وفي ضوء مقاصد الدين ورسالة الإسلام

بقلم: محمد عبد الله دراز
2508
إياك نعبد وإياك نستعين | مرابط
تفريغات

إياك نعبد وإياك نستعين


العبودية في قوله: إياك نعبد الفاتحة:5 العبودية هي التذلل والخضوع ولهذا تقول العرب: طريق معبد أي: مذلل إذا ذلل الناس الطريق بشيء من توطينه وتهيئته للسير يقول: طريق معبد كذلك العبد يسمى عبدا إذا كان متذللا بين يدي سيده. وهنا قال: إياك نعبد الفاتحة:5 لا نتذلل إلا لك سبحانك وتعاليت في هذا التذلل إلا لله جل وعلا والعبادة في ذلك مختلفة: ظاهرة وباطنة فالباطنة هي أعمال القلب من المحبة والخوف والرجاء والتوكل على الله سبحانه وتعالى والاستعانة والخشية وغير ذلك من أمور العبادة.

بقلم: عبد العزيز الطريفي
841