وسائل القضاء على الجريمة
فإذا أردنا أن نقضي على الجريمة، أو نحد من انتشارها فلابد من معالجة الأسباب التي تثير الجريمة وتسببها.
فننظر إلى خروج النساء شبه عاريات، وما يعرض في المسرحيات، والأفلام، في السينما والتلفزيون، وما يكتب من قصص، وما ينشر من صور، وما يقال من أحاديث، وما ينشأ من حفلات، فكل هذا من أسباب الجريمة، وما يحطم من الأخلاق والدين في نفوس الشباب، فالملحدون والأشرار الذين يحطمون الفضيلة والخلق في النفوس سواءً كان أستاذًا في مدرسة، أو كاتبًا، أو باحثًا، أو رجلًا متكلمًا، أو موظفًا، فكل هؤلاء ينبغي أن يؤخذ على أيديهم؛ لأنهم من أسباب الجريمة، فإذا تحطم الإيمان والخلق والفضيلة في الإنسان أصبح وحشًا، أو حيوانًا، يمكن أن يقتل أمه أو أباه أو أخاه، وأن يعتدي على أمه أو أخته بالفاحشة.
ويذكر ابن كثير في تاريخه: أن فتاة طائشة قهرت عشيقها بأن يقتل أمها وأباها، وكان رجلًا صالحًا فاضلًا كما يقول عنه ابن كثير.
وظهرت في الثلاثينات من هذا القرن الميلادي جريمة هزت فرنسا، وكانت حديث المجامع والصحف، وهي فتاة أراد عشيقها أن يشتري سيارة أو غيرها فوضعت السم لأمها وأبيها لتحصل على نقودهما، وعندما لم تمت أمها طعنتها طعنات كثيرة خشية أن تفيق من سمها فتمتد حياتها.
فالإنسان عندما يحطم الخلق والدين عنده يصبح حيوانًا لا يبالي بشيء، فالذين يحطمون الإيمان، ويحطمون الخلق في النفوس مجرمون، وهم من أسباب الجريمة، فينبغي أن يؤخذ على أيديهم، وألا تترك لهم الحرية في الكلام باسم الأدب، أو الفن، أو الحرية في النشر، فأي حرية هذه؟!
إن هذا الذي يأتي بالجراثيم ليزرعها في المجتمعات، ويرشها هنا وهناك، ويفسد النفوس، ليس حرًا في فعله، بل يجب أن يؤخذ على يده، والرسول صلى الله عليه وسلم شبه المجتمع بسفينة يركب عليها الناس، فبعضهم في أعلاها وبعضهم في أسفلها، فقال الذين في أسفلها: نحن نؤذي من فوقنا عندما نمر عليهم لنأخذ الماء، فلو خرقنا خرقًا في نصيبنا لكي نأخذ الماء ولا نؤذي من فوقنا، وهؤلاء عندما يخرقون خرقًا في السفينة فإنهم سيغرقون ويغرقون من معهم، فهل يأتي إنسان ويقول: هؤلاء أحرار، وهذه ديمقراطية، وهذه حرية؟!
وقد كتب أحدهم ذات مرة كتابة سيئة، فلما رد عليه بعض الناس إذا ببعض البارزين من الكتاب يقولون: نحن نعيش في مجتمع ديمقراطي، فنقول: أي مجمع ديمقراطي الذي يأذن لأصحاب السفينة أن يخرقوا في نصيبهم، ثم تمتلئ السفينة ماءً ويموت الناس كلهم باسم الحرية والديمقراطية.
فهناك حدود في الإسلام، وهناك أعمال صالحة وأعمال باطلة، وهناك عمل صالح وعمل قبيح، وهناك حق وباطل، وسيحاسب الناس، فله أن يعمل في دائرة الحق والمباح بحرية، أما أن يعمل في دائرة الباطل باسم الحرية وباسم الشر فهذا خطأ كبير.
شهادة الواقع على قدرة الإسلام في نشر الأمن بين الناس
ولقد أثبتت التجربة والتطبيق العملي أن الإسلام قادر على أن يبث الأمن في المجتمعات التي يحكمها، وأن الاتجاه نحو العالم الغربي في قوانينه ونظمه وأخلاقه يجذب القلق والدمار، ويضيع الأمن، فحكومة عبد العزيز آل سعود هي أصدق حكومة في الجزيرة العربية طبق فيها الإسلام، وطبق فيها القرآن، وكان الناس في الجزيرة قبل تلك الأيام لا يستطيع أحدهم أن يتحرك من بلده إلى بلد آخر آمنًا، فقد كان أهل الحاج يودعونه على أنه ليس براجع، وكان الإنسان يقتل على بصلة، أن المجرم يرى جيب الرجل منتفخًا فيقتله ظنًا منه أنه مال وهو بصل.
ولقد حدثني أهل المدينة المنورة أنهم كانوا قبل أن يأتي حكم عبد العزيز إليهم لا يستطيع أحدهم أن يخرج من المدينة أكثر من كيلو مترًا.
فعندما طبق حكم الإسلام تحولت الجزيرة إلى بلد آمن، وتحولت هذه الصحاري الشاسعة والبلاد الواسعة إلى بلد آمن، وإلى عهد قريب تقول إحصائية لا أذكر مصدرها من بعض البلاد الأوروبية: لا تزال أكثر بلاد العالم أمنًا السعودية، على ما طرأ فيها من خلل في تطبيق الإسلام، والبقية الباقية التي فيها لا تزال تجعلها أكثر أمنًا، ولو كان الناس الذين شعروا وذاقوا نعمة الأمن يقدرون لحرصوا على الإسلام بالنواجذ، ولما تركوا قاذورات أوروبا تصب في ديارهم، فإذا ما شئنا هنا في الكويت, أو في السعودية، أو في مصر، أو في أقطار العالم الإسلامي أن ننعم ببحبوحة الأمن، وأن نعيش آمنين على أنفسنا وزوجاتنا وبناتنا وأولادنا وأموالنا، فلابد أن نعود إلى الإسلام؛ ليغسل أقذار قلوبنا، ويطهر نفوسنا، ويحول بيننا وبين الشر، ويوجد فينا مراقبة الله سبحانه وتعالى، ووالله! إن لم نفعل ذلك فسنزداد بلاءً فوق بلاء، ومرارة فوق مرارة، وسيأتي يوم يبكي فيه الناس دمًا؛ لأنهم قصروا وفرطوا، فالله ليس بينه وبين أحد من عبادة قرابة ولا صهر ولا نسب، فقد أنزل لهم دينًا فقال: هذا حظكم فيه، وهذا ذكركم، وفيه سعادتكم، إن أخذتم به فهو سعادتكم في دنياكم، وهو سعادتكم في أخراكم قال تعالى: فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى [طه:123-126].
المصدر:
محاضرة أسباب الجريمة وعلاجها لعمر الأشقر