لا يدري ولا يدري

لا يدري ولا يدري | مرابط

الكاتب: د. جمال الباشا

312 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

من الناس من لا يدري ويدري أنه لا يدري، وهذا جاهل ويَعلم أنه جاهل، ويسمى جهله بالجهل البسيط. أما قسيمه فهو الذي لا يدري ولا يدري أنه لا يدري، فيكون جاهلا بجهله، ويسمى جهله بالجهل المركب.

قد يستبعِد المرءُ أول وهلةٍ أن يكون هناك فئةٌ من الناس بهذا الوصف يُستحق الالتفات إليها، لكنَّ المثير في الأمر أنَّ الدراسات النفسية الحديثة أثبتت أنَّ هذه الحالة تمثل السوادَ الأعظم من البشر، وأنَّ الإنسان كلما كان أعظم جهلاً كان أعظم جهلاً بجهله، وقد صُنِّفت هذه الظاهرة علميًا في أنماط التفكير المنحرف، واصطُلح عليها بظاهرة “وهم التفوق”.

ويُراد بها حالة المبالغة في تقدير الذات إلى درجةِ أن يعتقد فيها مواهب ومهاراتٍ ليست حقيقية، كأن يرى في نفسه ذكاءً حادًا، أو مهارة في فنٍّ ما ربما يمتلك مبادءه فحسب، مثل كتابة الشعر أو جمال الصوت أو التفقه وسعة الاطلاع، ولو تمت مصارحتُه بالحقيقة وأنه دون المستوى العاديِّ يضيق صدره ويغضب ويعدُّ هذا التقدير غيرَ منصفٍ وربما يتَّهم ناصحيه بأنهم مغرضون وذوو دوافع شخصية.

علماؤنا الأوائل لم يفُتهم ملاحظةُ هذا المرض ولا التنبيه إليه، من ذلك ما نُقل عن سهلٍ التستري - رحمه الله - أنه قال: "ما عُصيَ اللهُ تعالى بمعصيةٍ أعظمَ من الجهل، قيل: فهل تعرف شيئاً أشدَّ من الجهل؟ قال: نعم، الجهلُ بالجهل؛ لأنَّ الجهل بالجهل يَسُدُّ باب التعلُّم بالكُليَّة، فمن ظنَّ بنفسه العلم كيف يتعلَّم؟".

أما الإمام الشعبي فله مقولة مشهورة مسطورة: "العلمُ ثلاثةُ أشبار، فمن نالَ منه شبرًا شَمَخَ بأنفه وظَنَّ أنَّه نالَه، ومن نال الشبرَ الثانيَ صَغُرَت إليه نفسُه وعلم أنَّه لم ينَلْه، وأما الشبرُ الثالثُ فَهَيْهَاتَ لا ينالُه أحد أبدًا".

وما ذكره الشعبي هنا يمكن تعميمه في كل المهارات والمواهب والصفات الإنسانية، وإن كان في العلم أظهر. ورحم الله عمر بن عبد العزيز فقد قال لولده يوما ناصحًا: رحم اللهُ امرءًا عرف قدر نفسه.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#لا-يدري
اقرأ أيضا
البر المعنوي | مرابط
ثقافة

البر المعنوي


إن البر المعنوي يكمن في إظهار أهميتهم ومكانتهم والاعتراف لهم بالامتنان دوما وإشعارهم بأن دورهم لم ينته أبدا من حياتنا ولا يمكن أن ينتهي بل تزداد حاجتنا لهم كلما مضت السنين وتقدموا في السن ﻷن مما هو مشاهد أن شعور الوالدين يزداد حساسية كلما تقدم بهم السن ورأوا انشغال أبناءهم بالحياة وانغماسهم في أعمالهم ووظائفهم وأسرهم واستغنائهم فيحتاجون كثيرا حينها إلى البر المعنوي العاطفي واللبيب الموفق من الأبناء من فهم هذه الحاجات النفسية لوالديه وتفطن لها وسعى في تلبيتها.

بقلم: د. طلال الحسان
463
الدليل العقلي عند السلف ج3 | مرابط
أبحاث

الدليل العقلي عند السلف ج3


والحق أنهم -أي السلف- أيقنوا بغناء الدلائل الشرعية بالبراهين العقلية الفطرية وكفايتها عن الابتداع في دين الله وهذا جوهر الخلاف بينهم وبين مخالفيهم فإن المخالفين لما اعتقدوا أن الدلائل النقلية تعرى عن البراهين العقلية قادهم ذلك إلى ابتداع دلائل على مسائل الدين بل جمعوا بين الابتداع في الدلائل والإحداث في المسائل. ولو أنهم علموا أن دلائل القرآن العقلية لها صفة الثبات والاستمرارية إلى يوم الدين بحيث لا يفتقر في الاستدلال على أصول الدين إلى غيرها لما وقعوا في هذه المشاقة.

بقلم: عيسى بن محسن النعمي
304
خطر البدعة وأهلها | مرابط
تفريغات

خطر البدعة وأهلها


ثم أصحاب البدع يحملون أوزارهم وأوزار الذين أضلوهم كما قال تبارك وتعالى:ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علمالنحل:25 إن المبتدعة ليس عندهم علم ولا برهان وإنما هو استحسان شيء ظنه قربة إلى الله عز وجل لذلك نخرج من هذا بالقاعدة المعروفة عند أهل السنة: إن الزيادة في الخير ليست خيرا إلا أن تكون مشروعة

بقلم: أبو إسحق الحويني
676
السهر المجهول | مرابط
فكر مقالات

السهر المجهول


في أوائل سورة الذاريات لما ذكر الله أهوال يوم القيامة توقف السياق ثم بدأت الآيات تلوح بذكر فريق حصد السعادة الأبدية واستطاع الوصول إلى جنات وعيون ولكن ما السبب الذي أوصلهم إلى تلك السعادة بين مجاهل تلك الأهوال إنه السهر المجهول تأمل كيف تشرح الآيات سبب وصول ذلك الفريق إلى الجنات والعيون:إنهم كانوا قبل ذلك محسنين كانوا قليلا من الليل ما يهجعون الذاريات16-17

بقلم: إبراهيم السكران
1685
شروط الإفتاء | مرابط
اقتباسات وقطوف

شروط الإفتاء


وقال صالح بن أحمد: قلت لأبي: ما تقول في الرجل يسأل عن الشيء فيجيب بما في الحديث وليس بعالم في الفقه فقال: ينبغي للرجل إذا حمل نفسه على الفتيا أن يكون عالما بالسنن عالما بوجوه القرآن عالما بالأسانيد الصحيحة وذكر الكلام المتقدم

بقلم: ابن القيم
581
فن أصول التفسير ج2 | مرابط
تفريغات

فن أصول التفسير ج2


فالموضوع الذي بين يدي: هو أصول التفسير وكما يقال الآن من المصطلحات المعاصرة لفظة التوظيف لأني سأجتهد في توظيف أصول التفسير وهي مادة نوع ما ممكن تكون متخصصة لكن سأجتهد قدر استطاعتي أن أنزل بالمعلومات إلى ما يمكن أن تستوعبه شرائح متعددة الذي علمه قليل والذي علمه كثير والذي يستوعب استيعابا سريعا والذي يكون استيعابه بطيئا

بقلم: مساعد الطيار
620