البناء الأسري: بين الإسلام والعلمانية

البناء الأسري: بين الإسلام والعلمانية | مرابط

الكاتب: محمد وفيق زين العابدين

470 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

من أهم التحولات التي أتى بها الإسلام في بنية الأسرة أنه جعلها قائمة على أساس تراحمي.. لأن الشريعة نظرت للأسرة بوصفها أهم نظام اجتماعي يضمن فاعلية الأُمة وعزتها، ولازم هذا الأمر؛ جعلت المعاني المعنوية (تقوى ومودة وعشرة ورحمة..) أساس تماسك الزواج بدلًا من / أولى من النسب والمال ونحوهما. 

 

ما حصل بعد ذلك هو أن التأثر بالعلمنة لم يكن في نطاق التعليم والسياسة والقانون وغيره فقط.. بل أيضًا في بنية الأسرة، فأصبحت علاقة الزواج قائمة على أساس تعاقدي وتنافسي؛ ماذا سيحضر الزوج / الزوجة؟ من عليه الستائر أو الأجهزة؟ الأثاث غرفتين ولا ثلاثة؟!
والخطبة بدلًا من أن تكون للتعارف أصبحت للتفاوض، على المهر أو الشبكة أو المؤخر؛ الخاطب يعرض عشرين، لكن العُرف خمسين، وأهل الزوجة طلبهم أربعين، نوازن فيدفع ثلاثين.. وهكذا! 

 

مشاكل قائمة الزوجية والشبكة والمؤخر.. إنما هي نتاج هذا التحول في النظرة للزواج!

ولأن من يصنعون "القانون" من نفس المجتمع المغروس في وحل المادية والعلمنة؛ ففكروا بنفس الطريقة، ونظروا للموضوع نفس النظرة؛ فأخرجوه من دائرة التراحم: العشرة والمودة (ميدان الأسرة) إلى دائرة التعاقد: من يملك؟ ومن بدد؟ (ميدان التعويضات والجرائم والعقوبات)!

حتى عالم الفتوى صار أعقد من القانون..

 

والنتيجة.. كانت الماديات هي الصخرة التي تكسرت عليها أحلام الخاطبين والراغبين في الزواج، ومئات الألوف من القضايا في المحاكم بسبب الماديات، كل خصم (زوج أو زوجة) بلا مبالغة؛ له أو عليه وحده فوق العشر قضايا.. ونفسيات مدمرة، وعائلات ممزقة، وشباب غارقة في الديون عند الزواج وعند الطلاق، وعزوف بالجملة عن الزواج بسبب الحسابات والتحسبات!

 

المشكلة حقيقةً ليست في قائمة الزوجية، إنما في التكلف بما لا حاجة فيه، وتكليف من لا يستطيع بما هو فوق استطاعته.. 

لذلك كانت أحد المعاني المركزية التي أكدت عليها الشريعة؛ الاستطاعة .. "لا تُكلَّفُ نفسٌ إلا وُسعها"، "لا یُكلِّفُ الله نفسًا إلا وُسعها"، "لا يُكلِّفُ الله نفسًا إلا ما آتاها"، "ولا نُكلِّفُ نفسًا إلا وُسعها".. 

فإذا كانت الاستطاعة شرط في العبادة، فكيف بما هو دونها؟!

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الأسرة #التربية
اقرأ أيضا
لغة أضاعها أهلوها | مرابط
لسانيات

لغة أضاعها أهلوها


صرت تقرأ كتبا ومقالات لقوم من أشباه العوام وهم عند الناس كتاب ومؤلفون يلحنون في الفاعل والمفعول وهم من أئمة الأدب وأعيان الأدباء ما قرؤوا يوما كتابا في نحو ولا صرف ولا تمرسوا بأساليب العرب ولا عرفوا مذاهبها في كلامها وهم أساتذة الأدب الرسميون في الثانويات والجامعات

بقلم: علي الطنطاوي
751
وأقم الصلاة لذكري | مرابط
اقتباسات وقطوف

وأقم الصلاة لذكري


ولما ذكر الله الصلاة في سورة طه أشار إلى غاية تغيب عن بال كثير من المصلين فضلا عمن دونهم ربما يتحدث الواحد منا عن عظمة الصلاة في الإسلام وأنها أعظم ركن بعد الشهادتين وأنها الخط الفاصل بين الكفر والإيمان ونحو هذا من معاني مركزية الصلاة ولكن لماذا شرع الله الصلاة وأحبها وعظمها سبحانه؟ إنها بوابة استحضار الله وتذكره يقول الله سبحانه وأقم الصلاة لذكري

بقلم: إبراهيم السكران
391
يوم العمر | مرابط
مقالات

يوم العمر


إن العبد قد يكتب له عز الدهر وسعادة الأبد بموقف يهيئ الله له فرصته ويقدر له أسبابه حينما يطلع على قلب عبده فيرى فيه قيمة إيمانية أو أخلاقية يحبها فتشرق بها نفسه وتنعكس على سلوكه بموقف يمثل نقطة مضيئة في مسيرته في الحياة وفي صحيفة أعماله إذا عرضت عليه يوم العرض.

بقلم: د. جمال الباشا
261
حديث: لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد.. | مرابط
أباطيل وشبهات المرأة

حديث: لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد..


ومن أعظم أسباب فساد البيوت وارتفاع معدلات الطلاق هو تلك المفاهيم الفاسدة التي حشروها حشرا في رؤوس النساء كأن لا تحترم زوجها ولا تبالغ في إكرامه وتبجيله حتى لا يتمرد عليها وأن تعامله معاملة الند للند واحدة بواحدة وأحيانا من أول يوم لدخول الخاطب إلى البيت يبدأ الصراع الملحمي بين العريس وأهله والعروسة وأهلها والنصائح المفسدة من أصدقاء الطرفين وأقربائهما!

بقلم: كريم حلمي
433
سلسلة كيف تصبح عالما: الدرس الثالث ج3 | مرابط
تفريغات

سلسلة كيف تصبح عالما: الدرس الثالث ج3


العلوم الحياتية دائمة التطور فإن بقيت أمة الإسلام سنة أو سنتين أو ثلاثا راكدة والعلم فيها راكدا لا يتحرك اتسعت الفجوة بشكل هائل بينها وبين الأمم فلا بد من حركة سريعة وكما ذكرت بالأمس لا داعي للتسويف فتبدأ من اليوم والأخ الذي أخبرتكم عنه الذي ذهب ليتعلم الإنجليزية في نفس الليلة ذهب للتعلم وهذه أمثلة طيبة جدا

بقلم: د راغب السرجاني
764
نابليون والمهمة الحضارية: سأستعمر مصر الجزء الثاني | مرابط
تاريخ مقالات

نابليون والمهمة الحضارية: سأستعمر مصر الجزء الثاني


الحملة الفرنسية التي حملت الكثير من التناقضات وكشفت الوجه الحقيقي والقبيح لفرنسا كحركة استعمارية تقوم على السلب والنهب والعداء الصريح للإسلام رغم ذلك أحاطها المؤرخون وغلفها الكتاب بكتلة من مساحيق التجميل حتى تبدو خلاف ما هي عليه وكما يقول المؤلف: رغم كل البيانات والمنشورات والتحليلات التي صاحبت وأعقبت الحملة الفرنسية إلى يومنا هذا فإن نابليون كان صريحا وواضحا في تحديد مهمته في مصر عندما قال: سأستعمر مصر

بقلم: محمد جلال كشك
2216